DeepSeek-V3 يتصدر متجر التطبيقات الأمريكي ويتحدى هيمنة ChatGPT
تاريخ النشر: 28th, January 2025 GMT
في الوقت الذي يُعتبر فيه ChatGPT الوجه الأبرز للذكاء الاصطناعي في الغرب، ظهر منافس قومن الصين يُدعى DeepSeek، والذي تمكن من تصدر متجر تطبيقات آبل (App Store) في الولايات المتحدة، متفوقًا على ChatGPT، الذي حل في المركز الثاني.
يسلط هذا الإنجاز الضوء على التقدم السريع الذي تشهده الصين في مجال الذكاء الاصطناعي، ويطرح تساؤلات حول فعالية القيود الأمريكية على تصدير الرقائق عالية الأداء إلى الصين.
DeepSeek هو مساعد ذكاء اصطناعي صيني يعتمد على نموذج DeepSeek-V3، والذي تم إطلاقه في 10 يناير.
وفقًا لتقارير رويترز، فإن التطبيق حظي بشعبية كبيرة بين المستخدمين الأمريكيين منذ إطلاقه، مما جعله يتصدر قائمة التطبيقات الأكثر تنزيلًا في متجر آبل.
يُعتبر DeepSeek-V3 واحدًا من أفضل النماذج مفتوحة المصدر، ويُنافس النماذج المغلقة الأكثر تقدمًا على مستوى العالم. هذا الإنجاز يضع DeepSeek في مواجهة مباشرة مع ChatGPT، الذي كان يُعتبر حتى وقت قريب الرائد في هذا المجال.
يأتي صعود DeepSeek في وقت تشدد فيه الولايات المتحدة القيود على تصدير الرقائق عالية الأداء إلى الصين، خاصة تلك التي تُستخدم في تطوير نماذج الذكاء الاصطناعي.
فرضت منذ عام 2021، إدارة بايدن قيودًا صارمة لمنع الشركات الصينية من الوصول إلى هذه التكنولوجيا المتقدمة.
ومع ذلك، يدعي باحثو DeepSeek أن نموذج DeepSeek-V3 تم تدريبه باستخدام رقائق Nvidia H800، بتكلفة إجمالية تقل عن 6 ملايين دولار.
أثار هذا الادعاء بعض الشكوك، ولكنه يطرح تساؤلات حول فعالية هذه القيود. إذا كانت الرقائق الأقل تقدمًا والتكاليف المنخفضة قادرة على تحقيق نتائج مذهلة، فما الهدف من العقوبات؟ وهل تعمل ضوابط التصدير كما هو مخطط لها؟
من هي DeepSeek؟تعد DeepSeek شركة ناشئة صغيرة مقرها في مدينة هانجتشو، تأسست في عام 2023، وهو العام نفسه الذي أطلقت فيه Baidu أول نموذج ذكاء اصطناعي لغوي كبير في الصين. منذ ذلك الحين، دخلت العديد من الشركات الصينية مجال الذكاء الاصطناعي، ولكن DeepSeek هي الأولى التي تحظى باعتراف من صناعة التكنولوجيا الأمريكية.
لماذا DeepSeek؟اسم DeepSeek يذكرنا بجهاز Deep Thought، الكمبيوتر العملاق من رواية دليل المسافر إلى المجرة (The Hitchhiker's Guide to the Galaxy). ومع ذلك، نأمل ألا تكون الإجابة على "السؤال النهائي عن الحياة، الكون، وكل شيء" هي الرقم 42!
مستقبل الذكاء الاصطناعييُظهر صعود DeepSeek أن الصين قادرة على المنافسة في مجال الذكاء الاصطناعي، حتى في ظل القيود التكنولوجية. هذا التقدم قد يعيد تشكيل المشهد العالمي للذكاء الاصطناعي، ويُثير تساؤلات حول استراتيجيات الولايات المتحدة في هذا المجال.
يمثل DeepSeek-V3 تحديًا جديدًا لهيمنة ChatGPT، ويُظهر أن الصين قادرة على تحقيق تقدم كبير في مجال الذكاء الاصطناعي حتى في ظل القيود التكنولوجية.
مع استمرار نمو DeepSeek، قد نشهد تحولات كبيرة في صناعة الذكاء الاصطناعي العالمية.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: آبل المزيد مجال الذکاء الاصطناعی
إقرأ أيضاً:
"جمعية الذكاء الاصطناعي العُمانية".. بوابة للإبداع والابتكار
عارف بن خميس الفزاري
persware@gmail.com
في ظلّ التغيرات المتسارعة التي يشهدها العالم في مجالات التقنية والذّكاء الاصطناعيّ، تبرز الحاجةُ المُلحّة إلى تأطير هذه الطفرات التقنية ضمن مؤسسات وطنية تُعنى بتطويرها وتسخيرها لخدمة المجتمع ومؤسسات القطاعين العام والخاص.
والذّكاء الاصطناعيّ، كما يصفه كلاوس شواب مؤسس المنتدى الاقتصادي العالمي "لن يُغيّر ما نفعله فقط، بل سيُغيّر من نكون" (شواب، 2016)، وهو ما يُعزّز الشعور بالحاجة إلى تبنّي هذا التحول بشكل مؤسسي منظم. ومن هذا المنطلق، تتجلّى أهميةُ إنشاء جمعية وطنية تُعنى بالذّكاء الاصطناعيّ في سلطنة عُمان، بوصفها خطوةً استراتيجية نحو بناء مجتمعٍ معرفيٍّ مستدام، يواكب تطلعات رؤية عُمان 2040، ويُعزّز مكانة سلطنة عُمان إقليميًّا ودوليًّا في مجالات الابتكار والتقنية. ويُشير تقريرٌ صادر عن مؤسسة برايس ووترهاوس كوبرز (PwC) في عام 2017م إلى أنّ الذّكاء الاصطناعيّ سيُسهم في تعزيز الاقتصاد العالمي بنسبة تصل إلى 14% بحلول عام 2030، وهو ما يعادل زيادة تُقدّر بـ15.7 تريليون دولار أمريكي، وذلك نتيجةً للتطور المتسارع واعتماد تقنيات الذّكاء الاصطناعيّ في شتى المجالات. ويُعزى هذا التأثير الاقتصادي إلى عدة عوامل، من أبرزها: مكاسب في الإنتاجية من خلال قيام الشركات بأتمتة العمليات (بما في ذلك استخدام الروبوتات والمركبات ذاتية القيادة)، ومكاسب أخرى في الإنتاجية من خلال تعزيز القوى العاملة الحالية في الشركات عبر تقنيات الذكاء الاصطناعي (الذكاء المعزز)، إضافة إلى زيادة في الطلب الاستهلاكي نتيجة توافر منتجات وخدمات مُحسّنة وذات جودة أعلى مدعومة بتقنيات الذّكاء الاصطناعيّ، سواءً من حيث التخصيص أو الكفاءة.
إنّ فكرة تأسيس جمعية وطنية في سلطنة عُمان تُعنى بالذّكاء الاصطناعيّ لا تقتصر على كونها إطارًا تنظيميًا، بل تُعد جسرًا نحو المستقبل، يجمع العقول المبدعة ويحتضن الابتكارات ويهيئ بيئة خصبة للإبداع التقني والمعرفي. ومن خلال هذه الجمعية، يمكن للأفراد لا سيما فئة الشباب، تحويل أفكارهم ومبادراتهم إلى مشاريع واقعية قابلة للتطبيق، تُسهم في حل مشكلات المجتمع وتحسين جودة الخدمات وزيادة الإنتاجية في القطاعين العام والخاص. ويمكن للجمعية أن تؤدي دور الحاضنة المجتمعية، من خلال تعزيز الوعي بتقنيات الذّكاء الاصطناعيّ وتقديم الدعم الفني والاستشاري للمؤسسات والأفراد، إلى جانب إرساء مسارات تعليمية وتدريبية متقدمة بالتعاون مع المؤسسات التعليمية والأكاديمية والبحثية. كما يُمكن أن تُسهم في تنمية رأس المال البشري عبر تنظيم الورش والدورات التدريبية والمسابقات والمشاركة في الفعاليات المحلية والإقليمية والدولية. ولا يمكن الحديث عن جمعية الذّكاء الاصطناعيّ دون الإشارة إلى أهمية التكامل بينها وبين الجمعية العُمانية لتقنية المعلومات، إذ يُمكن أن تتعاون الجمعيتان في مجالات عديدة، من أبرزها تطوير الاستراتيجيات الرقمية وتنظيم الفعاليات الوطنية وبناء القدرات وتبادل الخبرات الفنية بما يُسهم في تعزيز البنية الرقمية لسلطنة عُمان وتوحيد الجهود الوطنية في مجال التكنولوجيا والتحول الرقمي. إنّ تكامل الأدوار بين الجمعيتين يُعد ركيزة أساسية لخلق بيئة أكثر انسجامًا وكفاءة وضمانًا لتفادي الازدواجية في المبادرات وتسريع وتيرة التقدم نحو اقتصاد معرفي مستدام.
على المستوى المجتمعي، يُمكن أن تُسهم الجمعية في ترسيخ الثقافة الرقمية لدى المواطنين، ودمج الذكاء الاصطناعي في تفاصيل الحياة اليومية، بدءًا من التعليم والرعاية الصحية وصولًا إلى النقل والخدمات العامة. كما يمكن أن تُوفر للمواطنين فرصة التفاعل المباشر مع التقنية، ليس كمستهلكين فحسب؛ بل كمطورين ومبتكرين وصنّاع للتغيير. أما على الصعيد المؤسسي، فيمكن أن تُتيح الجمعية منصة متخصصة لتقديم الاستشارات للقطاعين العام والخاص في مجالات توظيف الذّكاء الاصطناعيّ، وتساعد المؤسسات على تصميم حلول ذكية تتناسب مع طبيعة أعمالها، بما يُسهم في رفع الكفاءة التشغيلية وتقليل التكاليف وتحسين جودة الخدمات.
تُشير تجارب عدد من الدول إلى أهمية إنشاء جمعيات وطنية تُعنى بالذّكاء الاصطناعيّ، لما لها من دور فاعل في دعم الابتكار وصناعة المستقبل. ففي الكويت، تأسست جمعية الذّكاء الاصطناعيّ للأشياء عام 2021، بهدف نشر ثقافة الذّكاء الاصطناعيّ وتعزيز التمكين الرقمي بما يتماشى مع رؤية الكويت 2035، وذلك من خلال برامج تدريبية وجهود توعوية ومشاريع بحثية. وتركز الجمعية على تطبيقات الذّكاء الاصطناعيّ وإنترنت الأشياء والأمن السيبراني. أما في الولايات المتحدة الأمريكية، فتُعد جمعية النهوض بالذّكاء الاصطناعيّ (AAAI)، التي تأسست عام 1979 من أبرز الجهات العالمية في هذا المجال. وقد أسهمت في تطوير الأبحاث وبلورة السياسات وتنظيم المؤتمرات والتعامل مع القضايا الأخلاقية والاجتماعية للذّكاء الاصطناعيّ، من خلال مُبادرات متخصصة تجمع الباحثين والممارسين وتقدم دراسات أصبحت مرجعًا لصنّاع القرار. وفي الصين، تم تأسيس الجمعية الصينية للذّكاء الاصطناعيّ (CAAI) عام 1981، كأول جمعية وطنية من نوعها تحت إشراف وزارة العلوم والتكنولوجيا.
وتضطلع الجمعية بدور محوري في دعم البحث العلمي والتعليم وتعزيز الشراكة بين القطاعين الأكاديمي والصناعي. ومن أبرز أنشطتها: تنظيم المؤتمرات، وإصدار المجلات العلمية وتقديم الاستشارات الفنية للقطاع العام، بالإضافة إلى تنظيم المؤتمر السنوي الصيني للذّكاء الاصطناعيّ (CCAI)، الذي يُعد منصةً عالمية تجمع الباحثين والخبراء والمبتكرين من مختلف أنحاء العالم. يهدف المؤتمر إلى عرض أحدث ما توصلت إليه الأبحاث والتقنيات وتشجيع التعاون بين المؤسسات الأكاديمية والصناعية والحكومية، إلى جانب مناقشة تحديات التقنيات الذكية مثل التعلم العميق والروبوتات وغيرها. ويأتي تنظيم هذا المؤتمر انسجامًا مع استراتيجية الصين الطموحة لتصبح رائدة عالميًا في مجال الذّكاء الاصطناعيّ بحلول عام 2030.
وتُشكل هذه التجارب الدولية نماذج مُلهمة يُمكن الاستفادة منها، حيث إنّ وجود جمعية متخصصة في الذّكاء الاصطناعيّ من شأنه أن يُعزز مكانة سلطنة عُمان في التقارير العالمية المعنية بالجاهزية الرقمية والابتكار والذّكاء الاصطناعيّ، كما يفتح آفاقًا واسعة للتعاون الدولي وتبادل الخبرات، بما يرسّخ حضور سلطنة عُمان كمركز معرفي واعد في المنطقة.
وعليه، فإن إنشاء جمعية تُعنى بالذّكاء الاصطناعيّ يُعد استثمارًا استراتيجيًا لمستقبل سلطنة عُمان، وركيزة أساسية لبناء مجتمع معرفي مبدع ومبتكر ومتفاعل، يستند إلى العلم والمعرفة والتقنيات الحديثة. ومن شأن هذه الجمعية أن تكون جسرًا نحو المستقبل، يربط بين الحاضر وتطلعات الغد، ويوحّد جهود الأفراد والمؤسسات نحو تنمية شاملة ومستدامة، تُسهم في رفع جودة الحياة وتعزيز الاقتصاد الوطني وتمكين الأجيال القادمة من أدوات المستقبل.