برزت أصوات داعشية مؤيدة للجيش لتقول بعد انتصارات مدعاة في الخرطوم إن لا مكان لثورة ديسمبر بعد اليوم، وأن أي فرد يتحدث عن العودة إلى واقع ما قبل الحرب ستتم تسويته بالأرض. وهناك قيادي تابع للمؤتمر الوطني قال إن دحر الدعم السريع من العاصمة سيضع حداً فاصلاً بين زمنين، وأن عودة هيئة العمليات التابعة للحركة الإسلامية ستسهم في تنظيف البلاد من "دنس القحاتة".

أما أحد القياديين في المؤتمر الشعبي الذي انضم لحرب الكيزان فقد قال في صفحته في الفيسبوك: "بعد خلصنا من المليشيا لقد جهزنا المشانق للقحاتة واعوانهم وكله بالغانون". وطوال زمن الحرب لاحظنا أن إستراتيجية مشعليها هي التركيز على تخوين معظم القوى الموقعة على إعلان الحرية والتغيير. فتارة أنها مظلة سياسية للدعم السريع، وتارة أخرى أنها عميلة لجهات خارجية، وتعمل ضد مصالح الوطن العليا. وتبع هذا النهج الاستبدادي اتخاذ إجراءات قانونية ضد قادتها مع تخوين كل صوت في الداخل ينادي بإيقاف الحرب، واعتقال كوادر هذه القوى، ومنعها من المشاركة في أي نشاط سياسي في المناطق التي يسيطر عليها جيش الكيزان. وبلغت ذروة التضييق السياسي حين اُستخدم القضاء لإصدار أحكام قضائية ضد نشطاء في الداخل تراوحت بين الإعدام والسجن لعشرات السنين. فضلا عن ذلك فإن عدداً من نشطاء الخارج واجهوا بلاغات عبر الإنتربول للقبض عليهم، وترحيلهم للسودان لتتم محاكمتهم عبر قضاة إسلاميين ما يزالوا مسيطرين على أجهزة العدالة الإسلاموية. والحقيقة أن هذه التصريحات المتفرقة التي تصاعدت في الأيام الماضية نتيجة لانسحاب الدعم السريع من مواقع معينة ليست غريبة تماماً. فمعظمنا يعرف أن دواعش البراء الذين هم من أذرع الجيش الكيزاني تركوا معركتهم مع خصمهم ليهاجموا الثورة، وقياداتها. ونتذكر أنه بعد انسحاب الدعامة من الدندر، والحلفايا، وسنجة، ومدني، ارتكب دواعش البراء بن مالك جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية، طالت أعضاء لجان المقاومة الذين كانوا يساعدون المواطنين بإقامة التكيات، وإعانة المرضى. وآخر انتهاك لهذه الجماعات ذات الطبيعة النازية هو إقدامها على اغتصاب أربعة من كادرات أحد الأحزاب السياسية في مدني. إن الهدف الجوهري لحرب الخامس عشر من أبريل 2023 هو سحق الدعم السريع الذي صنعوه أولاً لكونه العائق العسكري الكبير أمام عودة الكيزان، ومن ثم تصفية القوى السياسية التي صنعت الثورة، وعملت لاحقاً على اجتثاث المؤتمر الوطني من المؤسسات الحكومية. ولذلك فإن تصاعد التهديد بالتخلص من القوى الثورية الديسمبرية في الممارسة السياسية داخل البلاد، حاضراً، ومستقبلاً، واستخدام لغة إرهابية تهدد بشنق قادة ونشطاء ثورة ديسمبر يعبر عن مرحلة جديدة من الاستبداد السياسي الذي لا يجيده إلا الذين يتبنون الفكر الإخواني الداعشي، ويريدون أن يكون ذبح الإنسان، ورميه في النهر، وشنقه، والتمثيل بجثته، كما شاهدنا في هذه الحرب، هو المصير الذي ينتظر كل ناشط سياسي ثوري في البلاد، وذلك في حال تمكن دواعش المؤتمر الوطني في الانتصار في الحرب. الشيء الذي يتغافل عنه دواعش المؤتمر الوطني، وكتائب ظله التي أطلق الجيش الآن عقالها لخلق بيئة إرهابية في المشهد السياسي هو أن ثورة ديسمبر هزمت الترسانة الحربية للإسلاميين بالضربة القاضية. ذلك بالرغم من أنها كانت مكونة من الجيش، والدعم السريع، والدفاع الشعبي، وكتائب ظل علي عثمان، وجهاز الأمن، والأمن الطلابيّ، وهيئة العمليات، والشرطة الكيزانية مجتمعة. وفي صبح أبلج سقط المشروع الحضاري بثورة شهد العالم بسلميتها، ولاحقاً اندس قادة المؤتمر الوطني في جحورهم خوفاً من المد الثوري لشباب الثورة الذي كان يقابل زخات الرصاص بصدره العاري. القحاتة المهددون بالشنق الآن هم أشرف من أنجبتهم حواء السودانية، ولن يخيفهم الإرهاب الداعشي متى ما زفت أوان خروجهم لاسترداد مجد ثورة ديسمبر العظيمة مهما كانت نتيجة الحرب. ويمثلما قدموا للمؤتمر الوطني درساً في منازلة ترسانته القمعية الاستبدادية فإنهم سيظلون تروساً بأجسادهم أمام عودة المؤتمر الوطني للسلطة مرة ثانية. فأبشر بطول سلامة يا مربع، ودونه خرط القتاد.

suanajok@gmail.com
///////////////////

   

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: المؤتمر الوطنی ثورة دیسمبر

إقرأ أيضاً:

يجب منح الجهاز صلاحيات جديدة تتناسب مع حالة الحرب وتتلاءم مع طبيعة المهددات الأمنية التي تهدد السودان

بعد سقوط البشير واستقالة صلاح قوش ومن بعده جلال الشيخ، تغولت الاستخبارات العسكرية على ملفات جهاز المخابرات وسيطرت على معظم موارده، وتقاسمته مناصفة مع الدعم السريع، الاستخبارات على المعلومات والتحليل والقرار، والدعم السريع على المقار والموارد الفنية..

تحول جهاز المخابرات إلى جسد بلا روح، يتم ابتزازه سياسياً من قبل قحت بماضيه وانتماءات منسوبيه لنظام الإنقاذ. كثير من عناصره انحنوا للعاصفة، فمنهم من تم إقالته ومنهم من دخل في حالة كمون وانتظار ومنهم من طاوع الحكام الجدد وأدار ظهره لولائه السابق ومنهم من قاوم مشروع الحكم الجديد بممانعة صامتة..

كان الهدف بعد سقوط البشير وبعد حادثة هيئة العمليات أن تكون السيطرة الكاملة لصالح الاستخبارات العسكرية، وكان الرأي الغالب لدى قيادات الجيش أن يدار الجهاز بواسطة ضباط من داخل المؤسسة العسكرية، مثل الفريق جمال عبد المجيد. لم تنجح التوجهات الجديدة لأسباب تتعلق بعدم دراية هؤلاء الضباط بطبيعة الثقافة المؤسسية الطاغية على عمل الجهاز وبطبيعة العمل الأمني في شقه المدني ولغياب الرؤية المشتركة بين الضباط القادمين من الجيش مع الشباب الذين تخرجوا من مؤسسة الجهاز، بالإضافة لتعدد الولاءات داخل الجهاز نفسه بين ولاءات تقليدية وولاءات حديثة مرتبطة بالعناصر المدخلة من قبل مجموعة حميد-تي والنظام الجديد ..

صحيح لم يستطيع حميدتي ابتلاع الجهاز كلياً، لكنه أحدث فيه اختراقات عميقة وخلق حالة من الاهتزاز الداخلي جعله جهاز فاقد للفعالية ومكبل بعزلة سياسية وحالة عداء شعبي مرتبط بديسمبر والخطابات الميدانية الرافضة لعناصره. فحالة الهياج الشعبي الرافض للجهاز ولعناصره وظفها حميدتي لجعل دور الجهاز محصور فقط في جمع المعلومات وتكبيل اي خطوات وقائية يمكن أن يقوم بها وحصرها فقط على الد-عم السريع ..

الأن وبعد قيام الحرب ومع بدء الجهاز في استعادة توازنه وفك قيود التكبيل التي مارسها عليه حميد-تي، يجب على قيادة الدولة أن تسمح بإعادة جهاز الأمن إلى عمله وفق هيكلة جديدة تعيد له صلاحياته الفنية في التحليل والتأمين والتحرك خاصة في الأحياء السكنية وملء الفراغ الاستخباراتي داخل المدن. المطلوب هو فك الارتباط والتداخل بين استخبارات الجيش والجهاز ، خصوصاً على الملفات الأمنية ذات البعد المدني وترك إدارتها للجهاز ، مع زيادة التنسيق بينهم بعيداً عن التعامل مع الجهاز بنظرة ديسمبرية قللت من فعاليته وساهمت في تهميشه. يجب منح الجهاز صلاحيات جديدة تتناسب مع حالة الحرب وتتلاءم مع طبيعة المهددات الأمنية التي تهدد السودان .
حسبو البيلي
#السودان

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • وزير الخارجية يؤكد رفض مصر الكامل لتهجير الفلسطينيين وتصفية القضية
  • مناظرة العيدروس للوليد مادبو التي ارجات احمد طه الى مقاعد المشاهدين
  • محافظ حلب يطلع على فعاليات المؤتمر العلمي الدولي العاشر لطب الأسنان، ويزور أجنحة معرض أدوات المعالجة السنية الذي أقيمت فعالياته على هامش المؤتمر
  • البابا فرنسيس.. الكاردينال الذي باع ثروته واشترى قلوب الفقراء
  • المؤتمر الوطني الفلسطيني يدعو لإصلاح منظمة التحرير وتشكيل قيادة وطنية لوقف إبادة غزة
  • المؤتمر الوطني الفلسطيني يحذر من محاولات تصفية القضية الفلسطينية
  • الصحة تفتتح المؤتمر الوطني الأول للأورام.. التزام بالرعاية الشاملة للمرضى
  • يجب منح الجهاز صلاحيات جديدة تتناسب مع حالة الحرب وتتلاءم مع طبيعة المهددات الأمنية التي تهدد السودان
  • ‏الأردن يرحب بالتوافق الذي توصّلت إليه واشنطن وطهران خلال الجولة الثانية من المباحثات التي عُقِدَت في العاصمة الإيطالية روما
  • الوطني الفلسطيني: الاعتداءات التي يواجها الصحفي الفلسطيني محاولة متعمدة لإسكات صوت فلسطين