اعتبر يوهانان تسوريف، الباحث في "معهد دراسات الأمن القومي" الإسرائيلي (INSS)، أن اجتماع قادة الفصائل الفلسطينية في مدينة العلمين المصرية في 30 يوليو/ تموز الماضي هدف إلى إظهار وحدة الصف الفلسطيني ووقف تآكل شرعية السلطة الوطنية، وهو ما يمثل درسا لإسرائيل ويبعث برسالة إلى السعودية والولايات المتحدة في ظل حديث متصاعد عن تطبيع محتمل للعلاقات بين الرياض وتل أبيب بوساطة واشنطن.

تسوريف أضاف، في تحليل ترجمه "الخليج الجديد"، أنه "سبق الاجتماع تحضيرات دبلوماسية من جانب مصر وكبار قادة حركة فتح، تضمنت حشد دعم الدول العربية مثل قطر والأردن والسعودية والجزائر ودول آسيوية، بينها الصين وتركيا وروسيا. وأدى مصادقة هذه الدول على الاجتماع إلى إقناع الفصائل بالمشاركة ووفرت درجة معينة من الشرعية البديلة للشرعية الأمريكية المخيبة للآمال".

وتابع أن الرئيس الفلسطيني، زعيم "فتح"، محمود عباس هدف "من خلال الاجتماع إلى الوصول إلى تفاهم داخلي فلسطيني مشترك من شأنه أن يساعد في وقف التآكل الواضح لشرعية السلطة الفلسطينية، مما يسهل علىها التعامل مع التحديات غير المسبوقة التي تواجهها حاليا".

وأوضح تسوريف أنه "من المنظور الاقتصادي، تقترب السلطة الفلسطينية من الإفلاس، وتلقت انتقادات كثيرة في هذا الصدد، حتى من داخل صفوفها. كما تواجه السلطة اتهامات بأنها لم تعد تمثل الشعب الفلسطيني بأكمله، وتتعاون فعليا مع إسرائيل".

اقرأ أيضاً

بايدن يأمل في تسجيل ثلاثية شرق أوسطية قبل الانتخابات.. فما هي؟

ضم وتطبيع

الاجتماع الفلسطيني هدف إلى "خلق أرضية مشتركة بين الفلسطينيين تعزز شرعية السلطة الفلسطينية، باعتبارها القيادة المخوّلة للتعامل مع التحديات غير المسبوقة التي تواجهها"، بحسب تسوريف.

وأوضح أن "الأشهر الأخيرة شهدت قلقا متزايدا في السلطة الفلسطينية بشأن الضغوط التي تمارسها الحكومة الإسرائيلية (يمينية متطرفة)؛ بسبب سياسة الضم المتسارعة لأراضي الضفة الغربية إلى إسرائيل، بما في ذلك تعديل قانون فك الارتباط وإقامة بؤر استيطانية غير قانونية".

كما لفت إلى "الخطاب (من جانب مسؤولين إسرائيليين) مثل (ضرورة) "إبادة (بلدة) حوارة (الفلسطينية)"؛ والأسئلة التي طرحها كبار الوزراء في الحكومة الإسرائيلية حول مبرر وجود السلطة الفلسطينية أو أي تمثيل فلسطيني".

تسوريف قال إنه "في موازاة ذلك، تجري الإدارة الأمريكية مفاوضات مكثفة مع السعودية لتعزيز التحالف الإقليمي ضد إيران واستقرار النفوذ الأمريكي الجديد في الشرق الأوسط، وتطبيع العلاقات بين الرياض وتل أبيب".

وزاد بأنه "في اتفاقية التطبيع مع السعودية، من المرجح أن تطلب الإدارة الأمريكية من إسرائيل الامتناع عن أي خطوات أحادية أخرى في الضفة الغربية قد تعرض للخطر آفاق تسوية مستقبلية مع الفلسطينيين على أساس حل الدولتين (فلسطينة وإسرائيلية)، والامتناع عن أي خطوات نحو الضم وإقامة المستوطنات والبؤر الاستيطانية غير القانونية، وحتى تسليم أراضي المنطقة (ج) إلى السلطة الفلسطينية تدريجيا (على النحو المنصوص عليه في اتفاقيات أوسلو)".

واعتبر أن "الرد الإسرائيلي الإيجابي على الضغط الأمريكي في هذا الصدد سيعيد الساحة الإسرائيلية الفلسطينية إلى سياقها قبل عرض خطة (الرئيس الأمريكي السابق دونالد) ترامب ("صفقة القرن" المجحفة للفلسطينيين)، بل ويعزز مكانة السلطة الفلسطينية".

وزاد بقوله: "الفلسطينيون ليسوا جزءا من الخطوة التي تقودها واشنطن، ويرجع ذلك جزئيا إلى ضعف الشرعية المحلية والدولية للسلطة الفلسطينية، ومع ذلك، يبدو أن محاولة إظهار الوحدة بين الفصائل هدفت إلى إيصال رسالة تمثيل وطني فلسطيني إلى المنطقة وخارجها".

ومن أصل 22 دول عربية، تقيم 6 دول هي مصر والأردن والإمارات والبحرين والمغرب والسودان علاقات رسمية معلنة مع إسرائيل، التي تواصل احتلال أراضٍ في كل من فلسطين وسوريا ولبنان منذ حرب 5 يونيو/ حزيران 1967.

اقرأ أيضاً

واشنطن أم الرياض أم تل أبيب.. أين العقبة الأكبر أمام التطبيع؟

ضغوط أمريكية

في الواقع، بحسب تسوريف، "لا ينبغي النظر إلى الاجتماع على أنه تحرك نحو المصالحة، بل على أنه استعراض للتقارب والتنسيق بين (حركتي) فتح وحماس، إذ تدرك الفصائل أنه بينما لا يمكن سد الفجوات الأيديولوجية التي تمنع المصالحة، فإنه عليها أن تجد طريقة للتعامل مع قضايا الساعة الملحة التي قد تلغي القضية الفلسطينية على الساحتين الإقليمية والدولية".

ويسود الساحة الفلسطينية انقسام سياسي بين "فتح" وحماس" وجغرافي بين قطاع غزة والضفة الغربية منذ صيف 2007.

تسوريف تابع: "لذلك توصلوا إلى قرار مشترك، تحت ضغط مصري على ما يبدو، لإيصال رسالة إيجابية إلى الجمهور. والتفاهمات التي تم التوصل إليها تتعلق بإدارة الانقسام داخل الساحة الفلسطينية وليس آلية لحلها".

وقال إن "إظهار الوحدة وتبني المقاومة السلمية التي طلبها أبو مازن (عباس) من (رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل) هنية، سيسهل على رئيس السلطة الفلسطينية إقناع الإدارة الأمريكية بزيادة ضغطها على إسرائيل التي لا مصلحة لها في التوصل إلى تفاهمات مع الفلسطينيين".

"أما بالنسبة لإسرائيل، فإن الدرس هو أنه مثلما حدث في عهد ترامب، فإن التهديدات التي يُنظر إليها على أنها خطيرة للغاية على القضية الفلسطينية تؤدي إلى التقارب بدلا من العزلة بين مختلف الفصائل المتنافسة"، كما أردف تسوريف.

وحذر الحكومة الإسرائيلية، برئاسة بنيامين نتنياهو، من أن "تجاهل التطورات في الساحة الفلسطينية، ولا سيما العلاقات المتجددة بين قياداتها ردا على التحركات الإقليمية، قد يؤدي إلى خسائر أكبر بكثير".

اقرأ أيضاً

صفقة خداع.. تطبيع السعودية وإسرائيل لا يضمن قيام دولة فلسطين

المصدر | يوهانان تسوريف/ معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: فلسطين فصائل قمة مصر تطبيع السلطة الفلسطينية السلطة الفلسطینیة

إقرأ أيضاً:

وزير الخارجية يجدد رفض المملكة دعوات تهجير الشعب الفلسطيني

شارك صاحب السمو الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله وزير الخارجية، أمس الجمعة، في الاجتماع الاستثنائي لمجلس وزراء خارجية الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، وذلك في مقر الأمانة العامة للمنظمة في جدة.
ويعُقد الاجتماع الوزاري الاستثنائي بطلب مُشترك من الدول الإسلامية الشقيقة والصديقة، وضمن إطار السعي نحو استمرار وحدة الصف وتكثيف جهود العالم الإسلامي إزاء إنهاء عدوان الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية والجمهورية العربية السورية ووقف انتهاكاتها التي تزعزع أمن المنطقة واستقرارها.

#جدة | سمو وزير الخارجية الأمير #فيصل_بن_فرحان @FaisalbinFarhan يشارك في الاجتماع الاستثنائي لمجلس وزراء خارجية الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي. pic.twitter.com/9SMSRJRjUn— وزارة الخارجية(@KSAMOFA) March 7, 2025وقف إطلاق النار في غزةوخلال الاجتماع أكد سموه على ضرورةِ استدامة وتنفيذ وقف إطلاق النار في غزة، وإلزام إسرائيل باحترامَ القانون الدولي، ووقف هذه الجرائم، والرفض التام لدعوات تهجير الشعب الفلسطيني من أرضه، ولأي محاولات لفرض حلول لا تحقق تطلعات الشعب الفلسطيني المشروعة في تقرير مصيره، وتدارك التداعيات الخطيرة لذلك على صعيد المِنطَقة والعالم.
أخبار متعلقة وزير الخارجية يبحث العلاقات الثنائية مع نظرائه في 3 دولالمملكة تقدم ملف التسجيل الرسمي لمعرض إكسبو الدولي 2030كما شدد سمو وزير الخارجية على استمرار المملكة في عملها مع الدول الشريكة والصديقة من خلال "التحالف الدولي لتنفيذِ حلّ الدولتين" للدفع بمسار تنفيذ حل الدولتين.عودة سورياورحب سموه خلال الاجتماع بعودة سوريا إلى منظمةِ التعاون الإسلامي، وتطلعه في أن تسهم وتشارك مع أشقائها في الإرتقاءِ بأعمال المنظمة.
وحضر الاجتماع، نائب وزير الخارجية وليد بن عبدالكريم الخريجي، ووكيل وزارة الخارجية للشؤون الدولية المتعددة والمشرف العام على وكالة الوزارة لشؤون الدبلوماسية العامة عبدالرحمن الرسي، وسمو مستشار وزير الخارجية للشؤون السياسية الأمير مصعب بن محمد الفرحان، ومندوب المملكة الدائم لدى منظمة التعاون الإسلامي صالح السحيباني.

مقالات مشابهة

  • تفاهمات بين إسرائيل وواشنطن حول محادثات مبعوث ترامب مع حماس
  • لماذا لا يمكن للسلطة الفلسطينية وقف التنسيق الأمني مع إسرائيل واختيار المقاومة؟
  • حزب بن غفير يدفع بمشروع قانون لإلغاء اتفاقيات وقعتها إسرائيل مع السلطة الفلسطينية
  • منظمة التحرير وروسيا تبحثان مجمل التطورات على الساحة الفلسطينية
  • وفد من حركة الفصائل الفلسطينية يعقد لقاء مع رئيس المخابرات المصرية
  • لابيد: لهذا السبب يتفاوض الأمريكيون بشكل منفصل مع حركة الفصائل الفلسطينية
  • تفاصيل لقاء حسين الشيخ مع ممثل روسيا لدى السلطة الفلسطينية
  • صحف عالمية: غضب في تل أبيب من محادثات واشنطن وحماس السرية.. وخطط إسرائيلية لجر المقاومة الفلسطينية للقتال مرة أخرى
  • وزير الخارجية يجدد رفض المملكة دعوات تهجير الشعب الفلسطيني
  • مرشح لخلافة محمود عباس.. من هو ماجد فرج رئيس جهاز الاستخبارات الفلسطينية؟