لم تكن العملية الفدائية التي نفذها عبد العزيز قاضي الأميركي من أصول مغربية، هي الأولى من نوعها التي ينفذها غير الفلسطينيين ضد إسرائيل، فقد سبقتها عمليات عديدة، تفاوتت نتائجها من حيث الإصابات والخسائر على الجانب الإسرائيلي.

تصب هذه العمليات في خانة التعبير عن التعاطف والتضامن، الذي تكنه الشعوب العربية والإسلامية، مع قضية الشعب الفلسطيني، ورفضها لجرائم الإبادة وسياسة التدمير الشامل والتهجير الممنهج التي ترتكبها إسرائيل ضد الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية.

وجاءت في هذا السياق، تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، حين قال عقب عملية الشهيد الأردني ماهر الجازي الحويطات إن "إسرائيل محاطة بأيديولوجية قاتلة يقودها محور الشر الإيراني"، ووصف العملية بالحدث الصعب.

الذئاب المنفردة

ويرى الخبير الأمني والعسكري أسامة خالد أن تكرار هذه العمليات يُعد أمرا لافتا على الصعيد الأمني والعسكري، ويمكن النظر لها كحالة جديدة في ظل الظروف الحالية التي تمر بها القضية الفلسطينية.

وتقوم هذه الحالة في جوهرها على فكرة الذئاب المنفردة التي تتحرك بحثا عن أي فريسة لتصطادها سواء كانت على عجل أو كان يراقبها منذ مدة، ولذا ما من مؤشرات واضحة على نوايا الذئاب المنفردة ومواعيد أعمالها كونها محصورة في عقل ووجدان من يقومون بهذا النوع من الأعمال.

إعلان

ويتابع الخبير العسكري أن ظروف طوفان الأقصى قد خلقت جوا عاما لمثل هذه الأعمال ومن جنسيات مختلفة، ووفرت لها البيئة المناسبة، لا سيما وأن دوافع الذئاب المنفردة معلومة والتي تنطلق من حالة الغضب الشعبي والفردي على ما يحدث من إجرام وإبادة ضد الشعب الفلسطيني وسط صمت دولي رهيب.

ورغم العدد المحدود لهذه العمليات، فإنها إذا استمرت وتطورت، فيمكن اعتبارها ظاهرة قابلة للانتشار والتوسع في المنطقة.

إجراءات إسرائيلية

وتحتاج إسرائيل لتفادي مثل هذه العمليات -وفقا للمحلل العسكري أسامة خالد- إلى العديد من الإجراءات المعقدة جدا، لا سيما أن معظم الذئاب المنفردة تتحرك بشكل تلقائي وعفوي ومباشر دون ارتباط أو تخطيط أو توجيه.

وعلى هذا الأساس، تبقى المعلومة وساعة التنفيذ محصورة لدى المنفذ حصرا، وهذا يصعب مهمة رصد وتحليل نوايا الأفراد على الأجهزة الأمنية، أو تحليل سلوكهم على الوجه الصحيح، وبالتالي، يبقى في حالة استنفار عال في مراكز ذات حساسية عالية في الداخل، وكذلك مصالحه بالخارج.

وتوجب هذه العمليات على الاحتلال تفعيل إجراءات وقائية واحترازية عالية في محاولة لمنع تحقيق عدد كبير من القتلى والجرحى، ومن ذلك التشديد على الأوراق الشخصية والثبوتية كجوازات السفر في المطارات والمعابر المختلفة ضمن سياق تقييم أمني لحالة الأشخاص القادمين والمغادرين والتعاون مع الجهات الخارجية في دول الجوار والعالم في هذا الإطار.

كما يتطلب ذلك وجود وحدات استخبارية متخصصة في العالم الرقمي لدى الكيان تُعنى بتحليلات شاملة وآنية لبيانات الأشخاص وما ينشرونه على وسائل التواصل الاجتماعي لتوقع نواياهم والحالة النفسية التي يعيشونها لا سيما في خضم الأحداث الكبيرة.

لكن بالمجمل هناك صعوبة عالية في الوقاية من هذا النوع من الأعمال وهذا يشكل تحديا ضاغطا على أجهزة أمن الكيان.

العمليات الفدائية توجب على الاحتلال تفعيل إجراءات وقائية واحترازية عالية (غيتي) أهم العمليات

نستعرض في هذا التقرير عددا من هذه العمليات التي نفذت خلال فترة العدوان على قطاع غزة التي امتدت على مدار نحو 15 شهرا.

إعلان عملية الأردني ماهر الجازي الحويطات

وقد تكون عملية الشهيد الأردني ماهر الجازي الحويطات، هي الأوقع في قلب الاحتلال الإسرائيلي من حيث المنفذ وطريقة التنفيذ، وحجم الخسائر البشرية التي خلفتها العملية.

ففي الثامن من سبتمبر/أيلول 2024 توجه ماهر بشاحنته إلى الأراضي الفلسطينية عبر جسر الملك حسين، الذي يسمى في الجانب الفلسطيني معبر الكرامة، ويعرف بجسر "اللمبي" بحسب التسمية الإسرائيلية.

وحين وصل إلى مرآب التفتيش عند نقطة أمن المعابر الإسرائيلية، أطلق النار من مسافة قريبة على عناصر أمن الحدود الإسرائيليين وقتل 3 منهم، واستمر الاشتباك، حيث تبادل أفراد آخرون معه إطلاق النار حتى سقط شهيدا.

وأدت هذه العملية إلى توتر شديد في العلاقات الأردنية الإسرائيلية، حيث احتجزت إسرائيل أكثر من 100 من سائقي الشاحنات الأردنية للتحقيق معهم، في حين أغلق الجانب الأردني المعبر من جهته، وباشر بالتحقيق مع عائلة المنفذ، ليخلص التقرير بعدها إلى أن العمل كان فرديا، وليس مرتبطا بتنظيم أو جهة مسلحة.

وقد احتجزت إسرائيل جثة الشهيد الجازي مدة 8 أيام قبل أن تفرج عنها وتسلمها إلى الجانب الأردني. وقد قوبلت هذه العملية بابتهاج وفرح كبيرين في الشارع الأردني والفلسطيني على حد سواء، وأشادت بها كتائب القسام على لسان ناطقها العسكري "أبو عبيدة".

عملية الشاب التركي حسن سكلانان

وفي 30 أبريل/نيسان 2024 أقدم السائح التركي حسن سكلانان على طعن أحد ضباط شرطة الحدود الإسرائيلية، عند باب الساهرة في مدينة القدس المحتلة، مسببا له جروحا متوسطة، بادر على إثرها شرطي آخر بإطلاق النار على الشاب التركي مما أدى إلى استشهاده على الفور.

وكان سكلانان، البالغ من العمر 34 عاما، والذي يعمل إماما لمسجد في ولاية أورفا جنوب شرق تركيا، قد وصل إلى القدس المحتلة في وفد سياحي عن طريق الأردن قبل 3 أيام من الحادث، وانفصل عن مجموعته بحجة المرض، وتوجه للصلاة في المسجد الأقصى، وقد لقي في طريقه، بحسب مصادر تركية، مضايقات من الشرطة الإسرائيلية، أثارت غضبه ودفعته للهجوم على الضابط بسكين كان بحوزته.

إعلان

وقد لاقت العملية تأييدا في الشارعين العربي والتركي، واحتفت منصات التواصل المختلفة بهذه العملية، واستقبلت الحشود التركية جثمان الشهيد سكلانان الذي تسلمته السلطات التركية بعد أكثر من 3 أسابيع، احتجز خلالها في إسرائيل.

عملية الجندي المصري محمد صلاح

وتصنف عملية "العوجة" التي نفذها الجندي المصري محمد صلاح في سياق الانحياز ذاته لمظلومية الشعب الفلسطيني في غزة، على الرغم من حصولها قبل 4 أشهر من انطلاق عملية طوفان الأقصى.

ففي 3 يونيو/حزيران 2023 تمكن الجندي المصري من قتل 3 جنود إسرائيليين وإصابة رابع بجروح، بعد اشتباكه مع نقطة عسكرية لتأمين الحدود قرب معبر العوجة، "نيتسانا" وفق التسمية الإسرائيلية.

وفي الوقت الذي حاول النظام المصري فيه توصيف الحادث على أنه مطاردة لمهربي مخدرات، أكدت مصادر إسرائيلية أن الجندي المصري اخترق الحدود من بوابة طوارئ في المعبر، وتوجه إلى عناصر تأمين الحدود ليجهز على 3 منهم ويصيب الرابع قبل أن تصل التعزيزات التي قامت بتصفيته.

عملية لم تكتمل لاثنين من الشباب الأردني

ففي 22 مارس/آذار 2024 أعلنت إسرائيل أنها اعتقلت مسلحيْن بالقرب من مستوطنة بتسائيل المقامة على أراضي قرية فصايل الفلسطينية، بعد اجتيازهما حدود المملكة الأردنية باتجاه الأراضي الفلسطينية المحتلة.

وقد ضُبط الشابان وهما يحملان رشاش كلاشنكوف ومشطين للذخيرة، واعترفا في التحقيق بأنهما جاءا لينفذا عملية ضد الإسرائيليين في يافا، ردا على العدوان الإسرائيلي على غزة.

قتل سائحين إسرائيليين بالإسكندرية

وفي 8 أكتوبر/تشرين الأول 2023، أي بعد يوم واحد فقط من هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول، أقدم شرطي مصري، يدعى محمد عبد الحميد، على إطلاق النار بشكل عشوائي على فوج سياحي إسرائيلي في الإسكندرية، فقتل اثنين منهم إضافة إلى مرشد سياحي مصري.

وكان الفوج السياحي أصر على التقاط صور تذكارية، رافعا العلم الإسرائيلي، مما أثار حفيظة الشرطي المصري، ودفعه لإطلاق النار عليهم.

إعلان عملية عامر قواس ورفيقه حسام أبو غزالة من الأردن

وفي 18 أكتوبر/تشرين الأول 2024 تمكن الشابان عامر قواس وحسام أبو غزالة من اجتياز الحدود جنوب البحر الميت، بالقرب من مستوطنة "إيلوت"، حيث قاما بإطلاق النار على نقطة حراسة إسرائيلية وأصابا اثنين من الجنود، قبل أن يستشهدا برصاص جيش الاحتلال الإسرائيلي.

ولقيت العملية أصداء واسعة في الشارع الأردني، واحتفاء كبيرا على منصات التواصل، وباركت حماس العملية البطولية التي نفذها "الشهيدان" قرب الحدود "الأردنية الفلسطينية".

عملية المغربي عبد العزيز قاضي

وجاءت العملية التي نفذها عبد العزيز قاضي، المغربي الذي يحمل الجنسية الأميركية، في سياق التعبير عن الرفض لجرائم الإبادة الجماعية التي ينفذها الاحتلال على مدار الساعة في غزة والضفة الغربية، من قتل وتدمير وتهجير ممنهج.

ففي مساء الثلاثاء 21 يناير/كانون الثاني أقدم قاضي على طعن مجموعة من اليهود في منطقتيْ نحلات بنيامين وكليشر في تل أبيب، وهما منطقتان تجاريتان مكتظتان بالسكان، وأصاب 5 منهم بجروح، وصفت حالة أحدهم بالخطيرة، في حين كان أحد المصابين جندي احتياط شارك في عمليات جيش الاحتلال في غزة مؤخرا.

وقد أشادت حركتا حماس والجهاد الإسلامي بالعملية، ووصفتاها بالبطولية، وأشارتا إلى أنها تأتي في سياق التضامن الذي تكنه الشعوب الحرة في مختلف أنحاء العالم تجاه الشعب الفلسطيني في غزة.

عبد العزيز قاضي المغربي منفذ عملية الطعن في تل أبيب (مواقع التواصل) عملية على الحدود الأردنية

وفي 5 أبريل/نيسان 2024 أطلق شاب أردني النار على دورية لجيش الاحتلال الإسرائيلي، كانت تستقل سيارة جيب عسكرية، عند معبر الشيخ حسين شمال الأردن، ودون أن يجتاز الحدود، حسب تصريحات للجيش الإسرائيلي.

ووفقا للتقارير فقد تعرضت سيارة جيب دورية مأهولة بجنود من كتيبة "أسود هياردين" المختلطة المسؤولة عن المنطقة، لإطلاق نار وردت القوة بإطلاق نحو 10 رصاصات باتجاه مصدر النيران، وهرعت قوات كبيرة من الجيش الإسرائيلي إلى النقطة المحددة.

إعلان

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الشعب الفلسطینی الذئاب المنفردة عبد العزیز قاضی الجندی المصری هذه العملیات التی نفذها فی غزة

إقرأ أيضاً:

«الإمارات» يُوقف زحف «غنتوت» في «دبي الفضية»

دبي (الاتحاد) 

أخبار ذات صلة شرطة دبي تنفذ حملة تدقيق على الوسائل البحرية والمطاعم العائمة الإمارات ترسخ مكانتها كقوة دافعة للتحول نحو الطاقة النظيفة

قادت سمو الشيخة ميثاء بنت محمد بن راشد آل مكتوم، فريق الإمارات إلى الفوز على «غنتوت» 9-7، ليتوقف زحف «غنتوت» إلى صدارة كأس دبي الفضية 2025، والتي تختتم أول فبراير المقبل، فيما حقق «الذئاب» فوزاً ثميناً على «بنجاش» 13-7.5، ليغرد خارج السرب، وينفرد بالصدارة مؤقتاً، بعد أن أنهى مبارياته الأربع.
أصبحت الكأس الفضية التي تقام على ملاعب نادي ومنتجع الحبتور للبولو الفروسية، بمشاركة 5 فرق وبـ«هانديكاب 20 جول» محط الأنظار، بعد أن شهدت 136 هدفاً في 8 مباريات، وما يثير الاهتمام هو صعوبة التكهن بطرفي المباراة النهائية حتى الآن، ورغم أن «الذئاب» حصد 3 انتصارات، وخسر مرة، فإن فوز «الإمارات» و«غنتوت» يوم الثلاثاء المقبل يعقد الحسابات، ويُدخل الفرق الثلاثة «الذئاب» و«الإمارات» و«غنتوت» في ضربات جزائية لتفض الاشتباك بينها.
وشهدت مباراة «الإمارات» و«غنتوت» إصراراً من الفريقين على الفوز، إلا أن مونتيفردي يستحق نجومية اللقاء، بعد أن رجح كفة «الإمارات» طوال الأشواط الخمسة.
وفي المباراة الثانية، نجح حبتور الحبتور في قيادة فريقه إلى فوز غالٍ على «بنجاش» بقيادة حيدر بنجاش، وشهد اللقاء سيطرة «الذئاب»، بينما افتقد «بنجاش» جماعية اللعب، مما أتاح الفرصة الذهبية لـ«الذئاب» لحسم المباراة.
وتقام مباراتان، يوم الثلاثاء المقبل، في ختام الدور التأهيلي، الأولى بين «بنجاش» و«الإمارات»، والثانية بين «الحبتور» و«غنتوت».

مقالات مشابهة

  • “الأونروا” تحذر من تداعيات التشريع الإسرائيلي وتقليص العمليات يعرض وقف إطلاق النار والإنسانية للخطر
  • «كاتس» يكشف موعد الانسحاب الإسرائيلي من سوريا خلال زيارة لجبل الشيخ
  • إسرائيل: العملية العسكرية شمال الضفة تتوسع لطولكرم بعد أسبوع من حملة الجدار الحديدي
  •  وزارة التربية تنظم ندوة حول عملية طوفان الأقصى ومستقبل الصراع مع العدو الإسرائيلي
  • العمليات المشتركة تنفذ عملية أمنية في حمرين بمحافظة ديالى بعد رصد تحركات لداعش
  • إسرائيل تنفذ عملية تفجير كبيرة جنوبي لبنان
  • سقوط 22 شهيدًا .. إسرائيل تنفذ عملية تفجير في كفر كلا جنوب لبنان
  • إسرائيل تنفذ "عملية تفجير كبيرة" جنوبي لبنان
  • «الإمارات» يُوقف زحف «غنتوت» في «دبي الفضية»