موقع 24:
2025-03-01@05:33:27 GMT

هل التقدم مفهوم معرفي أم تصور أيديولوجي؟

تاريخ النشر: 21st, August 2023 GMT

هل التقدم مفهوم معرفي أم تصور أيديولوجي؟

ليس هناك من ينكر أن الحياة البشرية وقائع من السيرورة التاريخية، والسيرورة التاريخية ما هي إلا أحوال التغير التي تحدث في المجتمع والمعرفة، لكن أحوال التغير متعددة الصور، فإذا انتقل مجتمع من حال فقر إلى حال ثراء بفعل عوامل الصناعة والزراعة والتجارة وتراكم الثروة من ريع المواد الخام، فهذا تغير لأنه انتقال إلى السعادة وتلبية الحاجات والرفاه، ولكن إذا حصل العكس فهو حالة تغير إلى ما هو أدنى.

ونحن في هذه الحال لا نعنى بالتغير سوى انتقال من حال إلى أخرى بمعزل عن حكمنا على الحال ما إذا كان جيداً.

مرت البشرية بأساليب إنتاج متعددة

صار مصطلح التقدم مصطلحاً أيديولوجياً لا علاقة له بالواقع

فيما مفهوم التطور الذي قدمه داروين يشير إلى الانتقال من البسيط إلى المعقد ومن الأدنى إلى الأعلى، وأخذت العلوم الاجتماعية عن الداروينية مفهوم التطور لتقيس فيه الاختلاف في تطور المجتمعات.

وعليه صار الحديث يجري عن الشعوب البدائية والشعوب المتطورة، وصار معيار التطور هو الأدنى والأعلى في كل مجالات الحياة، فارتبطت بمفهوم التطور العام جملة من المفاهيم الخاصة كالسعادة والمتعة وتلبية الحاجات والنظام السياسي والمؤسساتي وهكذا.

فكل تطور بهذا المعنى تغير نحو الأرقى وليس كل تغير تطوراً.

وفي القرن التاسع عشر ظهر فلاسفة التقدم سبنسر وأوغوست كونت وكوندريسه وماركس، واستمر هذا المفهوم سائداً حتى الآن رغم احتجاج الأنتروبولوجيا عليه والنظر إليه على أنه مفهوم أيديولوجي يجعل من الغرب معياراً للتقدم، وعليه فجميع الشعوب التي لا تمشي على خطى الغرب هي شعوب مختلفة أو متأخرة.

وصار مفهوم التقدم أحد أهم المفاهيم في الأيديولوجيا الشيوعية ـ الماركسية اللينينية.

ولقد سألت رئيس قسم الفلسفة المعاصرة مرة عام 1977 ما هو معيار التقدم؟ فأجاب إنه أسلوب الإنتاج الذي يحدد التشكيلة الاجتماعية.

بلغة مبسطة لقد مرت البشرية بأسلوب الإنتاج المشاعي ثم العبودي ثم الإقطاعي ثم الرأسمالي وأخيراً الاشتراكي.. وهكذا فالعبودية متقدمة على المشاعية، والإقطاعية متقدمة على العبودية، والرأسمالية متقدمة على الإقطاعية، وأخيراً الاشتراكية ومن ثم الشيوعية متقدمة على الرأسمالية.

وهنا سألته هذا يعني بأن اليمن الجنوبي ـوكان اشتراكياً آنذاكـ متقدم على فرنسا وألمانيا الغربية وبريطانيا، أجاب ضاحكاً: بمعيار التقدم هذا صحيح.

وهكذا صار مصطلح التقدم مصطلحاً أيديولوجياً لا علاقة له بالواقع، أي صار الحكم بالمتقدم حكماً قيمياً.

والأنكى من ذلك تحولت أيديولوجياً التقدم عربياً إلى أداة لتقسيم الدول إلى تقدمية ورجعية، بل وتقسيم البشر إلى تقدميين ورجعيين.

وتكمن خطورة مصطلح التقدم في أن كل صاحب أيديولوجيا أو مدافع عن نظام سياسي أو اقتصادي بإمكانه أن يجعل من واقعه معياراً للتقدم.

وليس هذا فحسب، فإذا ما جرى الحديث عن العقل والعقلانية فإنه سيجري خلط الحابل بالنابل حول الوعي فكل صاحب وعي، فرداً أو جماعة، سينظر إلى عقليته بوصفها معياراً للتقدم العقلي.

وإذا دخلنا عالم القيم، وأخضعناه لتقويم مصطلح التقدم فإننا سندخل حقل سجال لا يصل إلى نتيجة، سجال لا تحله إلا مفاهيم التغير والتحول والتطور، فالقيم تتغير بتغير البنى التي أنتجتها، وهذه عملية بطيئة.

فأيديولوجيا التقدم لا تسمح لنا بإصدار الأحكام الموضوعية على السيرورة التاريخية وتعقيداتها.

وحين يجري الحديث عن مسار المعرفة العلمية فإن المفاهيم الصالحة لفهمها هي الاستمرار والقطيعة، الاستمرار الذي يفسر مسار التجديد الدائم في الكشف العلمي، والقطيعة التي تفسر القطيعة المعرفية مع معرفة قديمة، كالقطيعة بين المصباح الزيتي والكهرباء.

وهكذا نجد بأن مصطلح التقدم قد تلوث بالوعي الأيديولوجي ولم يعد مفهوماً مفسّراً للسيرورة المعرفية والاجتماعية والقيمية، وبخاصة إذا راح هذا المصطلح يقرر التصنيف الذي يذم الاختلاف.

إن قولنا هذا لا يلغي التناقض بين الجهل والخرافة من جهة، والمعرفة العلمية والموضوعية من جهة ثانية، تأسيساً على فكرة تغير الأحوال وتطورها.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان النيجر مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني متقدمة على

إقرأ أيضاً:

توصية سرية لإدارة ترامب بإلغاء نتائج علمية لمكافحة تغير المناخ

حث رئيس وكالة حماية البيئة الأميركية لي زيلدين إدارة الرئيس دونالد ترامب سرا على إلغاء نتائج علمية كانت منذ فترة طويلة تمثل القاعدة الرئيسية لجهود مواجهة تغير المناخ، وفق ما أكدته اليوم الخميس صحيفة واشنطن بوست.

وفي تقرير قدمه إلى البيت الأبيض، دعا مدير وكالة حماية البيئة إلى إعادة صياغة النتائج التي توصلت إليها الوكالة وحددت أن الغازات المسببة للاحتباس الحراري في كوكب الأرض تهدد الصحة العامة والرفاهية، بحسب 3 مصادر نقلت عنهم الصحيفة.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2جهود مجتمعية في قطر لحماية البيئة وتنوعهاlist 2 of 2الجفاف وتقلبات المناخ يضغطان على قطاع الزراعة بالمغربend of list

وتطالب التوصية بإعادة صياغة نتائج تم التوصل إليها عام 2009، بموجب قانون الهواء النظيف الذي يمثل الأساس القانوني للعديد من اللوائح المتعلقة بالمناخ، بما فيها تلك الخاصة بالسيارات ومحطات الطاقة ومصادر التلوث الأخرى.

وأكدت النتائج -التي يطالب زيلدين بإعادة النظر فيها- أن الغازات المسببة للاحتباس الحراري تشكل تهديدا للصحة العامة والرفاهية.

تماشيا مع أمر ترامب

ورفض متحدث باسم وكالة حماية البيئة الكشف عن ماهية توصية زيلدين التي صدرت الأسبوع الماضي بموجب أمر تنفيذي من ترامب، مما أثار تساؤلات حول الشفافية في ظل رفض إيضاح التفاصيل.

وفيما رحب حلفاء صناعة الوقود الأحفوري بالخطوة، حذر العلماء والحقوقيون من أن طلب زيلدين يشكل سابقة مهمة لأنها قد تؤدي إلى إضعاف الجهود الأميركية لمكافحة تغير المناخ.

إعلان

وقد وجه الأمر التنفيذي، الذي صدر في اليوم الأول من تولي ترامب منصبه، وكالة حماية البيئة بتقديم تقرير "عن قانونية واستمرار تطبيق" نتائج البحث عن خطر الغازات المسببة للاحتباس الحراري.

كذلك تعكس خطوة زيلدين توجه إدارة الرئيس نحو تخفيف القيود البيئية على الصناعات، وهو ما كان أحد وعود ترامب الانتخابية.

يذكر أنه بولاية ترامب الأولى، قدم المتشككون في علم المناخ عريضة تطلب من وكالة حماية البيئة إلغاء تقرير نتائجها الذي اعتمد عليه لصياغة قانون الهواء النظيف، لكن محامي الوكالة رفضوا تلك العريضة آخر يوم لترامب في منصبه عام 2021.

ويأتي ذلك في ظل انسحاب إدارة ترامب من اتفاقية باريس للمناخ ومنع العلماء الأميركيين من حضور الدورة 62 للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ بالصين والتي يصدر عن مباحثاتها تقرير يوجه سياسات مكافحة الاحتباس الحراري عالميا.

وتعتقد إدارة ترامب أن القوانين البيئية، مثل تلك التي تحد من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، تشكل عبئا على الصناعات الأميركية، خاصة في قطاعات النفط والغاز والفحم والسيارات.

مقالات مشابهة

  • تغير مفاجئ.. حالة الطقس أول يوم في رمضان 2025
  • حمد الدرمكي: بناء مجتمع معرفي
  • الرائي متعب البرغش: تغير الرياح يبشر برؤية هلال رمضان .. فيديو
  • أكاديميون: اليوم الإماراتي للتعليم التزام ببناء مستقبل معرفي مشرق
  • الصين.. ابتكار محرك قد يغير مفهوم الرحلات الجوية والفضائية
  • توصية سرية لإدارة ترامب بإلغاء نتائج علمية لمكافحة تغير المناخ
  • تغير مفاجئ في الجو.. مفاجأة بحالة الطقس أول أيام رمضان
  • الشيبانية تستعرض أمام "الشورى" مؤشرات التطور الكمي والنمو المتسارع في قطاع التعليم
  • ازدواجية المعايير في مصطلح الإرهاب.. المقاومة الفلسطينية نموذجًا
  • تغير مفاجئ في الجو.. الأرصاد تُعلن طقس أول أسبوع من رمضان