الكسوف المستمر.. شمس يناير التي ما زالت تؤذي أعيّن السلطة في مصر
تاريخ النشر: 27th, January 2025 GMT
تحل ذكرى ثورة الخامس والعشرين من يناير للمرة الرابعة عشر، وبعد عيد ميلادها الأول والثاني، أبت السلطة الانقلابية في مصر منذ عام 2014 إلا أن تحيل ذلك العيد إلى مأتم، فارضة كسوفا على "شمس الحرية" التي غنى لها من قبل شباب الأولتراس، أصبح المصريين يستجدون انقشاعه بالدعوات، والدعوات فقط.
يحمل يناير من العام الحالي ذكرى سعيدة لأسرة واحدة دون المصريين، وهي أسرة الملازم أول "ياسين محمد حاتم" والذي تنتهي محكوميّته بالسجن لمدة 10 سنين.
يخطب السيسي محتفلا بذكرى عيد الشرطة ولا تُذكر الثورة إلا عبورا ولماما إن ذكرت. وفي العام الحالي، هنأ رئيس الحكومة الرئيس بثورة يناير في برقية منفردة لم تذكر عيد الشرطة، وفي العموم تُولي الدولة في ذكرى الثورة في العام الحالي كثيرا من الأهمية، وهي الذكرى التي جاءت في أعقاب شيئا آخر من روائح الربيع العربي بسقوط النظام الأسدي في سوريا
في مصر، لا يحق لأحد للاحتفال بثورة يناير سوى السيسي ورئيس حكومته الذي هنأه تلك السنة بحلول ذكرى الثورة، وحتى علاقة السلطة ذاتها بتلك الذكرى ملتبسة أيما التباس، ففي سنواته المبكرة خطب السيسي في ذكرى يناير محتفيا بشهدائها وبالمناخ الديمقراطي الذي تمخض عن الثورة، ونطقت كلماته بالعرفان للثورة أكثر من ضباط الداخلية، وهو في ذلك محق في شعوره بالامتنان لتلك الثورة، فلولاها لما كان ما أصبح عليه. وفي السنوات الأخيرة يخطب السيسي محتفلا بذكرى عيد الشرطة ولا تُذكر الثورة إلا عبورا ولماما إن ذكرت. وفي العام الحالي، هنأ رئيس الحكومة الرئيس بثورة يناير في برقية منفردة لم تذكر عيد الشرطة، وفي العموم تُولي الدولة في ذكرى الثورة في العام الحالي كثيرا من الأهمية، وهي الذكرى التي جاءت في أعقاب شيئا آخر من روائح الربيع العربي بسقوط النظام الأسدي في سوريا، ويبدو أن تلك محاولة للركوب على الذكرى، ومحاولة امتصاص ما تبعث فيه إلى النفوس من أمل مرة أخرى، مثل سنوات الرئيس الباكرة.
بالنسبة للشعب، آخرون مثل شيماء كان القدر أكثر رأفة بهم، أو أكثر قسوة، حيث لم ينالوا عقابهم موتا بل سجنا واختفاء قسريا. استطاعت الحكومة على مدار السنوات الماضية أن تحول شوارع وسط البلد إلى بؤرة شرطيّة حصرية خاصة في أيام الثورة، فبعد أن قضى السيسي على أي رمزية ممكنة، حتى بإعادة هندسة الميدان وخنقه، لم يترك ما تبقى من الأسفلت والأرصفة ملكا للناس، فبين كل زاوية وأخرى تقف مدرعة شرطة "أتاري" ويتحلق حولها خمسة أو ستة من العساكر وراءهم ضباط نوبتجية يجلسون على طاولة وأمامهم أكواب من الشاي وعلب فارغة من السجائر.
استطاعت الحكومة على مدار السنوات الماضية أن تحول شوارع وسط البلد إلى بؤرة شرطيّة حصرية خاصة في أيام الثورة، فبعد أن قضى السيسي على أي رمزية ممكنة، حتى بإعادة هندسة الميدان وخنقه، لم يترك ما تبقى من الأسفلت والأرصفة ملكا للناس، فبين كل زاوية وأخرى تقف مدرعة شرطة "أتاري" ويتحلق حولها خمسة أو ستة من العساكر وراءهم ضباط نوبتجية يجلسون على طاولة وأمامهم أكواب من الشاي وعلب فارغة من السجائر
يخضع منطق تلك الكمائن إلى إشاعة الاعتباط حتى لا يأمن أحد على نفسه، فبشكل سنوي، تحفل وسائل التواصل الاجتماعي بشهادات لأشخاص خضعوا لتفتيش أجهزتهم المحمولة دون إذن قانوني، ويروي آخرون أن لهم أصدقاء اعتقلوا من خلال تلك الطريقة الاعتباطية. وفي العام الحالي، استبق النظام في مصر ذكرى الثورة بالعديد من الاعتقالات لشخصيات من المشهد العام، بدأها باعتقال الإعلامي "أحمد سراج" لاستضافته زوجة المعتقل رسام الكاريكاتير "أشرف عمر"، وبعد أيام من اعتقال سراج وتوجيه التهمة المطاطية الخاصة بالانضمام لجماعات إرهابية.
أيضا اعتقلت السلطات محمد أحمد علام المشهور على التيك توك باسم "ريفالدو" والذي كان يهاجم الرئيس في الكثير من "لايفاته" على هذا التطبيق. في نفس الشهر أيضا اعتقل الأمن المصري شخصية مؤثرة على موقع اليوتيوب، وهو "أحمد أبو اليزيد" الذي نُسب إليه تهمة الإتجار في النقد الأجنبي. وبالنسبة للمعتقلين السابقين، لا يكون الأمر أهون. كاتب هذه السطور مثلا، وقبل خروجه من مصر، اعتاد الاختباء في ذكرى الثورة بسبب الهجمات على منزله التي يقوم بها أمناء الشرطة، وتكرر الأمر مع كثير من المعتقلين السابقين الذين قد تكون ذكرى ثورة يناير لوحدها دون أي شيء آخر كفيلا بإعادتهم إلى المعتقل مرة أخرى.
يذكر لي أحد الأصدقاء من قبل تعليقا قد تلقاه من صديق أجنبي كانا يسيران معا في شوارع وسط البلد في أحد أيام يناير الكابوسية تلك، يحمل دلالة وخلاصة عن الحال في مصر: "أحقا تعتقد أنه مثير للاهتمام لسائح أجنبي أن تجعله يزور معسكرا للشرطة؟".. هكذا تحل الثورة على مصر بشكل سنوي، وهكذا يستحيل شكل البلد إلى معتقلين من كافة الأطياف، معتقلين لكافة الأسباب، وعسكرة للميادين وخنقها، ومحاولة لتغطية الشمس بكف الأيدي الغاشمة، ولكن أتحجب الأكُف ضياء الشمس؟ هو سؤال جديرة الأيام بإجابته.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه ذكرى ثورة مصر السيسي المعتقلين مصر السيسي ذكرى ثورة معتقلين مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات اقتصاد سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی العام الحالی ذکرى الثورة عید الشرطة فی ذکرى فی مصر
إقرأ أيضاً:
السوداني يثمن الجهود التي أمّنت وسهّلت مراسم إحياء ذكرى استشهاد الامام الكاظم
بغداد اليوم -