المسلة:
2025-03-08@09:22:28 GMT

العودة الميمونة

تاريخ النشر: 21st, August 2023 GMT

العودة الميمونة

21 أغسطس، 2023

بغداد/المسلة الحدث:

محمد زكي ابراهيـم

شكل خبر استعادة معدات مصفى الشمال المنهوبة من أربيل صدمة غير متوقعة للكثيرين داخل العراق وخارجه. وكان البعض يعتقد أنها نهبت مثل باقي المنشآت الصناعية في البلاد. أو أنها دمرت خلال المواجهات بين الغزاة والمدافعين عن المصفى. أو أن مثل هذا الموضوع لم يكن يعني له شيئاً، وسط الخسائر الهائلة التي أحدثها الهجوم الإرهابي على العراق.


والحقيقة أن شمال العراق لم يكن ملاذاً آمناً للخارجين عن القانون في العراق والدول المجاورة فحسب، بل كان مأوى للكثير من السلع المهربة، أو المختلسة، أو الممنوعة، منذ عقد التسعينات من القرن الماضي، حتى يومنا هذا. أي أن تهريب مقاطع من وحدات التصفية إلى أربيل، بعد اجتياح مجموعات من السلفيين لها عام 2014 لم يكن مستغرباً. وهو المكان الوحيد الذي يمكن أن تمر منه، أو تخزن فيه، في عموم البلاد.

ولمن لا يعرف فإن مجمع المصافي النفطية في بيجي يتكون من ثلاثة أجزاء رئيسية هي مصفى صلاح الدين (140 ألف ب. ي) وقد صنعته وشيدته شركة تكنو أكسبورت الجيكية. ومصفى الشمال (140 ألف ب. ي) أيضاً، اشتركت في تصنيعه شركتان يابانيتان (كويو وجيودا)، ونفذ بأياد يابانية وعراقية. ومصفى الدهون (150 ألف طن سنوياً) قامت ببنائه شركة (تكنيب) الفرنسية. ويحتوي مصفى الشمال على وحدة لتسييل الغاز. وهناك مصنع للمنظفات تابع لمنظمة الأوابك. ومستودعات للخزن والتحميل، عدا عن أخرى تابعة له في كركوك وحمام العليل والمشاهدة واللطيفية.

وكان مجمع التصفية هذا، الذي يعمل فيه آلاف الأشخاص، يزود محطة كهرباء بيجي العملاقة (1200 ميكاواط) بالوقود، قبل بناء محطات غازية جديدة. كما يقدم خدمات أخرى إلى معمل الأسمدة الكيمياوية القريب منه. وقد أنشئت أحياء سكنية واسعة لإيواء العاملين في المصفى، ومحطة الكهرباء والمصانع الأخرى. فبيجي مدينة صغيرة قليلة السكان ليس فيها ما يسد الحاجة من الأيدي العاملة. وجل ساكني هذه الأحياء قدموا من الجنوب. أي أن بيجي كانت ستتحول إلى منطقة صهر للمكونات والأعراق والمذاهب، لو بقيت على حالها بعد سقوط النظام السابق. بيد أن المضايقات التي تعرضت لها العوائل هناك، أجبرتها على الرحيل وإخلاء مناطق السكنى. فقد انبعثت مشاعر العداء المكبوتة فجأة، وحل التيار السلفي محل النزعة الحزبية – العشائرية القديمة.

وهكذا كان تفكيك ونقل الوحدات الانتاجية لمصفى الشمال إلى أربيل، أمراً متيسراً، بعد هبوط قطعان من السلفيين على المنطقة عام 2014. وكان هؤلاء بحاجة للمال في المقام الأول. وقد وجدوا لها سوقاً رائجة في كردستان، مثل كثير من البضائع الأخرى، التي تهرب في العادة إلى تركيا كمواد خام، لكن لأمر ما لم تتمكن الشركات الكردية من شحنها إليها.
ومن الطبيعي أن تلحق أضرار كبيرة بهذه المعدات المعقدة والضخمة، أثناء التفكيك، والنقل، والخزن الطويل. وأن تصبح أجزاء مهمة منها غير صالحة للاستخدام. ويمكن فرز ذلك عبر إخضاعها لعملية فحص هندسي كثيف. وسيكون بوسع وزارة النفط تعويض الأجزاء المتضررة أو المفقودة عبر الاتصال بالشركات التي قامت بتجهيزها في الثمانينات، توفيراً للوقت والجهد. علماً أن بعض هذه المعدات لم تدخل للخدمة، إذ جرى شراؤها بعد تعرض أجزاء من المصفى للاندثار في سنوات سابقة.

وإذا ما تم ذلك، وعادت الروح إلى مجمع التصفية بكامله، فإن الحياة ستدب في أماكن كثيرة في بيجي وما حولها، وسيتحقق الاكتفاء الذاتي من المشتقات النفطية. كما سيجري تصدير كميات هائلة من زيت الوقود إلى الخارج. وستعود بيجي مرة أخرى مدينة صاخبة، مزدحمة بالسكان. وتزول عنها الصبغة العشائرية المتطرفة، التي كان يغذيها النظام الطائفي المنهار، أو ذئاب داعش المسعورة. وتصبح واحة للتعايش والتحضر والانفتاح، وسط صحراء مجدبة لم تنتج سوى الخراب والدمار. أي أن عودة المصفى للإنتاج سيكون لها تأثير بالغ على الحياة الاجتماعية، والنسيج البشري، والتوزيع الحضري في العراق.

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

المصدر: المسلة

إقرأ أيضاً:

خفض المساعدات الدولية يعطل إعادة العراقيين من مخيم الهول

6 مارس، 2025

بغداد/المسلة: قال مستشار الأمن القومي العراقي، قاسم الأعرجي، إن قرار الولايات المتحدة تقليص مساعداتها الدولية عرقل جهود بغداد في إعادة مواطنيها من مخيم الهول السوري، مما يهدد بإطالة أمد هذه الأزمة الإنسانية والأمنية حتى ما بعد 2025، وهو الموعد الذي كانت بغداد تأمل إنهاء هذا الملف فيه.

وذكر الأعرجي، في مقابلة مع وكالة فرانس برس، أن العراق فوجئ بقرار واشنطن خفض تمويل المنظمات الدولية العاملة في المخيمات، موضحًا أن هذه المنظمات كانت تعتمد إلى حد كبير على الدعم الأميركي في تنفيذ برامجها، ما أدى إلى إرباك عمليات إعادة التأهيل والدمج للعائدين.

وأشار إلى أن بلاده، رغم التحديات، أعادت أكثر من 13 ألف شخص منذ عام 2021، فيما لا يزال المخيم يؤوي أكثر من 16 ألف عراقي، بينهم نساء وأطفال يعيشون في أوضاع مأساوية. إضافة إلى ذلك، تسلم العراق نحو 3000 عنصر من تنظيم الدولة الإسلامية كانوا محتجزين في سجون الإدارة الذاتية الكردية، بينما لا يزال قرابة 2000 منهم في مراكز الاحتجاز هناك.

تداعيات أمنية وإنسانية خطيرة

اعتبر المسؤول العراقي أن التعثر في إغلاق ملف مخيم الهول يعزز المخاطر الأمنية، حيث يمكن أن يتحول المخيم إلى بيئة خصبة للتطرف، خاصة في ظل وجود أكثر من 40 ألف شخص فيه، نصفهم من الأطفال الذين يعانون من أوضاع صعبة تفتقر لأبسط مقومات الحياة.

وحذر من أن أي تدهور أمني جديد في سوريا قد يؤدي إلى هروب عناصر خطرة من السجون، مما يفاقم التهديدات الأمنية ليس فقط للعراق بل للمنطقة والعالم. كما أكد أن بغداد تعمل على تأمين حدودها، لكن استقرار سوريا يظل عاملًا أساسيًا لمنع تسلل الإرهابيين.

المعادلة الإقليمية تتغير

وأوضح الأعرجي أن العراق يتحرك دبلوماسيًا لحث الدول الأخرى على استعادة مواطنيها من مخيمات شمال شرق سوريا، لكنه يواجه رفضًا من معظم الدول الأوروبية التي تتخوف من إعادة مقاتلي التنظيم وعائلاتهم. وأضاف أن بغداد طلبت دعم الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي لمعالجة هذه القضية، لكنه شدد على أن العراق لا يستطيع بمفرده تحمل هذا العبء.

في المقابل، تشهد سوريا تحولات جديدة بعد تغيير النظام في دمشق، حيث بدأت الإدارة الجديدة بإعطاء إشارات على استعدادها للتعاون الأمني مع بغداد. ولفت الأعرجي إلى أن العراق يتابع هذا التطور بحذر، لكنه يعتبر أي تعاون أمني مع سوريا أمرًا ضروريًا لضمان الاستقرار على الحدود المشتركة.

دور تركيا والصراع الكردي

في سياق متصل، يتقاطع ملف مخيم الهول مع قضايا إقليمية أخرى، أبرزها الصراع التركي-الكردي. وشهد هذا الملف تطورًا مهمًا بعد إعلان حزب العمال الكردستاني وقف إطلاق النار مع أنقرة استجابة لدعوة زعيمه عبدالله أوجلان. واعتبر الأعرجي هذه الخطوة “إيجابية” بالنسبة للعراق، الذي يسعى لإنهاء وجود التنظيم المسلح على أراضيه.

وأكد أن بغداد تريد خروج القوات التركية من شمال العراق، لكنها تدرك أن أنقرة تبرر وجودها بوجود حزب العمال الكردستاني، ما يجعل التوصل إلى تسوية نهائية مرهونًا بتطورات المفاوضات بين الطرفين. ولفت إلى أن العراق يشجع على استثمار هذه الفرصة لتحقيق سلام دائم في المنطقة.

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author زين

See author's posts

مقالات مشابهة

  • العراق يدعو الى حفظ أمن المدنيين السوريين
  • منصة النفوذ الإيراني: العراق تحت ضغط أمريكي متزايد
  • من التباهي إلى الإفلاس.. مخاطر الثقافة الاستهلاكية في العراق
  • خفض المساعدات الدولية يعطل إعادة العراقيين من مخيم الهول
  •  الجيوش الإلكترونية تهدد انتخابات العراق 2025
  • العراق يستضيف أكثر من 300 ألف لاجئ وسط تحديات إنسانية ومالية
  • الرواتب العراقية تواجه اختبار أسعار النفط
  • 1000 مدرسة كرفانية في العراق
  • تحذير من ذروة الحالة الجوية الجمعة والسبت في العراق
  • أطباء العراق: قناة فضائية تبث محتوى هابط لسمعة الطبيب