رحلة نازحة من الحرب إلى ود مدني.. المعاناة تتضاعف والأمل مفقود
تاريخ النشر: 21st, August 2023 GMT
تواصلت معاناة النازحين القادمين من العاصمة الخرطوم إلى مدينة ود مدني وسط السودان هربا من الحرب الدائرة بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني منذ منتصف أبريل الماضي.
التغيير: ود مدني: عبدالله برير
تضاعفت المعاناة في دور الإيواء بولاية الجزيرة التي انحسرت الخدمات في بعضها بعد تطاول أمد الحرب وشح الدعم من المنظمات والأفراد.
بعد أن كانت الخدمات الطبية والإعاشة منتظمة في مراكز الإيواء طرأ عليها تقهقر شديد بعد زيادة عدد المدارس المفتوحة للنازحين.
تحدثت لـ (التغيير) النازحة نعمات دفع الله، التي تسكن منطقة الثوره بمدينة أم درمان الحارة 96 بمحطة العمراني، والتي قدمت إلى ولاية الجزيرة رفقة شقيقتها وابنتها.
قالت نعمات: “انا أصرف على أسرتي المكونة من أختي وابنتي التي كانت متزوجة ثم انفصلت، جئنا إلى مدينة ود مدني قبل عيد الأضحى بأسبوع”.
معاناة مع الاشتباكاتوحول الاشتباكات التي جرت في أم درمان قبل مجيئهم إلى ولاية الجزيرة، كشفت “نعمات” عن إنهم يسكنون قرب منطقه كرري العسكرية وهو أول معسكر شهد اشتباكات في مدينة أم درمان بالقرب من منطقه جسر الحلفايا.
واضافت: “كانت هنالك اشتباكات شديدة بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني وكنا نرى الموتى باعيننا والجثث متناثرة في الطرقات ومناظر القتلى والجرحى كانت بشعة كما أن اصوات إطلاق النار لم تتوقف ليلا ونهارا حتى أن جيراننا اصيبوا بقصف مدفعي، والمنطقه أصبحت عبارة عن نيران وحرائق وأصوات طائرات ومناظر لا يمكن ان تمحى من الذاكرة”.
وتابعت: “ازاء هذا الوضع الماسأوي لم نستطع الصمود أكثر من ذلك ولكن كانت تنقصنا الأموال التي نحتاجها للسفر فقررنا الإتصال باهلنا ومعارفنا الذين جمعوا لنا مبالغ تكفي للتذاكر فقط وفي نهاية الأمر اضطررنا لاستدانة بعض الأموال لنسافر بها ونخرج من هذا الجحيم.
رحلة طويلةوتحكي نعمات عن الرحلة الطويلة التي سلكتها هي وأفراد أسرتها حتى وصلت إلى ولاية الجزيرة، تقول: “بعد أن دبرنا المبالغ الضرورية للسفر وجدنا أن طريق الخرطوم ود مدني الشرقي به مخاطر نسبة لارتكاز قوات الدعم السريع واحتمال تعرضنا للنهب أو الموت او الاغتصاب”.
واضافت: “اتجهنا بعد ذلك إلى خيار الطريق الغربي الذي بدا لنا مستحيلا بسبب بعد أم درمان من هذا الطريق واحتمال التعرض للمخاطر المذكورة بالطريق الشرقي وفي نهايه الأمر حسمنا أمرنا وقررنا أن نصل إلى ودمدني عبر طريق طويل يمر عبر ولاية النيل الابيض ثم ولاية سنار وصولا الى الجزيرة”.
وذكرت” نعمات” أنهم بعد هذه الرحلة الطويلة وصلوا مدينة سنار في الثانية صباحا، ثم اتجهوا الى منطقة ود الحداد التي مكثوا فيها 13 يوما ولم يعرفوا للاستقرار طريقا.
وتمضي” نعمات” في سرد قصتها مشيرة إلى انهم من ود الحداد اتجهوا الى قرى مصنع السكر في سنار التي أقاموا فيها 11 يوما وبداوا بعد ذلك رحلة البحث عن منزل للايجار ولم يوفقوا فيه.
وتضيف: “اخيرا فكرنا في أن نذهب إلى ولاية الجزيرة وبالتحديد مدينه ود مدني التي سمعنا أن معظم النازحين القادمين من الخرطوم استقروا بها مما يعني اننا ربما نجد منزلا ملائما للايجار، ولكن مع ضيق ذات اليد والأسعار الغالية للمنازل مكثنا مع بعض معارفنا في ود مدني في منطقه مارنجان ولكن وجدنا البيت مزدحما واحسسنا باننا ضايقنا اهل البيت وفكرنا بعد ذلك في ان نجد حلا”.
ومضت “نعمات” في حديثها: “ذهبنا الى منطقه حبيب الله في ودمدني لتقديم واجب العزاء في احدى معارفنا وبالصدفة قابلنا مسؤول مدرسة مدني النسوية الذي اسكننا هنا مشكورا قبل 4 أيام بعد ان كدنا نفقد الامل وفكرنا جليا في ان نشتري مشمعا لنضعه في اي مكان في المدينه ونمكث فيه بعد ان تملكنا الياس ولكن بحمد الله التحقنا بمركز الايواء في حي اركويت”.
الوضع في دار الإيواءوحول الوضع في دار النازحين تقول” نعمات” أن الناس هنا متعاونون جميعا ويقتسمون اللقمة والفراش والماء وكل شيء، وتابعت: “لكننا نعاني من عدم وجود اسِرة لننام عليها حيث قرر المسؤولون في المدرسة ان نتشارك غرفه مع اسرة مكونه من أم واطفالها وصار المكان ضيقا علينا مما اضطرنا لنكون في الصالة الملحقة بالغرفة واحيانا نتعرض للامطار أو للعواصف مع الحشرات والبعوض ولكن هذا الوضع على اي حال افضل من الوضع في الحرب في ام درمان”.
وحول المشاكل والمعضلات في دار الايواء تقول” نعمات” نعاني ايضا من عدم توفر المياه للغسيل والشرب وبقية الاستخدامات ونضطر للذهاب إلى مسافات بعيدة للحصول على الماء.
وعن احلامها في العودة ترى “نعمات” أن توقف الحرب ورجوعها رفقة اسرتها الى الخرطوم أمر بعيد المنال حيث تقول: “لا شيء مبشر نستمع إلى الاخبار عن طريق الراديو وعن طريق وسائل التواصل الاجتماعي ولا يوجد أدنى بصيص أمل في حل النزاع وتضيف لم نكن نتخيل في يوم من الأيام أن تحدث مثل هذه الحرب وتبعدنا عن مدينتنا وعن اهلنا وتوقف مصادر دخلنا ويتعرض اهلنا واحباؤنا واصدقاؤنا، للموت إن اكثر ما يقلقنا هو اخبار الموت والمرض والاصابات التي صارت منتشره، كما أن اهلنا الذين تفرقوا في قرى ومدن السودان المختلفة وخارج البلاد يهمنا أمرهم واخبارهم انقطعت عنا ونحن قلقون عليهم.
وكشفت “نعمات” عن أن الأخبار السيئة والوضع الحالي الذي تعيشه رفقة اسرتها قد جعلها تتعرض لمرض ارتفاع ضغط الدم بالإضافة الى الرطوبة، بجانب أن دار الايواء الحالي ليس به أطباء، كما أن الأيام العلاجية التي وعدت بها المنظمات الصحية لم يتم تنفيذها.
وقالت: “اذا تعرض أي شخص منا لاي مرض فانه يعالج نفسه من ماله الخاص رغم الظروف الصعبة التي نعيشها”.
الوسومآثار الحرب في السودان النازحين السودانيين حرب الجيش والدعم السريع ود مدنيالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: آثار الحرب في السودان النازحين السودانيين حرب الجيش والدعم السريع ود مدني إلى ولایة الجزیرة الدعم السریع أم درمان ود مدنی
إقرأ أيضاً:
الإمارات في زمن الحرب على غزة.. محطة إسناد جوي للاحتلال
الثورة / متابعات
رغم مشاركة الإمارات في اجتماعات وبيانات تطالب بالضغط على إسرائيل لوقف الحرب على غزة، إلا أنها شكلت محطة إسناد جوي لدولة الاحتلال في ظل وقف كثير من دول العالم خطوطها الجوية مع تل أبيب.
وقد تحولت الإمارات، وفقًا للإحصائيات، إلى محطة إسناد جوي للعدو الإسرائيل على مساري رحلات الركاب والشحن الجوي للبضائع، بحسب تحقيق نشرته مبادرة “تفنيد لتدقيق المعلومات وصحافة البيانات” والتي تتخذ من المملكة المتحدة مقرا لها.
وكشف تحليل النشاط الجوي لرحلات الركاب بين الإمارات وإسرائيل استمرار النشاط خلال وقت الحرب بنفس الوتيرة تقريبًا؛ فبلغ إجمالي رحلات الركاب بين البلدين عام 2022 نحو 5551 رحلة، انطلقت 2689 رحلة من الإمارات، بينما انطلقت 2862 رحلة من إسرائيل. بينما بلغ عدد رحلات الركاب عام 2023 نحو 4892 رحلة، انطلقت من الإمارات 2456 رحلة، وانطلقت من إسرائيل 2436 رحلة.
وعلى خلاف باقي الدول العربية، استمر النشاط في 2024 رغم الحرب، إذ بلغت إجمالي الرحلات بين البلدين حتى نهاية نوفمبر 4793 رحلة، انطلقت من الإمارات 2293 رحلة، بينما انطلقت من إسرائيل 2500 رحلة، جميعها من مطار بن غوريون
ويظهر تحليل رحلات الطيران بين البلدين أن 5 شركات طيران تسيطر على تلك الرحلات وهي: Arkia Israeli Airlines – El Al Israel Airlines – Israir Airlines وهي شركات إسرائيلية، مقابل شركتين إماراتيتين وهما: flydubai – Etihad Airways.
وعلى الرغم من ذلك فإن شركة “فلاي دبي” تستحوذ على الحصة الأكبر من عدد الرحلات، خاصة بعد الحرب.
إمداد جوي للبضائع
وكشفت سجلات حركة الطيران بين الإمارات و”إسرائيل” أن البلدين قاما بتفعيل خط إمداد جوي لحركة البضائع عقب اندلاع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة مباشرة، إذ رصد التحقيق تخصيص 10 رحلات دائمة لنقل البضائع بين البلدين.
وبدأت أولى تلك الرحلات في شهر نوفمبر 2023 – بعد اندلاع الحرب مباشرة – وسجلت 16 رحلة بين تل أبيب ودبي خلال شهري نوفمبر وديسمبر 2023، بينما بلغ عدد الرحلات حتى نهاية نوفمبر 2024 نحو 233 رحلة.
وكانت أغلب الرحلات تنقل البضائع إلى كيان الاحتلال ، إذ بلغت الرحلات من دبي إلى تل أبيب 149 رحلة، بينما عدد الرحلات العكسية من تل أبيب إلى دبي 84 رحلة فقط.
وكشفت سجلات حركة الطيران أن الإمارات لم تنشئ خط إمداد جوي فقط لـ”إسرائيل، ولكنها استطاعت منذ عام 2023 أن تحصل على جزء من كعكة الشحن الجوي الدولي للبضائع من وإلى “إسرائيل”، وتنامى هذا الدور بشكل كبير بعد الحرب.