مصر المحبوسة ومراجعة ملف حقوق الإنسان 2025
تاريخ النشر: 27th, January 2025 GMT
الثلاثاء القادم، الثامن والعشرين من كانون الثاني/ يناير، في تمام الساعة الثانية بعد الظهر بتوقيت أوروبا، تكون جمهورية مصر العربية على موعدٍ مع استعراض شامل لحالة حقوق الإنسان لمراجعة الالتزام بالاتفاقيات الدولية المعنية بحالة حقوق الإنسان خلال الأربع سنوات السابقة.
هذه هي المراجعة الرابعة في تاريخ مصر منذ بدأت آلية الاستعراض الدوري الشامل (UPR) التابعة لمجلس حقوق الإنسان عملها.
وهذه المراجعة لملف حقوق الإنسان تتم بناء على مدى احترام الدولة لميثاق الأمم المتحدة، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وكذلك معاهدات حقوق الإنسان التي صدقت عليها، والتعهدات والالتزامات الطوعية التي قدمتها الدولة، بالإضافة إلى القانون الدولي القابل للتطبيق. تُعد الغاية الرئيسية من هذه المراجعة هي تحسين حالة حقوق الإنسان.
حالة حقوق الإنسان في مصر لا تحتاج إلى تحسين فقط، لأن حقوق الإنسان في مصر ضائعة، ومفقودة، ومهدرة، وذلك على كافة النواحي الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والصحية، والمدنية، والسياسية
ولكن حالة حقوق الإنسان في مصر لا تحتاج إلى تحسين فقط، لأن حقوق الإنسان في مصر ضائعة، ومفقودة، ومهدرة، وذلك على كافة النواحي الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والصحية، والمدنية، والسياسية، وذلك حسب رصدٍ وتوثيقٍ قامت به عدة منظمات حقوقية غير حكومية تجاوز عددها 200 منظمة.
وتواترت التقارير تذكر أن المعتقلين السياسيين داخل السجون المصرية تجاوز عددهم 60 ألف معتقل، مع اعتماد التعذيب الممنهج والمستمر وواسع الانتشار في مقرات الاحتجاز والسجون، مع وجود مئات من النساء المعتقلات على خلفية قضايا ذات طابعٍ سياسي، بالإضافة إلى التدهور المستمر في أوضاع حقوق المدافعين عن حقوق الإنسان، والعمال والمهمشين، وضحايا الإهمال الطبي، والرعاية الصحية المفقودة، وسوء حالة المرافق التعليمية، والتسرب من التعليم، وغيرها من الحقوق المعتدى عليها.
ملف حقوق الإنسان المصري لا يشهد تطورا إطلاقا على أي صعيد، فعقوبة الإعدام لا تزال تشكل تهديدا للحق في الحياة، مع عدم اتخاذ تدابير إيجابية للحد من هذه العقوبة، حيث يوجد أكثر من 100 جريمة يعاقب عليها بالإعدام. وحالات الاختفاء القسري مشكلة قائمة منذ أمد طويل، وتشمل اعتقال أو احتجاز أو اختطاف الأفراد من جانب سلطات الدولة التي ترفض الكشف عن مصيرهم أو مكان وجودهم.
فمنذ الاستعراض الدوري الشامل الأخير لحالة حقوق الإنسان في مصر، لم تعتمد أي تدابير لتعديل تعريف التعذيب في قانون العقوبات، أو لإنشاء هيئة تحقيق مستقلة فيما يُرتكب من جرائم تعذيب. ومراكز الاحتجاز لا تزال غير لائقة وغير إنسانية، والسجناء يعانون من الاكتظاظ وسوء المعاملة والإهمال الطبي المتعمد والحبس الانفرادي.
واستقلال القضاء من أخطر ما يُلاحظ في مصر، من عدم استقلال القضاء والقضاة. فمرفق القضاء يعاني من مشاكل تشريعية وتنظيمية تؤثر على مدى استقلاليته على المستويين المؤسسي والفردي. والمحاكم العسكرية تُستخدم لمحاكمة المدنيين، حيث يفتقر الأفراد إلى الضمانات المتاحة في المحاكم العادية.
والحبس الاحتياطي أصبح إجراء عقابيا ضد المعارضين والمدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين، إذ تطيل السلطات أمد الاحتجاز بلا حدٍ أقصى، فضلا عن إعادة الاتهام في قضايا جديدة فيما يعرف بظاهرة التدوير. هذه الممارسة تنطوي على إعادة اعتقال المحتجزين الذين اقتربوا من الحد الأقصى للحبس الاحتياطي، أو انتهاء فترة السجن، وذلك بإدراجهم في قضايا جديدة، كثيرا ما تكون بتهم شبه متطابقة.
استهدفت السلطات المصرية المحامين على نحو منهجي، وعرقلت عملهم عن طريق الاعتقالات والاعتداءات البدنية والترهيب، فلا يتمكن المحامون من أداء عملهم في ظل حالة من الخوف الانتقام أو الترهيب.
أصبحت انتهاكات أغلب الحقوق الاقتصادية والاجتماعية على الدرجة نفسها من المنهجية والانتشار التي تتميز بها انتهاكات الحقوق المدنية والسياسية في مصر
توسعت سلطات الأجهزة الأمنية حتى تحولت مصر إلى دولة بوليسية، فإلى جانب الانتهاكات المباشرة التي ترتكبها أجهزة الأمن ضد المواطنين والتي يفلت مرتكبوها من العقاب، أصبحت الأجهزة الأمنية تلعب دورا محوريّا في كل مناحي الحياة العامة، السياسية والاجتماعية، والتعليمية، والدينية، والإعلامية.
واستمرت مؤشرات العدالة الاجتماعية في الاختلال، وارتفعت نسبة الفقر بدلا من أن تنخفض، واتسع نطاق التفاوت في الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية بين الريف والحضر، وبين الأغنياء والفقراء، حتى أصبحت انتهاكات أغلب الحقوق الاقتصادية والاجتماعية على الدرجة نفسها من المنهجية والانتشار التي تتميز بها انتهاكات الحقوق المدنية والسياسية في مصر.
إنني أرجو لمصر السلام والسلامة من هذا الإجرام في حق الإنسان، وأتطلع إلى مراجعة السلطات المصرية لحالة حقوق الإنسان بشكلٍ جاد. نريد مصر دولة قانون وحقوق وحريات، دولة عدل يغيب عنها الظلم، بالإفراج عن المعتقلين السياسيين كافة، وإلغاء أحكام الإعدام الجائرة التعسفية، وإجلاء مصير المختفين قسرا، ووقف تامٍ للتعذيب والمعاملة غير اللائقة والمهينة.
أفرجوا عن مصر المحبوسة في زنازين الموت، وأنقذوا مصر من الضياع والانهيار التام لحقوق الإنسان.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه مصر المراجعة الأمم المتحدة المعتقلين التعذيب الانتهاكات مصر الانسان الأمم المتحدة تعذيب انتهاكات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة عالم الفن سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الاقتصادیة والاجتماعیة حقوق الإنسان فی مصر حالة حقوق الإنسان
إقرأ أيضاً:
وزير الخارجية: فخور بأداء الوفد المصري في المراجعة الدورية لحقوق الإنسان
أعرب الدكتور بدر عبد العاطي، وزير الخارجية، عن شكره العميق لجميع الجهات المصرية المشاركة في المراجعة الدورية الرابعة لملف حقوق الإنسان في مجلس حقوق الإنسان، مشيدًا بالتعاون الكبير بين المؤسسات المصرية مثل المجلس القومي للمرأة، والمجلس القومي للطفولة والأمومة، والمجلس القومي لشؤون الأشخاص ذوي الإعاقة.
وأكد عبد العاطي، خلال لقاء على قناة "القاهرة الإخبارية" أن الوفد المصري استعد بشكل جيد لهذه الجلسة الهامة، حيث عقدت اللجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان العديد من الاجتماعات التنسيقية خلال الأشهر الثلاثة الماضية لضمان التحضير الجيد.
كما سلط الضوء على المشاركة الواسعة التي شهدتها الجلسة، حيث قدمت حوالي 140 دولة توصياتها، وأشادت بشكل كامل بملف حقوق الإنسان المصري وما تحقق من إنجازات هامة، مضيفًا أن هذه المشاركة الواسعة تعكس التقدير الكامل لمكانة مصر الإقليمية والدولية.
وأشار الوزير إلى الدعم الكبير الذي حصل عليه الوفد المصري من المجتمع المدني المصري، الذي التقى مع الوفد الرسمي وأبدى تأييده الكامل، معبّرًا عن فخره واعتزازه بالأداء المتميز للوفد المصري، مشيرًا إلى أن الإنجازات التي تحققت في مجال حقوق الإنسان كانت تحت توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي، وهو ما نال تقدير جميع الوفود المشاركة في الجلسة.