ماذا لو سقط الفاشر ما مصير الحركات المسلحة في الخارطة السياسية
تاريخ النشر: 28th, January 2025 GMT
سقوط مدينة الفاشر تحت سيطرة قوات الدعم السريع يمثل تحولًا استراتيجيًا في الصراع السوداني، ويعيد تشكيل التوازنات السياسية والعسكرية في البلاد. هذا الحدث يفرض تساؤلات حول مستقبل الحركات المسلحة ودورها السياسي، خاصة في ظل تغير المعادلات على الأرض. فيما يلي تحليل لشكل وجود الحركات المسلحة في الخارطة السياسية بعد هذا التطور-
تأثير سقوط الفاشر على الحركات المسلحة-
خسارة السيطرة الميدانية: إذا كانت بعض الحركات المسلحة تعتمد على وجودها في دارفور لتعزيز قوتها السياسية والعسكرية، فإن سقوط الفاشر يعقد قدرتها على الاستمرار في لعب هذا الدور.
تراجع النفوذ: قد تجد هذه الحركات نفسها مضطرة إلى إعادة النظر في استراتيجياتها السياسية والعسكرية مع تراجع مناطق نفوذها لصالح الدعم السريع.
انقسام الصفوف: السقوط قد يساهم في تصاعد الانقسامات داخل هذه الحركات، بين من يرى ضرورة البحث عن تسوية سياسية ومن يتمسك بالعمل المسلح.
مستقبل الحركات المسلحة في الخارطة السياسية:
إعادة تقييم التحالفات: مع صعود الدعم السريع كلاعب رئيسي، قد تسعى الحركات المسلحة إلى إقامة تحالفات جديدة معه أو مع قوى سياسية أخرى لضمان وجودها في المشهد السياسي.
ضغط شعبي ودولي: الحركات المسلحة التي تفقد نفوذها العسكري قد تجد نفسها مضطرة للانخراط في العملية السياسية بشكل أكبر، خاصة تحت ضغط المجتمع الدولي الذي يدعو إلى إنهاء الصراع.
تحديات الشرعية: في حال انحسر تأثيرها الميداني، قد تواجه صعوبة في الاحتفاظ بموقعها التفاوضي أو المشاركة في قيادة الدولة، نظرًا لتراجع وزنها على الأرض.
فرصتهم في قيادة الدولة
استبعاد من القيادة الدعم السريع، بعد سيطرته على الفاشر، قد يسعى إلى تهميش الحركات المسلحة من المشهد السياسي، خاصة إذا اعتبرها منافسًا محتملاً.
المشاركة المشروطة قد يكون هناك مجال لمشاركة الحركات المسلحة في العملية السياسية، لكن بشروط تفرضها الأطراف الأقوى مثل الجيش أو الدعم السريع.
العودة عبر المفاوضات إذا استطاعت الحركات المسلحة تقديم نفسها كشريك في تحقيق السلام والاستقرار، فقد تكون لها فرصة لاستعادة دورها السياسي.
تحديات أمام الحركات المسلحة هي غياب الرؤية الموحدة إذا لم تتمكن الحركات المسلحة من تنسيق مواقفها وتوحيد أهدافها، فقد تفقد تأثيرها تمامًا.
الضعف العسكري و فقدان السيطرة على الأرض يضعف موقفها في أي مفاوضات مستقبلية.
ضغط داخلي وخارجي وسوف سيزداد الضغط عليها لتقديم تنازلات سياسية قد لا تتوافق مع أهدافها.
أن سقوط الفاشر سوف يغير قواعد اللعبة في المشهد السوداني، وقد يؤدي إلى تراجع نفوذ الحركات المسلحة لصالح الدعم السريع. مع ذلك، فإن دورها في قيادة الدولة يعتمد على قدرتها على التكيف مع التغيرات السياسية والعسكرية، وبناء تحالفات جديدة، والانخراط بفعالية في عملية السلام. نجاحها في ذلك سيحدد ما إذا كانت ستظل جزءًا من الحل أو تصبح ضحية للصراعات المستمرة.
zuhair.osman@aol.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: السیاسیة والعسکریة الحرکات المسلحة فی الدعم السریع
إقرأ أيضاً:
أوضاع مأسوية في الفاشر بسبب حصار الدعم السريع.. شبه مجاعة (شاهد)
تعيش مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، التي شنت قوات الدعم السريع هجوما عنيفا عليها قبل أيام وتمكنت من حصارها، أوضاعا مأسوية.
وأظهرت فيديوهات أن النازحين في مخيمات الفاشر، وأبرزها زمزم، وأبوشك، وأبوجا، يعانون شحا شديدا في الغذاء والدواء.
وقالت وكالة الأنباء الفرنسية إن المصابين داخل الفاشر يضطرون لمعالجة أنفسهم بطرق بدائية، ويضمدون جراحهم بقطع قماش بسبب عدم وجود مستلزمات إسعافات أولية.
يقول عيسى سعيد (27 عاما) والد محمد لوكالة فرانس برس، في اتصال عبر الأقمار الصناعية ستارلينك، في ظل انقطاع الاتصالات في المنطقة بشكل كامل: "بمساعدة جارتنا التي كانت سابقا تعمل في مجال التمريض، أوقفنا النزيف لكن اليد فيها تورّم ولا ينام (محمد) ليلا من الألم".
وكما هو حال سكان آخرين في مدينة الفاشر المحاصرة من قوات الدعم السريع منذ أيار/ مايو 2024، فإنّ عيسى لا يمكنه نقل ابنه إلى غرفة الطوارئ في أي مستشفى.
وقد أدّت الهجمات المتكرّرة التي شنّتها قوات الدعم السريع على العاصمة الإقليمية لمنطقة دارفور الشاسعة، إلى جعل أي تحرّك للمدنيين محفوفا بالمخاطر.
فضلا عن ذلك، تعرّضت جميع المرافق الصحية فيها لقصف أو لهجوم.
ويقول محمد وهو منسّق مساعدات إنسانية نزح إلى الفاشر هذا الأسبوع، إنّ مئات الجرحى يجدون أنفسهم محاصرين حاليا في المدينة.
هذا الفيدو يوثق معاناة النازحين الفارين من الفاشر ومعسكراتها ابوشوك وأبوجا وزمزم للنازحين للحصول علي المياه الصالحة للشرب ١٩ ابريل ٢٠٢٥م، تناشد منظمتي مناصرة ضحايا دارفور و الملاذ الآمن جميع المنظمات للتدخل العاجل لتوفير مياه الشرب، علما بأن هناك عدد من النازحين ماتوا في الطريق… pic.twitter.com/czshVxS1TQ — Darfur Victims Support (@DVSorg) April 19, 2025
"العلاج بما هو موجود"
وكان هو نفسه قد أُصيب في فخذه خلال الهجوم الدامي الذي نفذته قوات الدعم السريع على مخيم زمزم للنازحين الواقع على بعد 15 كيلومترا جنوبي الفاشر.
وبحسب مصادر إنسانية، فإنّ مئات آلاف الأشخاص فرّوا من مخيّم زمزم الذي أعلنت الأمم المتحدة أنّه يعاني من مجاعة، وذلك للجوء إلى مدينة الفاشر.
ويضيف محمد الذي رفض الكشف عن اسمه الكامل لأسباب أمنية، إنّ "الناس فاتحة بيوتها وكلّ الناس يتلقّون العلاج بشكل خصوصي في البيوت".
في الفاشر، يحاول الناس تقديم الإسعافات الأولية وعلاج الحروق أو الجروح الناجمة عن الرصاص وشظايا القذائف، بالاعتماد على مواد بدائية للإسعافات الأولية وباستخدام نباتات طبية.
ويروي محمد أبكر (29 عاما) أنه كان يحاول إحضار الماء لأسرته عندما أُصيب بطلق ناري في رجله.
ويقول: "حملني جيراني إلى داخل المنزل واستدعوا جارنا الذي لديه خبرة في معالجة الكسور بالجبيرة وهو نوع من العلاج الشعبي... باستخدام أخشاب وقطع قماش".
ويضيف: "المشكلة أنّه حتى لو تعالج الكسر، فما زالت الرصاصة في رجلي".
وفيما أصبح وجود المعدّات الصحية محدودا للغاية في المدينة، يشير محمد إلى أنّه لو كان هناك مال لكان من "الممكن إرسال من يشتري شاشا أو مسكّنا، هذا إن كان موجودا ولكن بشكل عام لا توجد مستلزمات، يتم العلاج بما هو موجود".
الملح كمطهّر
أسفرت الهجمات الأخيرة التي شنّتها قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر ومخيّمات النازحين المحيطة بها، عن مقتل أكثر من 400 شخص، بحسب ما أفادت به الأمم المتحدة الاثنين.
ويمكن لأي هجوم واسع النطاق قد تشنّه قوات الدعم السريع التي تحاصر المدينة، أن يترك آثارا تدميرية عليها.
وفي السياق، تتزايد التحذيرات من مخاطر مثل هذه العملية في منطقة الفاشر حيث يجد 825 ألف طفل على الأقل أنفسهم محاصرين في "جحيم"، وفقا لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف).
وبعد 11 شهرا من الحصار وعامين من الحرب، بنى الكثير من سكان الفاشر ملاجئ مرتجلة وكثيرا ما حفروا على عجل حفرا غطوها بأكياس رمل لحماية أنفسهم من القصف.
ولكن لا يتمكّن الجميع من الوصول إلى الأمان في الوقت المناسب.
الأربعاء، سقطت قذيفة على منزل هناء حماد، ما أدى إلى إصابة زوجها في بطنه.
وتقول المرأة البالغة 34 عاما لـ"فرانس برس": "حاولنا بمساعدة جارنا إيقاف النزيف ومعالجة الجرح باستخدام ملح الطعام كمطهّر".. لكنّه "في الصباح التالي، توفي".
من جانبه، يناشد محمد الذي يجد نفسه طريح الفراش "التدخّل العاجل من كل من يستطيع إنقاذ الناس".
والجمعة، دعت منظمة أطباء بلا حدود إلى إرسال مساعدات إنسانية.
وقال رئيس البعثة راسماني كابوري: "رغم إغلاق الطرق المؤدية إلى الفاشر، فإنه يجب إطلاق عمليات جوية لإيصال الغذاء والدواء إلى مليون شخص محاصرين هناك ويعانون الجوع".
هذا الفيدو يوثق توافد النازحين من الفاشر ومخيمي زمزم وأبو شوك بأعداد كبيرة إلى منطقة الطويلة حيث الأمان، لكن التحدي الأكبر يتمثل في نقص الخدمات الأساسية.
Displaced people from El Fasher and the Zamzam and Abu Shouk camps are flocking to the Tawila area en masse, where there is… pic.twitter.com/CrL5qiW1Gw
تتواصل عمليات توافد المدنين من الفاشر ومعسكراتها ابوشوك وأبوجا وزمزم إلي وحدة ادارية كورما معسكر سلك للنازحين ولاية شمال دارفور الفاشر ١٨ ابريل ٢٠٢٥م، تطلق منظمة مناصرة ضحايا دارفور نداء إنساني عاجل لكل المنظمات وصول ٧٠٠ أسرة معظمهم من النساء والاطفال وكبار السن حوالي ٦٠ ألف شخص… pic.twitter.com/eaiVOjfGLs
— Darfur Victims Support (@DVSorg) April 19, 2025