لماذا قد تستمر الحرب الأوكرانية لسنوات؟
تاريخ النشر: 21st, August 2023 GMT
تسود مخاوف من خطر تحول الحرب في أوكرانيا إلى نزاع طويل يمتد لسنوات مقبلة، ولا يكمن السبب في بطء التقدم على الجبهة، لأن أياً من اللاعبين الأساسيين ليست لديهم أهداف سياسية واضحة وقابلة للتحقق.
كان تزويد أوكرانيا بقوة نارية حاسمة يصطدم بأولوية غالبة لدى الغرب
تجد روسيا نفسها الآن في مستنقع مكلف بلا هدف واضح
وقال الكاتب في صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية ماركوس والكر إن الهدف المركزي لأوكرانيا -استعادة وحدة أراضيها- هو الأوضح، لكن ذلك يبدو احتمالاً بعيد المنال نظراً إلى حدود الدعم الغربي.
تريد الولايات المتحدة والحلفاء الأوروبيون الأساسيون مثل ألمانيا منع روسيا من الفوز، لكنهم يخشون التكاليف والمخاطر الناجمة عن مساعدة أوكرانيا من أجل تحقيق انتصار كامل، ويرسم بعض المسؤولين الغربيين صفقات كبرى لوضع حد للحرب، لكنها لا تناسب كييف ولا أهداف موسكو.
More and more people realising what a catastrophic mistake for the US to go for a protracted stalemate rather than a Russian defeat. Unless this is changed quickly US risks a quagmire. But I fear that will take a change of personnelhttps://t.co/ti3pbAIcrI
— Bruno Maçães (@MacaesBruno) August 20, 2023وتبدو الأهداف المعلنة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين هي الأكثر مرونة وتتراوح بين الخطط الإمبريالية الطموحة، إلى السيطرة على أجزاء محدودة من الأرض، وتتبدل وفقاً لما تمتلكه القوات المسلحة الروسية من مصادر.. وهدف بوتين المزمن بإعادة أوكرانيا إلى سيطرة موسكو يبدو غير واقعي الآن، لكن الأوكرانيين يعتقدون بأنه سيتعامل مع المكاسب الصغيرة وكأنها مجرد خطوات، ما يؤدي إلى زعزعة أي سلام قائم على التنازلات.
وقال الرئيس الأمريكي جو بايدن إن هدف الولايات المتحدة، هو جعل أوكرانيا في أقوى موقع ممكن للدخول في مفاوضات سلام في نهاية المطاف، من دون أن يوضح الظروف التي يتعين فيها على كييف التفاوض.. وفي وقت سابق من العام الجاري، أمِلت واشنطن وبرلين وآخرون في إيجاد فرصة لبدء مفاوضات هذا الخريف، لو كان الهجوم الأوكراني المضاد حقق مكاسب مهمة.
تجنب تصعيد غير مضبوطلكن خلال الحرب، كان تزويد أوكرانيا بقوة نارية حاسمة يصطدم بأولوية غالبة لدى الغرب، وهي تجنب تصعيد غير مضبوط، من الممكن أن يؤدي إلى حرب مباشرة مع روسيا، أو يدفع بوتين إلى استخدام الأسلحة النووية.
وكان الحد من سرعة تسليم المساعدة لأوكرانيا واضحاً في النقاشات، التي دارت في الغرب لأشهر حول ما إذا كان يجب تقديم دبابات وطائرات وصواريخ بعيدة المدى.
وكانت محدودية التسلح الأوكراني، بما في ذلك القوة الجوية والدفاع الجوي، ساهمت في تكبيد الأوكرانيين خسائر فادحة خلال الحرب، وأدت إلى البطء المؤلم هذا الصيف في مواجهة الخطوط الروسية المحصنة في منطقتي زابوريجيا ودونيتسك، كما أن تقويمات الاستخبارات الأمريكية تبدي تشاؤماً الآن فيما يتعلق بقدرة الأوكرانيين على اختراق الدفاعات الروسية والوصول إلى الساحل، وهو الهدف الإستراتيجي لكييف.
If Russia liberates Kharkov, Ukraine’s morale will be crushed. And then Odessa will seal the fate.
US media is always psy ops. All these articles are basically telling the American people to forget Ukraine and get ready for an Asian war.
https://t.co/jPwK11eZ87
ومن دون تحقيق اختراق في الميدان، لا تريد كييف التفاوض على السلام، ولا يتعين على موسكو أن تفعل، من ناحيتها قالت رئيسة المركز الأوروبي للتحليل السياسي في واشنطن ألينا بولياكوفا إنه "من خلال بناء مقاربتنا على هدف عدم التصعيد، وحول ما لا نريد أن يحدث، فإن الولايات المتحدة أعدت نفسها لنزاع طويل الأمد.. وانتهت في موقع وسط غريب، حيث أنها ليست بالضرورة قادرة على إنجاز الهدف الثاني بوضع أوكرانيا في موقع القوة الذي يجعل التفاوض ممكناً".
شروط السلام المقبولواتضح التخبط في الأهداف الغربية الأسبوع الماضي عندما تحدث مسؤول بارز في حلف شمال الأطلسي علناً، عن فكرة يتداول بها ديبلوماسيون أوروبيون تقوم على تخلي أوكرانيا عن الأراضي التي تحتلها روسيا، في مقابل ضم ما تبقى من أراض إلى الناتو.. وتسبب الاقتراح برفض غاضب من أوكرانيا، التي قالت إن الحدود ليست للمقايضة.. واعتذر المسؤول الأطلسي، مكرراً الموقف الغربي المعلن من أن أوكرانيا وحدها هي من يحق لها تعريف شروط السلام المقبول.
وفي المجالس الخاصة، لا يعتقد مسؤولون غربيون أن الولايات المتحدة وحلفاءها يمكن أن يتركوا لأوكرانيا وحدها تعريف هذا الهدف، وهم يخشون أن المطالب الأوكرانية القصوى، تضمن حرباً لا نهاية لها.. كما أنهم يرغبون في عرض جزرة على أوكرانيا كي تقبل بخسارة الأمر الواقع لبعض الأراضي، على غرار الحصول على عضوية في الناتو والاتحاد الأوروبي أو وعود بمساعدة عسكرية واقتصادية طويلة الأمد.
إن هذا التفكير ينبع من الحماس لاحتواء نزاع يشعر بتردداته في أنحاء الاقتصاد العالمي، وبشكوك حول المدى الذي سيدعم فيه الناخبون الغربيون المستويات الحالية من المساعدات لكييف، وعدم التصديق بأن أوكرانيا في إمكانها طرد القوات الروسية بالكامل.
وكتب المفكر البروسي كارل فون كلاسفيتز قولاً شهيراً مفاده "إن الحرب هي مجرد استمرار للسياسة بطرق أخرى"، مشدداً على أن القوة العسكرية هي أداة لتحقيق الهدف السياسي، وبعض الحروب الفاشلة نجمت عن عدم وجود هدف سياسي قابل للتحقق، أكثر من معارك خاسرة، بحيث أضحت الحملات تعتبر مستنزفة وعديمة الجدوى.. والأمثلة الحديثة تتضمن الفشلين السوفييتي والأمريكي في أفغانستان والهزيمة الأمريكية في فيتنام.
روسيا في مستنقعوتجد روسيا نفسها الآن في مستنقع مكلف بلا هدف واضح، وهي تدير فكرة كلاوسفيتز في رأسها.. إن الهجوم الشامل الذي أطلق في أوائل 2022 كان يهدف إلى تنصيب نظام موالٍ لموسكو في أوكرانيا، مدعوماً بفكرة أن الروس والأوكرانيين شعب واحد، وعندما أرغمت المقاومة الشرسة روسيا على التراجع، قلص الكرملين الهدف إلى غزو منطقة دونباس في شرق أوكرانيا.
وبعد سلسلة من النكسات العسكرية، أعلنت روسيا ضم أربع مناطق أوكرانية في الشرق والجنوب، وهي لا تسيطر على أي منها سيطرة كاملة.
لكن روسيا تحاول أيضاً التقدم في منطقة خاركيف في الشمال الشرقي، متجاوزة تمسكها بالأراضي.. ويواصل مسؤولون بارزون في الكرملين القول إنهم يريدون تفكيك الدولة الأوكرانية.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان النيجر مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني الحرب الأوكرانية الولایات المتحدة
إقرأ أيضاً:
لماذا اشتعل جدل النصر والهزيمة بعد وقف إطلاق النار في غزة؟
ما إن أُعلن عن اتفاقية وقف إطلاق النار في الحرب التي يشنها جيش الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، بعد عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر 2023، حتى اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي بجدل النصر والهزيمة، ذلك الجدل الذي يكشف عن آراء ومواقف الذين يؤيدون معركة الطوفان ويرونها حدثا تاريخيا مفصليا له ما بعده، وبين من يعارضونها ويصفونها بالخطأ الكارثي الذي أقدمت عليه حركة حماس وفصائل المقاومة في غزة.
وبدا واضحا أن مؤيدي معركة الطوفان يجادلون بقوة أن غزة ومقاومتها وشعبها تمكنوا من تحقيق النصر بصمودهم وثباتهم، وتجذرهم في أرضهم وإفشال مخططات العدو، وعدم تمكينه من تحقيق أي هدف من أهداف الحرب المعلنة، في الوقت الذي هاجم فيه معارضو الطوفان بشدة وصف ما آلت إليه نتائج الحرب بالنصر، في ضوء الخسائر الفادحة التي حلت بغزة وأهلها، والدمار والخراب الذي أحدثته آلة التدمير العسكرية الإسرائيلية، وتجريف البنية التحتية في غزة، الذي أحال غزة إلى منطقة منكوبة لا تصلح معها حياة البشر.
ووفقا لمراقبين فإن ذلك الجدل الذي ملأ فضاء مواقع التواصل الاجتماعي، واستعرَ بشكل لافت بعد الإعلان عن وقف إطلاق النار، إنما يصدر عن رؤى ومواقف مسبقة حيال المقاومة الفلسطينية في غزة، فالذين يؤيدون مشروع المقاومة ويعدونه الخيار الصحيح لانتزاع الحقوق وإرغام العدو الصهيوني لم يترددوا في إطلاق توصيف الانتصار على نتائج المعركة، أما الذين يعارضون حركات المقاومة، ويخالفونها في أفكارها وتوجهاتها فقد وجدوا فيما آلت إليه الحرب بابا واسعا لمهاجمة المقاومة وتحميلها مسؤولية ما جرى ويجري.
في رسالته المعنونة بـ"هل انتصرت غزة في معركة طوفان الأقصى أم لا"؟ لفت الداعية والباحث الشرعي الفلسطيني، الدكتور محمد بن محمد الأسطل إلى أن الخلاف في توصيف نتائج المعركة أمر وارد وهو مما اعتاد عليه الفلسطينيون "بعد كل معركة أو جولة عسكرية أن نسمع خلافا حول سؤال خلاصته: هل انتصرنا أم لا؟ مع أن المقاومة في كل مرة كانت تخرج بإنجاز عدد من المطالب، وتحقيق عدد من الشروط والمكاسب، وإجبار العدو على التوقيع عليها والخضوع لها".
وتابع: "ولكن في هذه المرة جاءت معركة طوفان الأقصى وقد سحق العدوُّ فيها كل شيء سحقا حقيقيا، فإذا كان الكلام في كل معركة من باب المبالغة والتوسع في الوصف فهو اليوم من باب الواقع"، مضيفا "وهذا يعني أن السؤال له وجاهته الآن، ولكن لما كانت أطراف الجواب متشعبة، وكانت هذه القضية محل جدال ولغط رأيت أن أجمع أطراف القول في مقالة واحدة مطولة، وهي تخدم الحريص على الفهم..".
د. محمد بن محمد الأسطل داعية وباحث شرعي فلسطيني
وبعد تناوله بالبحث والمناقشة للموازين الحاكمة في الحكم والتقييم، والتساؤل إن كان سؤال الانتصار هو سؤال الوقت أم لا؟ وتعيين المرتكزات المعيارية لتحديد النصر والهزيمة خلص الباحث والأكاديمي الفلسطيني الأسطل، المقيم في غزة إلى القول "بعد الذي تقرر وتسطَّر أرى أن مجرد وضعية (الزوم) عن مشاهد الألم والخسارة يكشف أن ما جرى هو نصر عظيم لا هزيمة، بل أرى شخصيا وبحسب معطيات المشهد وموازين القوة، ومن غير مبالغة أو تأثر عاطفي عارض أن ما جرى كان معجزة عسكرية لا مجرد نصر عابر".
وأضاف: "وثمة معيار إضافي يسجل غير ما ذُكر يتمثل في عجز العدو الصهيوني على البقاء في الأرض التي يتمكن من السيطرة عليها؛ فهو يتمكن من سحق المنطقة التي يريد، ويدخل إليها بزخم ناري كثيف وقصف بركاني عنيف، ولكن بعد أن يتمكن منها ويصبح عرضة لاستنزاف المجاهدين يلجأ أخيرا إلى الانسحاب منها من غير أن يستفيد من الإنجازات التي حققها".
من جانبه تساءل الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور تيسير عبد الله "هل انتصرت حماس أم بقيت؟ وهل يوجد فرق بين الانتصار والبقاء؟ وهل البقاء انتصار؟" مضيفا "هذا جزء من التساؤلات التي طفت على السطح بعد 15 شهرا من الإبادة، وبعد أن خرج مسلحو حماس في الساعات الأولى من إعلان تنفيذ الهدنة ليملأوا الشوارع، ويقدموا عروضا عسكرية احترافية ومنظمة في تسليم المختطفات..".
وتابع في منشور له عبر صفحته على الفيسبوك، اطلعت "عربي21" عليه: "صحيح أن الحركة عادت بقوة إلى الشارع، ولا تزال تسيطر على مفاصل الحياة المدنية كلها، لكن غزة دُمرت، ووصل الاحتلال إلى كل شبر فيها، وهجر سكانها، واستحيا نساءها، وقتل أطفالها وشيوخها، وأسكن في قلوب البقية اليأس والقنوط، وجعل بيوتهم غير صالحة للحياة..".
وخلص الكاتب والمحلل عبد الله، المقيم في غزة إلى القول "إذن المسألة ليست نصرا خالصا كما يريده مريدو الحركة وأنصارها، وليست هزيمة مطلقة لها، ولكنها نتيجة أخرى لم تحظ بالاهتمام والتوضيح، هذه النتيجة التي وصلت إليها الحركة في نهاية حرب الإبادة هي محافظتها على (البقاء)" لافتا إلى أن "المحافظة على البقاء ليست نصرا" إذ لم يكن لحركة حماس نصيب من مقاييس النصر المجردة حسب رؤية الكاتب وتعداده لها.
وفي ذات الإطار رأى الكاتب والباحث اللبناني، الدكتور وائل نجم أن "أهم مسألة في تقييم النصر والهزيمة تتعلق بحجم الأهداف التي تتحقق جراء أية حرب، فالمعروف أن العسكر في خدمة الأهداف السياسية، وبالتالي تحقيق الأهداف المرفوعة، وفرض الشروط يمثل نصرا، والفشل في ذلك يُعد هزيمة، خاصة إذا انطوى الفشل على مخاطر استراتيجية ووجودية بحق الذي يفتح الحرب ولم يحقق أهدافها".
وأضاف "وهذا ما حصل بالفعل في العدوان الإسرائيلي على غزة حيث فشلت قيادة الاحتلال في تحقيق أهدافها التي رفعتها باعتراف قادة الاحتلال أنفسهم، غير أن المقاومة الفلسطينية التي صمدت مع شعبها هذا الصمود الأسطوري وأفشلت أهداف الاحتلال دفعت ثمنا باهظا على مستوى الدمار الذي لحق بقطاع غزة، وعلى مستوى الخسائر البشرية، وأعتقد أن المقاومة حققت نصرا باهظ الثمن، ولكن ثمراته ستكون استراتيجية ووجودية على كيان الاحتلال".
د. وائل نجم كاتب وباحث لبناني
وردا على سؤال "عربي21" حول أسباب اشتعال جدل النصر والهزيمة بعد وقف إطلاق النار، وما هي دوافعه واتجاهاته، قال نجم "جزء من ذلك الجدل له علاقة بفهم معنى النصر والهزيمة، وارتباط ذلك بحجم الخسائر البشرية والمادية في الحرب بعيدا عن الأهداف السياسية والاستراتيجية، فهو ينطلق من رؤية قاصرة ومحدودة".
وتابع: "وجزء آخر من الجدل له علاقة بخلفيات سياسية ومصلحية، وأصحاب هذا التوجه يدركون الحقيقة جيدا، ولكنهم لا يريدون الاعتراف بها على قاعدة (نكاية بالطهارة)، ولذلك يستغلون الرؤية القاصرة من أجل تشويه الحقيقة تحقيقا لرغباتهم السياسية والخاصة، وربما يكون بعضهم مدفوعا من العدو، بمعرفة منه أو بغير معرفة".
وبدوره قال الباحث المغربي في الاجتماع السياسي، الدكتور كريم أزماني مطر "يمكننا وبشكل موضوعي الحديث عن معيار النصر أو الهزيمة بناء على تحقيق الأهداف المعلنة قبل الحرب لكل طرف على حدة، فالكيان الصهيوني أعلن أهدافه من شنه للحرب على غزة من البداية، ألا وهي: اجتثاث حماس من الجذور والقضاء عليها نهائيا، وتوفير الأمن الكامل والدائم داخل الأراضي المحتلة للمستوطنين، وتحرير الأسرى الصهاينة بشكل كامل دون شروط، ثم إعادة صياغة الخريطة الجيوسياسية والديموغرافية للمنطقة".
وأضاف متسائلا "فهل تحقق شيء من هذه الأهداف"، ليجيب بالقول "كلا، ولا يمكن لعاقل ومنصف أن يعتبر التدمير الشامل للبنى التحتية للمستشفيات وإبادة المدنيين من الأطفال والنساء وكبار السن انتصارا، وفي الوقت نفسه لم يتم تحرير ولا أسير واحد رغم تدمير قطاع غزة بيت بيت وزنقة زنقة كما يقال".
وأردف في حديثه لـ"عربي21": "في المقابل أعلنت المقاومة منذ البداية عن نيتها استخدام الأسرى لعقد صفقات تبادل لإفراغ السجون الصهيونية من أي أسير فلسطيني من أي فصل كان، كما عقدت عزمها على فضح الكيان الصهيوني أمام المجتمع الدولي وجعله وجها لوجه أمام الشرعية الدولية ومبادئ حقوق الإنسان، وإعادة القضية الفلسطينية على طاولة النقاش العالمي من جديد مع كثير من التعاطف والتأييد الشامل من كل شرائح الشعوب بما فيها الأوروبية والأمريكية".
ووفقا للباحث المغربي مطر فإن "هذه المقارنة على مستوى تحقيق الأهداف المعلنة قبل بدء الحرب تجعلنا نؤكد بعيدا عن العاطفة أو التحيز أن المقاومة حققت بعض أهدافها بنسب متفاوتة، واستطاعت أن ترغم الاحتلال على التفاوض وعقد صفقة التبادل رغما عنه" مشيرا إلى "تقييم هذه النتائج قد يختلف من زاوية لأخرى".
د. كريم أزماني مطر باحث مغربي في الاجتماع السياسي
وأوضح "فربما يقول قائل: ماذا استفاد الفلسطينيون من هذه الحرب خصوصا إذا ما استحضرنا عدد الشهداء، وحجم الخسائر المادية، وتكلفة إعادة الإعمار" ليجيب "وهذا الرأي في تقديري نابع من قلة الاطلاع على التجارب التاريخية السابقة في مقاومة الاحتلال، وخوض معارك التحرير، إذ أن تقديم مثل هذه الخسائر يكون بمثابة وقود يشحذ الهمم، ويعمق الإيمان بالقضية أكثر".
وأورد في ختام كلامه أمثلة تاريخية شاهدة على ذلك "كحرب أمريكا وفيتنام، وحرب بريطانيا والهند، والحرب العنصرية الأهلية في جنوب أفريقيا.. فهذه الأمثلة وغيرها تؤكد أن إرادة التحرير لا تكسر بالقوة العسكرية، وأن الكلمة الأخيرة دائما تكون للشعوب المقاومة، مهما كانت قلة إمكانياتها وضعف عتادها، وكل من يقول غير ذلك فهو يسبح ضد تيار التاريخ والجغرافيا، وموقفه هذا إما لمصلحة مع الاحتلال، أو لجبن متجذر في النفوس يدعو للدعة والعيش بأقل شروط الكرامة الإنسانية".