المسلة:
2024-12-29@14:24:33 GMT

العودة الميمونة

تاريخ النشر: 21st, August 2023 GMT

العودة الميمونة

21 أغسطس، 2023

بغداد/المسلة الحدث:

محمد زكي ابراهيـم

شكل خبر استعادة معدات مصفى الشمال المنهوبة من أربيل صدمة غير متوقعة للكثيرين داخل العراق وخارجه. وكان البعض يعتقد أنها نهبت مثل باقي المنشآت الصناعية في البلاد. أو أنها دمرت خلال المواجهات بين الغزاة والمدافعين عن المصفى. أو أن مثل هذا الموضوع لم يكن يعني له شيئاً، وسط الخسائر الهائلة التي أحدثها الهجوم الإرهابي على العراق.


والحقيقة أن شمال العراق لم يكن ملاذاً آمناً للخارجين عن القانون في العراق والدول المجاورة فحسب، بل كان مأوى للكثير من السلع المهربة، أو المختلسة، أو الممنوعة، منذ عقد التسعينات من القرن الماضي، حتى يومنا هذا. أي أن تهريب مقاطع من وحدات التصفية إلى أربيل، بعد اجتياح مجموعات من السلفيين لها عام 2014 لم يكن مستغرباً. وهو المكان الوحيد الذي يمكن أن تمر منه، أو تخزن فيه، في عموم البلاد.

ولمن لا يعرف فإن مجمع المصافي النفطية في بيجي يتكون من ثلاثة أجزاء رئيسية هي مصفى صلاح الدين (140 ألف ب. ي) وقد صنعته وشيدته شركة تكنو أكسبورت الجيكية. ومصفى الشمال (140 ألف ب. ي) أيضاً، اشتركت في تصنيعه شركتان يابانيتان (كويو وجيودا)، ونفذ بأياد يابانية وعراقية. ومصفى الدهون (150 ألف طن سنوياً) قامت ببنائه شركة (تكنيب) الفرنسية. ويحتوي مصفى الشمال على وحدة لتسييل الغاز. وهناك مصنع للمنظفات تابع لمنظمة الأوابك. ومستودعات للخزن والتحميل، عدا عن أخرى تابعة له في كركوك وحمام العليل والمشاهدة واللطيفية.

وكان مجمع التصفية هذا، الذي يعمل فيه آلاف الأشخاص، يزود محطة كهرباء بيجي العملاقة (1200 ميكاواط) بالوقود، قبل بناء محطات غازية جديدة. كما يقدم خدمات أخرى إلى معمل الأسمدة الكيمياوية القريب منه. وقد أنشئت أحياء سكنية واسعة لإيواء العاملين في المصفى، ومحطة الكهرباء والمصانع الأخرى. فبيجي مدينة صغيرة قليلة السكان ليس فيها ما يسد الحاجة من الأيدي العاملة. وجل ساكني هذه الأحياء قدموا من الجنوب. أي أن بيجي كانت ستتحول إلى منطقة صهر للمكونات والأعراق والمذاهب، لو بقيت على حالها بعد سقوط النظام السابق. بيد أن المضايقات التي تعرضت لها العوائل هناك، أجبرتها على الرحيل وإخلاء مناطق السكنى. فقد انبعثت مشاعر العداء المكبوتة فجأة، وحل التيار السلفي محل النزعة الحزبية – العشائرية القديمة.

وهكذا كان تفكيك ونقل الوحدات الانتاجية لمصفى الشمال إلى أربيل، أمراً متيسراً، بعد هبوط قطعان من السلفيين على المنطقة عام 2014. وكان هؤلاء بحاجة للمال في المقام الأول. وقد وجدوا لها سوقاً رائجة في كردستان، مثل كثير من البضائع الأخرى، التي تهرب في العادة إلى تركيا كمواد خام، لكن لأمر ما لم تتمكن الشركات الكردية من شحنها إليها.
ومن الطبيعي أن تلحق أضرار كبيرة بهذه المعدات المعقدة والضخمة، أثناء التفكيك، والنقل، والخزن الطويل. وأن تصبح أجزاء مهمة منها غير صالحة للاستخدام. ويمكن فرز ذلك عبر إخضاعها لعملية فحص هندسي كثيف. وسيكون بوسع وزارة النفط تعويض الأجزاء المتضررة أو المفقودة عبر الاتصال بالشركات التي قامت بتجهيزها في الثمانينات، توفيراً للوقت والجهد. علماً أن بعض هذه المعدات لم تدخل للخدمة، إذ جرى شراؤها بعد تعرض أجزاء من المصفى للاندثار في سنوات سابقة.

وإذا ما تم ذلك، وعادت الروح إلى مجمع التصفية بكامله، فإن الحياة ستدب في أماكن كثيرة في بيجي وما حولها، وسيتحقق الاكتفاء الذاتي من المشتقات النفطية. كما سيجري تصدير كميات هائلة من زيت الوقود إلى الخارج. وستعود بيجي مرة أخرى مدينة صاخبة، مزدحمة بالسكان. وتزول عنها الصبغة العشائرية المتطرفة، التي كان يغذيها النظام الطائفي المنهار، أو ذئاب داعش المسعورة. وتصبح واحة للتعايش والتحضر والانفتاح، وسط صحراء مجدبة لم تنتج سوى الخراب والدمار. أي أن عودة المصفى للإنتاج سيكون لها تأثير بالغ على الحياة الاجتماعية، والنسيج البشري، والتوزيع الحضري في العراق.

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

المصدر: المسلة

إقرأ أيضاً:

التباينات العراقية أمام الأزمة السورية.. وحدة وطنية أم انقسام ؟

29 ديسمبر، 2024

بغداد/المسلة: يسود المشهد العراقي حالة من الترقب والحذر مع تصاعد الأحداث الإقليمية والدولية، خصوصاً بعد عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض وسقوط نظام بشار الأسد.

هذه التطورات رافقها استمرار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في توجيه تهديدات مباشرة تجاه العراق، ما زاد من حدة المخاوف من تداعيات محتملة على الأمن والاستقرار في المنطقة.

المواقف السياسية في العراق

قادة الكتل والأحزاب السياسية في العراق تعاملوا مع هذه المستجدات بحذر، مع التركيز على أهمية تعزيز الاستقرار بمستوياته السياسية، الأمنية، والاجتماعية.

رئيس الوزراء محمد شياع السوداني ورئيس تحالف قوى الدولة، عمار الحكيم كانا في طليعة الشخصيات التي أكدت على أهمية العمل المشترك لتحصين العراق من أي تداعيات إقليمية.

والحكيم شدد  على ضرورة تمكين الشعب السوري من إدارة بلاده بما يحفظ وحدته وتنوعه الديموغرافي، مع الدعوة إلى تعزيز الجهوزية العامة للتعامل مع أي تطورات.

الحكيم، في تصريحاته الأخيرة، شدد على “أهمية تمكين الشعب السوري من قراره السياسي وإدارة بلده”، مشيراً إلى ضرورة اتخاذ موقف حازم لمنع تقسيم العراق وسوريا، خاصة في ظل تقارير تشير إلى محاولات لتجزئة البلدين إلى كيانات صغيرة، وهو يعتبر خطراً وجودياً على الأمن الإقليمي.

الحدود: بؤرة صراع جديد؟

الحدود المشتركة بين العراق وسوريا وتركيا أصبحت ساحة لصراعات نفوذ متعددة الأطراف. تركيا تسعى للحد من نفوذ حزب العمال الكردستاني (PKK) في المناطق الحدودية، مما أدى إلى تصعيد التوترات مع العراق وسوريا على حد سواء.

في الوقت نفسه، حذر محللون عراقيون من مخيم الهول في سوريا، الذي يضم آلافاً من عناصر تنظيم داعش، مشيرين إلى أنه قد يشكل تهديداً أمنياً مباشراً للعراق في المستقبل.

تأييد واسع ومخاوف عميقة

القوى الكردية والسنية أبدت مرونة في التعاطي مع الازمة السورية. هذا التأييد تجسد في بدء التواصل الرسمي بينها القوى السياسية العراقية  والادارة الجديدة في دمشق، بما يعكس حرصاً على تنسيق المواقف وتجنب التصعيد.

رئيس البرلمان العراقي، محمود المشهداني، دعا إلى “احترام إرادة الشعب السوري”، مؤكداً على ضرورة تبني مواقف متوازنة تحمي مصالح العراق وتجنب توريطه في صراعات إقليمية جديدة.

رغم ذلك، يبقى الخطاب العراقي متبايناً، حيث تتباين المواقف بين من يدعو للتدخل الإيجابي لدعم استقرار سوريا ومن يفضل الانسحاب من أي أدوار إقليمية مباشرة.

و مع هذه التطورات، يبدو العراق أمام مفترق طرق صعب. من جهة، التحديات الإقليمية تفرض عليه اليقظة والحذر، خاصة مع تعاظم دور القوى الخارجية في رسم ملامح المشهد السوري.

ومن جهة أخرى، يسعى العراق للتمسك بوحدته الداخلية عبر مواقف سياسية واضحة تهدف إلى منع أي محاولات لتقسيم البلاد أو جرها إلى مستنقعات الفوضى.

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author moh moh

See author's posts

مقالات مشابهة

  • التباينات العراقية أمام الأزمة السورية.. وحدة وطنية أم انقسام ؟
  • لماذا قطعت ايران الغاز عن العراق؟
  • العراق يخسر من السعودية بثلاثية ويودع خليجي26
  • طقس العراق.. أمطار وتشكل للضباب في أماكن متعددة
  • أسعار الذهب في الأسواق العراقية اليوم
  • الجولاني على طاولة الحوار العراقي: بين الحذر والضرورة
  • العلاقات العراقية السورية كيف يجب ان تكون
  • العراق ينفذ مشروعاً غير مسبوق لتوليد الكهرباء
  • السوداني: علاقتنا مع أميركا استراتيجية ولن نعبث بأمن سوريا
  • مصدر رفيع يكشف مباحثات الوفد العراقي مع الإدارة السورية