تواصلت معاناة النازحين القادمين من العاصمة الخرطوم إلى مدينة ود مدني وسط السودان هربا من الحرب الدائرة بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني منذ منتصف أبريل الماضي.

التغيير: ود مدني: عبدالله برير

تضاعفت المعاناة في دور الإيواء بولاية الجزيرة التي انحسرت الخدمات في بعضها بعد تطاول أمد الحرب وشح الدعم من المنظمات والأفراد.

بعد أن كانت الخدمات الطبية والإعاشة منتظمة في مراكز الإيواء طرأ عليها تقهقر شديد بعد زيادة عدد المدارس المفتوحة للنازحين.

تحدثت لـ (التغيير) النازحة نعمات دفع الله، التي تسكن منطقة الثوره بمدينة أم درمان الحارة 96 بمحطة العمراني، والتي قدمت إلى ولاية الجزيرة رفقة شقيقتها وابنتها.

قالت نعمات: “انا أصرف على أسرتي المكونة من أختي وابنتي التي كانت متزوجة ثم انفصلت، جئنا إلى مدينة ود مدني قبل عيد الأضحى بأسبوع”.

معاناة مع الاشتباكات

وحول الاشتباكات التي جرت في أم درمان قبل مجيئهم إلى ولاية الجزيرة، كشفت “نعمات” عن إنهم يسكنون قرب منطقه كرري العسكرية وهو أول معسكر شهد اشتباكات في مدينة أم درمان بالقرب من منطقه جسر الحلفايا.

واضافت: “كانت هنالك اشتباكات شديدة بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني وكنا نرى الموتى باعيننا والجثث متناثرة في الطرقات ومناظر القتلى والجرحى كانت بشعة كما أن اصوات إطلاق النار لم تتوقف ليلا ونهارا حتى أن جيراننا اصيبوا بقصف مدفعي، والمنطقه أصبحت عبارة عن نيران وحرائق وأصوات طائرات ومناظر لا يمكن ان تمحى من الذاكرة”.

وتابعت: “ازاء هذا الوضع الماسأوي لم نستطع الصمود أكثر من ذلك ولكن كانت تنقصنا الأموال التي نحتاجها للسفر فقررنا الإتصال باهلنا ومعارفنا الذين جمعوا لنا مبالغ تكفي للتذاكر فقط وفي نهاية الأمر اضطررنا لاستدانة بعض الأموال لنسافر بها ونخرج من هذا الجحيم.

رحلة طويلة

وتحكي نعمات عن الرحلة الطويلة التي سلكتها هي وأفراد أسرتها حتى وصلت إلى ولاية الجزيرة، تقول: “بعد أن دبرنا المبالغ الضرورية للسفر وجدنا أن طريق الخرطوم ود مدني الشرقي به مخاطر نسبة لارتكاز قوات الدعم السريع واحتمال تعرضنا للنهب أو الموت او الاغتصاب”.

واضافت: “اتجهنا بعد ذلك إلى خيار الطريق الغربي الذي بدا لنا مستحيلا بسبب بعد أم درمان من هذا الطريق واحتمال التعرض للمخاطر المذكورة بالطريق الشرقي وفي نهايه الأمر حسمنا أمرنا وقررنا أن نصل إلى ودمدني عبر طريق طويل يمر عبر ولاية النيل الابيض ثم ولاية سنار وصولا الى الجزيرة”.

وذكرت” نعمات” أنهم بعد هذه الرحلة الطويلة وصلوا مدينة سنار في الثانية صباحا، ثم اتجهوا الى منطقة ود الحداد التي مكثوا فيها 13 يوما ولم يعرفوا للاستقرار طريقا.

وتمضي” نعمات” في سرد قصتها مشيرة إلى انهم من ود الحداد اتجهوا الى قرى مصنع السكر في سنار التي أقاموا فيها 11 يوما وبداوا بعد ذلك رحلة البحث عن منزل للايجار ولم يوفقوا فيه.

وتضيف: “اخيرا فكرنا في أن نذهب إلى ولاية الجزيرة وبالتحديد مدينه ود مدني التي سمعنا أن معظم النازحين القادمين من الخرطوم استقروا بها مما يعني اننا ربما نجد منزلا ملائما للايجار، ولكن مع ضيق ذات اليد والأسعار الغالية للمنازل مكثنا مع بعض معارفنا في ود مدني في منطقه مارنجان ولكن وجدنا البيت مزدحما واحسسنا باننا ضايقنا اهل البيت وفكرنا بعد ذلك في ان نجد حلا”.

ومضت “نعمات” في حديثها: “ذهبنا الى منطقه حبيب الله في ودمدني لتقديم واجب العزاء في احدى معارفنا وبالصدفة قابلنا مسؤول مدرسة مدني النسوية الذي اسكننا هنا مشكورا قبل 4 أيام بعد ان كدنا نفقد الامل وفكرنا جليا في ان نشتري مشمعا لنضعه في اي مكان في المدينه ونمكث فيه بعد ان تملكنا الياس ولكن بحمد الله التحقنا بمركز الايواء في حي اركويت”.

الوضع في دار الإيواء

وحول الوضع في دار النازحين تقول” نعمات” أن الناس هنا متعاونون جميعا ويقتسمون اللقمة والفراش والماء وكل شيء، وتابعت: “لكننا نعاني من عدم وجود اسِرة لننام عليها حيث قرر المسؤولون في المدرسة ان نتشارك غرفه مع اسرة مكونه من أم واطفالها وصار المكان ضيقا علينا مما اضطرنا لنكون في الصالة الملحقة بالغرفة واحيانا نتعرض للامطار أو للعواصف مع الحشرات والبعوض ولكن هذا الوضع على اي حال افضل من الوضع في الحرب في ام درمان”.

وحول المشاكل والمعضلات في دار الايواء تقول” نعمات” نعاني ايضا من عدم توفر المياه للغسيل والشرب وبقية الاستخدامات ونضطر للذهاب إلى مسافات بعيدة للحصول على الماء.

وعن احلامها في العودة ترى “نعمات” أن توقف الحرب ورجوعها رفقة اسرتها الى الخرطوم أمر بعيد المنال حيث تقول: “لا شيء مبشر نستمع إلى الاخبار عن طريق الراديو وعن طريق وسائل التواصل الاجتماعي ولا يوجد أدنى بصيص أمل في حل النزاع وتضيف لم نكن نتخيل في يوم من الأيام أن تحدث مثل هذه الحرب وتبعدنا عن مدينتنا وعن اهلنا وتوقف مصادر دخلنا ويتعرض اهلنا واحباؤنا واصدقاؤنا، للموت إن اكثر ما يقلقنا هو اخبار الموت والمرض والاصابات التي صارت منتشره، كما أن اهلنا الذين تفرقوا في قرى ومدن السودان المختلفة وخارج البلاد يهمنا أمرهم واخبارهم انقطعت عنا ونحن قلقون عليهم.

وكشفت “نعمات” عن أن الأخبار السيئة والوضع الحالي الذي تعيشه رفقة اسرتها قد جعلها تتعرض لمرض ارتفاع ضغط الدم بالإضافة الى الرطوبة، بجانب أن دار الايواء الحالي ليس به أطباء، كما أن الأيام العلاجية التي وعدت بها المنظمات الصحية لم يتم تنفيذها.

وقالت: “اذا تعرض أي شخص منا لاي مرض فانه يعالج نفسه من ماله الخاص رغم الظروف الصعبة التي نعيشها”.

الوسومآثار الحرب في السودان النازحين السودانيين حرب الجيش والدعم السريع ود مدني

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: آثار الحرب في السودان النازحين السودانيين حرب الجيش والدعم السريع ود مدني إلى ولایة الجزیرة الدعم السریع أم درمان ود مدنی

إقرأ أيضاً:

بعد تسعة شهور من طوفان الأقصى.. هذه هي صورة الكيان من الداخل

الحريديم (المتشددون الدينيون) يتظاهرون في الشارع احتجاجا على قرار المحكمة العليا الذي يوجب تجنيدهم ورفضا للخضوع له، وحاخاماتهم يرفضون تجنيد حريدي واحد فضلا عن الآلاف منهم.

عائلات الأسرى تتظاهر في الشارع احتجاجا على استمرار الحرب ويتهمون الحكومة بالتضحية بأبنائهم، ويطالبون بعقد صفقة لتحرير أبنائهم ولو كان ثمن ذلك النزول على شروط حماس وإيقاف الحرب.

المعارضة العلمانية تتظاهر في الشارع وتدعو إلى استقالة الحكومة والذهاب إلى انتخابات مبكرة، وتحمل نتنياهو المسئولية عن الفشل الاستراتيجي الذي حدث يوم السابع من تشرين الأول/ أكتوبر.

جنرالات الجيش وقادة الأجهزة الأمنية السابقون يرون أنه لا سبيل للانتصار على حماس، وأن نتنياهو يقودهم إلى الهاوية، ويطالبون بإنهاء الحرب.

نتنياهو وعصابته المتشددون يتمسكون بالحرب ويرفضون الاستقالة ويرفضون الذهاب إلى انتخابات مبكرة، وبن غفير يدعو إلى إقالة وزير الدفاع ورئيس الأركان.

نتنياهو يقود حملة اتهامات ضد الجيش وقادته وقادة الاجهزة الامنية والعسكرية، ويستعمل في ذلك ابنه يائير (الهارب من التجنيد إلى شواطئ ميامي الأمريكية) الذي يتهم قادة الجيش بالخيانة، ويستعمل سارة زوجته وهي أحد رموز الفساد في الكيان؛ والتي تتهم الجيش بمحاولة الانقلاب العسكري على زوجها.

وقادة الجيش يلقون بالمسئولية على نتنياهو وحكومته في عدم استغلال إنجازات الجيش، ووضع أهداف لا يمكن تحقيقها، وعدم وجود رؤية لما بعد الحرب أو ما يسمونه اليوم التالي للحرب في غزة.

رئيس الوزراء السابق نفتالي بينيت يقول نحن في حفرة وفي فشل عسكري وعجز اقتصادي وانهيار الردع، ويدعو المواطنين إلى عدم الهجرة وترك البلد.

الجنود والضباط الاحتياط يرفضون العودة إلى الخدمة والالتحاق بالجيش، وبعضهم يقدم على الانتحار هربا من الحرب.

هذه باختصار شديد صورة العدو من الداخل، وهي صورة جيش مهزوم ومجتمع متناحر يأكل بعضه بعضا ويقف على حافة الحرب الأهلية، وأصدق وصف له هو ما ذكره القرآن: "بأسهم بينهم شديد"، "تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى"..

يحاولون الهروب من هذا الواقع البئيس والهزيمة المذلة بالانتقام من النساء والأطفال والقفز إلى الأمام، ولكن هيهات، لن يستطيعوا الاستمرار، ولن يستطيعوا الانتصار ولو ظلوا ألف عام، ولكن العكس سيحدث وسيقودهم نتنياهو إلى الانهيار وفشل المشروع الصهيوني قبل أن يكمل الثمانين من عمره، كما تنبأ بذلك الشيخ أحمد ياسين وكما يتوقع خبراؤهم الكبار.

مقالات مشابهة

  • شاهد بالفيديو.. على أنغام الفنانة إنصاف مدني.. نازحة سودانية تتزوج من مواطن خليجي والجنس اللطيف يعلق: (انتي الوحيدة العبرتي وانتصرتي والوحيدة الاستفادت من الحرب)
  • سيحاصرك الموت غدا!!
  • تحت الأرض أو فوقها.. تفاصيل رحلة البحث عن يحيى السنوار
  • سيحاصرك الموت غدا !!
  • تحالف مدني بشرق السودان يدعو لإيواء «النازحين» من ولاية سنار
  • ناشطون: قوات الدعم السريع تضاعف الحصار على قرى بالجزيرة
  • قيام كيان بـ«الجزيرة» لإيقاف القتل والتهجير وانتزاع الحقوق
  • بعد أن يسدل الستار علي الحرب العالمية الثالثة في السودان يمكن اجراء مناظرة سياسية بين الجنرالين
  • بعد تسعة شهور من طوفان الأقصى.. هذه هي صورة الكيان من الداخل
  • «الدعم السريع» تهاجم قرية «بجيجة» بالحصاحيصا