صدر حديثا عن دار أكوان للنشر والترجمة والتوزيع المجموعة القصصية «شكرا.. ساعي البريد»، للكاتب الروائي والصحفي ربيع السعدني، الذي يشارك في معرض الكتاب بدورته الـ56 بمركز مصر للمعارض الدولية للمرة الثالثة.

ويتضمن الكتاب 14 قصة قصيرة عن السيرة الذاتية والجريمة والحب والحرب والهزيمة والذكاء الاصطناعي، وتعكس تنوعًا في المواضيع والأساليب السردية.

تتأرجح القصص بين الواقعية والخيال، وتقدم رؤى عميقة عن الحياة الإنسانية والعلاقات والصراعات الداخلية والخارجية التي يعكس من خلالها واقع المجتمع المصري بكل تفاصيله المضحكة والمأساوية في آن واحد.

وكُتِب على ظهر الكتاب هذا المشهد من المجموعة من قصة «شكرا ساعي البريد»؛ «يعود شوقي وذهنه شاردٌ وقلبُه معلقٌ هناك على خط النار كأن ديارهِ باتت على الجبهة، عاد زوجي متأخرا في هزيع الليل، وضمَّني بين ذراعيه بقوة حتى كاد أن يعتصرني، وقبل أن يخلع سُترته الصحفية أغلق باب الغرفة ثم همَّ بفتح حقيبته «المِخْلا» ليخرج حزمة خطابات أفرغ محتوياتها على السرير وتحوي رُزم ورق تكسوها الصُفرة وقصاصات أخرى متناثرة مصبوغة بلون الدم بأحجام مختلفة، وحين سألته «ما كل هذه الأوراق يا شوقي؟»، أخبرني «جوابات يا زينب، رسائل شتى من جنودنا المُرابطين على الجبهة من مختلف قرى ونجوع مصر، رسائل وداع أشبه بمرثية حزينة تُرسل إلى ذويهم إذا لقوا حتفهم، كانوا يكتبون وصيتهم على أي شيء أمامهم، كتابة مُودعٍ للحياة ثم يعطوننا الجوابات وأرواحهم مُعلقة بين السطور، ويأمنوننا ويحلفوننا نوصلهم لأهلهم لما نرجع مصر»

وأهدى السعدني الكتاب إلى روح المصور الصحفي الكبير بجريدة الأهرام شوقي مصطفى، صاحب «فرحة النصر» أجمل لقطة في حرب أكتوبر المجيدة 1973 وتعد مجموعة «شكرًا ساعي البريد»، الكتاب الثالث الصادر للصحفي ربيع السعدني، بغلاف فريد لرسام الكاريكاتير الفلسطيني الدكتور علاء اللقطة بعد روايته الأولى «كفر ونس»، مع دار نشر الياسمين، ومجموعة «بائعة الخبز»، الصادرة عن دار حابي للنشر والتوزيع.

 

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: معرض الكتاب ساعی البرید

إقرأ أيضاً:

الحب في زمن التوباكو (٥)

 

 

مُزنة المسافر

 

جوليتا: وأين هو الآن رجل القطار يا عمتي؟

ماتيلدا: لقد رحل.

جوليتا: إلى أين؟

ماتيدا: صار القطار البطيء سريعاً فجأة، أخذ منديله ووضعه في جيبه مع قبعته الرصينة، وتركني وحيدة، قال لي: لقد حان الوقت إنها المحطة المنتظرة.

 

جوليتا: لكن لم يكتب لكِ أي عنوان يا عمتي؟

ماتيلدا: القطار صار سريعاً، والزمن تحرك بسرعة عاجلة، ولم يعِ أن قلوبنا واهية وضعيفة أمام التغيير، وأن الخجل والوجل الذي ساد قلبي، لم يكن في قلوب الأخريات، بالطبع  كنت اعتقد أنَّ إحداهن قد قنصت قلبه بعيداً عني أنا والأسوأ من ذلك يا عزيزتي أن والدك وجدك قد ثقبوا قبعته ولطخوا سترته الثمينة بالغبار، في الحقيقة ألقوا به في وحل الشارع، وأهانوا كرامته وحطموا أناقته.

 

ولأنه كان رجلاً مختلفاً، لم يرغب أبداً أن يشعل نيران الشك في قلوبهم أكثر، وجاءوا إلى وكري في منزل جدك القديم، وألغوا لي فصلاً جميلاً من الرومانسية، وقالوا إنِّه أرعن وغير متوازن، ومع الوقت اكتشفت أنا أنهما يكذبان طبعاً حتى استمر في الغناء، لأحصد المال والشهرة لهما، وأن يكون المسرح منشغلاً بي وبصوتي فقط، بينما كنت أنا منشغلة برجل القطار، كان اسمه غابرييل.

 

كان رجلاً لبقاً، لطيفاً للغاية يا جولي، بينما كان أبوك وجدك يشبهان رجال المناجم المحترقة قلوبهم للوقت الذي يضيعونه في الظلام، وكانت حياتي في المسرح أجمل الأمور التي حصلت لي، لكن بين فينة وأخرى كان هو في بالي وكان بالطبع مرادي الذي يسكن فؤادي دائماً، بحثت عنه ووجدت عنواناً بين جواباته ومراسلاته لي، وكاد والدك  يحرقها كلها ويشعلها بنيران الغيرة، وكنت للفكرة أسيرة، فأخذت حقيبة صغيرة ومددت نفسي نحو الشرفة، وقفزت منها كانت قريبة من الأرض، ووجدته بعد أيام.

 

جوليتا: وهل وجدته يا عمتي؟

ماتيلدا: بالطبع وجدته، وقال لي إنه سيعود لأبي وأخي، وسيكون له كلمة جادة، وإنه يود خطبتي وسيدافع عني إذا حدث لي شيء.

وبالفعل قام بكل ما قاله، ولكن والدك الأهوج، وجدك الذي يعرج، كانت ألسنتهم سليطة، وكنت أنا شابة يانعة، لم أكن لنفسي نافعة، كنت أحتاجه، وكنت أمدد الفكرة لزمن آخر ربما.

 

جوليتا: وهل يئستِ؟

 

ماتيلدا: لا، وسعى والدك أن يبحث عنه، ويلطخ قلبه بمشاعر غريبة لا تخصني، وهدده، وندَّد به.

 

جوليتا: قولي يا عمتي، ماذا فعل رجل القطار؟

 

ماتيلدا: فعل الكثير من أجلي.

 

 

 

 

مقالات مشابهة

  • بين عناد كييف واشتراط موسكو.. ما موقف روسيا من السلام والحرب؟
  • كتاب وقهوة.. ولفة فلافل
  • الحب في زمن التوباكو (٥)
  • أمريكا والحرب البرية على اليمن
  • المستشار محمد شوقي ينعي ببالغ الحزن وكيل النائب العام محمد صلاح الألفي
  • إقبال قياسي على معرض الكتاب بالرباط..أكثر من 83 ألف زائر في الأيام الأولى
  • الفكر والفلسفة في الصدارة.. معرض الكتاب بالرباط يواصل فعالياته
  • وزارة البريد ترد بخصوص تاريخ إطلاق الجيل الخامس
  • علم الأعصاب والحرب المعرفية تحول جذري في عمل الاستخبارات
  • حتى لو كانت من "جوجل".. تحذير خطير من Gmail: لا تفتح هذا البريد الإلكتروني