الجزيرة:
2025-01-30@05:06:30 GMT

هل تخدم السلطة الفلسطينية خطط نتنياهو؟

تاريخ النشر: 28th, January 2025 GMT

هل تخدم السلطة الفلسطينية خطط نتنياهو؟

لا يمكن النظر إلى حدث اعتقال الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية مراسل قناة "الجزيرة" محمد الأطرش وإحالته إلى محكمة الخليل، بعيدًا عن السياق السياسي الذي تعمل في إطاره هذه السلطة. والمتراوح بين تقاسم الوظائف مع الاحتلال الإسرائيلي، والتحايل عليه أملًا في تجنب الأذى أو لكسب بعض الوقت في مواجهة حكومة إسرائيلية يمينية تريد التوسع في الاستيطان بالضفة الغربية، بل تطرح أحيانًا مسألة تهجير سكان الضفة قسريًا.

تتعدد صور وأشكال مجاراة السلطة الفلسطينية لحكومة بنيامين نتنياهو من خلال اعتقال نشطاء ومقاومين في مختلف مدن الضفة وبلداتها ومخيماتها، وغلق طرق مؤدية إلى مخيمات فلسطينية تقاوم، والمساهمة في القدح بالمقاومة والحط من شأنها، ووصف ما تقوم به بالعمل الأخرق، وذلك ضمن تداعيات الانقسام الفلسطيني الذي تعمق منذ عام 2005، وفي ظل التنافس على تمثيل الشعب الفلسطيني في الأرض المحتلة تمثيلًا حقيقيًا وليس شكليًا.

ثم جاءت خدمة الاحتلال بالتعتيم على ما يرتكبه ضد فلسطينيي الضفة، وهو التوجه الذي قاد في مطلع يناير/كانون الثاني الجاري إلى قرار السلطة الفلسطينية بوقف بث قناة الجزيرة وتجميد مجمل نشاطاتها واتهامها بـ "التحريض على التمرّد".

إعلان

لم يختلف ما أقدمت عليه السلطة، بخصوص الإعلام، عما سبق لإسرائيل أن قررته في 22 سبتمبر/أيلول الماضي من إغلاق مكتبي قناتي الجزيرة (العربية والإنجليزية) الإخباريتين في رام الله إثر اقتحامهما ومصادرة محتوياتهما ومنع موظفيهما من العمل، بعد حملة تحريض واسعة، فيما كانت قد أغلقت مكتب القناة بمدينة القدس بعد إقدامها على اغتيال مراسليها في قطاع غزة.

يطرح كل هذا سؤالًا جوهريًا عن الدوافع والأهداف التي ترمي إليها السلطة الفلسطينية من وراء موقفها الراهن، الذي يلقى نقدًا لاذعًا واعتراضًا من مختلف قوى المقاومة، ومن نشطاء سياسيين لا تروق لهم قيادة محمود عباس (أبو مازن)، ومن مثقفين فلسطينيين مستقلين أو مناهضين للاحتلال وداعمين لمشروع المقاومة.

وأخذًا في الاعتبار موقف مختلف الأطراف، وطبيعة الظروف القائمة، يمكن شرح هذه الأسباب والدوافع والأهداف في النقاط التالية:

1- انخراط، بل تورط، السلطة الفلسطينية تدريجيًا في نمط من "تقاسم الوظائف" مع الاحتلال الإسرائيلي تغذيه منافع اقتصادية عبر شبكات من أصحاب المصالح في صفوف الفلسطينيين تقوم على تجارة السلع والخدمات وتلقي الإعانات الخارجية التي تمكن هذه السلطة من دفع رواتب موظفيها ورجال أمنها.

كما تغذي هذا الوضع تصورات سياسية تقوم على أن التفاوض، ورغم تعثره مرات وفقدانه جدواه بمرور الوقت، يمكن أن يؤدي إلى بعض المكاسب، اتكاء على ما رتبه اتفاق أوسلو 1993 الذي رفضت إسرائيل تنفيذ مرحلته الأخيرة حول السيادة والمياه ووضع القدس، بل عملت على تفريغ ما ناله الفلسطينيون بمقتضى هذا الاتفاق من خلال الضغط المتواصل، والتضييق المستمر، والتنكر الدائم، والاعتداء المتكرر على سكان الضفة الغربية، والاستمرار في الاستيطان، واقتطاع أموال بشكل متتابع من مخصصات السلطة الفلسطينية، أو رهن دفعها بشروط قاسية، طالما خصمت تباعًا من قدرة وهيبة ووظيفة وفائدة هذه السلطة.

2- ربما تُقدّر السلطة الفلسطينية الخلل الدائم والمزمن في ميزان القوة بين الفلسطينيين والجيش الإسرائيلي، بما يبرر لها القبول بالأمر الواقع، والصبر على المكاره، وتضفي على هذا غطاء مفاده أنها تستجيب لمطلب قطاع من الفلسطينيين في الضفة الغربية يتخوفون من الدخول في مواجهة مفتوحة مع إسرائيل، قد تؤدي إلى تعميق الأذى الذي يلحق بهم ليبلغ حد "الإبادة الجماعية" على غرار ما جرى في قطاع غزة.

إعلان

3- تنظر السلطة الفلسطينية إلى حركة المقاومة في الضفة الغربية بعين الريبة، وتحيلها، في الغالب الأعم، إلى الارتباط بحركتي حماس والجهاد أو تقدر، على الأقل، مدى تأثرها بالاتجاه الذي سلكته الحركتان، وما معهما من فصائل المقاومة الفلسطينية، والذي ينحاز إلى الكفاح المسلح باعتباره السبيل الناجع لنيل الحقوق الفلسطينية المهضومة والمؤجلة.

فمثل هذا الارتباط أو حتى التأثر معناه ببساطة سحب البساط من تحت أقدام السلطة الفلسطينية، ومن ثم تجد هذا السلطة في إسرائيل سندًا لها، كي تحافظ على مواقعها ومنافعها، مع أن تل أبيب تريد في حقيقة الأمر إنهاء وجود هذه السلطة من الأساس.

4ـ تعتبر السلطة الفلسطينية أنها لا تملك القدرة على إدارة ظهرها لالتزامات تُقيدها بوصفها الطرف الذي صنعته اتفاقات مع إسرائيل تمت برعاية دولية، ومباركة إقليمية رسمية، وبالتالي فهي المسؤولة أمام المجتمع الدولي عن تمثيل الفلسطينيين والسيطرة عليهم، إن كانت تريد لإسرائيل، والعالم الخارجي، أن يتعامل معها، ويتركها قائمة حتى في ظل ضعفها وعجزها عن حماية الشعب الفلسطيني.

5- تفتقد السلطة الفلسطينية إلى أي طموح يؤهلها لمنازعة إسرائيل أو منازلتها، لا سيما في ظل شيخوختها المزمنة، وبذا تعمل دومًا على تجنب كل ما يثير غضب تل أبيب، وما من شأنه أن يُسهم في تحقيق رغبة بعيدة المدى مستقرة في العقيدة الدينية ـ السياسية الإسرائيلية، يجعلها تنظر إلى الضفة الغربية بعين طامعة أكثر من نظرها إلى قطاع غزة.

لكن هذه الرؤية التي تتبناها السلطة الفلسطينية تبدو قاصرة إلى حد بعيد، فسعي هذه السلطة إلى المسالمة والسكينة لم يجعل إسرائيل تتعامل مع سكان الضفة الغربية بطريقة مختلفة عن الغزاويين، فقبل اندلاع "طوفان الأقصى" وقبله، لم يمر أسبوع واحد إلا وألحق جيش إسرائيل وشرطتها وأجهزة أمنها أذى بأهل الضفة، بما في ذلك داخل رام الله (مقر السلطة الفلسطينية)، من قتل واعتقالات وهدم منازل وتجريف أراضٍ زراعية أو قضمها لحساب بناء مستوطنات على أنقاضها.

إعلان

ما يزيد الطين بلة أن التصرفات الأمنية الأخيرة للسلطة الفلسطينية التي تتوزع على اعتقال نشطاء ومقاومين وإعلاميين، تأتي في وقت تستعد فيه إسرائيل بفرقة عسكرية كاملة لاجتياح جنين ومخيمها.

وما جعل السلطة الفلسطينية تبدو متماهية أكثر مع نوايا الاحتلال ومراميه، تلك الاشتباكات المتواصلة التي تجري منذ أسابيع بين قوات الأمن التابعة لهذه السلطة ومسلحين في جنين ينتمي معظمهم إلى حركتي الجهاد وحماس، وفي الوقت نفسه تعمل على كتم الحقيقة وكبتها، وذلك "في وقت أحوج ما يكون فيه الشعب الفلسطيني لصوت مسموع يوصل معاناته للعالم"، حسب البيان الذي أصدرته حركة الجهاد الإسلامي.

إن نتنياهو الذي أُجبر على هدنة في غزة لم يتنازل بعد عن أهمية استمرار الحرب بالنسبة له شخصيًا لينجو من عقاب ينتظره، وأهميتها أيضًا لتحالفه اليميني، الذي لم يكن بعض رموزه يريدون وقفها في قطاع غزة، وبذا سيعمل على توسيع نطاق القتال في الضفة، ليس في جنين وحدها، إنما في مناطق أخرى، ووقتها قد يدرك من كتم صوت الفلسطينيين الذي يصل إلى العالم عبر الإعلام، ومن شارك في مطاردة مقاومي الضفة، أنه قد ارتكب خطأ جسيمًا في حق الشعب الفلسطيني وقضيته.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات السلطة الفلسطینیة الشعب الفلسطینی الضفة الغربیة هذه السلطة قطاع غزة

إقرأ أيضاً:

كاتس: إسرائيل أعلنت الحرب على مخيمات اللاجئين في الضفة الغربية

قال وزير الجيش الإسرائيلي يسرائيل كاتس، اليوم الأربعاء 29 يناير 2025، إنه "أعلنّا الحرب على الإرهاب الفلسطيني" في الضفة الغربية، وادعى أن العملية العسكرية الواسعة في الضفة تهدف إلى هزيمة المجموعات المسلحة في "مخيمات اللاجئين الفلسطينيين بتمويل وتسليح إيران".

واعتبر كاتس خلال اقتحامه مخيم جنين، أن "مخيم اللاجئين جنين لن يعود كما كان بعد إنهاء العملية العسكرية والجيش الإسرائيلي سيبقى في المخيم من أجل التأكد من أن الإرهاب لن يعود".

وتابع أنه "أرسل من هنا رسالة واضحة إلى السلطة الفلسطينية: توقفوا عن تمويل الإرهاب وقتل اليهود وابدأوا بمحاربة الإرهاب بجدية"، زاعما أن "الذي يمول عائلات مخربين قتلة ويربي أولاده على القضاء على إسرائيل، يشكل خطرا على مجرد وجوده".

وقال كاتس خلال مداولات مع ضباط كبار في قيادة المنطقة الوسطى للجيش الإسرائيلي إن العملية العسكرية في الضفة الغربية، التي يطلق الجيش عليها تسمية "السور الحديد"، ستتسع إلى مخيمات فلسطينية أخرى، وأنه "يجب العمل بقوة شديدة من أجل تطبيق سياسة تصفية المخربين وبنية الإرهاب التحتية في المخيم، ومنع عودة الإرهاب إلى داخل المخيم في نهاية العملية العسكرية".

وواصلت قوات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم، عمليات تدمير البنية التحتية والمنشآت والمنازل الفلسطينية في مدينة ومخيم جنين، ومدينة ومخيم طولكرم، شمالي الضفة الغربية المحتلة.

واستشهد الشاب أسامة عمر أبو الهيجاء (25 عاما) بعد انتشال جثمانه من على سطح بناية قرب دوار السينما وسط مدينة جنين عقب قصف نفذته مسيّرة إسرائيلية الليلة الماضية؛ وقد منعت قوات الاحتلال طواقم الإسعاف من الوصول إلى المكان حتى صباح اليوم.

وخلّف اجتياح مدينة جنين ومخيمها، المتواصل لليوم التاسع على التوالي، 16 شهيدا وعشرات الإصابات والاعتقالات، تزامنًا مع إجبار العائلات الفلسطينية على إخلاء منازلها، وتدمير 100 منزل وإحراقها داخل المخيم.

المصدر : وكالة سوا اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من الأخبار الإسرائيلية يديعوت : نتنياهو سيفشل مفاوضات المرحلة الثانية لتبادل الأسرى الجيش الإسرائيلي يقر باستهداف فلسطينيين عائدين لشمال غزة لهذا السبب الجيش الإسرائيلي يقتل عامل يعمل لصالحة وسط غزة الأكثر قراءة شؤون اللاجئين تنجز رزمة مشاريع للمخيمات والتجمعات الفلسطينية في لبنان ارتفاع حصيلة شهداء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة إصابة 5 مواطنين بجروح في اعتداء للمستعمرين بمسافر يطا الفريق الرجوب يعتمد الإدارة الرسمية لمركز الإعداد والتطوير الأولمبي عاجل

جميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025

مقالات مشابهة

  • إسرائيل تصادق على قانون يتيح لليهود تسجيل أنفسهم ملاك أراضٍ في الضفة الغربية
  • كاتس: إسرائيل أعلنت الحرب على مخيمات اللاجئين في الضفة الغربية
  • إسرائيل تهدم 10 منازل ومصلى في الضفة الغربية والقدس
  • مصر تدعو لتمكين السلطة الفلسطينية سياساً واقتصادياً
  • الخارجية الفلسطينية جرائم الهدم في الضفة نسخة متدحرجة من صورة الدمار الذي ارتكبه العدو في قطاع غزة
  • إسرائيل تعتقل 8 من مواطني الضفة الغربية
  • الخارجية الفلسطينية تُندد بجرائم الاحتلال في الضفة الغربية
  • تقرير إماراتي: إسرائيل تسعى لابتلاع مناطق جديدة في الضفة الغربية
  • مؤامرة «الجدار الحديدي».. إسرائيل تبدأ خطة تفكيك السلطة الفلسطينية وإهداء الضفة لـ«المستوطنين»