عاد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، العائد حديثاً إلى البيت الأبيض، لعادته القديمة، يطلق وعوداً وتصريحات نارية استفزازية ينشغل الجميع بتفسيرها وتحليلها، أو الهجوم عليها وعليه، بينما ينتقل هو إلى ميدان جديد ومعركة أخرى.
كرر هذا السلوك عشرات المرات في فترة الولاية الأولى. هذه المرة، وخلال حملته الانتخابية، أو في حفل تنصيبه، استفز دولاً عديدة شمالاً وجنوباً، الدنمارك، وهي دولة أوروبية حليفة له في «الناتو»، لم تنج منه، حيث وعد ترامب ناخبيه بضم جزيرة غرينلاند في أقصى الشمال، وهي خاضعة للدنمارك، وقد بدأ في صراع على الأرض مع المكسيك لوقف الهجرات غير الشرعية عبر الحدود للولايات المتحدة، مستعيناً بالجيش، وقد أعلنت الحكومة في العاصمة مكسيكو سيتي رفضها سياسات ترامب.. وأنها لن تتعاون معه لتنفيذها، كما أقدم بالفعل على تغيير اسم خليج المكسيك، ليصبح في الولايات المتحدة «خليج أمريكا»، كما يخطط لإعادة السيطرة على قناة بنما.. رغم معارضة قوى سياسية رئيسية في الولايات المتحدة وخارجها هذه الخطوة.
ترامب تاجر شاطر، غير متخصص في السياسة، حصل على شعبيته هذه من تحقيقه إنجازات اقتصادية جيدة لشعبه، ولأنه يعبر عن الأفكار اليمينية التقليدية أو المتطرفة بكل صراحة ودون مواربة، لكن على المستوى الخارجي بلا شعبية واسعة.
قادة الدول، حتى الحلفاء للولايات المتحدة، يتعاملون مع خططه ووعوده هذه بندية وقوة، ولن يوافقوا عليها.. وننتظر مواجهات كثيرة لتفريغ خطابه ووعوده من مضمونها.
غالبية الوعود الدولية التي قدمها في الولاية الأولى لم تتحقق، وفي منطقتنا العربية، لم نعرف، حتى الآن، مضمون «صفقة القرن» لإنهاء الصراع العربي- الاسرائيلي إلى الأبد، رغم أن عرّابه فيها كان صهره اليهودي المتعصب جاريد كوشنر، وعن علاقتهما الجيدة مع عدة عواصم رئيسية في المنطقة، ورغبتها جميعاً في إنهاء الصراع مع إسرائيل بأي شكل، وفي هذه النقطة أيضاً، أرى أن الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن، رغم حنكته السياسية وتاريخه الطويل في الدبلوماسية الدولية، كان أكثر خطورة علينا في المنطقة من كل الإدارات السابقة، هو وفريقه انحازا لإسرائيل لأهداف خافية عنا، قناعتهما تميل للصهيونية المتطرفة، وفي ظني أن ترامب لو كان في البيت الأبيض في العامين الماضيين لانتهت الحرب في غزة أسرع من ذلك، ولتراجعت فاتورة الدماء الفلسطينية لحد كبير.
بعد كل هذه المعطيات، أتوقع أن يسقط مقترح الرئيس الأمريكي بتهجير الفلسطينيين لدول مجاورة، على رأسها مصر والأردن. بداية، المقترح يؤكد أن ترامب لا يقرأ التاريخ، وإن تلقاه بأي صورة فإنه لا يستوعبه بأي صورة، فهل ينتظر هو وإدارته والقيادة في إسرائيل، أن يوافق أى فلسطيني أياً كان انتماؤه على أن يسلم أرضه بكل هذه السهولة، بعد كل هذه التضحيات والحروب التي خاضوها فوقها. لا توجد عائلة فلسطينية واحدة بلا قائمة غالية من الشهداء والأبطال. لم يفهم ترامب أي درس حتى الماثل أمامه في قطاع غزة
ما قلته عن فلسطين عندي أكثر منه عن مصر، فهي بلدنا وكل جزء منها هو الأغلى والأعظم.. ونرفض جميعاً التنازل عنها بأي صورة.. أياً كانت الإغراءات المالية وقيمة الصفقات المتوقعة.
القيادة المصرية والشعب متضامنان في هذا الرفض بأعظم صورة، لقد رفضنا هذا الأمر مرات عديدة. مرت علينا تسريبات وتصريحات وخطط قديمة وحديثة حول اقتطاع جزء من سيناء لتسكين أهل غزة به. لم يكن هناك موقف رسمي أو شعبي من هذه التسريبات، على حد علمي. لكن مع مقترح ترامب، سارعت الخارجية المصرية برفضه.. وأتوقع أن تنهال مواقف برلمانية وتنفيذية أخرى، أما الرفض الشعبي فهو واضح للعيان.. وهناك المزيد على صفحات الجرائد والفضائيات وعلى وسائل التواصل الاجتماعي.
الرد الحقيقي على أرض الواقع يأتي بتسريع مخططات التنمية والتعمير وإعادة تعمير المدن والقرى في سيناء، خاصة في الشمال الشرقي.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: عام المجتمع اتفاق غزة سقوط الأسد عودة ترامب إيران وإسرائيل غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية اتفاق غزة عودة ترامب
إقرأ أيضاً:
مصر أكتوبر: رفض الرئيس السيسي لمخطط التهجير كان حاسما وواضحا
أكدت الدكتورة جيهان مديح، رئيس حزب مصر أكتوبر، أن كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي اليوم بشأن رفض تهجير الفلسطينيين كانت حاسمة وواضحة، مشيرة إلى أن هذا الموقف يعكس ثوابت السياسة المصرية التي لا تقبل المساس بالحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني، موضحة أن مصر لا يمكن أن تكون طرفًا في أي عملية تهجير قسري، مشددة على أن هذا الموقف لا يتوقف عند حدود التصريحات بل يتجسد في مواقف عملية تدعم القضية الفلسطينية بكل الوسائل الممكنة.
وأضافت مديح في تصريحات صحفية لها اليوم، أن الرئيس السيسي أكد اليوم أن مصر لن تسمح بأي تهديد لأمنها القومي نتيجة أي محاولات لتهجير الفلسطينيين، وهو موقف يتوافق مع ما يقوله الشعب المصري بجميع طوائفه من دعم غير محدود للرئيس وقراراته.
وأكدت أن هذا الموقف هو تعبير عن الإرادة الشعبية المصرية الراسخة في الدفاع عن الحقوق الفلسطينية والسعي لتحقيق السلام القائم على حل الدولتين.
وأشارت إلى أن موقف مصر التاريخي من القضية الفلسطينية لن يتغير، ويمثل جزءًا من عقيدتها الثابتة في دعم الحقوق المشروعة للفلسطينيين، مؤكدة أن مصر ستواصل العمل مع المجتمع الدولي للتوصل إلى حل شامل ينهي الصراع ويضمن حقوق الشعب الفلسطيني دون التفريط في سيادتها أو أمنها القومي.
وأوضحت مديح أن موقف الرئيس السيسي يلقى دعمًا كاملًا من الشعب المصري، حيث أكد المصريون بكل أطيافهم أن مصالحهم الوطنية وأمنهم القومي لا يمكن التنازل عنهما تحت أي ظرف، مشيرة إلى أن مصر ستظل الحارس الأمين للحقوق الفلسطينية، وأن موقفها في هذا الإطار يحظى بتقدير واحترام على المستوى العربي والدولي.