سلط مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، الضوء على التقرير الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي بعنوان «توقعات الأمن السيبراني العالمي لعام 2025»، والذي يتناول التعقيد المتزايد في المشهد السيبراني وتأثيراته العميقة على المؤسسات والدول، ويشير إلى أنَّ هذا التعقيد لا يقتصر على الجوانب التقنية فقط، بل يشمل أيضًا أبعادًا اقتصادية واجتماعية تتطلب استجابة شاملة ومتكاملة.

 العوامل التي تساهم في تعقيد المشهد السيبراني

أوضح التقرير أنَّ العوامل التي تسهم في تعقيد المشهد السيبراني تتمثل في التوترات الجيوسياسية وسلاسل التوريد المعقدة، والتقنيات الناشئة، والمتطلبات التنظيمية، بالإضافة إلى نقص المهارات، إذ أنَّ الصراعات والتوترات الدولية تزيد من حالة عدم اليقين وتجعل الهجمات السيبرانية أداة في هذه الصراعات، إذ تُستَهدَف الحكومات والبنية التحتية الحيوية والاقتصادات، في حين يؤدي الاعتماد على سلاسل التوريد المتشابكة إلى ظهور نقاط ضعف يمكن استغلالها، ويزيد من هذه المخاطر الافتقار إلى الشفافية والرقابة على أمن الموردين.

النقص في المهارات المتخصصة في الأمن السيبراني يساهم في تفاقم الوضع

بالإضافة إلى ذلك، أوضح معلومات الوزراء أنَّ التبني السريع للتقنيات مثل الذكاء الاصطناعي في ظهور ثغرات أمنية جديدة، يستغلها مجرمو الإنترنت لتعزيز أساليبهم الهجومية، أما عن المتطلبات التنظيمية فقد يؤدي انتشار القوانين واللوائح المختلفة في جميع أنحاء العالم إلى زيادة العبء على المؤسسات التي تجد صعوبة في الامتثال لها.

وأضاف التقرير أنَّ النقص في المهارات المتخصصة في الأمن السيبراني يساهم في تفاقم الوضع، إذ تفتقر العديد من المؤسسات إلى الكفاءات اللازمة لإدارة المخاطر السيبرانية.

وأشار التقرير إلى أنَّ آثار هذا التعقيد تتمثل في عدة نقاط منها:

- تفاقم التفاوتات السيبرانية: حيث يؤدي التعقيد المتزايد إلى زيادة الفجوة بين المنظمات الكبيرة والصغيرة، والدول المتقدمة والنامية، وتكافح المنظمات الصغيرة لتأمين نفسها، بينما تتقدم المنظمات الكبيرة بخطى ثابتة.

- تطور الهجمات الإلكترونية: يزداد عدد الهجمات الإلكترونية وتتطور أساليبها، خاصةً مع استخدام الذكاء الاصطناعي من قبل مجرمي الإنترنت، مما يجعل هجمات الفدية والاحتيال والتصيد أكثر انتشارًا.

- مخاطر على البنية التحتية الحيوية: أصبحت البنية التحتية الحيوية أهدافًا متزايدة للهجمات الإلكترونية، مما يعرض السلامة العامة والأمن القومي للخطر.

- مخاطر في التكنولوجيا الحيوية: إذ تؤدي التطورات في هذه المجالات إلى ظهور مخاطر جديدة تتطلب تدابير أمنية متقدمة، حيث يمكن أن تؤدي الهجمات إلى تعطيل الأبحاث أو المساس بالبيانات الحساسة.

 كيفية استغلال الذكاء الاصطناعي

وأكّد مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار أن التقرير أفاد بأنه استجابة لهذه التحديات يمكن استغلال الذكاء الاصطناعي في الدفاع، إذ يجب تقييم أمان أدوات الذكاء الاصطناعي قبل نشرها، ويمكن للذكاء الاصطناعي أن يعزز قدرات الدفاع من خلال الكشف السريع عن المخاطر والاستجابة لها، كما يجب على المؤسسات اعتماد نهج شامل لإدارة المخاطر، مع التركيز على تحديد المخاطر وتقييمها وتنفيذ تدابير وقائية، وأيضًا تعزيز التعاون، إذ ينبغي تعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص وبين الدول المختلفة لمواجهة التهديدات السيبرانية العابرة للحدود، مع التركيز على تبادل المعلومات والتهديدات.

واستعرض مركز المعلومات عدد من التوصيات الناتجة عن المنتدى لتعزيز جودة الأمن السيبراني وتجنب المخاطر الناتجة عنه، وذلك من خلال:

- الاستثمار في الأمن السيبراني: يجب اعتبار الأمن السيبراني استثمارًا استراتيجيًا وليس مجرد نفقات، مع تخصيص الموارد اللازمة لتعزيز القدرات الدفاعية.

- تنمية المهارات: يجب التركيز على تنمية المهارات في مجال الأمن السيبراني، وخاصةً المهارات المتعلقة بالذكاء الاصطناعي.

- رفع الوعي: ينبغي رفع مستوى الوعي بأهمية الأمن السيبراني في جميع أنحاء المجتمع، مع ضرورة فهم جميع الموظفين للمخاطر السيبرانية والمشاركة في تعزيز ثقافة الأمن.

- التحضير للمستقبل: يجب الاستعداد للتهديدات المستقبلية من خلال البدء في تقييم المخاطر وتنفيذ التدابير الوقائية.

وأكّد التقرير في ختامه أن المشهد السيبراني يتسم بالتعقيد والتغير المستمر، ويتطلب استجابة سريعة ومتكاملة من جميع الأطراف المعنية، لذا، يجب على المؤسسات والدول العمل معًا لتعزيز القدرة على الصمود السيبراني، وحماية البنية التحتية الحيوية، وضمان أمن البيانات والمعلومات.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الأمن القومي التدابير الوقائية التكنولوجيا الحيوية التوترات الجيوسياسية الهجمات الإلكترونية الأمن السيبراني الذکاء الاصطناعی الأمن السیبرانی التحتیة الحیویة على المؤسسات

إقرأ أيضاً:

ثلاثة أسباب قد تؤدي إلى تباطؤ زخم الذكاء الاصطناعي في 2025

وَفَّـرَت وتيرة التقدم التكنولوجي السريعة على مدار العام الماضي، وخاصة في مجال الذكاء الاصطناعي، عددا كبيرا من أسباب التفاؤل. ولكن مع تقدم عام 2025، تشير بعض دلائل إلى أن زخم الذكاء الاصطناعي ربما بدأ ينحسر.

منذ عام 2023، كانت السردية السائدة تتلخص في أن ثورة الذكاء الاصطناعي ستدفع الإنتاجية والنمو الاقتصادي، فيمهد ذلك الطريق لتحقيق اختراقات تكنولوجية غير عادية. على سبيل المثال، تتوقع شركة PwC (PricewaterhouseCoopers) أن يضيف الذكاء الاصطناعي ما يقرب من 16 تريليون دولار إلى الناتج المحلي الإجمالي العالمي بحلول عام 2030 ــ بزيادة قدرها 14%. من ناحية أخرى، تشير تقديرات دراسة أجراها إريك برينجولفسون، ودانييل لي، وليندسي ر. ريموند إلى أن الذكاء الاصطناعي التوليدي من الممكن أن يعزز إنتاجية العمال بنسبة 14 % في المتوسط وبنسبة 34% بين العمال الجدد وأصحاب المهارات المنخفضة.

ويبدو أن الإعلانات الأخيرة الصادرة عن شركة Google (جوجل) وشركة OpenAI تدعم هذه الرواية، حيث تقدم لمحة عن مستقبل كان قبل وقت ليس ببعيد محصورا في الخيال العلمي. على سبيل المثال، أفادت التقارير أن شريحة ويلو للحوسبة الكمومية من جوجل، أكملت عملية حسابية غير مسبوقة ــ مهمة قد تستغرق من أسرع الحواسيب الخارقة اليوم عشرة سبتليون سنة (السبتليون عشرة متبوعة بـ 24 صفرا) ــ في أقل من خمس دقائق. على نحو مماثل، يمثل نموذج o3 الجديد من OpenAI طفرة تكنولوجية كبرى، وهذا يجعل الذكاء الاصطناعي أقرب إلى النقطة التي يمكنه عندها أن يتفوق على البشر في أي مهمة إدراكية، وهو إنجاز يُعرف باسم «الذكاء العام الاصطناعي».

لكن ثلاثة أسباب على الأقل قد تجعل طفرة الذكاء الاصطناعي تفقد زخمها في عام 2025. أولا، يتساءل المستثمرون على نحو متزايد حول ما إذا كانت الاستثمارات المرتبطة بالذكاء الاصطناعي قادرة على تحقيق عوائد كبيرة، حيث تكافح شركات عديدة لتوليد القدر الكافي من الإيرادات للتعويض عن التكاليف الباهظة اللازمة لتطوير نماذج خارقة. فبينما يكلف تدريب النموذج اللغوي المتقدم GPT-4 من إنتاج OpenAI أكثر من 100 مليون دولار، من المرجح أن يكلف تدريب نماذج المستقبل أكثر من مليار دولار، وهذا يثير المخاوف بشأن استدامة هذه الجهود ماليا.

من المؤكد أن المستثمرين حريصون على الاستفادة من طفرة الذكاء الاصطناعي، حيث استثمرت شركات رأس المال الاستثماري مبلغا غير مسبوق قدره 97 مليار دولار في شركات الذكاء الاصطناعي البادئة في الولايات المتحدة في عام 2024. ولكن يبدو أن حتى الشركات الرائدة في هذه الصناعة، مثل OpenAI، تستهلك أموالها بسرعة تعجز معها عن تحقيق عوائد مجدية، وهذا يجعل القلق يساور المستثمرين إزاء احتمال أن يكون قسم كبير من رؤوس أموالهم أُسيء تخصيصه أو أُهـدِر. تشير الحسابات البسيطة إلى أن استثمار 100 مليار دولار في الذكاء الاصطناعي يتطلب ما لا يقل عن 50 مليار دولار من الإيرادات لتحقيق عائد مقبول على رأس المال ــ مع احتساب الضرائب، والنفقات الرأسمالية، ونفقات التشغيل. لكن إجمالي عائدات القطاع السنوية، وفقا لمصادري، يبلغ 12 مليار دولار فقط، حيث تمثل OpenAI نحو 4 مليارات دولار. وفي غياب «تطبيق قاتل» لا يمانع العملاء في دفع مبالغ كبيرة للحصول عليه، قد ينتهي الأمر بجزء كبير من استثمارات رأس المال المخاطر إلى أن تصبح عديمة القيمة، فيفضي هذا إلى انخفاض الاستثمار والإنفاق.

ثانياً، قد تؤدي الكميات الهائلة من الطاقة اللازمة لتشغيل وتبريد مراكز البيانات الضخمة إلى إعاقة نمو الذكاء الاصطناعي السريع. بحلول عام 2026، وفقا لوكالة الطاقة الدولية، ستستهلك مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي 1000 تيراواط/ ساعة من الكهرباء سنويا، وهذا يتجاوز إجمالي استهلاك المملكة المتحدة من الكهرباء والغاز في عام 2023. وتتوقع شركة Gartner الاستشارية أن تكون 40% من مراكز البيانات الحالية «مقيدة تشغيليا» بسبب محدودية توافر الطاقة بحلول عام 2027.

ثالثا، يبدو أن النماذج اللغوية الضخمة تقترب من حدودها القصوى مع تصارع الشركات مع تحديات متصاعدة مثل نُـدرة البيانات والأخطاء المتكررة. يجري تدريب النماذج اللغوية الضخمة في المقام الأول على بيانات مستقاة من مصادر مثل المقالات الإخبارية، والتقارير المنشورة، والمنشورات على وسائط التواصل الاجتماعي، والأوراق البحثية الأكاديمية. ولكن مع محدودية المعروض من المعلومات العالية الجودة، أصبح العثور على مجموعات جديدة من البيانات أو إنشاء بدائل اصطناعية أمرا صعبا ومكلفا على نحو متزايد. وعلى هذا، فإن هذه النماذج معرضة لتوليد إجابات غير صحيحة أو ملفقة «هلوسات»، وقد ينفد قريبا مخزون شركات الذكاء الاصطناعي من البيانات الجديدة اللازمة لصقل هذه النماذج.

تقترب قوة الحوسبة أيضا من حدودها المادية. في عام 2021، كشفت شركة IBM النقاب عن شريحة بحجم 2 نانومتر ــ بحجم ظفر الإصبع تقريبا ــ قادرة على تركيب 50 مليار ترانزستور وتحسين الأداء بنسبة 45% مقارنة بسابقتها التي تبلغ سبعة نانومتر. برغم أن هذا الإنجاز مبهر دون أدنى شك، فإنه يثير أيضا تساؤلا مهما: هل وصلت الصناعة إلى نقطة تناقص العوائد في سعيها إلى صنع أشباه موصلات متزايدة الـصِـغَـر؟

إذا استمرت هذه الاتجاهات، فقد لا تكون التقييمات الحالية لشركات الذكاء الاصطناعي المتداولة في البورصة مستدامة. والجدير بالذكر هنا أن الاستثمار الخاص بدأ يُظهر بالفعل علامات التراجع. وفقا لشركة الأبحاث Preqin، جمعت شركات رأس المال المخاطر 85 مليار دولار في الأرباع الثلاثة الأولى من عام 2024 ــ وهو انخفاض حاد عن مبلغ 136 مليار دولار الذي جُـمِـعَ خلال الفترة ذاتها من عام 2023.

الخبر السار هنا هو أن المنافسين الأصغر حجما يمكنهم اغتنام الفرصة وتحدي هيمنة شركات الذكاء الاصطناعي العملاقة اليوم إذا بدأت تتعثر. من منظور السوق، قد يعمل مثل هذا السيناريو على تعزيز المنافسة المتزايدة وتقليل التركز، على النحو الذي يمنع تكرار الظروف التي سمحت لما يسمى «العظماء السبعة» ــ Alphabet، وأمازون، وأبل، وميتا، ومايكروسوفت، وNvidia، وتسلا ــ بالسيطرة على صناعة التكنولوجيا في الولايات المتحدة.

دامبيسا مويو خبير اقتصادي دولي، ومؤلف أربعة كتب من أكثر الكتب مبيعًا في صحيفة نيويورك تايمز، بما في ذلك حافة الفوضى: لماذا تفشل الديمقراطية في تحقيق النمو الاقتصادي - وكيفية إصلاحها.

خدمة بروجيكت سنديكيت

مقالات مشابهة

  • «معلومات الوزراء» يستعرض تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي حول توقعات الأمن السيبراني لعام 2025
  • معلومات الوزراء: تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي عن الأمن السيبراني 2025 غير مطمئن
  • ديب سيك الصيني يُذهل العلماء ويتحدى عمالقة الذكاء الاصطناعي العالمي
  • ثلاثة أسباب قد تؤدي إلى تباطؤ زخم الذكاء الاصطناعي في 2025
  • السيد أسعد يفتتح غدًا أعمال "منتدى حوار المعرفة العالمي".. وحلقات عمل تناقش تطورات الذكاء الاصطناعي في البحث العلمي
  • السيد أسعد يفتتح اليوم أعمال "منتدى حوار المعرفة العالمي".. وحلقات عمل تناقش تطورات الذكاء الاصطناعي في البحث العلمي
  • خبير أمن معلومات: وفرة تطبيقات الذكاء الاصطناعي ستكون طبيعة المرحلة القادمة
  • خلال منتدى دافوس.. زعماء العالم يناقشون تحديات رأس المال البشرى في عصر الذكاء الاصطناعي
  • مترجمون وأساتذة يتحدثون: استخدام الذكاء الاصطناعي في الترجمة بين المخاطر والمميزات