تمويل إعادة إعمار سوريا.. مقدرات وطنية ومنح عربية
تاريخ النشر: 27th, January 2025 GMT
رغم أن تقارير صادرة عن الأمم المتحدة تشير إلى أن إعادة الإعمار في سوريا تحتاج تقريبا 400 مليار دولار فإن تحديد التكلفة يعد أمرا صعبا بحد ذاته إذا لم يستند إلى دراسات ميدانية تقوم بها لجان متخصصة وفقا لآليات محددة، لأن حجم الضرر الذي لحق بالبنية السكنية والبنية التحتية للبلاد كبير جدا.
ومن المتوقع أن تعتمد الإدارة السورية المستقبلية في عملية إعادة الإعمار على مصادر دخل محلية ومساعدات مالية دولية من الدول المانحة.
تشكل الموارد الطبيعية مصدرا رئيسيا لإيرادات الدولة، وقد تساهم في تدوير العجلة الاقتصادية وتسريع حركة إعادة الإعمار.
1- النفطيصنف النفط أبرز موارد الدولة، إذ بلغت الاحتياطيات السورية المؤكدة بحسب مجلة الطاقة الأميركية نحو 2.5 مليار برميل، لكن هذا القطاع يواجه تحديات وعقبات، أهمها العقوبات الدولية، واستمرار سيطرة قوات سوريا الديمقراطية على أغلبية آبار النفط، وحاجة البنية التحتية لإنتاج النفط إلى إعادة صيانة وهيكلة، وكل هذه العقبات تتطلب جهودا وحلولا دولية.
ومن الصعب في الوقت الحالي وضع آلية وإطار زمني يمكن العمل عليه للاستفادة من إيرادات النفط المالية وتحقيق الاكتفاء الذاتي.
2- الفوسفاتتعد سوريا واحدة من أكبر دول العالم امتلاكا للفوسفات، فقد جاءت في المرتبة الخامسة عالميا، إذ تقدّر احتياطياتها بنحو 1.8 مليار طن، بحسب الأرقام الصادرة عن شركة الفوسفات والمناجم السورية، وتتركز الاحتياطيات في منطقة تدمر بمنجمي خنيفيس والشرقي ومنطقة الحفة في اللاذقية.
إعلانوكانت البلاد تنتج نحو 3.5 ملايين طن من الفوسفات سنويا، مما يجعلها واحدة من أكبر منتجي الفوسفات في العالم.
ووصل حجم التصدير إلى نحو 2.5 مليون طن سنويا بعائدات تتراوح بين 250 و300 مليون دولار سنويا.
وفي حديث للجزيرة نت يؤكد الدكتور يحيى السيد عمر -وهو خبير اقتصادي ومدير مركز تريندز- أن الاستثمار في احتياطيات الفوسفات الأسرع والأوفر حظا لتحقيق مكاسب سريعة، ويعود ذلك إلى سيطرة الحكومة السورية الجديدة على معظم مناجم الفوسفات.
3- تجارة الترانزيتتتموضع سوريا على موقع جيوسياسي يسمح لها بأن تكون عقدة لطرق التجارة الدولية البرية والبحرية، فهي تعد حلقة الوصل بين قارتي آسيا وأوروبا وبين أسواق الخليج العربي وتركيا ودول الاتحاد الأوروبي.
وعلى الحكومة السورية أن تستغل موقع البلاد لأن تكون جزءا من مشاريع طرق التجارة الدولية، ولا سيما فيما يتعلق بمشروع الطريق الهندي الشرق أوسطي الأوروبي وطريق الحرير.
وقد تكون سواحل شرق المتوسط السورية بمثابة نقطة انطلاق مهمة للمشروعين الهندي الشرق أوسطي وطريق الحرير.
وسيوفر الموقع الجيوسياسي لسوريا إيرادات مالية من مرور شاحنات الترانزيت عبر أراضيها بين تركيا ودول الخليج العربي وبين السوق الأوروبية ودول الخليج.
كما يمكن أن تكون سوريا ممرا لخطوط أنابيب الطاقة القادمة من العراق ودول الخليج إلى الأسواق الدولية، مما يحقق لها إيرادات سنوية.
4- الأرصدة المجمدةتمتلك الدولة السورية أرصدة مجمدة في البنوك الدولية يكتنف معرفة رقمها بدقة صعوبة بالغة، ويرجع ذلك إلى أمور فنية تتخذها البنوك الدولية بعدم الإفصاح عن قيمة الأموال المودعة لديها.
ومن بين الأموال المجمدة المفصح عنها تلك الموجودة في البنوك اللبنانية، والتي قدرت ما بين 40-60 مليار دولار، بحسب تصريح سابق لرأس النظام البائد بشار الأسد، إضافة إلى وجود 112 مليون دولار باسم الحكومة السورية في بنوك سويسرا، بحسب تقرير نشرته الجزيرة نت.
إعلانوستشكل الأرصدة المجمدة في البنوك الدولية إذا ما تم استرجاعها أحد مصادر تمويل مشاريع إعادة الإعمار بالبلاد.
وحتى تتمكن الدولة من الاستفادة من تلك الأرصدة لا بد من بذل جهود قانونية ورفع العقوبات الدولية المفروضة عليها، وفق مراقبين.
5- استثمارات سوريةيستثمر المواطنون السوريون في العديد من دول العالم، ولا سيما في دول الخليج العربي وتركيا ومصر ودول الاتحاد الأوروبي.
وفي هذا السياق، يشير الباحث الاقتصادي في مركز عمران للدراسات مناف كومان في حديث للجزيرة نت إلى ضرورة تشجيع المستثمرين السوريين على نقل جزء من استثماراتهم إلى البلاد، وذلك عبر منحهم حوافز وإعفاءات ضريبية محفزة للمشاركة في إعادة الإعمار.
المانحون العربتتعدى تكلفة تمويل عملية إعادة إعمار البلاد المقدرات التي تمتلكها سوريا، لذلك من المتوقع أن تطرح الحكومة إنشاء صندوق إعادة إعمار البنية التحتية المدمرة، وتوفير الإسكان، وإعادة تشغيل الاقتصاد.
ويستند تمويل الصندوق إلى المساعدات التي تقدمها المنظمات الدولية والبنك الدولي والأمم المتحدة والدول المانحة، كما يستند إلى استثمارات وتبرعات من جانب الأفراد أو المؤسسات غير الربحية، ويتم التبرع عادة من خلال إقامة المؤتمرات الدولية.
وفي حال تلاشي كل المعوقات السياسية والاقتصادية والأمنية فإن من المتوقع أن تلعب دول الخليج العربي دورا فاعلا في تمويل إعادة إعمار سوريا.
ويشير الباحث مناف كومان إلى أهمية الدعم العربي للاقتصاد السوري عبر عملية تشجيع التبادل التجاري معها، مما يعزز تسريع الدورة الاقتصادية وينشط الصناعة والزراعة ويوفر النقد الأجنبي.
ونستعرض هنا أبرز الدول المانحة وهي قطر والسعودية والكويت.
1- قطرتعد قطر من أبرز الدول المانحة التي تساهم في دعم ومساعدة الدول الفقيرة والدول التي تضررت بسبب الكوارث الطبيعية أو الحروب المدمرة، وقد كان لقطر دور كبير في دعم عمليات الإعمار في غزة ولبنان والعراق.
إعلانوفيما يتعلق بسوريا، يشير الدكتور السيد عمر إلى أنه من المتوقع أن تكون قطر في مقدمة الدول المانحة لعملية إعادة الإعمار، وذلك من خلال تقديم المنح المالية وطرح الاستثمارات وتبني إنشاء مجمعات سكنية.
ويؤكد السيد عمر على لعب قطر دورا رئيسيا في عملية الاعتراف الدولي بالحكومة الجديدة، بفضل علاقاتها الدولية مترامية الأطراف التي شكلتها عبر سياستها الخارجية النشطة والفعالة.
وتعد قطر من الدول الحليفة للدولة السورية الجديدة، فقد كانت أكبر داعم للثورة السورية اقتصاديا وسياسيا في كل المحافل الدولية، وكانت الدولة الوحيدة في العالم التي استضافت سفارة للائتلاف الوطني السوري.
وفي هذا السياق، أكد قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع خلال استقباله وزير الدولة في وزارة الخارجية القطرية محمد الخليفي بالعاصمة السورية دمشق في 23 ديسمبر/كانون الأول الماضي أن قطر لها أولوية خاصة في سوريا بسبب مواقفها المشرّفة تجاه الشعب السوري.
2- السعوديةتعد السعودية أيضا من الدول المانحة، ومن المتوقع أن تلعب في سوريا دورا مهما على الصعد السياسية والاقتصادية والأمنية.
وفعليا، نظمت الرياض مؤتمرا بتاريخ 12 يناير/كانون الثاني 2025 شاركت فيه 18 دولة، وناقش المؤتمر رفع العقوبات ودعم عملية الاستقرار وإعادة الإعمار في سوريا.
ومن المتوقع أن تساهم الرياض في عملية إعادة الإعمار عبر تقديم منح مالية وقروض وودائع مالية وطرح مشاريع استثمارية في سوريا.
وقد أكد وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان خلال زيارته دمشق في 24 يناير/كانون الثاني الحالي أن بلاده مستعدة لدعم نهوض سوريا.
3- الكويتتصنف الكويت من أكثر الدول المانحة في العالم، وقد قدّمت لعدد كبير من الدول المساعدات المالية والإنسانية والقروض المالية.
وقدّمت الكويت مساعدات مالية للسوريين عبر برامج الأمم المتحدة بشكل دائم خلال فترة الثورة السورية.
إعلانوتقف الكويت اليوم إلى جانب السعودية وقطر في دعم الحكومة الجديدة، ومن المتوقع أن تقدّم في إطار عملية إعادة الإعمار منح مالية وقروض طويلة الأجل.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات عملیة إعادة الإعمار ومن المتوقع أن الخلیج العربی الدول المانحة من المتوقع أن إعادة إعمار دول الخلیج فی سوریا من الدول أن تکون
إقرأ أيضاً:
الأمم المتحدة: نحو ثلثي مباني غزة دُمر وهناك 42 مليون طن من الركام
قال رئيس برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أخيم شتاينر إن "حوالي ثلثَي المباني في قطاع غزة، دُمر أو تضرر بسبب القصف المكثف للجيش الإسرائيلي، وستكون إزالة 42 مليون طن من الأنقاض عملية خطرة ومعقدة".
وأضاف أن الحرب على غزة "قضت على 60 عاما من التنمية" بحسب وصفه.
وبيّن شتاينر في حديث لوكالة الصحافة الفرنسية أنه "من المرجح أن يكون ما بين 65 و70 بالمائة من المباني في غزة قد دُمّرت بالكامل أو تضررت".
وأوضح شتاينر أن "مليوني شخص يعيشون في غزة خسروا منازلهم، لكنهم خسروا أيضا البنية التحتية العامة وأنظمة معالجة مياه الصرف الصحي وأنظمة إمدادات مياه الشرب وإدارة النفايات".
سنوات طويلةولفت المسؤول الأممي إلى أن "اتفاق وقف إطلاق النار الهش بين إسرائيل وحركة حماس وطبيعته المتقلبة يصعّبان توقّع المدة التي ستحتاج إليها عملية إعادة الإعمار".
وتابع في حديثه مع الوكالة الفرنسية "عندما نتحدث عن إعادة إعمار، لا نتحدث عن سنة أو سنتين، بل ستستغرق العملية سنوات طويلة قبل بدء إعادة بناء البنية التحتية المادية وإعادة بناء الاقتصاد بالكامل".
وأشار إلى أن "الناس كانت لديهم مدخرات، كانت لديهم قروض، واستثمروا في أعمال تجارية. لكن كل ذلك قد ضاع".
إعلانوقدّر شتاينر أن مرحلة إعادة الإعمار المادية وحدها ستكلف "عشرات المليارات من الدولارات"، مضيفا "نواجه صعوبة هائلة في جمع هذه المبالغ".
دمار واسع في مخيم جباليا شمال قطاع غزة (رويترز) تحديات هائلةوقال شتاينر إن حجم الركام الذي ستجب إزالته وإعادة تدويره يمثل تحدّيا هائلا.
وأضاف أنه سيكون من الصعب جمع عشرات مليارات الدولارات اللازمة لإعادة الإعمار.
وأوضح فيما يخص الركام أن "هذه ليست عملية بسيطة تتمثل في تحميل الركام ونقله إلى مكان ما. فهذه الأنقاض خطرة حيث لا تزال هناك جثث ربما لم يتم انتشالها. وهناك ذخائر وألغام غير منفجرة".
وأضاف شتاينر أنه إذا استمرت الهدنة، فستكون هناك حاجة إلى كميات هائلة من البنى التحتية المؤقتة.