د. المقداد ادم طه
تم تصميم السودان في الماضي بشكل يجعل التحكم فيه حكرا علي جماعة النادي السياسي الذي تشكل بفعل المستعمر منذ نهاية المهديه في إستنساخ لتجارب الإنجليز في مستعمرات أخري في اسيا وإفريقيا ، وذهبت الدوله تنشأ المؤسسات والبرامج التي تخدم هذا الغرض فأنشات كلية غردون ، وتأسس مؤتمر الخريجين تحت سمع وبصر وإشراف المستعمر ، عملت السلطه علي تقريب وتحييد الجماعات الصوفيه الكبيره وتم تجنيدها لصالح مشروع السودان الجديد المتحكم به بالعطايا والمنح وتمليك الأراضي وغير ذلك.
إستثمرالإنجليز في هذه الطبقة الجديده التي تم إنشاءها لتخدم حاجة المستعمر عبر التعليم المستمر والتأهيل والتدريب وتم فصلهم في كل مراحل إنشاءهم من محيطهم الإجتماعي الطبيعي ، حيث كان يتم إحتواؤهم في الداخليات وتطبيعهم وتربيتهم علي نمط حياة معين يؤهلهم للقيام بالدور المطلوب منهم في المستقبل وهو قيادة الدوله لصالح المشروع الأكبر الذي يخدم الحكومه البريطانيه ومصالحها.
لكن هذه الخطه تعرضت لإنحراف غير متوقع شكل السودان بشكله الحالي والذي كان نتاج لحظتين تاريخيتين أثرتا في الخطه وتفاعلتا مع مشروع دولة النخبه فيه.
الأولي كانت تكون الأحزاب العقائديه مثل الحركه الإسلاميه والشيوعي والبعث ، والثانيه كانت تجربة الإنقاذ الوطني. هذه الأحزاب وبغض النظر عن إختلاف البرامج فإنها لم تكن تعتمد رافعة العرق أو اللون أو النسب في الترقي والقياده ، وهذا ما جعل مواطنين كثر من غير أبناء النخبه المركزيه يصعدون في سلم القيادة ويتعرفون علي الحكم ويسألون الأسئلة التي لم تكن تسأل من قبل عن الكيف والماذا والسبب.
وبالنظر إلي ان كل الانقلابات العسكريه في السودان كانت انحرافا عن الخطه الرئسيه المعده للحكم ، فإن اللحظة التاريخيه الثانيه كانت لحظة ثورة الإنقاذ الوطني التي وقفت خلفها وكونتها الحركه الاسلاميه والتي ساهمت في بسط العلم وبذل الحكم لكل أطراف السودان مستعينة ببرنامج وإسترانيجيه صوبت نحو أهل السوادن جميعا فقدمت دفعا مضاعفا لأبناء العامه للترقي والتعرض للتجارب.
ساهمت اللحظتين المذكورتين في زيادة الطلب علي السلطه والمال من فئات لم يكن في الحسبان انها تدرج في قوائم الملاك والحاكمين ، فنافس هؤلاء القادمين الجدد في كل المتاح من منصب ودرجه ، وساعدهم وحفزهم علي ذلك الحصول علي المعلومه التي بينت لهم كيف ان المركز حافظ علي حضورهم دائما في عتمة الظل والظلم ، وكيف أن الدوله كانت تسير جميعا في طريق واحد يصب لمصلحة أفراد وأسر تم تحديدها سلفا ببطاقات تعريف مختومه من النادي الحاكم ، وأن الإنتماء لهذا النادي كان أمرا عسيرا للغايه ، وأن هدم هذا النادي علي رؤوس المنتمين له وبناء ناد جديد كان الطريقة الأيسر والأسهل ، وإن تطلب ذلك إراقة الدماء وفقد الأنفس.
إن مشروع حميدتي المعلن والمنسوب (زورا وبهتانا) إلي قيمتي العدل والمساواه كان أولي به هؤلاء القادمين الجدد من الأطراف والبوادي من العامه . هذا الدعم السريع فوق انه الحق الأضرار بسمعة الذين إنضموا للواءه ، فهو أيضا قد ألحق ضررا بالغا بالقضية التي زعم أنه يمثلها والتي تعبر عن لسان حال أقوام عديده في السودان. بإنتهازيته المفرطه رهن الرجل بندقيته لآخرين خدمة لأغراضه الشخصيه وإستعجالا منه للنصر وظنا أنه بذلك يحرق مراحل التغيير ويعجل بنهاية الدوله والمشرع الذي مثلته منذ ما قبل إستقلال السودان.
بخطوته الغير محسوبه هذه فإن حميدتي ومجموعته ألحقوا بمشروع العداله وبسط السلطه والثروه ضررا بليغا لن يكون التعافي منه مسألة ميسوره ، فبدلا من محاصرته فالرجل أعطي عمرا إضافيا لنظام المركز الذي سيحسن إستغلال الفرصه التي قدمت له علي طبق من ذهب وسيعبأ الجمهور لصالح عودة النظام القديم وما يمثله للبعض من مغانم ونفوذ.
سينتصر الجيش في هذه المعركه طال زمانها أو قصر فهذا هو الطبيعي في أي ظرف مماثل وظروف مشابهه ، وسيكون الرهان بعد ذلك هو محاولة كبح لجام المركز المتوحش نحو إستعادة أراضيه التي فقدها بفعل العصرنه والتنوير الذي قادته المكونات التي نشأت بفعل تطور الحياة ، والنجاح في هذه المرحله بالنسبه للقوي التي تدافع عن مشروع العداله الإجتماعيه والسياسيه هو أن تظل القضيه حاضره وألا تضيع جميعا في فورة بحث المركز عن الإنتقام وتصفية الحسابات وإعادة عقارب الساعة إلي الوراء.
mogd18@gmail.com
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
بسلاح الاعتصام.. جماهير مانشستر يونايتد تحتج على ملاك النادي
أعلنت رابطة جماهير مانشستر يونايتد المعروفة باسم "1958"، اعتزامها تنظيم اعتصام الاسبوع المقبل في ديربي مانشستر.
ذكرت وكالة الأنباء البريطانية بي ايه ميديا، أن رابطة "1958" نظمت أكبر تظاهرة منذ وصول المالك الجديد جيم راتكليف وذلك في مواجهة آرسنال منذ 20 يوماً، كما واصلوا احتجاجهم في ملعب فريق إف سي يونايتد "مملوك لجماهير الفريق" اليوم السبت.
وكان وصول عائلة جلايزر لملكية النادي في عام 2005، دافعا لتأسيس نادي إف سي يونايتد إلى جانب الرابطة المعروفة باسم"1958"، والتي انضمت إليهم في المدرجات في اجتجاج ضد الإدارة الحالية في فعالية تعرف باسم "يوم يونايتد" والتي جرى تنظيمها للمرة الأولى منذ ستة أعوام.
واجتمعت جماهير النادي المملوك للرابطة مع مجموعة "1958" في مباراة بدوري الهواة بين إف سي يونايتد وستوكتون تاون، وقاموا بتنظيم مظاهرة تضامنية، كما أعلنوا عن تنظيم مظاهرة أخرى في مواجهة مانشستر سيتي ببطولة الدوري.
وقال ستيف كرومبتون، المتحدث باسم "1958" :"أعتقد أن الاعتصام كان أكثر تأثيرا من الاحتجاج، وسننظم اعتصاما في المباراة المقبلة أمام مانشستر سيتي الاسبوع المقبل".
وكان آخر اعتصام تم تنظيمه في ملعب "أولد ترافورد" في أغسطس (آب) عام 2023، حينما قام الآلاف من جماهير الفريق بالبقاء في الملعب عقب الفوز على نوتنغهام فورست.