من الإحراق إلى مقدمات بناء "الهيكل".. الأقصى في عين عاصفة التهويد
تاريخ النشر: 21st, August 2023 GMT
القدس المحتلة - خاص صفا
برزت أطماع ومخططات الاحتلال الإسرائيلي ضد المقدسات الإسلامية والمسيحية في مدينة القدس المحتلة منذ اليوم الأول لاحتلال جزئها الشرقي عام 1967، واستهدفت بشكل مركّز المسجد الأقصى المبارك.
ومنذ ذلك الوقت، وإجراءات الاستهداف والتهويد للمدينة ومقدساتها تتوالى بشكل متسارع، باستخدام وسائل ممنهجة وخطيرة لأجل تحقيق أهداف الاحتلال وأطماعه بالسيطرة الكاملة على القدس، وتغيير معالمها الإسلامية والعربية، بغية تهويدها، وإنهاء الوجود الفلسطيني فيها، وجعلها ذات طابع يهودي بحت.
فمن إحراق المسجد الأقصى عام 1969، وصولًا إلى سيطرة الاحتلال على باب المغاربة، وزيادة اقتحامات المستوطنين، وتكثيف الحفريات وبناء الأنفاق و"الحدائق التلمودية"، وإقامة مرافق "الهيكل" في القصور الأموية، وأيضًا التضييق على المقدسيين بالهدم والتهجير ومصادرة الأراضي والاستيطان، لم تتوقف المخاطر المحدقة، بل تشتد وتيرتها يومًا بعد يوم.
وسائل ممنهجة
الباحث والمتخصص في علوم القدس والمسجد الأقصى عبد الله معروف يقول لوكالة "صفا" إن الاحتلال يتبع عدة وسائل تدريجية في استهدافه للمقدسات والتضييق على سكان القدس، بهدف تعويد المقدسيين والعالم على وقائع جديدة داخل القدس والمسجد الأقصى.
ويوضح أن إحدى هذه الوسائل التقدم خطوة إلى الأمام، من خلال إقامة صلاة تلمودية جماعية في المسجد الأقصى لأول مرة، ومن ثم انتظار ردة فعل الشارع المقدسي، والعمل بناءً على ذلك، فإما التراجع أو التقدم خطوة أخرى بحيث يصبح حقًا مكتسبًا لليهود.
ويضيف أن الاحتلال يسعى من خلال ذلك، للحصول على مكاسب جديدة لتهويد المقدسات، وفرض وقائع جديدة عليها، والتضييق على المقدسيين من خلال منعهم من دخول الأقصى وإبعادهم عنه.
وأخطر هذه الوسائل، وفقًا لمعروف، سعي الاحتلال لتفريغ القدس من سكانها، والسيطرة الكاملة على الأماكن المقدسة، كونه "يحلم بأن يرى المدينة بلا فلسطينيين مسلمين كانوا أو مسيحيين، بل أن يكون طابعها يهودي بامتياز، لأنه يعتبر كل من ليس جزءًا من مشروعه الصهيوني معاديًا له، ووجوده يشكل خطرًا على مشروعه".
ويتابع "لا شك أن الاحتلال وصل لمراحل متقدمة في محاولته لتهويد القدس ومقدساتها، لكن رغم ذلك، لم ينجح حتى اللحظة في إتمام مشروعه داخل المدينة بشكل كامل، بسبب صمود سكانها وتصديهم المتواصل لمخططاته التهويدية".
وأمام هذه المخاطر المحدقة بالقدس ومقدساتها، يؤكد معروف ضرورة وجود خطوات وآليات لوقف سياسة التهويد، وأن يشعر المقدسيون بأنهم ليسوا وحدهم في هذه المعركة مع الاحتلال، وأن العالم يعرف حقيقة ما يجري، ولابد من دعم صمودهم معنويًا، باعتبارها أحد أهم أساليب مواجهة محاولة تهويد المدينة.
ويشدد على أن الدعم المادي للمقدسيين في وجه آلة الاحتلال، التي تعمل على هدم المنازل وتشريد السكان والتضييق عليهم في كل مناحي حياتهم اليومية، ينبغي أن يكون عنصرًا أساسيًا، ولا بد من تضافر الجهد الشعبي والرسمي والضغط سياسيًا على الاحتلال وتبيان خطورة ما يجري بحق القدس ومقدساتها.
حرائق مستمرة
أما نائب مدير عام دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس المحتلة الشيخ ناجح بكيرات فيؤكد لوكالة "صفا" أن حرائق الاحتلال وانتهاكاته بحق المقدسات ما زالت مستمرة، ولم تتوقف منذ جريمة إحراق المسجد الأقصى، بل تعدت إلى حرائق طالت كل مناحي الحياة، لزيادة التضييق على المقدسيين.
ويوضح بكيرات أن مدينة القدس تشهد يوميًا عملية تفريغ لسكانها سواء عن طريق هدم المنازل أو فرض غرامات مالية، أو إقامة مستوطنات وبؤر استيطانية جديدة في المدينة.
ومن أبرز الوسائل المتبعة، التي يركز الاحتلال أكثر عليها للتضييق على المقدسيين، وفقًا لبكيرات، الحرب الديمغرافية المستمرة بشكل ممنهج بكل الأحياء المقدسية، بهدف تفريغها من سكانها، وجعلهم أقلية، في مقابل زيادة أعداد اليهود والمستوطنين.
والأخطر، كما يوضح بكيرات أن سلطات الاحتلال تعمل أيضًا، على تغيير الرؤية البصرية الحضارية لمدينة القدس ومقدساتها، من خلال إقامة البؤر الاستيطانية والكنس والأبراج والمباني الشاهقة، إذ أقامت خلال السنوات الماضية، أكثر من 50 ألف وحدة استيطانية في المدينة ومحيطها.
خلق مشهد يهودي
ولم تتوقف سياسة التهويد، بل عمل الاحتلال على إحداث تغيير كلي في ساحة البراق غربي الأقصى، حتى باتت مُغيبة عن المشهد العربي والإسلامي في القدس، كما أن هناك محاولات حثيثة لتغيير المشهد في بابي الخليل، والعامود، بغية "خلق مشهد حضاري يهودي يطغى على المشهد العربي".
وأيضًا، حاولت سلطات الاحتلال التضييق على المسجد الأقصى وتفريغه من المصلين، عبر الملاحقة والاعتقال، والإبعاد عن المسجد، وتكثيف اقتحامات المستوطنين، بالإضافة إلى الحفريات المستمرة أسفله وفي محيطه وتوسعت حتى وصلت إلى بلدة سلوان، ومحاولة نقل رموز يهودية للمسجد.
ويبين بكيرات أن هناك محاولات إسرائيلية مستمرة لزيارة بسط السيطرة الأمنية على مدينة القدس ومقدساتها، وزيادة خنق المسجد الأقصى وعرقلة وصول الفلسطينيين في كثير من الأحيان إليه، بهدف جعل المقدسات بعيدة عن الواقع الإسلامي، ومحاولة خلق "قداسة يهودية" مكانها.
وحتى المقدسات المسيحية لم تسلم من استهداف وتضييق الاحتلال، وفرض قيوده على وصول المسيحيين إلى كنيسة القيامة، وممارسة حقهم في العبادة، ومحاولة الاستيلاء على أملاك للكنائس المسيحية الشرقية، وعلى عقارات باب الخليل، في استهداف واضح للوجود المسيحي في القدس.
المصدر: وكالة الصحافة الفلسطينية
كلمات دلالية: المسجد الأقصى تهويد الأقصى مدينة القدس المسجد الأقصى على المقدسیین من خلال
إقرأ أيضاً:
عاجل:- محافظة القدس تدين اعتداءات الاحتلال على المسيحيين خلال سبت النور
أدانت محافظة القدس بشدة ما وصفته بـ "الاعتداءات السافرة" التي ارتكبتها سلطات الاحتلال الإسرائيلي بحق المسيحيين الفلسطينيين خلال احتفالاتهم بـسبت النور، وذلك من خلال منعهم من الوصول إلى مدينة القدس وكنيسة القيامة، وعرقلة ممارستهم لشعائرهم الدينية بحرية.
انتهاك صريح للمواثيق الدوليةوأكدت المحافظة في بيان رسمي، صدر يوم السبت 19 أبريل 2025، أن ما جرى يمثل انتهاكًا صارخًا لكل المواثيق الدولية والشرائع السماوية التي تكفل حرية العبادة والوصول إلى الأماكن المقدسة دون عوائق.
رسالة من ترامب على حائط البراق في القدس القدس: الاحتلال استغل الظروف الإقليمية الراهنة لتمرير مخططات استيطانيةوشدد البيان على أن هذه الممارسات تدخل ضمن مسلسل ممنهج من التمييز العنصري والاستهداف الديني من قبل الاحتلال.
إجراءات الاحتلال بحق المسيحيينوأفادت مصادر محلية أن قوات الاحتلال فرضت طوقًا عسكريًا حول كنيسة القيامة، حيث قامت بنصب حواجز على الطرق المؤدية إليها، ومنعت عددًا كبيرًا من المواطنين، لا سيما الشباب، من الوصول إلى داخل البلدة القديمة، كما شددت القيود على الحواجز العسكرية المحيطة بالقدس، ما حال دون وصول آلاف المسيحيين من الضفة الغربية إلى المدينة المقدسة.
ووفقًا للبيانات الصادرة، لم تصدر سلطات الاحتلال سوى 6 آلاف تصريح فقط للمسيحيين الفلسطينيين، في وقت يبلغ عددهم قرابة 50 ألفًا، ما يعني أن النسبة الكبرى منهم حُرمت من أداء طقوسها الدينية في سبت النور.
التمييز الديني لا يطال المسيحيين فقطأشار البيان إلى أن هذه الممارسات ليست الأولى من نوعها، بل تأتي ضمن سياق مستمر من التضييق على الحريات الدينية، حيث سبقها بأسابيع منع عشرات آلاف المصلين المسلمين من دخول المسجد الأقصى خلال شهر رمضان، لا سيما في أيام الجمعة وليلة القدر، وذلك في مقابل السماح للمستوطنين المتطرفين باقتحام المسجد الأقصى وأداء طقوس تلمودية داخل باحاته، في انتهاك صارخ لحرمة المكان.
عاجل:- محافظة القدس تدين اعتداءات الاحتلال على المسيحيين خلال سبت النورمنع سفير الفاتيكان من دخول كنيسة القيامةفي تصعيد غير مسبوق، أقدمت قوات الاحتلال أيضًا على منع المطران أدولفو تيتو إيلانا، سفير الفاتيكان (الكرسي الرسولي) من دخول كنيسة القيامة، وهو ما اعتبرته المحافظة تصرفًا أرعن يعكس الاستهتار بالقانون الدولي والأعراف الدبلوماسية، مشيرة إلى أن هذا السلوك يعبّر عن وقاحة سياسية وعدوانية موجهة ضد كل ما هو فلسطيني، سواء كان مسيحيًا أو مسلمًا.
صمت دولي مريبعبرت محافظة القدس عن استهجانها واستغرابها الشديدين من الصمت الدولي تجاه هذه الانتهاكات، ودعت في بيانها كافة المنظمات الدولية، والهيئات الحقوقية، والقوى العالمية إلى الخروج عن صمتها، والتحرك بشكل فعّال للجم هذه الاعتداءات العنصرية الممنهجة.
وأكدت أن حرية العبادة هي حق إنساني مكفول بكل الشرائع، مطالبة العالم أجمع بتحمل مسؤوليته في وقف العدوان الإسرائيلي على المقدسات الإسلامية والمسيحية على حد سواء.
تزايد الإدانات الدوليةجاء بيان محافظة القدس بعد سلسلة من ردود الفعل الدولية المنددة، كان أبرزها إدانة قطر لمخططات إسرائيلية لتفجير المسجد الأقصى، وتصريحات للرئيس التركي رجب طيب أردوغان حول تقاعس العالم الإسلامي تجاه ما يحدث في غزة والقدس، إضافة إلى تصريحات سفير واشنطن الجديد لدى الاحتلال التي أثارت جدلًا واسعًا بعد إعلانه نيته الصلاة أمام حائط البراق نيابة عن ترامب والشعب الأمريكي.
كما دعت حركة حماس إلى تصعيد عمليات الاشتباك مع الاحتلال ردًا على الاقتحامات المتكررة لباحات الأقصى.