الأمم المتحدة تدين الهجوم على المستشفى السعودي بالفاشر
تاريخ النشر: 28th, January 2025 GMT
الهجوم المروع الذي أثر على المستشفى العامل الوحيد في أكبر مدن دارفور يأتي بعد أكثر من 21 شهرا من الحرب التي ألحقت أضرارا هائلة بالرعاية الصحية في السودان..
التغيير: الخرطوم
أدان الأمين العام للأمم المتحدة، الهجوم الذي ضرب المستشفى السعودي التعليمي في الفاشر، بولاية شمال دارفور في السودان.
والسبت أسفر قصف قوات الدعم السريع للمستشفى السعودي بمدينة الفاشر، بمسيرة استراتيجية، إلى إصابة أكثر من 70 شخصًا كانوا يتلقون العلاج في قسم الحوادث نتج عنها تدمير القسم وخروجه من الخدمة تمامًا، وأن حصيلة القتلى بين الجرحى والمرافقين بلغت ثلاثين شخصاً.
وذكر بيان صادر عن المتحدث باسم الأمم المتحدة، الاثنين أن هذا الهجوم المروع الذي أثر على المستشفى العامل الوحيد في أكبر مدن دارفور يأتي بعد أكثر من 21 شهرا من الحرب التي ألحقت أضرارا هائلة بالرعاية الصحية في السودان.
وجدد الأمين العام أنطونيو غوتيريش التأكيد على ضرورة احترام وحماية المرضى والمصابين والعاملين في المجال الصحي والمنشآت الطبية، في جميع الأوقات وفقا للقانون الدولي الإنساني.
وشدد على أن مرتكبي الانتهاكات الخطيرة للقانون الدولي الإنساني يجب أن يُحاسبوا وأن الاستهداف المتعمد لمنشآت الرعاية الصحية قد يمثل جريمة حرب.
وقف القتالوجدد الأمين العام مناشدة الأطراف، الوقف الفوري للقتال واتخاذ خطوات باتجاه السلام الدائم الذي يطالب به شعب السودان.
ومنذ مايو العام الماضي تصاعدت حدة المعارك في مدينة الفاشر آخر معاقل الجيش السوداني في إقليم دارفور، إذ تسعى قوات الدعم السريع للهيمنة على الولاية بعد سيطرتها على أربع من ولايات الإقليم الخمس.
وتشهد مدينة الفاشر إلى جانب الحصار المحكم المفروض عليها من قوات الدعم السريع هجومًا متصلًا بالقذائف المدفعية من القوات ذاتها، إلى جانب هجمات متكررة من طيران الجيش السوداني.
وأدت المواجهات المتكررة وعنف القصف المدفعي وهجمات الطيران إلى مقتل وجرح المئات من المواطنين، كما دفع الآلاف إلى الفرار من المدينة والنزوح إلى مناطق الولاية المختلفة التي تشهد بدورها تصعيدا عسكريا بدأ منذ نحو الشهرين.
ويشهد السودان منذ 15 أبريل 2023 قتالاً عنيفاً بين الجيش وقوات الدعم السريع، بدأ في الخرطوم، وامتد إلى مناطق واسعة من دارفور وكردفان والجزيرة وسنار، وأدى إلى أزمات إنسانية كارثية.
الوسومالأمم المتحدة الفاشر حرب الجيش والدعم السريع قصف المستشفى السعوديالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: الأمم المتحدة الفاشر حرب الجيش والدعم السريع قصف المستشفى السعودي الدعم السریع
إقرأ أيضاً:
السودان- معركة الهوية بين أهل الأرض وورثة السلطة
للتحليل السياسي للأزمة السودانية: أبعاد محلية وإقليمية ودولية
الخلفية التاريخية: إرث الإسلاميين وتفكك الدولة المركزية
عهد البشير (1989–2019): سيطرت الجبهة الإسلامية القومية (تحت مظلة المؤتمر الوطني) على مفاصل الدولة، مستخدمة الخطاب الديني لتبرير هيمنة النخبة العربية-الإسلامية في الخرطوم على المناطق المهمشة (دارفور، جبال النوبة، النيل الأزرق).
ثورة 2019 والانتقال الهش: أطاحت الاحتجاجات بالبشير، لكن الاتفاق الهش بين المدنيين (قوى إعلان الحرية والتغيير) والعسكر (البرهان وحميدتي) فشل في معالجة جذور الأزمة، مثل التهميش الإقليمي وتوريث السلطة للعسكر.
انقلاب 2021 والحرب الأهلية (2023): تحول الصراع على السلطة بين البرهان (الجيش) وحميدتي (قوات الدعم السريع) إلى حرب مفتوحة، مع استغلال الإسلاميين الفراغ السياسي لإعادة ترتيب تحالفاتهم مع الجيش في بورتسودان.
المشاريع المتصارعة: أيديولوجيات ومصالح متشابكة
مشروع بورتسودان (الجيش والإسلاميين):
إستراتيجية البقاء: يسعى الجيش إلى الحفاظ على هيكل الدولة المركزية كضامن لامتيازاته الاقتصادية (السيطرة على الموانئ، الاستثمارات العسكرية).
الإسلاميون: من الهامش إلى التحالف: يعيدون تموضع أنفسهم كحليف "ضروري" للجيش عبر خطاب الوحدة الوطنية ومحاربة "التفكيك"، مستفيدين من شبكاتهم القديمة في الأجهزة الأمنية والقضائية.
الدعم الإقليمي: تلعب مصر دورًا محوريًا في دعم الجيش لأسباب أمنية (مخاوف من تأثير عدم الاستقرار على أمن النيل)، بينما تدعم السعودية والإمارات طرفي الصراع بشكل متقلب وفق مصالحهما.
مشروع نيروبي (الحركات المسلحة والمناطق المهمشة):
"دولة أهل الأرض الأصليين": فكرة تعكس رفض الهيمنة التاريخية لمركز الخرطوم، وتستند إلى مطالب بإعادة توزيع السلطة والثروة عبر حكم لا مركزي أو فيدرالي.
تحالف "تأسيس": يضم حركات مثل "الجبهة الثورية" (دارفور) و"الحركة الشعبية-شمال" (النيل الأزرق)، مدعومة من دول غربية وأفريقية ترى في هذا المشروع ضمانًا لاستقرار إقليمي.
التحدي الأكبر: صعوبة توحيد هذه الحركات ذات الخلفيات الإثنية المتباينة تحت مشروع سياسي متماسك.
دور أنقرة: اللاعب الإقليمي المرن
الإرث العثماني والاستثمارات الاقتصادية: تركيا، عبر اتفاقيات مثل إدارة ميناء سواكن، تسعى لتعزيز نفوذها في البحر الأحمر، مستغلة الفراغ الناتج عن انسحاب القوى الغربية.
اللعب على جميع الجبهات: بينما تدعم أنقرة الإسلاميين تقليديًا، فإنها تحافظ على حوار مع الحركات المسلحة لضمان وجودها في أي تسوية مستقبلية، خاصة مع تنافسها مع الإمارات على النفوذ في القرن الأفريقي.
الأبعاد الإقليمية والدولية: صراع بالوكالة
محور الإمارات-روسيا-حميدتي:
تدعم الإمارات قوات الدعم السريع لضمان سيطرتها على موارد الذهب في دارفور، بينما يوفر "فاغنر" الروسي الدعم اللوجستي لحميدتي مقابل امتيازات تعدينية.
محور مصر-الجزائر ودول عربية اخري -البرهان:
مصر تراهن على الجيش للحفاظ على الدولة المركزية كحاجز ضد انتشار الفوضى، بينما تتذبذب الجزائر ودول اخري بين دعم الجيش وعدم استفزاز حلفائها الغربيين الداعمين للحركات المسلحة.
الغرب والاتحاد الأفريقي: تناقضات السياسات:
تدعم الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي رسميًا الحكومة في بورتسودان، لكنهم يتعاطفون مع مطالب الحركات المهمشة، مما يعكس ارتباكًا في الرؤية.
سيناريوهات المستقبل: بين التفكك والتسوية
السيناريو الأول: انتصار الجيش والإسلاميين
يؤدي إلى حكم عسكري-إسلامي مستبد، مع استمرار التمردات الإقليمية وعقوبات دولية، مما يعمق الأزمة الإنسانية.
السيناريو الثاني: تفكك السودان
انفصال دارفور أو جنوب كردفان، بتدخل دول الجوار (تشاد، جنوب السودان)، ما يهدد بتحول السودان إلى "صومال جديدة".
السيناريو الثالث: تسوية هشة بوساطة إقليمية
قد تفرضها تركيا أو قطر عبر دمج محدود للحركات المسلحة في الحكومة، لكنها لن تحل جذور الأزمة الهيكلية.
الصراع على هوية السودان
الأزمة ليست مجرد صراع سلطة بين عسكريين، بل هي صدام بين مشاريع وجودية:
مشروع الدولة المركزية (إسلامي-عسكري) المدعوم من القوى التقليدية.
مشروع الدولة التعددية (علماني-لا مركزي) الذي تدفع به النخب المهمشة.
مشروع القوى الإقليمية الساعية لتحقيق مصالحها عبر أطراف الصراع.
التدخلات الخارجية تعمق التعقيد، لكن الحل المستدام يتطلب حوارًا وطنيًا شاملًا يعالج جذور التهميش، وإعادة تعريف العقد الاجتماعي السوداني على أسس المواطنة المتساوية، بعيدًا عن الهويات الضيقة
zuhair.osman@aol.com