تصنيف الحوثيين كإرهابيين خطوة حاسمة أم سلاح ذو حدين في أزمة اليمن؟
تاريخ النشر: 28th, January 2025 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أعاد قرار الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب تصنيف جماعة الحوثي كـ"منظمة إرهابية أجنبية" الجدل حول تداعياته على الأوضاع الاقتصادية والإنسانية في اليمن، البلد الذي يعاني من صراع ممتد لأكثر من عقد.
وبينما ظهرت في الماضي تحذيرات متكررة من تأثيرات سلبية لمثل هذه القرارات على الأزمة الإنسانية، فإن التحذيرات هذه المرة جاءت أقل حدة، مما يعكس تغيرًا في الظروف والمعطيات المحيطة بالقرار.
موقف الحكومة اليمنية من القرار
رحب مجلس القيادة الرئاسي اليمني والحكومة اليمنية بالقرار، معتبرين أنه خطوة تعكس وعيًا دوليًا بالخطر الذي تمثله جماعة الحوثي على اليمن والأمن الإقليمي والدولي.
كما أكد المجلس والحكومة التزامهما بالتعاون مع الإدارة الأميركية والمجتمع الدولي لضمان تنفيذ القرار بشكل لا يعيق تدفق المساعدات الإنسانية إلى اليمنيين.
وفي هذا السياق، دعا رئيس مجلس القيادة رشاد العليمي إلى تنسيق دولي لدعم تنفيذ قرارات الشرعية الدولية، لا سيما القرار 2216.
كما ناقش مع محافظ البنك المركزي أحمد غالب آليات الحد من أي تأثير سلبي للقرار على القطاع المالي، مع ضمان استمرار تدفق المساعدات الإغاثية إلى كافة المناطق اليمنية، وفقًا لما نشرته وكالة الأنباء الرسمية "سبأ".
إعادة تنظيم العمل الإغاثي
ويرى جمال بلفقيه، منسق عام اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية، في تصريحات إعلامية له، أن القرار الأميركي يشكل فرصة لإعادة تنظيم العمل الإغاثي والإنساني في اليمن.
وأشار إلى أن القرار، بالتزامن مع إعلان الأمم المتحدة تعليق أنشطتها في مناطق سيطرة الحوثيين، وتوجيه الحكومة بإعادة تشكيل هيئة عليا للإغاثة كنافذة موحدة، قد يُسهم في تحسين إيصال المساعدات بشكل عادل إلى جميع المناطق.
وأوضح بلفقيه أن مركزية الحوثيين الصارمة على المساعدات خلال السنوات الماضية، سواء عبر السيطرة على الأموال الموجهة للبنوك التي يديرونها أو المساعدات الواصلة إلى الموانئ الخاضعة لسيطرتهم، أدت إلى تقليص كبير في حجم المساعدات المتاحة للشعب اليمني.
كما دعا إلى نقل مكاتب المنظمات الدولية إلى مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، وتوريد الأموال إلى البنك المركزي في عدن لتعزيز الشفافية وضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها الحقيقيين.
اختلاف المواقف الدولية
بعكس قرارات سابقة، لم تُبد الجهات الإغاثية الدولية مخاوف كبيرة من تأثير القرار على العمليات الإنسانية.
ويُعزى ذلك إلى تغير الظروف، حيث تصاعدت انتهاكات الحوثيين، بما في ذلك الهجمات في البحر الأحمر واختطاف موظفي المنظمات الدولية، مما دفع المجتمع الدولي إلى مواقف أكثر صرامة تجاه الجماعة.
ردود أفعال الحوثيين
في أعقاب القرار، زادت جماعة الحوثي من اعتقالاتها للعاملين في المنظمات الدولية والأممية، بينما أفرجت عن طاقم السفينة "غالاكسي ليدر"، التي كانت قد اختطفتها في نوفمبر 2021، وأطلقت سراح عدد من المحتجزين المناهضين لنفوذها.
ويرى المراقبون أن قرار تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية يُمكن أن يكون خطوة نحو حل الأزمة اليمنية، لكنه ليس كافيًا بمفرده.
فالحل النهائي يتطلب إجراءات أخرى، سواء عبر الحسم العسكري أو عبر تسوية سياسية شاملة تنهي جذور الصراع، وتحقق الاستقرار للشعب اليمني الذي عانى طويلًا من تداعيات الحرب.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: ارهاب الحوثيين أمريكا دونالد ترامب جماعة إرهابية ارهابيين قرار تصنيف
إقرأ أيضاً:
لماذا سارع ترامب لإعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية؟
قرر الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأربعاء الماضي إدراج جماعة أنصار الله (الحوثيين) على قائمة "المنظمات الإرهابية الأجنبية"، وقال إنه سيوجه الوكالة الأميركية للتنمية الدولية لإنهاء علاقتها مع الكيانات التي قدمت مدفوعات للجماعة.
وذكر البيت الأبيض -في بيان- حيثيات هذا القرار، مرجعا ذلك إلى أن أنشطة الحوثيين "تهدد أمن المدنيين والموظفين الأميركيين في الشرق الأوسط، كما تهدد أقرب شركائنا الإقليميين واستقرار التجارة العالمية".
ويأتي هذا القرار بعد يومين فقط من تولي ترامب مهامه الرئاسية في 20 يناير/كانون الثاني الجاري، لتبدأ معه فترته الرئاسية الثانية.
ولا يعد تصنيف جماعة الحوثي "إرهابية" جديدا في السياسة الأميركية، فقد سبق أن وضعها ترامب نفسه على قائمة الجماعات الإرهابية في أواخر فترته الرئاسية الأولى عام 2020، ثم ألغى خلفه جو بايدن هذا التصنيف لتسهيل وصول المساعدات الإنسانية إلى اليمن.
منظومات صاروخية تستخدمها جماعة الحوثيين في عملياتها (مواقع التواصل) أسباب التصنيفويوضح أستاذ الدراسات الإستراتيجية بجامعة الدفاع الوطني التابعة للبنتاغون ديفيد دي روش أنه في الفترة الأولى من رئاسة ترامب كان الحوثيون قضية إقليمية، لكنهم تحولوا الآن إلى قضية عالمية.
إعلانوأضاف دي روش -في مقابلة مع الجزيرة نت- أن قرار التصنيف كان لا مفر منه، نتيجة "العمليات التي قامت بها جماعة الحوثي ضد الممرات البحرية الدولية، وبغض النظر عن تاريخ ترامب والحوثيين، فهذا التصنيف جاء نتيجة تصرفات الجماعة ضد الشحن البحري، والجديد أنه جاء بسرعة أكبر" فقط.
وفي ما يتعلق بالعلاقة بين هجمات الحوثيين على إسرائيل والحرب على قطاع غزة، قال دي روش -وهو قائد عسكري سابق- "أنا متأكد من أن إسرائيل ترحب بإعادة إدراج الحوثيين في القائمة الإرهابية، لكنني لا أعتقد أن هذا كان المحرك الرئيسي للإدراج، فالهجمات على السفن المدنية شيء عارضته الولايات المتحدة دائما وهذا ما يقود الأمور الآن".
الموقف الأميركي من الحوثيين لا يبتعد كثيرا عن النظرة العامة لسياسة الولايات المتحدة تجاه إيران، إذ يرى أستاذ الدراسات الإستراتيجية بجامعة الدفاع الوطني أن "إدارة ترامب ترجح أنه إذا لم تُجبر إيران على وقف الدعم العسكري المقدم للحوثيين فإن المشكلة لن تحل".
العلاقة مع إيران
وهذا ما يؤيده خبير الشؤون الإيرانية والخليجية بمركز الشرق الأدنى بجامعة الدفاع الوطني التابعة للبنتاغون جودت بهجت، إذ يؤكد أن قرار ترامب تصنيف جماعة الحوثي منظمة إرهابية "يعد لفتة رمزية أكثر من كونه تغييرا في السياسة" الأميركية.
ويدلل على ذلك بأن الحوثيين يخضعون بالفعل إلى قصف عنيف من قبل الولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل، كما يخضعون لعقوبات اقتصادية، لكن "هذه الهجمات العسكرية والضغوط الاقتصادية والسياسية ستزداد حدة في ظل إدارة ترامب".
وأضاف بهجت -في مقابلة مع الجزيرة نت- أن "هناك علامات متزايدة لدى كل من إيران وإدارة ترامب على أنهما يرغبان في التفاوض على اتفاق نووي جديد، وإذا نجحت هذه المفاوضات فمن المرجح أن يتم إدراج القضايا الإقليمية في المفاوضات".
إعلانوعن مستقبل جماعة الحوثي وموقف الإدارة الأميركية الجديدة منها، قال الخبير في الشؤون الإيرانية والخليجية إن هذا مرتبط بجملة من العوامل، وأهمها:
أولا- موقف الحوثيين من مهاجمة السفن بعد إعلان وقف إطلاق النار في غزة يشير إلى أن تهديدهم للملاحة الدولية لم يعد ملحا بعد الآن. ثانيا- العلاقات الأميركية السعودية الأكثر دفئا في ظل إدارة ترامب ستجعل نهج واشنطن تجاه الحوثيين أكثر عدوانية. ثالثا- تقييم إيران لإستراتيجيتها العسكرية بعد تدهور القدرات العسكرية لحزب الله وحركة المقاومة الإسلامية (حماس).وبناء على هذه العوامل يرجح بهجت أن "يكون للمفاوضات المحتملة بين طهران وواشنطن تأثير ضئيل على الحوثيين، الذين يتمتعون ببعض الاستقلالية عن طهران، خاصة أن الجماعة طوروا بعض القدرات العسكرية المحلية".
الموقف الحوثي
موقف جماعة الحوثي من التصنيف الأميركي كان واضحا على لسان أكثر من مسؤول، فقد قال عضو المكتب السياسي للجماعة ضيف الله الشامي إن القرار الأميركي "ليس جديدا ولا يمكن أن يقدم أو يؤخر"، مبينا أن "هذا التصنيف أميركي بامتياز لأننا في عداوة أساسًا مع الولايات المتحدة، وشعارنا معروف منذ الوهلة الأولى (الموت لأمريكا)، ولذلك أي تصنيف أميركي لن يكون له أي تأثير علينا مطلقًا".
وأضاف الشامي -في مقابلة مع الجزيرة نت- أن "هذا الاستهداف بأكمله ليس استهدافا لجماعة أو لكيان، إنما هو استهداف لشعب كامل". مؤكدا أنه "إذا كان هناك من سيتأثر فإن الشعب اليمني يحمل هذه الروح ويعد نفسه لأن يواجه كل الاحتمالات"، "ونحن جاهزون ومستعدون ونعد العدة ونجهز أنفسنا لمواجهة أي تحديات".
وأشار عضو المكتب السياسي لجماعة الحوثي إلى فشل تحالف "حارس الازدهار" الذي قادته الولايات المتحدة ضد الجماعة، قائلا إن "استمرار القصف الأميركي جاء بعد أن فشل فشلا ذريعا في الفترات السابقة في محاولة إسناده للكيان الصهيوني واستخدم كل وسائل العدوان على بلدنا، وحاول أن يحشد ما يسمى تحالف حارس الازدهار وفشل في ذلك".
إعلانو"تحالف الازدهار" تحالف عسكري بحري متعدد الجنسيات، تأسس في 18 ديسمبر/كانون الأول 2023، بمبادرة أطلقتها الولايات المتحدة، بهدف التصدي للهجمات الحوثية التي تستهدف السفن التجارية من إسرائيل وإليها عبر البحر الأحمر.
الحرب في غزةوكان العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 باعثا لشن الحوثيين نحو 300 عملية ضد أهداف في إسرائيل أو تابعة لها وللولايات المتحدة في البحر الأحمر.
وبعد التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة الأسبوع الماضي، قال المتحدث باسم الحوثيين محمد عبد السلام إن "المعركة وصلت إلى خواتيمها بإعلان وقف إطلاق النار في غزة"، مضيفا أن مشاركتهم كانت "فاعلة ومؤثرة من أول الطوفان حتى الإعلان" عن وقف إطلاق النار.
وأضاف عبد السلام -في بيان- إن مشاركتهم في المعركة "لم تكن عن فائض قوة أو استعراض لها بل من واقع صعب" حسب تعبيره، مؤكدا أن "القضية الفلسطينية كانت وستبقى القضية الأولى التي يتوجب أن تنهض الأمة بالمسؤولية تجاهها".
وعبر عن هذا الموقف أيضا الشامي في حديثه للجزيرة نت، قائلا إن "العمليات في البحر مرتبطة بوقف العدوان على غزة وفك الحصار عنها، وكان هذا مبدأ معلنًا عنه، ولا زلنا نراقب ونتابع مجريات الأحداث ومدى تنفيذ بنود الاتفاق المتفق عليه مع الإخوة في حركات المقاومة الإسلامية في فلسطين لتحقيق وقف إطلاق النار وتنفيذ مراحله بشكل كامل".
أهداف الهجمات الإسرائيلية على اليمن (الجزيرة) تأثير الهجمات الأميركيةوطوال أكثر من عام، شن تحالف "حارس الازدهار" نحو 1000 غارة على مواقع تابعة للحوثيين في اليمن، في محاولة لإجبار الجماعة على إيقاف عملياتها في البحر الأحمر وضد إسرائيل.
ويرى الصحفي المتخصص في الشأن العسكري والحوثيين عدنان الجبرني أن الضربات الأميركية لم تنجح في إضعاف قدرات الحوثيين الهجومية، لأن "الأميركيين لم يفهموا حتى الآن الطريقة التي تعمل بها جماعة الحوثيين".
إعلانوأضاف الجبرني -في مقابلة مع الجزيرة نت- أن ترامب سيرفع الكُلفة على الحوثيين، ويقرر ضرب أهداف أكثر أهمية أو قيادات بالجماعة، مشيرا إلى أن الحوثيين في المقابل يدركون ذلك ويستعدون بتغيير تكتيكاتهم وبروتوكولاتهم الأمنية فيما يخص حماية القيادات الرئيسية.
وخلال الفترة الماضية، شنت إسرائيل عدة هجمات على المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون باليمن، لكنها كانت تستهدف في الأغلب البنية التحتية المدنية مثل موانئ الحديدة وخزانات النفط، وكذلك مطار صنعاء الدولي ومحطات توليد الكهرباء.
وذكر مصدر يمني مطلع للجزيرة نت أن الرؤية الأميركية تجاه الحوثيين تغيّرت منذ انخراطهم في هجمات البحر الأحمر، وأن رغبة واشنطن في توجيه ضربة للجماعة تزايدت، لكنها تدرك أن مشاركة الفاعلين الإقليميين والمحليين مهمة.
ويرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة صنعاء ناصر الطويل أن التعقيدات اليمنية الداخلية والتدخل العسكري للتحالف العربي لدعم الحكومة الشرعية في السابق، وكذلك وبشكل أكبر هجمات البحر الأحمر والضربات المتبادلة بين الحوثيين وإسرائيل أسهمت في جعل الحرب في اليمن حربا مركّبة وذات مسارات متعددة، وفي كثير من الأحيان متداخلة.
وأضاف -في مقابلة مع الجزيرة نت- أن "الاستعدادات العسكرية لدى الأطراف اليمنية المنخرطة في الصراع، وتداعيات الهجمات في البحر الأحمر، ورغبة إسرائيل في رد اعتبارها تجاه الحوثيين ونفس الأمر بالنسبة للقيادة المركزية الأميركية والرغبة العميقة لدى دول التحالف العربي في كسر الحوثيين عسكريا؛ تشير هذه العوامل كلها إلى أن اليمن مقبل على جولة جديدة من الحرب، وأنها تلوح في الأفق".