نائب رئيس جامعة الأزهر: القرآن تحدث عن معجزة الإسراء والمعراج بخطاب يناسب العقل
تاريخ النشر: 28th, January 2025 GMT
قال الدكتور عبد المنعم فؤاد، المشرف العام للأنشطة العلمية بالرواق الأزهري، إن المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها حينما يحتفلون بذكرى الإسراء والمعراج ، إنما يحتفلون بذكرى تكريم نبيهم، لأن المولى عز وجل كرم نبيه بهذه المعجزة الخالدة، كما أن هذه الرحلة تحمل الكثير من الرسائل إلى الأمة الإسلامية؛ منها عدم اليأس والقنوط لأن قدرة الله فوق كل شيء، ولكن كل ما عليهم هو اللجوء إلى المولى سبحانه وتعالى وحسن التوكل عليه، تأسيا بنبيهم، الذي لجأ إلى الله في كل شيء فما كان من الحق سبحانه وتعالى إلا أن أكرمه بهذه الرحلة المباركة.
من جانبه بين الدكتور محمد الجندي، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، أن التساؤلات التي تطرح حول معجزة الإسراء والمراج، وكيفية حدوثها، وكيف عاد الرسول إلى مكانه الذي كان فيه؟ نقول لهم: إن الله سبحانه وتعالى عندما قال: (بعبده) أخرج بذلك الرسول الكريم من حيز القدرة البشرية وأدخله في القدرة الإلهية التي تقول للشيء كن فيكون، كما أن ذكر لفظ العبودية في قوله "سبحان الذي أسرى بعبده" دليل على أن الذي يأتي بعدها لطف ومنة وكرم من الله سبحانه وتعالى، ومحاولات إنكار أحداث رحلة الإسراء والمعراج هي في أصلها محاولات لهدم السنة، ومن ثم إنكار القرآن الكريم من خلال التشكيك فيه.
كما أوضح الدكتور رمضان الصاوي، نائب رئيس جامعة الأزهر، أن القرآن الكريم عندما تحدث عن معجزة الإسراء والمعراج تحدث عنها بخطاب يناسب العقل، ليكون قاطعًا لكل الشكوك التي قد تثار حول هذه الرحلة المباركة، فعندما قال سبحانه وتعالى: "سبحان الذي أسرى بعبده"، فلفظ "سبحان" هو للتعجب من أمر خارق للعادة، كما أن لفظ "أسرى" تطلق على السير ليلا، والسير يكون بمجموع الروح والجسد، كما أن تحديد المسافة لا يكون إلا عن رحلة كاملة للعبد بالروح والجسد معًا "من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى"، لأن التحدي لا يكون إلا عن حقيقة كاملة، ولقد أتت رحلة الإسراء والمعراج تسرية للنبي ﷺ بعد ما مر به من أحداث عظيمة، حتى أطلق على هذا العام "عام الحزن".
وأكد الدكتور جميل تعيلب، وكيل كلية أصول الدين بالقاهرة، أن رحلة الإسراء والمعراج ليست مجرد حدث تاريخي، بل هي رحلة مستمرة فينا وفي قلوبنا من خلال ما حملته لنا من الدروس والعبر، فهي خارطة طريق للإيمان تمنحنا دروسًا قيمة في التوكل على الله والصبر وحسن اللجوء إليه.
ونظمت إدارة الجامع الأزهر احتفالية بمناسبة ذكرى الإسراء والمعراج في رحاب الجامع الأزهر، بالظلة العثمانية عقب صلاة عصر الاثنين 27 من رجب 1446 الموافق 27 يناير 2025، بهدف تعميق الوعي الديني لدى المسلمين، جاء ذلك بحضور نخبة من علماء الأزهر الشريف، على رأسهم فضيلة أ.د/ محمد الضويني، وكيل الأزهر، وأ.د سلامة داود، رئيس جامعة الأزهر، وأ.د محمد الجندي، أمين عام مجمع البحوث الإسلامية، أ.د عبد المنعم فؤاد المشرف العام على الأنشطة العلمية للرواق الأزهري بالجامع الأزهر، وا.د/جميل تعيلب، وكيل كلية أصول الدين بالقاهرة، د. هاني عودة، مدير عام الجامع الأزهر
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الإسراء والمعراج الرواق الأزهري القرآن الكريم الأزهر الشريف الجامع الأزهر المزيد الإسراء والمعراج سبحانه وتعالى کما أن
إقرأ أيضاً:
نائب رئيس جامعة الأزهر: العداوة والبغضاء سبب عدم إقامة العدل والمساواة بين الناس
عقد الجامع الأزهر اليوم الثلاثاء بالجامع الأزهر، ملتقى الأزهر الأسبوعي للقضايا المعاصرة تحت عنوان «العدالة في الإسلام ومفهوم المساواة»، بمشاركة الدكتور محمد عبد المالك، نائب رئيس الجامعة للوجه القبلي، والدكتور علي مهدي، أستاذ الفقه المساعد بكلية الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر بالقاهرة، وأدار الملتقى الشيخ أحمد سنجق، الباحث بالجامع الأزهر، وحضور عدد من الباحثين وجمهور الملتقى. من رواد الجامع الأزهر.
وفي بداية الملتقى قال الدكتور محمد عبد المالك، نائب رئيس جامعة الأزهر: إن الحق سبحانه وتعالى يأمرنا بالعدل والإحسان كما في قوله تعالى "إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ" واقتران العدل والإحسان في هذه الآية الكريمة بمكارم الأخلاق دليل على أن الأخلاق هي أساس كل عمل صالح وأن العدل والإحسان هما في مقدمة مكارم الأخلاق، والعدل هو التوسط بين أمرين دون إفراط أو تفريط، والمراد به التسوية بين الناس في كل شيء، والوسطية في كل شيء هي المنهج الذي جاء به الدين الإسلامي، كما أن الله سبحانه وتعالى وصف نفسه "بالعدل" ليبين لنا أن العدل قيمة عظيمة لا بد لنا أن نتمسك بها، كما ورد أيضا في موضع آخر من القرآن الكريم ما يدل على العدل "وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل" وهو تأكيد على أهمية العدل في ضبط التعامل بين البشر، وعلينا أن نلتزم بمعنى العدل في كل شيء في حياتنا التزامًا.
وحذر نائب رئيس جامعة الأزهر، من أن تكون البغضاء والعداوة بين الناس سببًا في عدم إقامة العدل والمساواة، لأن في هذا مخالفة صريحة لتوجيهات الحق سبحانه وتعالى" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى" كما أن العدل بين الناس يكون بميزان الشرع وليس بميزان الأهواء، والنبي صلى الله عليه وسلم يحثنا على العدل في كل أمر من أمور الدنيا كما بين في حديثه أنه من السبعة الأبرار الذين يظلهم في ظله يوم لا ظل إلا ظله "إمام عادل" لأن العدل به تستقر الأمور وتسود الطمأنينة، وفي حديث آخر "إن المقسطين على منابر من نور يوم القيامة" ليبين لنا الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم مكانة العدل في استقرار المجتمعات.
وأوضح نائب رئيس جامعة الأزهر، أن رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم كان يغضب لقيمة العدل، وضرب أروع الأمثلة في ذلك بأن حلف أن يطبقه على أقرب الناس له إذا تطلب الأمر، فعندما أراد بعض الناس أن يشفع لامرأة سرقت، فغضب النبي صلى الله عليه وسلم، ثم خطب في الناس قائلا: " إنما هلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد وقال: والله لو سرقت فاطمة بنت محمد لقطعت يدها"، وأراد النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الدرس أن يعلمنا أن المجتمعات لا يمكن أن تستقر فيها الحياة بدون العدل، فاختلال المجتمعات إنما يكون بسبب غياب قيمة العدل في كل شيء.
وبين نائب رئيس جامعة الأزهر، أن الصحابة رضوان الله عليهم عندما تأسوا بسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ضربوا أروع الأمثلة في العدل، فعندما رأى عمر رضي الله عنه مرة إبلاً ثمينة , فقال: (لمن هذه الإبل؟ قالوا: إنها لابنك عبد الله، قال: ائتوني به، فلما جاؤوا به, سأله: لمن هذه الإبل؟ قال: هي لي، اشتريتها بمالي، وبعثت بها إلى المرعى لتسمن، فماذا فعلت؟ قال عمر لابنه: ويقول الناس: اسقوا هذه الإبل، فهي لابن أمير المؤمنين، ارعوا هذه الإبل, فهي لابن أمير المؤمنين، وهكذا تسمن إبلك يا ابن أمير المؤمنين، بع هذه الإبل، وخذ رأس مالك، ورد الباقي لبيت مال المسلمين)، وهو دليل على أن القرابة لا يجب أن تكون سببًا في عدم إقامة العدل.
من جانبه قال الدكتور على مهدي، أستاذ الفقه المساعد بجامعة الأزهر، إن الإسلام هو دين العدالة، والعدالة ركن هذا الدين العظيم، ونصوص القرآن الكريم والسنة النبوية شاهدة بشكل نظري وعملي على أن الدنيا لم تعرف أمة أقوم سبيلا وأهدى إلى تطبيق العدل في كثير من المواقف، من أمة الإسلام، لأنها أمة تعبد ربًا وصف نفسه بالعدل، كما أنها مأمورة بإقامة العدل ولو على نفسها، والقرآن الكريم بين لنا منهج " يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين إن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا وإن تلووا أو تعرضوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا" وهو منهج يأمر المسلم في سبيل العدل بالتخلص من علاقات النفس ومن علاقات القرابة، وهو دليل على أن هذه الأمة هي أمة العدل.
وأوضح أستاذ الفقه المقارن، أن العدل يجب ألا يقوم على الهوى والآراء والمجاملة، لأنه لا يمكن للعدل أن يستقيم في وجود هذه الأشياء، وكما أمرنا الإسلام بأن لا نجامل أو ننحاز في إقامة العدل، أمرنا أيضا ألا تحول العداوة والبغضاء بيننا وبين إقامة العدل " وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى"، وكان النبي ﷺ يقيم العدالة في كل شيء في الحياة، لأن إقامة العدل ليست أمرًا ترفًا وإنما هي ضرورة لاستقامة الحياة.
وبين أستاذ الفقه المقارن، أن من أبشع أنواع الظلم أن يزرع الآباء الظلم بين أبنائهم من خلال تفضيل احدهما على الآخر كما في قصة بشير عندما أراد ان يهب لأبنه النعمان هبة وهي "بستان" فعندما ذهب بشير للنبي ﷺ وقال يا رسول الله إني وهبت لأبني النعمان "نحلة" أي عطية، هنا قال النبي ﷺ: له إخوة؟ قال : نعم ، قال : فكلهم أعطيت مثل ما أعطيته ؟ قال بشير: لا ، قال النبي ﷺ : فليس يصلح هذا ، وإني لا أشهد إلا على حق"، وهنا أسس النبي ﷺ التسوية بين الأولاد في العطية، حتى لا تسود العداوة والبغضاء بين ذوي الأرحام، لأن الأقارب ينفس بعضهم على بعض أكثر ما ينفس بين الأعادي، لهذا وضعت المواريث من عند الله لكي لا يكون للإنسان تدخل فيها ضمانًا لإقامة العدل.
كما بين الشيخ أحمدالسنجق، الباحث بالجامع الأزهر، أن التشريع الإسلامي راعى أحوال المكلفين فإذا تماثلت أحولاهم ساوي بينهم وإذا اختلفت أحولاهم نجد أن التشريع يعدل بينهم، وهي مبلغ العدل لأن الحكمة الإلهية تقتضي أن يأخذ كل إنسان حقه، لهذا وصفت دولة الإسلام عبر تاريخها بأنها دولة العدل، لأنها طبقت منهج الإسلام في العدل في كل أمر من أمورها، ولا يمكن أن تضبط العلاقات الاجتماعية بين الناس بدون إعلاء قيم العدل والمساواة كما وضعها الإسلام.
يُذكر أن ملتقى "الأزهر للقضايا المعاصرة" الأسبوعي يُعقد الأربعاء من كل أسبوع في رحاب الجامع الأزهر الشريف، تحت رعاية فضيلة الإمام الأكبر وبتوجيهات من فضيلة الدكتور محمد الضويني وكيل الأزهر الشريف، بهدف استعراض القضايا الفكرية التي تمس المجتمع، بهدف بيانها وتوضيح رأي الإسلام منها، للوقوف على الفهم الصحيح لهذه القضايا من وجهة نظر شرعية منضبطة.