مما قال الشاعر :
" ألهمينى الكلمات
أرسُمها أحرف ولهٍ،
عشقٍ ،
خارطةً للأشواق
قمراً متوهجاً..
أُضىءَ به الآفاق
أُضىء به الآفاق ".
شعراء الصمت، البعض طواهم النسيان وغيبتهم الذاكرة. و أخرون منحتهم وسائل التواصل االحديثة بريقاً من الضوء ليكونوا شهداء على المرحلة الشعرية التي ساهموا في بنائها وأسسوا لهم تجربتهم الخاصة التي عبروا بها عن الذات و المجتمع خلال مرحلة التحرر الوطني.
و علاماته الرمز الوطني عواتي، زرع أخضر، طفل يكبر، ديار مغتصبة:" مادام هنالك زرع اخضر / وطفل يكبر /وماساة تتجدد في صور بشعة/وديار مغتصبة/ساقاوم/حتى الرمق الآخر ساقاوم./ومهما كان الزمن الضائع/حتما سنعيد الأرض من المغتصبين/ فاحفاد عواتى يوما ما قادمين ".
هو عبدالقادر بن علي بن حامد ميكال،شاعر اريتري. تنفس نسائم الطفولة في حي ديم النور بمدينة القضارف،
و فيها أتم المرحلة الثانوية في أعرق مدارسها - القضارف الثانوية القديمة. و كان حينها منضوياً في الاتحاد العام لطلبة اريتريا، مما أهله للعمل في قطاع التعليم في مكتب الشؤون الاجتماعية 1976م و لمدة سنة واحدة.
أنتقل بعد ذلك للعمل في المكتب السياسي - الفرقة الفنية. حيث قام بأدوار عدة ، منها الاعلامي، و الفني مع كوكبة من عمالقة الفن الاريتري خلال سنوات تحرير المدن. و أبرز ما فيها الاحتفالية الفنية التي أقيمت في مدينته القضارف ، الأولى عام 1977م في السينما الوطنية. و الثانية في سينما كيكوس 1979م، حين أمطرت نغماته:" سنثابر لا نهادن أو نكابر/نحفر الجدران بالأظافر/ ومن أجل ارتريا نخوض/المخاطر فباقون ما حيينا/ في الزنازين لا نتنازل عن مبادئنا/أو نلين ومن أجلك /يا بلادي ندك بصمودنا /قلاع الظالمين ".
كانت سنوات سمان تليها سنوات عجاف و صراع الأشقاء و خروج من الميدان عام 1982م:" حقول الفلِ ماتت/ ما بقى غير الرمال/ ما بقى غير سرابٍ .../صعب المنال ". و من ثمّ شدّ الرحال الى القاهرة بغرض الدراسة، حيث حصل على دبلوم تجاري تخصص محاسبة. مما أهله للعمل في احدى شركات القطاع الخاص بمدينة جدة السعودية .
و حينها سطرغنائية "شارات النصر":" إني أسمع أجراسا /إني أسمع أجراسا وطبول/مزامير حماسية /وزغرودة لأم شهيد/ ومقاتل /إنها شارات النصر. الفرحة الوضاءة / تأتينا من رحم الماضي/ سنابل قمح / زرعا أخضر وحقول/ مساحات تمتد / إلى الآفاق المنسية / تروى ظمأ الأبطال ".
غادر جدة بعد مشاركته في الاستفتاء لاستقلال اريتريا في ابريل 1993م الى السودان، التي غادرها الى القاهرة. حيث عاش سنوات ليغادرها الى منفاه الاختياري في بلاد الصقيع ليرسم فيها خارطة الأشواق:
" فى وهجِ الشمسِ المحرقِ/ أُجمعَ أشيائىَّ الخرساء / أمتعتى/ وبقايا منكِ. أَشدَّ أشرِعةَ التِسفار/ أتشبعُ بعبقُكِ / إخوتى والأصحاب/ فأنوءُ بحملى بعيداً / أُحيكَ خارطةِ الأشواق/ فيجىء’ الليلُ.. / بعتمٍ دامسِ وسُهاد/ يكونُ أنيسىَّ حرفُ العشقِ/ الوجدِ / أصوغَ به الكلمات/ أنظُمها نبرةَ تحنان ".
هي الغربة الذاتية و المكانية، هي الأشواق و الحنين بلون أزرق قبل ان يبتلع فلذات الأكباد و مراكب الموت تقذف بالجثث على شاطئ لامبدوسا الايطالي:" ﺗﻠﻮن ﻫﺬا اﻟﺒﺤﺮ../ اﻟﻬﺎدر ﺑﺎﻷﺳﺮار/ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺮﻛﻠﻨﻲ../ ﺗﺨﻨﻘﻨﻲ / ﺗﻘﺘﻠﻨﻲ أﺣﺬﻳﺔ اﻟﺠﻨﺪ/ ﺗﻘﺘﻞ ﺻﻮت اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ". و حبئنذ يترك كلماته لترسم اللحن الجنائزي:
" ﻛﻠﻤﺎﺗﻲ
ﺗﻄﻔﺊ ﺛﻮرة أﻋﻤﺎﻗﻲ..
وﺗﺪﻓﻨﻨﻲ ،
وﺗﺪﻓﻦ ﻛﻞ آﻫﺎﺗﻲ..
ﻟﺘﺰﻳﻦ ﺗﻠﻚ اﻷﻟﻮان ﺑﻠﻮن دﻣﻲ
ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺒﺤﺮ اﻟﻤﺘﻤﻮج ﺑﺎﻵﻫﺎت.. إﻟخ ".
تم اختياره رئيساً لمجلس الادارة المؤقت لاتحاد الكتاب الاريتريين بالمهجر في أغسطس 2024م . لكن معانأته المرضية التي صاحبته سنوات و سنوات وجعاً و هماً ، لم تمهله ، حيث توفي يوم الجمعة 24 يناير 2025م في العاصمة السويدية ستوكهولم .
رحل تاركاً أرثه الشعري:" الأطفال و البحر"، اصدار دار النخبة ، القاهرة 2021م. و قصيدة مهداه الى ابنته سطرها بعنوان " رمشك المكحول ":
أهداء إلى إبنتى مثال التى قاسمتنى همى مراراً .
" خبئينى بين عينيكِ
وطوفى كالخيال
خبئينى من زمانى ...
من ظنونى يا مثال
رمشك المكحول يحمينى ..
إذ إشتد القتال
فخبئينى لملمينى من شتاتى ...
من ذهول الإرتحال
من بريق الوحلِ ...
فى دنيا الخيال
أسكبى الحب عقيقاً ...
متوهجاً كنار الإشتعال
فخبئينى ...
دثرينى
حقول الفلِ ماتت
ما بقى غير الرمال
ما بقى غير سرابٍ ...
صعب المنال
فخبئينى دثرينى يا مثال
فما الحب إلا سمفونية ...
عشق وجمال
سمفونية عشق وجمال.
jaliloa1999@gmail.com
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
أشرف حكيمي: أكبر إنجاز لي.. هو أن لا يحتاج والديّ للعمل بعد الآن
أشارت صحيفة أونز مونديال الفرنسية إلى التصريحات المؤثرة للنجم المغربي أشرف حكيمي حول والدته التي يعتبرها السبب الرئيسي وراء نجاحاته، خاصة بعد أن أصبح أحد الأعمدة الأساسية في نادي باريس سان جيرمان بعد تمديد عقده حتى عام 2028.
وقالت الصحيفة إنه خلف كل تلك النجاحات يقف تأثير والدته الكبيرة، حيث عبّر حكيمي عن امتنانه لها في مقابلة على غلاف العدد الأخير من مجلة "فوج أفريقيا"، قائلاً: "كما يُقال، لا شيء أعظم من الأم، كل ما أنا عليه اليوم هو بفضلها، لقد علمتني القيم والاحترام والمبادئ التي توجهني في حياتي اليومية، هي أساس حياتي وأدين لها بكل شيء، حبي وإعجابي بها لا ينتهيان".
وأضاف حكيمي: "أكبر إنجاز لي؟ هو أن لا يحتاج والديّ للعمل بعد الآن!"، مؤكداً أنه على الرغم من نشأته بجوار والدته، فإنه يقدر جميع الجهود التي بذلها والديه لتمكينه من النجاح في كرة القدم.
وأوضحت الصحيفة أن حكيمي يعتبر الألقاب والإنجازات الشخصية مهمة، لكنه يؤكد أن اللحظة الأهم بالنسبة له كانت عندما أخبر والديه أنهما لم يعودا بحاجة للعمل.
وأكد أن هذه اللحظة تعني له الكثير، حيث أظهر لهما أن تضحياتهما قد آتت ثمارها وأنه قادر على دعمهما أثناء متابعة شغفه.
بعد انتقاله إلى باريس سان جيرمان في عام 2021 قادماً من إنتر ميلان الإيطالي، سجل أشرف حكيمي 19 هدفاً وقدم 29 تمريرة حاسمة في 151 مباراة، حيث حقق ثلاثة ألقاب في الدوري الفرنسي (2022، 2023، 2024)، بالإضافة إلى كأس فرنسا (2024) وثلاثة ألقاب في كأس الأبطال (2022، 2023، 2024).