لم ينهها عبور الحدود.. مأساة اللاجئين السودانيين جنوب ليبيا
تاريخ النشر: 28th, January 2025 GMT
بنغازي- في الحروب، يواجه الناس -مكرهين- معادلة غير منصفة تتساوى فيها الحياة مع الموت. وفي رحلة محفوفة بالمخاطر، تسلحتْ امتنان عُمر (اسم مستعار) رفقة عائلتها وابنتها بإرادة البقاء وفرّت مرغمة جراء الحرب في السودان نحو ليبيا، قبل أن تكتشف أن فكرة المجيء لا تعدو كونها هاوية أخرى.
وبأمل -عرفت خيبته سلفا- بدأت رحلة امتنان عبر الصحراء الليبية، عانت فيها وعائلتها على مدار أسبوع من الجوع والعطش والحر، كما تعرضوا لحادث أدى إلى كسر كاحلها وإعاقة حركتها، وبعد معاناة مريرة وصلوا إلى مدينة الكفرة (جنوب شرق ليبيا) ولكن الرحلة لم تبدأ هنا.
وتقول امتنان إنه في يوم 15 أبريل/نيسان 2023، استفاقت وملايين السودانيين على دوي الرصاص كإشهار لحرب مستمرة حتى الآن.
وبسبب طبيعة عملها في مهنة الصحافة "تعرضت للتهديد المتكرر من قبل ارتكاز (نقاط عسكرية) تتبع لقوات الدعم السريع أمام شقتي، مما دفعني للعودة إلى مدينة الفاشر حاضرة ولاية شمال دارفور إلا أن الطريق كان مليئا بالمخاطر والمتاعب إذ تعرضنا للنهب المسلح، ونجونا بأرواحنا بفضل العناية الإلهية".
الفاشر لم تكن أكثر أمانا أو أقل ضراوة من غيرها -كما تقول امتنان- إذ واجهوا خطر الموت المحتمّ عديد المرات جراء الاشتباكات المسلحة والقصف الذي طال منزلها، وأصيبت على إثره ابنتها بإصابات طفيفة نتيجة تطاير الشظايا "وهنا أُرغمنا وقررنا التخلي غير مُخيرين عن كل ما نملكه والرحيل دون عودة" كما قالت.
ومن الفاشر تحركوا صوب مدينة ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة، ومكثوا فيها لمدة 5 أشهر، ومن ثمّ توجهوا نحو ولاية القضارف وبعدها إلى ولاية كسلا، قبل أن تضيق بهم سُبل الحياة ويغادروا الوطن مرغمين نحو ليبيا.
إعلان
ظروف إنسانية قاسية
قبل أن تأتي امتنان إلى ليبيا وتحديدا الكفرة، لم تكن على دراية بالعدد الكبير من اللاجئين الذين سبقوها في المعاناة وتقدر أعدادهم في عموم ليبيا بـ700 ألف لاجئ حسب الإحصاءات الأولية الصادرة عن مركز الهجرة غير الشرعية.
وأشار رئيس غرفة الطوارئ بوزارة الصحة في الحكومة الليبية إسماعيل العيضة -في حديثهِ للجزيرة نت- إلى أن الغالبية العُظمى تتركز في المناطق الجنوبية الشرقية ولاسيما مدينة الكفرة التي يوجد فيها حوالي 65 ألف لاجئ، يتقاسمون مع أهالي البلدية الخدمات الضعيفة والأوضاع الهشّة.
وأكد العيضة أن هؤلاء اللاجئين يعيشون أوضاعا إنسانية وصحية صعبة، لاسيما في فصلي الصيف الحار والشتاء القارس نظرا لطبيعة المدينة الصحراوية. وأضاف "في فصل الصيف سجلت الأطقم الطبية ارتفاعا كبيرا في حالات لدغ العقارب وصلت إلى 1800 حالة، مما يعني أن العدد قفز للضعف مقارنة مع العام الماضي، إلا أن الوضع يزداد سوءا في فصل الشتاء مع وجود أكثر من 22 ألف طفل في مستشفى الكفرة يتلقون العلاج".
وهو ما أكدتهُ امتنان من واقعِ تجربتها، تقول "بعد رحلة مضنية وصلنا إلى مدينة الكفرة ومكثنا فيها 24 يوما، وبسبب وضعنا المادي وصعوبة استخراج الشهادة الصحية من مكاتب الهجرة التي كانت تكلف آنذاك 150 دينارا، ناهيك عن صفوف المنتظرين وهواجس الخوف من سلطات مكافحة الهجرة غير الشرعية، قررنا الذهاب للعاصمة طرابلس للتواصل مع مفوضية اللاجئين إلا أن الطريق للعاصمة كان أشبه بالمشي على الجمر، نظرا لتكلفة السفر المرتفعة والطريق الطويل الذي يزيد على 1600 كيلومتر".
ووصلوا إلى العاصمة طرابلس، وبعد محاولات عديدة تم تسجيلهم ضمن كشوفات اللاجئين الرسمية لدى مفوضية اللاجئين، إلا أن هذه الخطوة لم تغير من المعاناةِ شيئا، حسب امتنان.
وبينما كشفتْ تقديرات المفوضية السامية لشؤون اللاجئين عن وصولِ أكثر من 210 آلاف لاجئ منذ بدء الحرب في السودان، نفى العيضة صحة هذه الأرقام.
إعلانولفت إلى أن إحصاءات غرفة الطوارئ في وزارة الصحة بالحكومة الليبية أكثر دقة لأنها تقوم على الرصد والإحصاء والمتابعة الميدانية والوصول إلى المناطق البعيدة والنائية والمزارع، في حين تعتمد إحصاءات المفوضية -التي وصلت متأخرة للكفرة- على اللاجئين المسجلين حصرا لدى مركز الهجرة غير الشرعية في الكفرة أو المتحصلين على بطاقة نازح فقط.
وبحسب ما أفادت به تقديرات لجنة الطوارئ في وزارة الصحة بالحكومة الليبية للجزيرة نت، فإن اللاجئين يتوزعون بشكل أساسي في مدن: الكفرة وأجدابيا -التي تبعد عن الكفرة حوالي 864 كيلومترا- وفي مناطق الواحات (أوجلة وإجخرة) وبلدة تازربو، ومختلف مناطق شرقي البلاد مثل مدينتي البيضاء وبنغازي.
وبالنسبة للعملية التنظيمية لأوضاع اللاجئين، قال العيضة إن المراكز الصحية تباشر بإجراء الكشوفات الطبية الأساسية لدى وصولهم.
وعام 2024 سُجل في صفوف اللاجئين ما يزيد على 6 آلاف إصابة بأمراض معدية مثل الدرن والإيدز والملاريا، مما يشكل ضغطا وعبئا إضافيا على القطاع الصحي المنهك أساسا في ليبيا، كما يقول العيضة.
وعن المبادرات والدعم الحكومي، أفاد العيضة بأن الحكومة الليبية وجهتْ بمعاملة اللاجئ السوداني كمعاملة الليبي، إذ تلقى اللاجئون خدمات صحية متمثلة في الفحص وإصدار البطاقة الصحية نظرا لافتقار أغلب اللاجئين إلى أوراقٍ ثبوتية كجوازات السفر، فضلا عن تطعيم أكثر من 20 ألف طفل سوداني وإجراء عملية ولادة لـ850 سيدة سودانية.
وعن تخاذل وتراخي المجتمع الدولي، أكد العيضة أنّهُ ورغم مناشداتهم المستمرة للمنظمات الدولية لتقديم الدعم إلا أنها أوفت بـ10% من التزامها منذ بدء موجة النزوح، معربا عن أسفه لعدم إيفاء المبعوثة الأممية بالإنابة في ليبيا تسيفاني خوري بوعودها.
إعلانولفت إلى أن الدعم الحالي ورغم محدوديته يأتي عن طريق الحكومة الليبية، في حين لم تحرك حكومة الوحدة ساكنا، مشددا على حاجة ليبيا والبلديات المتضررة إلى وقفةٍ جادة ودعم فعّال لمعالجة الأزمة المنسية.
ويصف المتحدث باسم بلدية الكفرة، عبد الله سليمان، الواقع المعيشي بالسيئ إذ يلجأ الوافدون إلى بناء هياكل بسيطة تشبه الخيام، ويفترشون الأرض ويلتحفون بقطع الأقمشة البالية، وهناك من يعيش في ظروف أكثر قساوة.
ولفت سليمان إلى استحالة إحصاء أعداد اللاجئين بدقة مرجعا السبب إلى الطبيعة العشوائية لدخولهم إلى مدينة الكفرة عبر عدة نقاط مفتوحة وليس فقط البوابة الرئيسية، مما يجعل الأعداد متغيرة باستمرار.
واعتبر أن التنسيق بين البلدية والمنظمات ضعيف للغاية، إذ تعمل الأخيرة بشكل منفرد دون تنسيق أو تواصل مع البلدية، لافتا إلى أن أبرز الاحتياجات الملحة تتمثل في سيارات لنقل القمامة المتكدسة نتيجة الأعداد الكبيرة ومضخات للمياه والمحولات الكهربائية والملابس والأغذية، إلى جانب تخصيص ميزانية طارئة تمكن المجلس البلدي من التعامل مع الحالات المستعجلة.
وبدوره أوضح وليد خالد منسق الإغاثة في الهلال الأحمر فرع الكفرة -للجزيرة نت- أن "الهلال" -وبالتعاون مع برنامج الأغذية العالمي- وزع المعونات الغذائية على 11 ألفا و489 عائلة حتى الآن.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات مدینة الکفرة إلى مدینة إلا أن إلى أن
إقرأ أيضاً:
مأساة في المنيا.. انتشال جثمان أب من البحر اليوسفي وعمليات البحث عن نجله مستمرة
انتشلت قوات الإنقاذ النهري، منذ قليل، جثمان شخص يدعي "علي خلف إسماعيل" من البحر اليوسفي ناحية قرية حسن باشا، بعد غرقة هو ونجله مساء امس، وجارى تكثيف البحث عن نجله.
وكانت قرية حسن باشا التابعة لمركز سمالوط، قد شهدت مصرع شخص وابنه، مساء امس الأربعاء، غرقا في مجرى البحر اليوسفي أمام قرية حسن باشا بمركز سمالوط، في محافظة المنيا، في أثناء الاستحمام بمجرى البحر، هربًا من الموجة الحارة، وانتقلت سيارات الإنقاذ النهري، وتم البحث لانتشال الجثتين.
البداية عندما تلقي، اللواء مجدي سالم، مدير الأمن، اخطارا من مساعده اللواء احمد الحيني المشرف علي مركز سمالوط، يفيد بمصرع كل من (على، خ، ع، أ)، 32 سنة، وابنه (زياد، 12 سنة)، مقيمين بقرية بني سمرج، بمجرى البحر اليوسفي أمام قرية بني حسن باشا.
وتحرر عن ذلك المحضر اللازم بموجب الواقعة، وتم ايداع جثة الغريق بمشرحة مستشفي سمالوط التخصصى، وانتدبت النيابة العامة الطبيب مفتش صحة المركز لتوقيع الكشف الطبي علي الجثمان واصدار شهادة الوفاة.
في سياق اخر، لقي طالب مصرعه، اليوم الاربعاء، فيما اصيب 2 آخرين في حادث تصادم توك توك بدراجة نارية، أمام كوبري دهروط، بالطريق الدائري بمركز مغاغة في المنيا، بسبب السرعة- تم نقل المصابين إلى المستشفى لتلقي العلاج، والتحفظ على جثة الطالب والمركبتين، تحت تصرف النيابة العامة.
تلقت الاجهزة الامنية بالمنيا، برئاسة اللواء مجدي سالم، مدير الامن، بلاغا بحادث تصادم توك توك بدراجة نارية.
انتقلت سيارات الاسعاف وتبين مصرع طالب يبلغ من العمر 18 سنة، مقيم بمركز مغاغة، واصابة 2 اخرين بينهم سائق، في العقد الثالث من العمر، مقيمين بمركز مغاغة.
حيث تم نقل المصابين إلى مستشفى مغاغة المركزي، لتلقي العلاج، وجثة الطالب إلى مشرحة مستشفى مغاغة المركزي، والتحفظ على المركبتين تحت تصرف النيابة العامة.
وتحرر عن ذلك المحضر بالواقعة، وتولت النيابة العامة التصرف