سودانايل:
2025-02-27@10:22:57 GMT

إسماعيل عبد المعين (1-10): وأي فتىً أضاعوا !!

تاريخ النشر: 27th, January 2025 GMT

السخرية و(الهقنَبة) والنزوع إلى (التبخيس) في مجتمعنا وفي تراثنا السوداني كثيرة وافرة ومزعجة في أحايين كثيرة..! وكم أضاعت من مواهب وشؤون كان يمكن أن يكون لها أثرها الكبير في شتى مناحي الحياة..! ونظن أن الموسيقار العظيم "اسماعيل عبد المعين" كان من أحد ضحاياها..!
هكذا كان نفرٌ من أهل القطاع الموسيقى والغنائي والثقافي في بلادنا يشيعون السخرية عن صاحبنا عبد المعين وهم لا يدرون (أي فتىً أضاعوا).

.!!
لقد واجهت (السخرية السودانية المعهودة) عبد المعين بكل عنفوانها وضراوتها ولم يجد غير أن يواجهها (تكة بتكة) وسخرية بسخرية بل أحياناً بأعنف منها..! هذا هو قدَر المبرّزين في كل فن وضرْب..وقدَر روّاد التغيير..!
وتعود دواعي السخرية والتبخيس إلى الخوف من الجديد التي يتصل بالتنافس و(العائد منه) على حساب السائد..! وفي حالة عبد المعين لا يمكن إغفال حالة الخشية والتوجّس من الجديد الذي أتى به عند عودته للسودان، وبعد أن اكتسب معارف جديدة في عالم الموسيقى، وألواناً مستحدثة من فنونها ومعالجاتها..وقد بدأ هذا النوع من التحامل على عبد المعين حتى من كبار المطربين والموسيقيين في ذلك الحين..!
.لقد حاول بعض معاصريه من المغنين والموسيقيين أن يجعلوا منه أضحوكة؛ فجاراهم (بامتياز) في تبادل الكيد و(الإغاظة) والسخرية..!!
**
كانت الصحافة الفنية حينها تجد رواجاً في إثارة المعارك بينه وبين المطربين والموسيقيين المعارضين له؛ وفي احد هذه المعارك وصف عبد المعين العازفين الموسيقيين التقليديين بالمكوجية (كناية عن تمرير القوس على الكمان بحركة رتيبة مثل فعل المكواة في تطريح الملابس)..! وكان أحياناً يسميهم (الضباحين)..! فهو يشبه تمرير تمري القوس على الأوتار بحركة الذبح (خارج السلخانة).. وربما سماهم (جزّاري الكيري)..!
السر قدور -عليه الرحمة- كان من نجوم الصحافة الفنية حينها؛ وفي إحدى الصفحات الفنية نقل هجوم عبد المعين على الفنانين..حيث ذهب قدور لإجراء حوار معه فوجده في فندق المسرح القومي يتناول إفطاره وأمامه (صحن كبده) ولم يدعوه لمشاركته الإفطار..! فكتب قدور عنواناً مثيراً لذلك الحوار على صدر الصفحة وبالبنط العريض: (إسماعيل عبد المعين يفطر بالكبدة..ويتغدى بجميع العازفين)..!!
**
كانت المجلات والصفحات الفنية حينئذ غاية في النشاط والإثارة..! كتب احد المحررين خبراً قال فيه: (المطربة فلانة تقترب من الزواج بالعازف فلان)..! ووضع علامة تعجّب في نهاية الخبر..! فقام العازف بفتح بلاغ ضد الصحيفة مستنكراً دواعي التعجّب، وكسب القضية وتم تغريم الصحيفة خمسة جنيهات...! كانت طباعة الصحف في ذلك الوقت تتم عن طريق "صف الحروف"..وكان كل حرف يوضع في صندوق منفصل وكذلك علامات الاستفهام والتعجّب..ولمّا كان رئيس التحرير (صعباً في مسألة القروش) أخذ صندوق علامات التعجّب وأغلقه في درج مكتبه..وأصبح عندما يأتي إليه صحفي طالباً "علامة تعجب" يبادره بسؤال استنكاري: (وريني عاوز تتعجّب على إيه)..؟!

**
عبد المعين رمز لا يمكن تجاهله في تاريخ عالم الموسيقى والألحان والأنغام والأداء..والتدوين العلمي- ومحاربة (السليقية) والأمية الموسيقية والشفاهية مقابل التدوين الموسيقي العلمي، وكان يكثر من الحديث عن (التنويت العلمي) وعن (الصولفيج)..وهذا ما أزعج الكثيرين الذين كانوا يتندرون بتلك المصطلحات الرصينة ويسخرون منها هازئين..!
لقد جمع عبد المعين بين النظري والتطبيقي منغمساً طول حياته في الأنغام المحلية والتراث الشعبي المحلي، كما كان محتشداً بالموسيقى والألحان والأنغام..! ولأنه بطبيعته رجل متحفّز لتلقي المعارف الموسيقية العالمية، فقد تلقي العديد من الدراسات حول الموسيقى وكان له العديد من الاجتهادات بين القاهرة ومسارحها ومعهد فؤاد للموسيقى وفي فرنسا وشمال إفريقيا.
لقد كانت له جولات وصولات وفتوحات وحكاوي عجيبة (يقول عبد المعين إنه في معهد الموسيقي العربية بالقاهرة "معهد فؤاد الأول" أعفوه من دراسة "مادة الموشحات" بعدما علموا معرفته بالمقامات والأدوار)..كما إنه اشترك مع الموسيقار المصري الكبير محمد عبدالوهاب في فيلم (متقولش لحد) وقد عرفته مسارح القاهرة وباريس وعرفها..!
ولأنه كان صاحب اهتمام بنشر التدريب العملي والعلمي للموسيقيين المؤدين في بلاده؛ فقد أقام بعد عودته للسودان في الهواء الطلق (تحت شجرة حوش الإذاعة) حلقات لتدريس وتدريب الموسيقيين على الأداء والتدوين العلمي- بجانب سليقتهم المبدعة..بل لقد ساهم بقوة في إنشاء أول معهد سوداني لتطوير الموسيقى ..وسيأتي الحديث عن ذلك..!..!
كان يتحدث عن الصولفيج بعد أن اكتسب علماً وممارسة من (تغريبته) في مصر وفرنسا وغيرها..حديث العارف بطرق الأداء الموسيقى والمقامات والألحان والأصوات وطابعها وجهارتها وطرق كتابة النوتة الموسيقى وإملائها وكتابتها وقراءتها.. والتمييز بين النغمات وتصنيف ألوان الموسيقى وطبيعة التأليف الموسيقى وتوسيع مجالاته (وحتى كيفية الإمساك الصحيح بآلات العزف)..إلخ
لقد كان دأبه الحث على التجويد والتجديد والأخذ بالأسباب العلمية..وهذا مما لا تطيقه طبيعتنا السودانية في كثير من الأحوال (ما دامت الأمور ماشه)..!

مرتضى الغالي

murtadamore@yahoo.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: عبد المعین

إقرأ أيضاً:

استمارة الدبلومات الفنية 2025.. المدارس تناشد الطلاب بسرعة التسجيل

ناشدت المدارس الفنية، طلاب الدبلومات بجميع التخصصات «زراعي وصناعي وتجاري وفندقي»، بسرعة تسجيل استمارة الدبلومات الفنية 2025، وتسليم الأوراق المطلوبة للمدرسة وسداد رسوم التقدم للامتحان.

تسجيل استمارة الدبلومات الفنية 2025

وأكدت المدارس الفنية على صفحاتها عىي موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، على جميع طالبات الصف الثالث الثانوي الفني المتقدمات لامتحان الدبلومات، بسرعة تسجيل استمارة الدبلومات الفنية 2025، وإحضار «أصل شهادة الميلاد كومبيوتر إصدار عام 2025، ودفع 100 جنيه رسم قيد في البريد»، وسرعة تسليمها للمدرسة.

وأضافت أنه في حالة عدم تسجيل الطلاب استمارة الدبلومات الفنية 2025، وإحضار الأوراق المطلوبة للمدرسة، لن يتمكنوا من دخولها الامتحان لهذا العام. 

الأوراق المطلوبة لاستمارة الدبلومات الفنية 2025

- شهادة ميلاد حديثة و3 صور منها.

- عدد 6 صور شخصية خلفية بيضاء مكتوب عليها الاسم بالكمبيوتر.

- دفع المصروفات الدراسية في البريد وتسليم الإيصال.

-  دفع رسوم دخول الامتحان في البريد و2 صورة من الإيصال.

- طابع دعم تعليم فئة 10 جنيهات. 

مقالات مشابهة

  • استمارة الدبلومات الفنية 2025.. المدارس تناشد الطلاب بسرعة التسجيل
  • المصري مو إسماعيل يكشف كواليس دخوله السينما الهندية للمرة الثانية
  • مواطن يجذب السياح بنقوشه الفنية على الأحجار في حائل .. فيديو
  • أنيس بوجلبان : سعيد بتولي مهام الإدارة الفنية للمصري
  • محمود عزب: قلبي ومفتاحه أعادني للحياة الفنية.. خاص
  • أمير منطقة الرياض يستقبل سفير جمهورية الأوروغواي الشرقية المعين حديثًا لدى المملكة
  • رحيل أيقونة الموسيقى الشعبية الأمريكية روبرتا فلاك
  • الجماز: الهلال مكشوف فنيا وجيسوس لن يتنازل عن قناعته الفنية.. فيديو
  • علاء نبيل يشارك فى اجتماعات اللجنة الفنية لاتحاد شمال إفريقيا
  • تجديد شهادة الإدارة الفنية المستدامة لمحطة صرف صحي «الخلايفة» بالجيزة