منذ انطلاقه في العام 1969، أصبح معرض القاهرة الدولي للكتاب، رمزًا للهوية الثقافية العربية، ومظلة تجمع تحتها الكُتَّاب والمثقفين والناشرين والعارضين من مختلف أنحاء العالم.
الدورة الحالية، التي تستمر حتى الـ5 من فبراير المقبل، وتحمل رقم 56، تحت شعار «اقرأ... في البدء كان الكلمة»، لم تختلف كثيرًا عن سابقاتها، وإن كانت تحمل مبادرات وأفكارًا جديدة، تستهدف تعزيز الوعي الثقافي والمعرفي.
بالطبع لا يتسع المجال للتحدث عن أعداد المشاركين ودور النشر والندوات الأدبية والفكرية، لكن أكثر ما يلفت الانتباه، أن الدورة الحالية تُعيد إلى الواجهة، واقعنا الثقافي المرير، حول مسمى «أمة اقرأ لا تقرأ»، الذي غالبًا ما يتبعه مصطلحات كـ«أمة ضحكت من جهلها الأمم».. فهل صحيح أن الحال بهذه السوء، وهل القراءة هي آخر ما يشغل اهتمامات المواطن العربي؟
بالطبع لسنا بصدد تتبع الإحصائيات السابقة، التي تشير إلى تدنِّي معدلات القراءة عند المواطن العربي، بشكل مخيف، إذ لا يقرأ أكثر من ربع صفحة في السنة، بمعدل 6 دقائق فقط، لينعكس ذلك على واقع ثقافي بائس، يتجلَّى في تفشِّي الأُمِّيَّة، مما يجعل الحصول على رغيف الخبز هو أقصى أماني وأحلام غالبية الشعوب العربية!
لعل واقع الحال، يدعو للأسى والحزن، إذ نلاحظ أن الثقافة آخر اهتمامات الحكومات والأنظمة، بدليل خلو معظم المدن العربية من المكتبات العامة، أو التشجيع على القراءة واكتساب الثقافة، على اعتبار أن ذلك يُعد رفاهية قد تُفسد الأخلاق والانتماء!
خلال عِقْدٍ كامل، نعيش تدهورًا حادًا في المشهد الثقافي، الذي يعاني من «العتمة» التي تطفئ وَمَضات التجديد، لا سيما بعد انفصال الثقافة عن التعليم، وكليهما عن «الأدب»، وبالتالي فإن معظم المعارض ليست سوى «مولد سنوي»، لـ«المَنْظَرة والفَشْخرة».
نتصور أن اكتمال «مشاريع النهضة والتنمية»، لا يتحقق إلا بإنقاذ الحالة الثقافية المترهلة، من خلال حرية التعبير، و«تطهير» العقول من براثن الجمود، وإزالة «ألغام» الفساد الفكري، و«نسف» منظومة القوالب الجامدة، و«تغيير» الوجوه الجاثمة على أنفاس الثقافة، التي تتصدر المشهد منذ عقود، ولا تمتلك أية حلول أو رؤى جديدة أو مختلفة.
بكل أسف، هناك مَن يلوِّثون الإبداع، بِحُجَّة مواكبة التطور الثقافي، دون مراعاةِ الارتقاء بذوق المتلقي وتوسيع مداركه ومعارفه، كأولوية قصوى.. ما يجعل الحالة الثقافية غير صالحة للاستهلاك الإنساني!
نتصور أن الحالة الإبداعية أصبحت تتآكل، حيث تسودها حالة تشويش، لإفساد المعايير الذوقية والجمالية والفكرية، من بعض أدْعياء الثقافة، أو الباحثين عن الشُّهرة والبريق، أو الراغبين في التربح والكسب المادي.. والمعنوي، على أقل تقدير!
أخيرًا.. الثقافة ذاتها مطالبة بأن تتنوع مصادرها، لتكون أكثر قدرة على تحقيق المعرفة، والتخلص من حالة الجمود التي تسود حياتنا، ورصد وتحليل الواقع الاجتماعي والثقافي والسياسي، لا أن تنجرف وراء «هلوسات» سطحية.
فصل الخطاب
عندما تَعْزِفُ أمةٌ عن القراءةِ تُصابُ أسواقُ الأفكارِ بالكسادِ بموجبِ قانونِ العَرْضِ والطَّلَبِ، كما ينحسرُ الإبداعُ، وتَضْمُرُ الثقافةُ.
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: معرض الكتاب الثقافة والإبداع محمود زاهر أمة اقرأ المشهد الثقافي القراءة والمعرفة الحصول على رغيف الخبز مصادر المعرفة
إقرأ أيضاً:
أحمد فؤاد هنو يفتتح فعاليات "الأيام الثقافية المصرية في قطر"| صور
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
وسط حضور جماهيري كبير من الجمهور القطري والمقيمين، افتتح الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة ، والشيخ عبد الرحمن بن حمد بن جاسم بن حمد آل ثاني، وزير الثقافة القطري، فعاليات "الأيام الثقافية المصرية في قطر"، والتي تستمر حتى 31 يناير الجاري، في "درب الساعي" بالعاصمة القطرية الدوحة، وذلك بحضور السفير عمرو الشربيني، سفير مصر في قطر، والسفير طارق علي فرج الأنصاري، سفير قطر بالقاهرة، والنجم حسين فهمي "ضيف شرف الأسبوع"، وعدد من سفراء الدول العربية والأجنبية، وقيادات وزارة الثقافة.
في كلمته، قال الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة : "لحظة مميزة تلك التي تجمعنا اليوم، حيث تلتقي القلوب والعقول لتكون شاهدة على حالة من الفن والإبداع، في مشهد يعكس أسمى معاني الأخوة. نقف اليوم على أرض قطر الشقيقة، لنشهد معًا افتتاح الأيام الثقافية المصرية في درب الساعي، هذا الحدث الذي يحمل عبق التاريخ وروح الفن الأصيل، ليكون نافذة مشرقة تطل منها ثقافة مصر العريقة على أشقائنا في قطر".
وتابع وزير الثقافة: "نحن اليوم ننسج لوحة استثنائية من التواصل الحضاري والإبداع الإنساني. ففي هذه الأيام، يمتزج عبق التراث المصري الذي يشهد على حضارة ضاربة في عمق التاريخ، مع ليالي الفن الأصيل التي تلامس وجداننا، لتصنع على أرض عاصمة الإبداع، الدوحة، أروع لوحات التآخي والصداقة بين شعبينا".
وأوضح أن التراث المصري بما يحمله من رموز وقيم، ليس مجرد ماضٍ نعتز به، بل هو كيانٌ حي نابض في حاضرنا ومستقبلنا. ومن خلال هذا الحدث، نقدم لكم ملامح غنية من فنوننا الشعبية، وحرفنا التقليدية، وموسيقانا الساحرة، ونجومنا الاستثنائية، ورقصاتنا التراثية التي تحمل معها روح مصر العريقة ورسالتها للسلام والتواصل مع العالم".
وأضاف: "هذه الأيام الثقافية تؤكد عمق العلاقات التاريخية التي تجمع بين مصر وقطر، وترسخ روح الأخوة والتفاهم التي نحرص على تعميقها، متطلعين دائمًا إلى مزيد من التعاون الثقافي والإبداعي بين بلدينا".
في ختام كلمته، توجه بالشكر الجزيل لكل من ساهم في تنظيم هذا الحدث المميز، ولكل الحضور الكريم الذين يجسدون بتواجدهم معاني الوحدة والتواصل. ودعا الجميع للاستمتاع بهذه الليالي التي تأخذكم في رحلة عبر الزمن، لتعيشوا سحر مصر بجميع ألوانها، وتشاركوا معنا فرحة الثقافة التي توحد القلوب وتجمع الشعوب. وتمنى أن تكون هذه الأيام الثقافية تجربة استثنائية تظل خالدة في الذاكرة، وتُكتب في سجل العلاقات المشرقة بين مصر وقطر.
خلال الافتتاح، تفقد الحضور الأجنحة المشاركة، ومنها معرض الحرف التراثية والتقليدية الذي يعكس ثراء التراث المصري المتنوع، بالإضافة إلى ورش العمل والعروض الحية للحرف اليدوية التي تسلط الضوء على المهارات الفريدة للحرفيين المصريين. واستمعوا إلى فقرة عزف لأبناء بيت العود المصري، كما زاروا قاعة عرض الفنون التشكيلية بما تحتويه من أعمال نتاج ملتقى الأقصر الدولي للتصوير، ولوحات معرض "القاهرة عمارة وعمران"، وبورتريهات النسيج اليدوي، إلى جانب عروض الأراجوز، التنورة، فرقة رضا للفنون الشعبية، وعروض عازفي الربابة في ساحات درب الساعي.
واختتمت فعاليات اليوم الأول بحفل فني أحياه النجم محمد ثروت، الذي شارك بباقة من الأغاني الطربية والوطنية التي رفع الجمهور على أنغامها العلم المصري. ثم تغنى نجوم الفرقة القومية للموسيقى العربية بدار الأوبرا المصرية، بقيادة المايسترو أحمد عامر، بباقة من الأغاني الطربية.
تتضمن فعاليات الأسبوع الثقافي المصري في درب الساعي معارض للفن التشكيلي والخط العربي، بالإضافة إلى ورش تعليم الفنون التراثية المتنوعة، وجلسات حكي مخصصة للأطفال والشباب.
وابتداءً من الأربعاء 29 يناير، تبدأ الفعاليات يوميًا في تمام الساعة الثالثة عصرًا بتوقيت الدوحة، ويتضمن البرنامج أوبريت "الليلة الكبيرة" لفرقة مسرح القاهرة للعرائس، وحفلات فنية تُحييها الفرقة القومية للموسيقى العربية بمشاركة المنشد محمود التهامي، بالإضافة إلى عروض أفلام كلاسيكية من السينما المصرية، وحفل لفريق كورال "روح الشرق"، إلى جانب عروض فرقة رضا للفنون الشعبية.
كما يشمل البرنامج ندوة ثقافية بعنوان "50 عامًا على رحيل كوكب الشرق أم كلثوم"، يُقدمها الكاتب الصحفي محمود التميمي، وحفلًا للفنانة المصرية العالمية أميرة سليم، وتُختتم الفعاليات بعرض النسخة المُرممة من فيلم "المومياء" للمخرج الراحل شادي عبد السلام.