27 يناير، 2025

بغداد/المسلة: مع اقتراب موسم الانتخابات العراقية، تبدو ملامح الخطاب الانتخابي آخذة في التغير، حيث تحل المناطقية محل الطائفية كأداة استقطاب وتحشيد سياسي.

و تأتي هذه الاستراتيجية الجديدة استجابة لمزاج الشارع العراقي، الذي بات يبحث عن حلول ملموسة لمشكلاته الحياتية وتحسين أوضاعه الاجتماعية بدلاً من استنزاف الطاقات في صراعات طائفية لا جدوى منها.

و تتجه القوى السياسية في العراق نحو تبني شعارات تمثل مصالح أهل المناطق التي تسعى للحصول على أصواتها.

و يظهر على سبيل المثال، “تجمّع نواب الوسط والجنوب” كصوت منتقد لسياسات الإقليم الكردي، خصوصاً ما يتعلق بحصة الإقليم من موازنة الدولة ورواتب موظفيه وآليات تصدير النفط المنتج في حقوله.

و تتماشى هذه الانتقادات مع المزاج الشعبي في هذه المناطق، حيث تصاعدت الأصوات المطالبة بتوزيع أكثر عدالة للثروات.

وفي ذات السياق، تستمر الاتهامات الموجهة للإقليم الكردي بشأن تهريب النفط وبيعه بأسعار بخسة، ما أثار موجة انتقادات واسعة في بغداد ومناطق الوسط والجنوب.

و تشكل هذه القضية محوراً أساسياً في النقاش السياسي، حيث تعكس مدى التوتر بين المركز والإقليم وتستثمرها القوى السياسية لجذب الأصوات.

أما القوى السنية، فتسلط الضوء على معاناة أبناء المكون السني في المناطق المتنازع عليها، الذين يواجهون، بحسب هذه القوى، تسلطاً كردياً. وتستغل هذه الخطابات لإبراز مظلومية أهل هذه المناطق، وخصوصاً من خلال التركيز على قضايا مثل قانون العفو العام، الذي يمثل أحد أبرز مطالب الشارع السني.

التحليل يشير إلى أن الاستراتيجيات الانتخابية ستسعى إلى التماهي مع نبض الشارع، حيث ستعمل كل جهة انتخابية على صياغة شعارات تتناسب مع مشاعر وتطلعات أهالي مناطقها.

وفيما يغيب خطاب الطائفية عن المشهد، تبرز المناطقية كأداة جديدة لاستقطاب الأصوات، ما يعكس تحولاً في الديناميكيات السياسية للبلاد.

 

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author زين

See author's posts

المصدر: المسلة

إقرأ أيضاً:

قراءة في مؤتمر حزب العدالة والتنمية

تجاوز حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، يوم الأحد الماضي، عتبة أخرى في مسيرته، وأتم مؤتمره العام الاعتيادي الثامن دون أن يشهد صراعات ومشاكل داخلية. وانتخب رئيس الجمهورية التركي رجب طيب أردوغان، مرة أخرى، رئيسا للحزب، كما تم انتخاب أعضاء اللجنة المركزية للقرار والإدارة واللجنة التنفيذية المركزية وغيرهما من اللجان. ودخلت تلك اللجان أسماء جديدة في إطار التغيير وضخ دماء جديدة في شريان الحزب.

حزب العدالة والتنمية تبنى منذ تأسيسه في صيف 2001 سياسة جس نبض الشارع والاستماع إلى مطالبه، كما قام عدة مرات بعملية تجديد في صفوفه استجابة لرسائل الشارع، ولفتح المجال أمام الشباب ليمارسوا العمل السياسي بعزم ونشاط، ويوظّفوا طاقاتهم في خدمة الوطن والمواطنين. ومن الأسماء الجديدة التي انضمت إلى قيادة حزب العدالة والتنمية، لاعب كرة القدم الشهير مسعود أوزيل، المعروف بدعمه لقضايا المسلمين، كقضية الشعب الفلسطيني وقضية مسلمي تركستان الشرقية.

حزب العدالة والتنمية تبنى منذ تأسيسه في صيف 2001 سياسة جس نبض الشارع والاستماع إلى مطالبه، كما قام عدة مرات بعملية تجديد في صفوفه استجابة لرسائل الشارع، ولفتح المجال أمام الشباب ليمارسوا العمل السياسي بعزم ونشاط، ويوظّفوا طاقاتهم في خدمة الوطن والمواطنين
حضر مؤتمر حزب العدالة والتنمية الأخير حوالي 70 ألفا من أعضاء الحزب ومؤيديه من أنحاء البلاد. ولم يتمكن من دخول القاعة إلا 10 آلاف منهم، فيما تابع البقية أعمال المؤتمر خارج القاعة رغم الجو البارد في أنقرة. ولا غرابة في ذلك، لأن حزب العدالة والتنمية هو الحزب الأكبر في تركيا، ويتجاوز عدد أعضائه المسجلين 11 مليون عضو، كما تشير نتائج استطلاعات الرأي إلى أن شعبية الحزب عادت إلى المركز الأول بعد أن تراجعت في الانتخابات المحلية الأخيرة إلى المركز الثاني.

ورغم ذلك، لم يهتم الشارع التركي بمؤتمر حزب العدالة والتنمية، وحجم التغيير، ومن دخل اللجان ومن خرج منها. وكان انتخاب أردوغان رئيسا للحزب أمرا حتميا في ظل عدم وجود منافس، كما أن حزب العدالة والتنمية بالنسبة لكثير من مؤيديه هو أردوغان فقط. وهذه الظاهرة هي من أسباب قوة الحزب والحفاظ على وحدته وتماسكه، إلا أنها، من ناحية أخرى، تعتبر أهم نقاط ضعفه؛ لأن المؤكد أن رئيس الجمهورية التركي لن يقود حزب العدالة والتنمية إلى يوم القيامة، وأنه سيأتي يوم، عاجلا أو آجلا، سيواجه فيه الحزب ذاك الفراغ الكبير الذي سيخلّفه أردوغان.

عدم اهتمام الشارع التركي بمؤتمر حزب العدالة والتنمية يعود إلى انشغال الرأي العام بمتابعة تطورات ساخنة أخرى، مثل القضايا المرفوعة ضد رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو، واحتمال إلغاء شهادته الجامعية بسبب عدم قانونية انتقاله من جامعة في جمهورية قبرص الشمالية التركية إلى كلية إدارة الأعمال بجامعة إسطنبول، كما أن نسبة كبيرة من الأتراك يتابعون التنافس الشرس الذي يشهده الدوري التركي الممتاز لكرة القدم بين فريقي غلطة سراي وفنربخشه، ويهتمون بتلك المنافسة أكثر من اهتمامهم بالتطورات السياسية.

الساحة السياسية التركية تترقب الآن تعديلا وزاريا ليتفرغ حزب العدالة والتنمية بعد ذلك للتركيز على عملية تمكين أردوغان من الترشح لفترة رئاسية أخرى، ويتوقع أن يقتصر التعديل الوزاري على بعض الحقائب فقط. وأما ترشح أردوغان للانتخابات الرئاسية القادمة فيتطلب جهدا كبيرا؛ لأنه يحتاج إلى تصويت 360 نائبا لصالح قرار إجراء انتخابات مبكرة، وأن عدد نواب تحالف الجمهور المؤيد للحكومة لا يصل إلى هذا الرقم رغم ارتفاع عدد مقاعد حزب العدالة والتنمية في البرلمان إلى 272 بعد انضمام ثلاثة نواب إليه في مؤتمره الأخير. لم يهتم الشارع التركي بمؤتمر حزب العدالة والتنمية، وحجم التغيير، ومن دخل اللجان ومن خرج منها. وكان انتخاب أردوغان رئيسا للحزب أمرا حتميا في ظل عدم وجود منافس، كما أن حزب العدالة والتنمية بالنسبة لكثير من مؤيديه هو أردوغان فقط. وهذه الظاهرة هي من أسباب قوة الحزب والحفاظ على وحدته وتماسكه، إلا أنها، من ناحية أخرى، تعتبر أهم نقاط ضعفهوقد ينضم نواب آخرون إلى حزب العدالة والتنمية في الأشهر القادمة بعد استقالتهم من الأحزاب الأخرى، إلا أن ارتفاع عدد النواب المؤيدين لأردوغان من 324 إلى الرقم المطلوب لتقديم موعد الانتخابات لن يكون أمرا سهلا.

هناك أسباب عديدة تجعل حزب العدالة والتنمية يحافظ على شعبيته، ومن المؤكد أن أهم تلك الأسباب عدم وجود بديل له قادر على منافسته في كسب ثقة الناخبين. وكان حزب الشعب الجمهوري حل في المركز الأول في الانتخابات المحلية التي أجريت في آذار/ مارس 2024، إلا أنه يضيَّع الفرصة بسبب فساد رؤساء البلديات المنتمين له وفشلهم في تقديم الخدمات المطلوبة. كما أن حزب الشعب الجمهوري يعاني من صراعات داخلية بين رئيسه السابق كمال كليتشدار أوغلو ورئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو ورئيس بلدية أنقرة منصور ياواش.

حزب العدالة والتنمية لم يوجّه دعوة إلى حزب المستقبل برئاسة أحمد داود أوغلو وحزب الديمقراطية والتقدم برئاسة علي باباجان لحضور المؤتمر. وأما حزب الرفاه الجديد برئاسة فاتح أربكان فرفض الدعوة احتجاجا على الانتقادات التي وجهها أردوغان إلى جمعية الصناعيين ورجال الأعمال الأتراك "توسياد". ويمكن القول إن أبواب حزب العدالة والتنمية مفتوحة لانضمام نواب تلك الأحزاب إليه في المرحلة القادمة، إلا أنها ستكون مغلقة أمام رؤسائها.

x.com/ismail_yasa

مقالات مشابهة

  • في طرابلس.. رضيع مرمي في الشارع
  • عادات يومية تؤدي إلى تلف محرك سيارتك
  • الوطنية للانتخابات: حريصون على نشر الوعي الانتخابي وتعزيز ثقافة المشاركة السياسية
  • أن نتخيل فيتنام في غزة.. ما الذي يجعل المقارنة مُغرية وظالمة في آن واحد؟
  • حكومة لبنان تنال ثقة النواب.. وهذه تفاصيل الأصوات
  • الهيئة العليا لحزب السادات تناقش القضايا السياسية وكيفية تعزيز التواصل مع المواطنين
  • قراءة في مؤتمر حزب العدالة والتنمية
  • تحليل: ترقب لزيارة الشرع إلى الأردن وسط ترجيحات ببناء مقاربات أمنية وسياسية مشتركة جديدة
  • الاتحاد الأوروبي: تحسين الثقافة المالية في العراق ضرورة للتنمية الاقتصادية
  • محرك بحث إخباري جديد يُطلق في اليمن لتعزيز دقة المعلومات