سودانايل:
2025-01-30@05:14:19 GMT

إعادة الإعمار ليست مهمة جزئية فلا تقتلوا الوطن!

تاريخ النشر: 28th, January 2025 GMT

معتصم الحارث الضوّي
27 يناير 2025

نشرت صحيفة الشرق الأوسط اللندنية مقالة في عددها الصادر يوم 26 يناير 2025 أوردُها بالنص أدناه:

(بداية الاقتباس)

تنسيق مصري – سوداني للمساهمة في «إعادة الإعمار» بعد الحرب

26 يناير 2025

استضافت القاهرة، الأحد، «ملتقى رجال الأعمال السودانيين»؛ لتعميق التعاون بين البلدين، وتنسيق جهود إعادة الإعمار في السودان بعد انتهاء الحرب بمشاركة الشركات المصرية، «الملتقى»، الذي عُقد في «الهيئة العامة للاستثمار» المصرية، ناقش «سبل دعم الاستثمارات السودانية بمصر، ودفع مجالات التعاون الاقتصادي والتجاري».

ووفق خبراء فإن «السودان يعوّل على الخبرات المصرية في ملف إعادة الإعمار».
ويشار إلى أن مصر استضافت في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، «الملتقى الأول لرجال الأعمال المصريين والسودانيين»، وناقش حينها دفع «الاستثمارات المشتركة بين البلدين، والتعاون الاقتصادي؛ بهدف تقليل تأثيرات وخسائر الحرب السودانية، ودعم الأمن الغذائي بين البلدين».
وقدَّر رئيس القطاع التجاري بـ«الشركة المصرية - السودانية»، منجد إبراهيم، في نوفمبر الماضي، حجم خسائر السودان الاقتصادية بسبب الحرب بنحو «200 مليار دولار؛ نتيجة تدمير البنية التحتية والمنشآت». وقال: «خرج نحو 20 مليون فدان زراعي من الخدمة».
وعُقد الملتقى بمشاركة سفير السودان في القاهرة، عماد الدين عدوي، وممثلي عدد من الشركات السودانية العاملة في مصر. وحسب إفادة للهيئة، بحث الاجتماع «تعميق التعاون لدراسة متطلبات الشركات السودانية، الراغبة في إقامة مشروعات بمصر».
وعدّد الرئيس التنفيذي لـ«الهيئة العامة للاستثمار» المصرية، حسام هيبة، مجموعة من الفرص الاستثمارية التي توفرها بلاده، من بينها «الاستثمار في المناطق الحرة جنوب مصر بقنا وأسوان»، عادّاً أنها «توفر ميزة تنافسية مكانية للاستثمارات السودانية، لارتباطها بإمدادات المواد الخام، والصناعات الوسيطة من السودان»، مشيراً إلى «برامج تشجيعية مخصصة، لدعم شباب رجال الأعمال السودانيين».
السفير السوداني في القاهرة، رأى انعقاد «الملتقى» في القاهرة، «ركيزة أساسية في تعميق التعاون الاقتصادي، وربط المستثمرين السودانيين بالفرص الاستثمارية المتاحة في مصر»، مشيراً إلى أهمية «تنسيق جهود إعادة إعمار السودان على أيدي الشركات المصرية، التي تتمتع بدعم من قيادات البلدين، وتمتلك سابقة أعمال ببلاده».
وأشار السفير السوداني في القاهرة إلى «ترتيبات لعقد الملتقى الثاني لرجال الأعمال المصريين والسودانيين في أبريل (نيسان) المقبل، بالسودان».
مدير وحدة العلاقات الدولية بـ«المركز السوداني للفكر والدراسات الاستراتيجية»، مكي المغربي، رأى أن «نجاحات الجيش السوداني الأخيرة، وكذلك استرداده بعض المناطق التي كانت تسيطر عليها (قوات الدعم السريع)، تدفع للتفكير ودراسة ترتيبات مع بعد الحرب، وعلى رأس ذلك جهود إعادة الإعمار»، مشيراً إلى أن «اتفاقات التعاون بين القاهرة والخرطوم تعطي ميزة تنافسية أمام الشركات المصرية للمساهمة في إعادة الإعمار».
ويتوقف المغربي مع «اتفاقية الحريات الأربع الموقعة بين مصر والسودان»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «التفعيل الكامل للاتفاقية سيسهم في تحقيق التكامل الاقتصادي، بتوسيع الاستثمارات المشتركة، وزيادة معدلات التبادل التجاري بين البلدين».
ووقَّعت مصر والسودان عام 2004 اتفاقية «الحريات الأربع» التي تنصُّ على حرية التنقل، والإقامة، والعمل، والتملك بين البلدين.
ويُشكِّل انعقاد «ملتقى رجال الأعمال السودانيين» في مصر، «خطوة إيجابية لدفع جهود التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين»، وفق رئيس لجنة العلاقات الخارجية بـ«جمعية الصداقة السودانية - المصرية»، محمد جبارة، مشيراً إلى ضرورة «استثمار قدرات وإمكانات البلدين لتوسيع مجالات التعاون الاقتصادي».
و«تبلغ قيمة الاستثمارات السودانية في مصر نحو 240 مليون دولار، في مقابل مليار دولار استثمارات مصرية بالسودان»، بحسب رئيس جهاز التمثيل التجاري، يحيى الواثق بالله، مشيراً خلال «ملتقى رجال الأعمال السودانيين»، الأحد، إلى أن «حجم التبادل التجاري بين البلدين بلغ عام 2023 نحو 1.4 مليار دولار». (الدولار الأميركي يساوي نحو 50.24 جنيه في البنوك المصرية).
وأضاف جبارة لـ«الشرق الأوسط» أن «هناك فرصاً صناعية واستثمارية يمكن أن تتكامل فيها جهود القاهرة والخرطوم، مثل التصنيع الغذائي»، لافتاً إلى إمكانية «الاستفادة من البنية الصناعية في مصر، بنقل المواد الخام من السودان، وإعادة تصنيعها وإنتاجها»، عادّاً أن ذلك «يعود بالنفع على البلدين».
(نهاية الاقتباس)

انتهى الخبر، والتعليق هو:

1. لم أعثر، ولعل السبب أميتي الإلكترونية، على موقع إلكتروني لما يُسمى "ملتقى رجال الأعمال السودانيين"، ولذا لا تتوفر لدي معلومات عن هيكله وأفراده وأغراضه.. إلخ، ولذا لا يمكنني إصدار تكوين فكرة عنهم. لماذا لا تتوفر معلومات وافية على النت عن هذا الجسم الاعتباري؟!

2. لا أدري ما الصفة التي تُخوّل هذه المجموعة (بافتراض أنها غير رسمية) الاجتماع بالهيئة العامة للاستثمار المصرية، والتفاوض معها، وبالتأكيد خرجت عن الاجتماع توصيات، والسؤال البدهي هنا: هل تحمل هذه التوصيات الصفة المُلزمة للحكومة السودانية أم لا؟ وما علاقة ملتقى رجال الأعمال السودانيين أصلا بالحكومة السودانية إن وُجدت؟

3. بأي صفة حضر السفير السوداني في القاهرة هذا الاجتماع، هل بصفته الشخصية أم الرسمية؟ وفي الحالتين ما المبرر إن وُجد؟

4. يقول الخبر، وفيما يلي اقتباس حرفي من الخبر المنشور في صحيفة الشرق الأوسط ((((استضافت القاهرة، الأحد، «ملتقى رجال الأعمال السودانيين»؛ لتعميق التعاون بين البلدين، وتنسيق جهود إعادة الإعمار في السودان بعد انتهاء الحرب بمشاركة الشركات المصرية)))). التساؤل البدهي هنا: بأي صفة يناقش ملتقى رجال الأعمال السودانيين جهود إعادة الإعمار في السودان بعد انتهاء الحرب؟

5. سئمنا وفاض كيلنا هذه التصرفات من جهات بعينها بين الفينة والفينة، فالسعي للظهور في المحافل الرسمية الخارجية (أحيانا دون تفويض رسمي) أصبح سمة لازمة للكثير من الأجسام الاعتبارية السودانية. هذه الفوضى العارمة ضارة بمصلحة الوطن والمواطن، ولا تنم إلا عن سوء طوية وأنانية وضيق أفق بالغ وعدم تقدير جسيم لفداحة المهام التي يجب على السودان معالجتها بعد انتهاء الحرب، وعليه فإن المرجو من الجهات الرسمية التدخل بشكل قانوني وتنظيمي مدروس للحيلولة دون تكرار هذه الشطحات الضارة.

6. القاعدة التي يجب (استخدمُ كلمة الوجوب متعمدا) اعتمادها فيما يتعلق بإعادة الإعمار هو ألا تُترك للمبادرات الفردية أو الأجسام المهنية.. إلخ، بل إنها مهمة عاجلة يجب (مرة أخرى صيغة الوجوب مُستخدمة بسبب الأهمية) أن تشرع الدولة للتخطيط لها على جناح السرعة وبالتعاون مع الجهات الأكاديمية والتكنوقراط المتخصصين، بحيث تكون المرجعيات هي التخصص والأمانة الأكاديمية والمعرفة، ودون محاباة أو مجاملات على حساب المصلحة الوطنية كما درجت العادة في الجمهورية الفتية!

يا رجال الأعمال.. إلخ، ارحمونا فما حلّ بهذا الشعب الأبيّ ليس بقليل، ولسنا على الإطلاق بحاجة إلى مبادرات كسيحة ومجتزئة وغير مدروسة، فعواقب الأنانية واجتزاء الأجندة ستكون وخيمة!

moutassim.elharith@gmail.com
////////////////////////  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: جهود إعادة الإعمار التعاون الاقتصادی بعد انتهاء الحرب الشرکات المصریة الشرق الأوسط بین البلدین فی القاهرة فی مصر

إقرأ أيضاً:

السلمية: قوة المستقبل.. ثورة ديسمبر السودانية نموذجاً

د. عبدالله عابدين

جاءت المرحلة الأولى من حراك ثورة ديسمبر تاليا لحراك الأطراف كما أسلفنا. و الآن دعونا نسمي المرحلة الأولى هذه بمرحلة ما قبل الاعتصام، حيث كانت روافد نهر الثورة تتجمع هنا و هناك في مدن العاصمة السودانية الكبرى، في محاولات مثابرة للوصول الى القصر الجمهوري، بغرض تسليم مذكرة للرئيس البشير تطالبه بالتنحي الفوري عن السلطة. بطبيعة الحال كانت قوات أمن النظام تقوم بالحيلولة دون وصول الثوار الى القصر الجمهوري، و دون تجمععهم في مكان واحد، مما أفشل كل هذه المحاولات الى الوصول الى مبتغاها ذاك.

و لكن ألم تكن موجات الثوار تواصل في ابداع ما هو أكبر من ذلك، من تنمية و تطوير لخطابها، و أدبها الثوري كل يوم جديد تخرج فيه الى الشوارع ؟! .. ألم يكن من المدهش أن الثورة كانت تلد في كل لحظة من لحظاتها شكلاً جديدة من الإبداع الأدبي، و الفني، و التشكيلي، بصورة أذهلت العالم برقي مستوى الوعي الذي سادها، و وجه خطاها؟! ..في الجانب الآخر لم يستطع النظام الحاكم الا التعبير عن تخلفه المشين عن ركب هذا الشعب العملاق، فماذا يملك سوى تقديم أدبه الغث، و سلعته الكاسدة، التي برع في عرضها، و تسويقها، على مر سنين حكمه العجاف؟! .. فما رأينا منه سوى أرتاله من قوات الأمن ملثمة الوجوه، و التي لم تكن تتوانى عن قمع المتظاهرين السلميين باستعمال الذخيرة الحية و الضرب و الاعتقال و التعذيب . .

و على الرغم من كل ذلك فان موجات التظاهر كانت تتدفق هادرة الى الشوارع، حسب الجداول الزمنية التي كان ينظمها تجمع المهنيين. و يا لها من حشود، و يا له من هتاف معبر تطلقه عقائر الثوار مسيلاً في فضاء المكان الانقاذي فاسد الهواء لتنقيه، فتنداح أمواج من غناء الثورة صداحاً:

أنحنا مرقنا، مرقنا، مرقنا …
ضد الناس السرقوا عرقنا ..
ضد الناس الكتلو و لدنا ..

هكذا، اذن، إندلعت الثورة تواً، و دون تأخير في الأطراف، ثم تواصلت شرارتها كما النار في الهشيم. ألا يلفت نظركم هذا الأمر العجيب؟! ألا و هو التحول الكبير في النموذج الارشادي لثورات السودان في اعتناق الثورة الحالية لشعارات الوعي و الاستنارة، بله الشمول الواسع للثورة هذه المرة: ظاهرة نضوج “كسرة الثورة” من الأطراف، و عدم اقتصارها على جزء معين من البلد، بل شمولها لكل أرض السودان؟! ..

و هذه الثورة، الى ذلك، هي أولي ثورات السودان التي كان عليها مواجهة العنف العنيف للطرف الآخر، و هو طرف مصاب بادمان “رؤية الجثث”، أو ما يسمى ب “النكروفيليا”، و هي ظاهرة مرضية نفسية، اتسم بها طغاة العالم، و جبابرته، و على رأسهم زعيم النازية “هتلر”. و لهذا الطرف المتأسلم أيضاً تعلق مريض بالدماء، و يستمتع استمتاعاً مرضياً بلون الدم الأحمر، و يعاقر في سره، و في جهره، اتجاهاً تدميرياً “فاشو-نازي” النزعة، لا يشبع أبدا من سفك الدم، و اراقته: و الا لماذا تررد جموعه المؤدلجة بتشنج واضح:

فالترق منهم دماء،
فالترق منا دماء،
فلترق كل الدماء؟!! ..

و لماذا تظهر على سيماهم نشوة مريضة، و هم يرردون:

لغة الدما لغتي .. و ليس سوى الدما ..
انا عن فنون القول .. أغلقت الفما ..!!

عندما تحضر هذه الظواهر العنيفة في مكان، أو ساحة، فاعلم أن لفصائل المتأسلمين حضور كثيف فيها، في ظاهر الأمر، أو من وراء الكواليس، فليس أقدر منهم في اصطناع الواجهات للتمترس خلفها. و كان قدر ثورة ديسمبرالمجيدة أن تواجه هذه الظواهر المرضية الجديدة، من قبيل “النكروفيليا”، و “الزومبية” التي لا يمكن أن تكون الا من نصيب الاسلامويين دون غيرهم من الأنظمة السابقة، التي اندلعت ضدها ثورات السودان السابقة.

و المدش أن الثورة هذه المرة لم تزدها صور القمع و التقتيل الا أواراُ، أسقطت به حاجز الخوف المضروب على شعوب السودان . و ذوبت بحرارة و صدق، مطالبها المشروعة، و بسلمية وسائلها، جبال جليد الخوف و الوجل و التردد و خور العزيمة. و تنامى مد الثورة حتى بلغ بها الأمر أن أي قمع يلحق بها، لا يزيدها الا شدة و صمامة. أكثر من ذلك، فإنه حتى إعلان البشير لحالة الطوارئ، و حظر التجوال، لم يجد فتيلا!!.. و إحتارت السلطة، و عجبت لأمر هذه الثورة، و وجلت قلوب سدنتها، و ارتعدت فرائصهم، و توارى كل من توعد الثوار “بقطع الرؤوس”، و بويل، و ثبور “كتائب الظل”، ثم لم يلبثوا أن فاجأتهم ساعة الذروة حين دوى سقوط رأس الهرم!! ..

و الحق أن هذه السلمية، المصرة على السلمية، أمام كل أشكال البطش و التنكيل، من قبيل “سيكوباثي”، مصاب بأشد درجات هذا الاضطراب، أمر مخيف و غير معهود!!.. و هو الى ذلك، ظاهرة جديدة، اذ يمكنك أن تصمد ساعات، أو أيام، أو حتى أسابيع، و لكن أن تستدام الثورة لسنوات تحت ظل هذه المناخ العنيف و الباطش، فهو أمر يقلق أصحاب السلطة المطلقة، و يقض مضاجعهم. و دونكم كل العراقيل التي أصطنعت، و المؤمرات التي حيكت، في محاولات مستميتة للقضاء على الثورة، و طمس معالمها، و محو آثارها التي تتكلم بلسان فصيح عن سودان المستقبل: دولة المواطنة، و سيادة القانون، و المشاركة الشعبية الواسعة، و الحكم الفدرالي، و الاحتفاء بكل الثقافات السودانية باعتبارها ثروات تخص شعوب السودان، و تنمية موارد البلد البشرية و المادية تنمية متوازنة، و احاطة كل ذلك بدستور انساني يهتدي بكل ما وقفت عليه البشرية من قيم نبيلة، و من حقوق للأفراد و الجماعات.

و عندما و صل نور الثورة الى هذه الدرجة من السطوع، بالذات في ساحة الاعتصام حيث تمكنت “الثورة الجالسة” ممثلة في الاعتصام من ترسيخ اقدامها، خاصة أن دماء الشهداء التي أريقت قد شكلت حصانة ضد الردة: فالردة مستحيلة. كان لابد لقوى الظلام اذ ذاك من فض اعتصام الثورة: مصدر النور القوي المشع لأنهم، كما أسلفنا، كالضواري يخيفهم، و يرعبهم، النور، و يزعجهم، و يعشي عيونهم سطوعه. ثم ماذا؟! ففض الاعتصام على دمويته، و فظاعة مشاهده، لم يجد فتيلاً !! فالاعتصام الآن في كل الشوارع، فيا ليتكم لم تفضوه، فهو على الأقل يبقى مكاناً محدداً يمكن وضعه تحت السيطرة، بصورة أو بأخرى.

 

ازاء سيل الشوارع و فيضانها، خاصة في الثلاثين من يونيو، كان عليهم اصطناع جموع تتظاهر هنا، و هناك، يمهدون لها السبل، و يفتحون لها الكباري، و الجسور، و ينصبون لها الخيام، و يغرونها بالأموال، في محاولة يائسة منهم لمحاكاة الثورة، و لكن هيهات!! .. و قد تجسدت قمة هذا المسعى اليائس لطمس معالم طريق الثورة، و اسكات صوت شعاراتها: حرية سلام و عدالة، فتداعى بهم الأمر الى مهزلة “اعتصام الموز” الشهير، أمام القصر الجمهوري، ذات المكان الذي منعت من الوصول اليه جموع الثوار في بادئ أمرها!! .. و تنادى منادو “أصحاب السبت” في اعتصام الموز، بأنهم: لن “يرجعوا حتى البيان يطلع”: و المقصود هنا بيان الانقلاب العسكري ضد الثورة!! فانظر كيف انكشف مستورهم قبل وقوعه، و كيف سقطت عنهم ورقة التوت!! .. و بالفعل كانت الخطوة التالية هي الانقلاب المشئوم، في الخامس و العشرين من أكتوبر2021، و القبض على أعضاء الحكومة الشرعية، و ايداعهم السجون، أو الاقامة الجبرية، و على رأسهم الدكتور عبدالله حمدوك، رئيس الوزراء.

و لكن هل وصلوا الى مبتغاهم؟ و الاجابة الناصعة هي: كلا، و انما على النقيض من ذلك، زاد أوار الثورة، و طمح موجها، مأرخاً لمرحلة جديدة، دكت ادعآت قائد الانقلاب، الذي جاء بفرية “تصحيح مسار الثورة”، فالقمه الثوار حجراً، و فاجأووه بأنهم أذكى من تصوراته المريضة، و تكتيكاته الضحلة، و أكاذيبه الفجة، و أنهم لا يكترثون بحالة الطوارئ، و حظر التجوال، التي اعلنهما فور الانقلاب، بضاعة مزجاة، و درس تعلمه الثوار من سيده السابق، البشير، و لسان حالهم يقول “كان غيرك أشطر”!! ..

و يمكنكم ملاحظة أن الثوار هنا طرقوا طريقاً جديدة تمثلت في احالة الانقلاب الى “حبر على ورق”، و احالوه الى أول انقلاب في السودان يصل الى السلطة، و يفشل في تشكيل حكومة: أول انقلاب فاشل!!.. و الدليل القاطع على ذلك أن البرهان لم يستطع حتى الآن أن يجد أحداً يقبل بأن يكون رئيساً للوزراء لسلطته المدعاة، عقب مسرحية اجبار حمدوك على فعل ذلك تحت التهديد. و ما فتأ الرجل أن ظهر أمام الشعب السوداني، و ليس أمام البرهان، معتذرا للشعب، و مسلماً لة الأمانة التي أحاط بها عنقه بها يوم أخذ على عاتقه رئاسة الوزراء، ممثلاً لحكومة الثورة. و هي، بالمناسبة، أول مرة في تاريخ السودان الحديث، يتجسد فيها هذا السلوك السياسي المتمدن، فالشعب هو صاحب السيادة على أرضه، و ما الحكام الا خدامه، و “سييد القوم خادمهم”، كما يقول الحكمة الدارجة ..

بذا أحيلت سلطة البرهان الانقلابية الى فراغ خاو على عروشه، منزوعة الشرعية دون طعم، و لا رائحة!! .. و مازال الرجل يتخبط في ظلمة هذا الفعل الأرعن، و يغوص في وحل الانقلاب على الشرعية، التي دفع مهرها الغالي أبناء الشعب السوداني، من الثوار، و الكنداكات، دماً طاهراً ذكياً.

ماذا تبقى اذن لقوى الثورة المضادة بعد أن تبين لها فشل كل هذه المؤامرات ضد الثورة؟! .. عندها تنادوا الى الحرب زمراً و أفراداً، خاصة بعد اعلان الاتفاق الاطاري، و كانت افطاراتهم الرمضانية خير دليل على هذا الاتجاه الخطير الذي هم علىن وشك اجتراحه. و هل تفلح هذه القوى المتأسلمة في شئ أكثر من فلاحها في اشعال نار الفتن، و من ثم الاصطياد في مائها العكر، و السؤال الأخير: ماذا يريد هؤلاء، ألم يكفهم ما جمعوا من حطام، و من “دنيا عملوا لها” بلا هوادة، و من سلطة مطلقة احتكروها سنينا عدداً، و من جاه؟!! .. ألا ترون معي أنهم من فرط عماهم لا يشعرون بأن الله “يستدرجهم من حيث لا يعلمون”، الى حتفهم، الا من رحم الله؟! ..

الوسومد. عبد الله عابدين

مقالات مشابهة

  • رئيس الوزراء: سيكون هناك تواجد قوي للشركات المصرية في مشروعات إعادة الإعمار بالعراق
  • واشنطن تتعهد لتل أبيب بتعطيل إعادة الإعمار وإدخال "الكرفانات" إلى غزة
  • محلل سياسي: حجم الدمار في غزة يعقد مهمة إعادة الإعمار
  • السلمية: قوة المستقبل.. ثورة ديسمبر السودانية نموذجاً
  • غزة تستعد لاختبار إعادة الإعمار من وسط الأنقاض
  • تهجير الفلسطينيين تحت غطاء إعادة الإعمار.. غضب عربي بسبب تصريحات ترامب
  • تمويل إعادة إعمار سوريا.. مقدرات وطنية ومنح عربية
  • تنسيق مصري – سوداني للمساهمة في «إعادة الإعمار» بعد الحرب
  • الشرطة السودانية: على الذين سرقوا أو نهبوا أو استلموا أو تاجروا إعادة هذه الأموال