صنعاء .. قصةٌ (مَدَنيَّةٍ) لا مدينةً فقط!
تاريخ النشر: 21st, August 2023 GMT
كأول قطعة من الأرض تظهر بعد الطوفان ، أسميت في كتب التاريخ والأساطير مدينة (أزال) أو أرض (سام إبن نوح) أي أنها كانت أول ما عُرِف لاحقاً بصنعاء، العاصمة التاريخية لليمن الطبيعي.
صنعاء، مدينةُ كل الناس والأجناس.
الثقافات والعقائد..
مدينةُ الجميع .. عرباً وفرساً وأتراكاً وأكراداً وأحباشاً وهنوداً وأوربيين وغيرهم .
كانت جامعةٌ لكل الجوامع
الله فيها ربٌّ للعالمين أجمع ، يهوداً ومسيحيين ومسلمين وخلافهم
ووحده يَعبدُه الكلُّ في كلِّ معبدٍ وكنيسةٍ ومسجد!
فيها قبورٌ ومقابر لمن اقتتلوا على حبها، يمنيونٌ، مصريونٌ وعثمانيونٌ ، فرساً، وآخرون غيرهم.
حكاية صنعاء ليست دُوراً وطيرمانات و(ساعات سليمانية) بعد تخزينة قات، لكنها كتاب أخلاقٍ عميقٍٍ درَسْته بفهمٍ وإيمان وعاشت عليه أممُ وشعوب، وتوالت به وعليه ثقافات توارثها جيلٌ بعد آخر .
منذ أن كنت صغيراً استمعت إلى مقولات عدة من قبيل مواعظ أبي وأمي "من لم ينجح بالعلم والتعليم والعمل في صنعاء فلن تكون لديه وظيفة في غيرها" أو "من إكتسب بيتاً في صنعاء، إمتلك اليمن كله" أي أن صنعاء كانت ميدان سجالٍ بين عقولٍ وأفكار وعمل .. هكذا باختصار.
وعندما كبُرت عرفت مقولة الإمام الشافعي "لابد من صنعاء وإن طال السفر" ولاحقاًً أدركت لماذا خصَّها المقالح العظيم بأهم وأول دواوينه "لا بد من صنعاء".
صنعاء يا أنشودةً عبَقت
وأجاد في إنشادها الأزلُ
إن أبعدتني عنك عاصفةٌ
وتفـرقـت ما بيننا السبُلُ
فأنا على حبي وفي خجلٍ
روحي إلى عينيك تبتهلُ
فمتى تظللني مآذنها
ويضيئُ في أحضانها الجبلُ
أأموتُ يا صنعاءُ مغتربـاً
لا الدمع يدنيني ولا القُبـلُ
فهمنا هذا البعد لصنعاء في وجداننا، ولكن ماذا نفعل إزاء مدينةٍ مختطفة، مدينةٌ لم تتغير صورتها عما رآه الرائي الكبير عبدالله البردوني:
"ماذا أحدث عن صنعاء يا أبتي ؟
مليحةٌ عاشقاها السلّ والجربُ
ماتت بصندوق (وضّاحٍٍ) بلا ثمنٍ
ولم يمت في حشاها العشقُ والطربُ
كانت تراقب صبح البعث، فانبعثت
في الحلمِ، ثم ارتمت تغفو وترتقب
لكنها رغم بخل الغيث ما برحت
حبلى وفي بطئها (قحطان) أو (كرب)
وفي أسى مقلتيها يغتلي (يمنٌ)
ثانٍ كحلم الصبا، ينأى ويقتربُ".
السؤال لم يعد من يحكم صنعاء إذا كان ذلك سوف يكون باختيار شعبي وإجماعٍ وطنيٍ عام ، فالتاريخ هكذا دولة بدولة، وجولات وصولات، لكنه كيف يمكن حماية صنعاء، وإعادتها إلى منبتها الأول الذي عادت منه بعد الطوفان؟
كيف يمكن إنقاذها من غطرسة مسلحٍ جاهل، جائعٌ وفقيرٌ مظلوم استقدمته عاصمة بعيدة ليحتل ميادينها وقصورها وبيوتها ويتحدث اليوم بإسم اليمن مقصياً غيره من أبناء وعشاق صنعاء والحالمين بها؟.
المشكلة ليست مع مظلومية المظلوم فالعدالة الانتقالية هي جسرّ للجميع نحو النجاة، وإعادة الأمور إلى ميزان الصواب، لكنها تكمن في خيانة الجميع تقريباً لأنفسهم، وفي تصديق أن مال الغريب سوف يكون هو الوسيلة لصنع أمرٍ واقعٍ، يستحيل عليه بدون تعايشٍ بين الجميع أن يسود أو يكون مقبولاً من الجميع!
نحتاج إلى عصفٍ ذهنيِ مكثفٍ، يمنيٍ - يمني، يمنيٍ - خليجي - عربي لنعيد فهم أن هذه المدينة التي أساء الكل فهم دورها في التاريخ، سقطت تحت حمولات هذا التاريخ بما لم تعد اليوم تحتمل.
سمعت في سنوات الشباب من إبراهيم الحمدي أنه لابد من التفكير في عاصمةٍ بديلة .. هكذا كان تفكير إبراهيم بصنعاء آنذاك، حائراً ومحيِّراً، وهو أن منطقة مثل قاع جهران في محافظة ذمار، أو الجَند في محافظة تعز يمكن أن تكون مكاناً مثالياً .. أي عاصمة استراتيجية محاطةً بالجبال وليس مدينة مفتوحةً على البحر مثل عدن وبيروت يسهل على الأعداء غزوها.
هكذا كان الحمدي يفكر برؤيةٍ استباقيةٍ متقدمةٍ على عصره، ولهذا استعجلوا في اغتياله، ليجد اليمنيون اليوم أنفسهم بعد خمسة وأربعين عاماً على مقتله أمام هذه الحقيقة مرةً أخرى.
مالم يكن لليمنيين مركزٌ ورمزٌ خارجٌ هيمنة القبائل الفقيرة المحرومة من أي تعليمٍ جيد أو تنمية شاملةِ متوازنة لن يكون لليمن مستقبل، فالقبائل لم تكن سوى مجرد مستودع بشري تُدعى بنادقه غالباً للحروب وأصواته نادراً للانتخابات.
ليس في هذا الحديث تحيزٌ أو تحاملٌ أو تحريضٌ لأحدٍ على أحد ، ولكن إقرارٌ بأن الكل ظالمٌ ومظلوم، الجميع أخطأ في حق صنعاء، وأصبحت البلاد كلها من أقصاها إلى أدناها ضحية.
ربما كان هكذا كان رأي الأخ إبراهيم كما تكلم عنه في مذكراتهما، على الأقل، الأخَوان يحيى المتوكل وحسين المسوري.
قبائل اليمن الأبيَّة يجب أن تفوق من خَدَرِ القات والبردقان، وأن تعي أن خطر الإستبداد الداخلي المسنود من الخارج يجب أن يتوقف بعد أن استنزف عبر قرونٍ من الزمن شلالاتٍ من أزكى دماء أبنائها، وقوافل من جماجم أشجع رجالاتها، وأن تصرخ بما يجب أن تكون عليه اليوم صرخة حناجرها .. الموت للطغيان ، اللعنة على الكهنوت، والمجد لليمن .. والعزة لصنعاء.
المصدر: المشهد اليمني
كلمات دلالية: فی صنعاء
إقرأ أيضاً:
الذهب يفاجئ الجميع بانخفاض مرعب في عدن وصنعاء.. أسعار الذهب الان
Related Articles خذوا حذركم: موعد الضريب أصبح قريب.. “الميدان اليمني” ينشر توقعات الصقيع في جميع المناطق بالاسماء والتوقيت
12 دقيقة ago
باللون الاصفر.. الانذار المبكر يطلق تحذير عالي الخطورة ويحذر الجميع مما سيحصل خلال الساعات القادمة7 ساعات ago
يحتوي خاصية فريدة.. التطبيق الأول عالميا لـ “القرآن الكريم” كل الخصائص بدون انترنت قراءة وتلاوات وتفاسير واعراب ولغات متعددة8 ساعات ago
شاهد.. صورة تكشف معلومات لم يتوقعها أحد عن محتوى شارة يرتديها جنود القوات الأمريكية على الزي الرسمي تتعلق بالحرب على الحوثيينيوم واحد ago
موجة برد شديدة تضرب 7 محافظات يمنية ومنطقة يمنية تسجل أدنى درجات الحرارة اليوم والأرصاد يحذر من أجواء شديدة البرودة خلال الساعات القادمةيوم واحد ago
أسعار صرف الريال اليمني مقابل الدولار والريال السعودي في صنعاء – عدنيوم واحد ago
تستمر أسعار الذهب في اليمن بالانخفاض، في رحلة هبوط تدريجية منذ مطلع الأسبوع الجاري، لتشكل قائمة جديدة لأسعار المعدن الأصفر في عدن وصنعاء.
وكشفت مصادر اقتصادية، أن الجنيه الذهب سجل اليوم في عدن ، مليون و205 ألف ريال، بانخفاض كبير متدرج بلغ 65 ألف ريال، وفي صنعاء انخفض سعر الجنيه الذهب إلى 303 ألف ريال بانخفاض بلغ 30 ألف ريال.
ويأتي هذا الانخفاض بعد أن ودع المعدن الأصفر اليمن خلال أكتوبر الفائت بارتفاع هو الأكبر في تاريخ البلاد تصدرت فيه عدن والمحافظات الجنوبية والشرقية القائمة وصل فيها سعر الجنيه قرابة المليون و300 ألف ريال.
وفيما يلي قائمة بمتوسط أسعار الذهب في عدن وصنعاء مساء اليوم الجمعة 15 نوفمبر 2024م:
متوسط أسعار الذهب في عدن:
الجنيه الذهب
شراء = 1,185,000 ريال
بيع = 1,205,000 ريال
جرام عيار 21
شراء = 148,000 ريال
بيع = 155,000 ريال.
متوسط أسعار الذهب في صنعاء:
الجنيه الذهب
شراء = 297,500 ريال
بيع = 303,000 ريال
جرام عيار 21
شراء = 36,900 ريال
بيع = 39,000 ريال
اسعار الذهب العالمية:
صعد الذهب في المعاملات الفورية، اليوم الجمعة، 0.1% فقط إلى 2569.69 دولاراً للأوقية بعد هبوط استمر لخمس جلسات.. وانخفض الذهب بأكثر من 4% منذ بداية الأسبوع وحتى الآن.
ووفق مصادر البورصة العالمية، سجل الذهب أدنى مستوى في شهرين في الجلسة السابقة، وانخفض أكثر من 220 دولاراً عن ذروته القياسية التي سجلها الشهر الماضي، فيما زادت العقود الأمريكية الآجلة للذهب 0.1% إلى 2574.50 دولاراً.
وبالنسبة للمعادن النفيسة الأخرى، ارتفعت الفضة في المعاملات الفورية 0.2 بالمئة إلى 30.52 دولاراً للأوقية، وصعد البلاتين 0.1 بالمئة إلى 940.68 دولاراً، كما زاد البلاديوم 0.5 بالمئة إلى 946.00 دولاراً، وتتجه المعادن الثلاثة لتسجيل انخفاض أسبوعي.
ذات صلة