تشاغوس أرخبيل استأجرته أميركا وهاجمت منه العراق وأفغانستان
تاريخ النشر: 28th, January 2025 GMT
أرخبيل تشاغوس وتسميه بريطانيا "إقليم المحيط الهندي البريطاني"، وهو عبارة عن جزر عدة تقع في نقطة إستراتيجية وسط المحيط الهندي، استعمرتها بريطانيا عام 1814، وأجّرتها للولايات المتحدة الأميركية، التي أنشأت فيها قاعدة دييغو غارسيا الجوية، وتطالب جمهورية موريشيوس الأفريقية باستعادة الأرخبيل.
الموقعيقع أرخبيل تشاغوس وسط المحيط الهندي، جنوب شبه القارة الهندية، ويبعد نحو 2200 كيلومتر شمال شرق جزيرة موريشيوس، و500 كيلومتر عن جنوب جزر المالديف.
تبلغ مساحته نحو 60 كيلومترا مربعا. ويتميز الأرخبيل بموقعه الإستراتيجي بين خطي طول 71-73° شرقا وخطي عرض 4.5-7.5° جنوبا، ويتسم بأنه بعيد عن مسار العواصف والأعاصير.
الجغرافيايتميز أرخبيل تشاغوس بطبيعته الجغرافية الفريدة التي تضم أكثر من 55 جزيرة مرجانية نائية منخفضة الارتفاع، من بينها جزر سليمان وجزيرة بيروس بانوس المرجانية وجزيرة نيلسون وجزر الإخوة الثلاثة وجزر إيغل وجزيرة دينجر وجزر إيغمونت.
وتحيط بالأرخبيل بحيرات وشعاب مرجانية واسعة، مما يجعله غنيا بالتنوع البيئي والبحري، إذ يضم أكثر من 300 نوع من المرجان و800 نوع مختلف من الأسماك، إلى جانب الأسماك والسلاحف البحرية المهددة بالانقراض.
إعلانويتمتع بمناخ استوائي بحري يتميز بدرجات حرارة مرتفعة على مدار العام، مع أمطار غزيرة أثناء فترة الرياح الموسمية. وتغطي الجزر غابات نخيل جوز الهند وبعض الشجيرات الساحلية، مما يجعلها موطن تنوع مذهل في الحياة البرية.
ويضم جنوب شرق الأرخبيل جزيرة دييغو غارسيا، وهي الأكبر بين جزره إذ تبلغ مساحتها نحو 44 كيلومترا مربعا، وهي ذات أهمية إستراتيجية وتحتضن قاعدة عسكرية أميركية.
وتتخذ الجزيرة شكل حذوة الحصان، ويبلغ محيطها نحو 64 كيلومترا، بينما تصل أعلى نقطة فيها إلى 15 مترا عن سطح البحر.
التاريخ
اكتُشفت الجزر في القرن الـ16 على يد المستكشفين البرتغاليين، وحسب الموسوعة البريطانية فالأرخبيل لم يكن مأهولا بالسكان وقتها. وبسبب موقعه الإستراتيجي على طرق التجارة الدولية، أصبح محل تنافس بين القوى الأوروبية.
وفي أواخر القرن الـ18، سيطرت فرنسا على أرخبيل تشاغوس وسيشيل وجعلتهما مستعمرات تابعة لموريشيوس الأفريقية، وأنشأت مزارع جوز الهند لإنتاج زيت الكوبرا، واستقدمت الأفارقة عبيدا للعمل فيها.
سيطر البريطانيون على الجزر في أوائل القرن الـ19، وأُعلنت موريشيوس ومستعمراتها رسميا مستعمرة بريطانية عام 1814 بموجب معاهدة باريس. ولاحقا تم فصل سيشيل عن موريشيوس وأصبحت مستعمرة بريطانية منفصلة عام 1903.
وفي فترة الحرب الباردة، وُقّعت اتفاقية بين بريطانيا والولايات المتحدة عام 1965 لإنشاء إقليم المحيط الهندي البريطاني بهدف إقامة منشآت دفاعية واتصالات لموازنة النفوذ العسكري للاتحاد السوفياتي في المنطقة، وضمّ الإقليم أرخبيل تشاغوس وجزر ألداربرا وفاركوهار ودي روش.
بين عامي 1965 و1973، قررت الحكومة البريطانية بقيادة هارولد ويلسون إخلاء سكان أرخبيل تشاغوس قسريا، المعروفين باسم "الإيلوا" أو "الشاغوسيين"، وهم من نسل العبيد الأفارقة وعمال المزارع الهنود، وتفرقت العوائل بين سيشيل وموريشيوس والمملكة المتحدة.
إعلانوكان سكان الأرخبيل يعيشون في اكتفاء ذاتي، بفضل وفرة الموارد الطبيعية التي أسهمت في ازدهار المنطقة وانتشار القرى، إلى أن هُجّر أهلها إلى جزيرة سيشل، وتم احتجازهم في الزنازين، ومن ثم نقلوا إلى موريشيوس في مساكن متهالكة بلا ماء ولا كهرباء، وهناك ماتت 26 عائلة في فقر مدقع، وأقدم 9 أفراد على الانتحار، في حين أرغمت الفتيات على امتهان الدعارة للنجاة.
وكان الهدف من تهجير السكان إفساح المجال لبناء قاعدة عسكرية أميركية في دييغو غارسيا، كبرى جزر الأرخبيل، وفي عام 1971، أجّرت بريطانيا الجزيرة لأميركا، التي بنت فيها منشأة عسكرية ضخمة وأغلقت مزارعها.
وبسرية تامة عرض الأميركيون على البريطانيين دفعة مالية لقاء الجزر جاءت على شكل تخفيضات على نظام الغواصات النووية بولاريس، وكان هدف أميركا من إقامة القاعدة التحكم بالمحيط الهندي.
وفي غضون 10 سنوات كان قد اكتمل إخلاء الأرخبيل من سكانه وأصبحت سان دييغو مقرا لقاعدة عسكرية أميركية تضم أكثر من ألفي جندي مشاة، و30 سفينة حربية، ومدرجين للطائرات الحربية، ومنشآت للغواصات المسلحة نوويا، ومحطة للتجسس بالأقمار الصناعية.
وفي عام 1976 وعندما حصلت دولة سيشيل الأفريقية على استقلالها، أُعيدت لها الجزر التي انتزعت منها سابقا، واحتفظت بريطانيا بالأراضي المتبقية في إقليم المحيط الهندي البريطاني مقابل منح موريشيوس الاستقلال، وهكذا بقي أرخبيل تشاغوس تحت السيطرة البريطانية.
وتقول موريشيوس إنها أرغمت على التخلي عن الأرخبيل لصالح المستعمر البريطاني في عام 1965 مقابل الحصول على الاستقلال الذي نالته عام 1968.
توسعت المنشآت العسكرية في أكبر جزر الأرخبيل -دييغو غارسيا- في سبعينيات وثمانينيات القرن الـ20، مما أثار اعتراض الدول المجاورة التي اعتبرت القاعدة الأميركية تهديدا عسكريا.
إعلانواستُخدمت القاعدة العسكرية في دييغو غارسيا لانطلاق غارات جوية في نزاعات عدة، بما في ذلك حرب الخليج الثانية (1990-1991)، والحرب الأميركية على أفغانستان عام 2001، والمرحلة الأولى من الغزو الأميركي للعراق عام 2003.
وبعد أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001 ذكرت تقارير أن القاعدة استخدمت "موقعا أسود" من وكالة المخابرات المركزية الأميركية (سي آي إيه) لاستجواب أشخاص مشتبه بهم في قضايا الإرهاب.
وفي عام 2016 جددت بريطانيا عقد تأجير القاعدة للولايات المتحدة الأميركية حتى عام 2036.
في عام 2000 قضت المحكمة العليا البريطانية بعدم قانونية ترحيل سكان تشاغوس، ومنحتهم الحق الفوري في العودة إلى أي جزيرة باستثناء دييغو غارسيا. ورغم ذلك، عارضت بريطانيا والولايات المتحدة هذا القرار.
ولجأ رئيس الحكومة وزعيم حزب العمال البريطاني آنذاك توني بلير إلى "الامتياز الملكي"، وهي أداة قديمة للسلطة كانت تستخدم في "المجلس الخاص للملكة المتحدة"، وتمكّن الحكومة من تجاوز البرلمان والمحاكم. وكانت الحكومة تأمل أنها بهذه الطريقة ستمنع سكّان الجزر من العودة بشكل نهائي.
وأكدت المحكمة العليا قرارها عام 2006، فخسرت الحكومة البريطانية قضيتها أمام محكمة الاستئناف في العام التالي، لكن في 2008 حكم مجلس اللوردات ضد سكان الجزر رغم ضعف الأدلة، وعلى الرغم من أن الحكومة أعربت عن أسفها لعملية الإجلاء الأصلية.
وفي أبريل/نيسان 2010 أعلنت الحكومة البريطانية عن نيتها إنشاء محمية بحرية تغطي نحو 544 ألف كيلومتر مربع حول أرخبيل تشاغوس. وأثارت هذه الخطوة اعتراض السكان الأصليين، إذ اعتبروها تهديدا لمصدر رزقهم في حال تمكنوا من العودة للجزر.
وكشفت تسريبات موقع ويكيليكس أن إعلان الحكومة البريطانية كان الهدف منه ضمان عدم عودة السكان، ونشرت برقية دبلوماسية للسفارة الأميركية تعود لعام 2009، وجاء فيها "إن التأسيس لمحمية بحرية قد يكون بالفعل، كما صرح وزير الخارجية آنذاك كولين روبرتس، الطريقة الأنجع للحيلولة دون إعادة توطين أي من السكان السابقين لجزيرة تشاغوس أو أبنائهم".
إعلانوفي 2017 طلبت الجمعية العامة للأمم المتحدة رأيا استشاريا من محكمة العدل الدولية بشأن قانونية إنهاء الاستعمار في موريشيوس، بما في ذلك أرخبيل تشاغوس. وأكدت موريشيوس أن التخلي عن الجزر كان شرطا للحصول على استقلالها في 1968.
في 2019 اعتبرت محكمة العدل الدولية أن عملية إنهاء الاستعمار كانت غير قانونية وأوصت بإنهاء السيطرة البريطانية على أرخبيل تشاغوس وإعادته إلى موريشيوس. علما أن الحكم كان استشاريا وغير ملزم.
وفي 22 مايو/أيار 2019 صوتت الغالبية العظمى من أعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة لصالح إعادة أرخبيل تشاغوس إلى موريشيوس، إذ أيدت القرار 116 دولة ولم تعارضه إلا 6 دول، بينما امتنعت 56 دولة عن التصويت.
وقالت الأمم المتحدة إن إنهاء استعمار موريشيوس "لم يتم بطريقة تتسق مع حق تقرير المصير"، وبناء على ذلك فإن "استمرار إدارته (من قبل بريطانيا).. يمثل تعديا".
وطالب القرار بريطانيا بإنهاء احتلالها للأرخبيل دون قيد أو شرط في غضون 6 أشهر. وبعد انتهاء المهلة المحددة، أصدرت وزارة الخارجية البريطانية بيانا أصرت فيه على أن لها كل الحق في الاحتفاظ بالسيطرة على الأرخبيل.
وقال البيان "ليس لدى المملكة المتحدة شك في سيادتها على إقليم المحيط الهندي البريطاني الذي ظل تحت السيادة البريطانية المتواصلة منذ 1814".
وأضاف البيان أنه "لم تكن لموريشيوس يوما السيادة على إقليم المحيط الهندي البريطاني"، وأن "المملكة المتحدة لا تعترف بادعائها".
من جانبها قالت حكومة موريشيوس في أواخر المهلة الدولية إن بريطانيا صارت الآن "محتلا مستعمرا غير شرعي"، وفقا لما أعلنه رئيس وزراء موريشيوس برافيند جوغنوث.
وأعلنت المملكة المتحدة في أكتوبر/تشرين الأول 2024 أنها ستتنازل عن سيادتها على أرخبيل تشاغوس لصالح جمهورية موريشيوس، لكنها ستحتفظ بالسيطرة على قاعدة عسكرية في جزيرة دييغو غارسيا أكبر جزر الأرخبيل بموجب عقد تأجير لـ99 عاما.
إعلانوقد سُلِّمت الجزر إلى موريشيوس في صفقة ادعت الحكومة أنها ستحمي مستقبل القاعدة الجوية الأميركية التي هددتها -كما تقول- الطعون القانونية.
وفي 26 يناير/كانون الثاني 2025 قالت صحيفة تلغراف البريطانية إن الرئيس الأميركي دونالد ترامب تلقى نصائح من قيادات في الحزب الجمهوري بمنع إنجاز اتفاق تتنازل فيه بريطانيا عن جزر تشاغوس لصالح دولة موريشيوس، وذلك على ضوء مخاوف أن يسهل هذا على إيران التجسس على القوات الأميركية.
وتصاعدت المخاوف الأميركية بعدما دخلت موريشيوس في محادثات مع طهران بشأن استضافة فروع للجامعات الإيرانية، إذ يخشى خبراء أمنيون غربيون أن تُستخدم تلك المؤسسات للتجسس على القاعدة الأميركية البريطانية في تشاغوس.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الحکومة البریطانیة قاعدة عسکریة إلى موریشیوس موریشیوس فی فی عام
إقرأ أيضاً:
إغلاق الحدود بين باكستان وأفغانستان يعطل التجارة وحركة الأفراد
قال مسؤولون، إن استمرار إغلاق معبر تورخام الرئيسي على الحدود بين أفغانستان وباكستان لمدة تقارب الأسبوع أدى إلى تعطيل التجارة الثنائية وحركة تنقل الأفراد، مما تسبب في خسائر مالية للتجار وترك العديد من الأفراد عالقين في ظروف شتوية قاسية.
وظل معبر تورخام الحدودي مغلقا منذ 21 فبراير/ شباط بعد أن أغلقته باكستان على خلفية نزاع بشأن بناء أفغانستان لموقع حدودي.
وقال مدير غرفة التجارة والصناعة الباكستانية الأفغانية المشتركة ضياء الحق سرهادي، إنه منذ ذلك الحين، تقطعت السبل بأكثر من 5 آلاف شاحنة ومركبة تحمل بضائع، من بينها فواكه وخضروات، على جانبي الحدود، في انتظار إعادة فتح طريق التجارة.
ويعد معبر تورخام ممرا حيويا لنقل البضائع بين باكستان ودول آسيا الوسطى، ودعا سرهادي البلدين إلى حل الخلاف بينهما حتى تستأنف التجارة الثنائية وحركة تنقل الأفراد.
قال سائق الشاحنة نجيب الله إنه اضطر للنوم في سيارته لأنه لا يستطيع تركها دون حراسة على الطريق. وقال للصحفيين "نطلب من باكستان وأفغانستان أن ترحمونا لأننا نعاني دون أي سبب".
وتقطعت السبل بالمئات من الأفراد بالقرب من الحدود، وقال مصطفى خان، وهو سائق آخر، إنه كان يأمل في العودة إلى مدينته بيشاور بشمال غرب باكستان بعد تسليم إمدادات الأسمنت في مدينة جلال آباد الأفغانية، لكن "أنا عالق هنا منذ الجمعة الماضية، وليس لدي أي فكرة عن عدد الأيام التي سنواجه فيها هذه المشكلة".
إعلانوقال فرهاد نصرت، وهو مواطن أفغاني، إنه كان عائداً إلى منزله مع والدته وأطفاله، وأجبرهم إغلاق المعبر الحدودي على قضاء أيامهم ولياليهم في المنطقة المفتوحة. وناشد السلطات الباكستانية إعادة فتح الحدود.
وقالت السلطات إن مئات الباكستانيين تقطعت بهم السبل أيضًا على الجانب الآخر من الحدود.
ولم يصدر تعليق فوري من باكستان. لكن عبد الجبار حكمت، المفوض على الجانب الأفغاني من الحدود، أكد إغلاق باكستان للحدود.
وقال حكمت: "عندما تقوم السلطات الباكستانية بأعمال بناء على جانبها، فإننا لا نقول شيئا. ولكن عندما نفعل شيئا، فإنهم يغلقون الحدود".
وقال عبد السلام جواد، المتحدث باسم وزارة التجارة والتجارة الإلكترونية الأفغانية، إن باكستان أغلقت المعبر الحدودي من جانب واحد، وإن السلطات الأفغانية تحاول حل هذه المشكلة.
وقال إن الإغلاق أثر أيضا على تجارة الترانزيت في أفغانستان غير الساحلية. ولم يقدم المزيد من التفاصيل، لكن مسؤولين محليين آخرين من حركة طالبان الأفغانية وباكستانيين قالوا إن من بين أولئك الذين تقطعت بهم السبل على الجانبين نساء وأطفال ومرضى أفغان كانوا إما عائدين إلى ديارهم أو يريدون السفر إلى باكستان لتلقي العلاج الطبي.
ويعد إغلاق الحدود في تورخام أمرًا شائعًا بسبب الخلافات حول المواقع الجديدة على طول خط دوراند الذي يسهل اختراقه، والذي لم تعترف به أفغانستان رسميًا مطلقًا. وفي الوقت نفسه، أكملت باكستان تقريباً بناء سياج حدودي لتعزيز السيطرة.
ويقع معبر تورخام على أطراف إقليم خيبر بختونخوا شمال غرب باكستان، حيث يستهدف مسلحو حركة طالبان الباكستانية قوات الأمن بشكل متكرر.