حسابات الحقل والبيدر في غزة
تاريخ النشر: 27th, January 2025 GMT
علي بن مسعود المعشني
ali95312606@gmail.com
جرت العادة عند مزارعي الحبوب، نقل المحصول من الحقل إلى حقل آخر لفرز المحصول من سنابله إلى حبوب؛ تمهيدًا لتعبئتها وعرضها للبيع على تجار الحبوب، وغالبًا ما يُخالف المحصول في سنابله الناتج على الأرض بعد فرزه؛ فيُقال "خالف الحقل حساب البيدر".
وما حدث في غزة شبيه بذلك ولكن على طريقة أخرى؛ حيث النتيجة بعد الفرز قاسية ومؤلمة لحسابات العدو ورُعاته الإقليميين والدوليين، بعد سعيه الحثيث لوقف إطلاق النار وقبوله بشروط الفصائل، وبالنتيجة ظهور العدو بصورة المهزوم وليس بصورة المُنتصر الذي يُملي شروطه على المهزوم، ولا يلتقي معه سوى لتوقيع إقرار هزيمته.
لقد وضع العدو الإسرائيلي 4 أهداف لعدوانه على غزة، بعد عملية "طوفان الأقصى"، وهي:
القضاء على حركة حماس وإنهاء حكمها لقطاع غزة. تدمير البنية التحتية لفصائل المقاومة بقطاع غزة. تحرير الرهائن الإسرائيليين بالقوة المسلحة. تهجير سكان غزة قسرًا إلى صحراء سيناء في مصر.لكن ما تحقق بعد عام ونصف العام تقريبًا من عمر الطوفان، هو قيام كيان العدو بتدمير واسع وقتل مُمنهج في جميع مناطق القطاع ولجميع سكانه بلا استثناء، ونجاحه في قتل قائد الحركة وعدد من قياداتها وكوادرها. لكن في المقابل، نجحت فصائل المقاومة بغزة في استنزاف كيان العدو وجره إلى حرب طويلة لم يعتدها جيشه من قبل، إضافة إلى نجاح فصائل الإسناد في لبنان والعراق واليمن، في إرهاق كيان العدو بالداخل واستهداف بنيته التحتية ومقاره العسكرية، ومرافقه الحيوية من موانئ ومطارات ومصانع بالصواريخ والمسيرات بصور منتظمة ومرهقة له.
وبالنتيجة وجد العدو ورعاته أن الخلل البنيوي بداخل الكيان يتسع كل يوم وأن الأهداف الحيوية التي رسمها العدو تبتعد عن التحقيق كل يوم كذلك، لهذا أذعن لشروط المقاومة لوقف إطلاق النار، آملًا أن يُحقق له رعاته الإقليميون والدوليون بالسياسة ما عجز عن تحقيقه بالقوة المسلحة، وأن يُحقق اختراقات أمنية بالهدنة عبر العملاء والمعونات والتقنية، بما يُعينه على تحقيق ما تبقى له من مخططه وطموحه.
وفي المقابل، تعلم فصائل المقاومة أن العدو في حالة انعدام الجاذبية، وأن الطوفان أفقده الكثير من الهيبة والعقل والقوة والمكانة الإقليمية والدولية، وأن كُلفة وقف إطلاق النار على العدو أكبر وأعلى بكثير من كُلفة الحرب. كما تعلم فصائل المقاومة ومن واقع مواثيق وقواميس النضال عبر التاريخ، أن المنتصر لا يُفاوض بل يُملي شروطه، وأن حسابات النضال سقفها التحرير وبأي ثمن، بينما حسابات المُحتل سقفها محسوب ومُقرر سلفًا في غرف العمليات الحربية.
التاريخ التحرُّري يُخبرنا بأن ثورة جبهة التحرير الجزائرية (1954- 1962) ضحَّت بمليون ونصف المليون شهيد جزائري مقابل 95 ألف جندي فرنسي، وتحرَّرت الجزائر، كما ضحَّت الثورة الفيتنامية بثلاثة ملايين ونصف المليون فيتنامي، مقابل 57 ألف أمريكي، وتحرَّرت فيتنام، كما فقد الروس 20 مليون جندي في حربهم مع الألمان، وهُزم الألمان وانتصر الحلفاء.
قبل اللقاء: يقول أمير الشعراء أحمد شوقي:
دم الثوّار تعرفه فرنسا // وتعلم أنّه نور وحقُّ
وللحريّة الحمراء باب // بكلّ يدٍ مُضرّجة يُدقُّ
جزاكم ذو الجلال بني دمشق // وعزّ الشّرق أوّله دمشق
وبالشكر تدوم النعم.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
جبهة العمل الإسلامي: عدم تحقيق العدو أهدافه هو انتصار
هنأت "جبهة العمل الإسلامي" في لبنان في بيان، "المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها بذكرى الإسراء والمعراج العظيمة".ولفتت إلى أنه "استطاعت المقاومة في كلا البلدين الصبر والصمود والتصدي في مواجهة أعتى قوة عسكرية تدميرية في المنطقة، وهو العدو اليهودي الاسرائيلي الغاشم، تدعمها أقوى وأعتى قوة عالمية إرهابية من دول أميركا وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا وفرنسا وغيرها من دول الغرب ودول أعراب التطبيع الخياني التي كانت تدعم وتمد العدو الإسرائيلي بكل الأسلحة التدميرية المحرمة دوليا، وبكل ما تحتاجه من غذاء ودواء وخضار وفواكه طازجة، ومن لوازم معيشية يومية من خلال الممر البري الذي أنشأوه".
تابع:"بعد أن استطاع اليمن العزيز إغلاق البحر الأحمر ومضيق باب المندب أمام السفن التجارية والعسكرية اليهودية الاسرائيلية، والدول الداعمة لها، في حين كان حصار الجوع والعطش والبرد والمرض وعدم إدخال الدواء والمواد الغذائية والطبية مفروضا على القطاع بشكل كامل من قبل العدو وأقرانه أعراب التطبيع الخياني".
أضافت: "هذه الذكرى المجيدة، تأتي في الوقت الذي خرج فيه شعبنا اللبناني والفلسطيني من دوامة القتل اليومي الذي كان يقترفه العدو الاسرائيلي الحاقد الغادر بشكل هستيري من دون رادع أو وازع من أحد بعد عشرات آلاف الشهداء ومئات آلاف الجرحى والأسرى والمفقودين".
وأكدت أن "عدم تحقيق العدو أي من أهدافه المعلنة هو انتصار في حد ذاته، وهذا فشل واستسلام للأمر الواقع الذي فرضته المقاومة عليه في لبنان وفلسطين واعترف به ضباط العدو ومسؤولوه".