فتح شارع صلاح الدين أمام السيارات وعودة النازحين لشمال غزة
تاريخ النشر: 27th, January 2025 GMT
أعلنت وزارة الداخلية فى غزة، أنه تم فتح شارع صلاح الدين أمام المركبات من جنوب لشمال غزة.
كما أعلنت أنه لن يسمح لأي مركبة من المرور عبر شارع الرشيد الساحلي، وفق ما نص عليه اتفاق وقف إطلاق النار مع الجانب الإسرائيلي.
وأضافت أن جميع المركبات ستخضع للفحص من خلال أجهزة الفحص قبل العبور من شارع صلاح الدين.
في المقابل، بدأت قوات الجيش الإسرائيلي الانسحاب من محور نتساريم الذي يقسم القطاع إلى نصفين.
وكان رئيس برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، أخيم شتاينر، أوضح سابقا أن "ثلثي المباني في القطاع الفلسطيني دمرت أو تضررت جراء القصف الإسرائيلي".
كما أضاف أن "ما بين 65 و70% من المباني في غزة قد دمرت بالكامل أو تضررت".
وشدد على أن الحرب "قضت على 60 عاما من التنمية"، مضيفا أن إزالة 42 مليون طن من الأنقاض ستكون عملية خطيرة ومعقدة.
بدأ النازحون الفلسطينيون في جنوب قطاع غزة بالعودة إلى شمال القطاع، صباح الاثنين، بحسب ما أظهرت صور ولقطات فيديو لحشود النازحين على شارع الرشيد غربي غزة.
وتداولت وسائل إعلام فلسطينية مشاهد تظهر بدء تحرك حشود النازحين الفلسطينيين على شارع الرشيد في طريقهم للعودة إلى شمال قطاع غزة، بالتزامن مع انسحاب الجيش الإسرائيلي من محور نتساريم.
وكان عدد سكان شمال قطاع غزة قبل السابع من أكتوبر 2023، يقدر بأكثر من مليون نسمة.
وقال القيادي بحركة حماس عزت الرشق إن "مشهد عودة النازحين إلى شمال غزة تتحطم أمامه أحلام وأوهام إسرائيل في تهجير الشعب الفلسطيني".
وقالت حركة حماس اليوم الاثنين إن "عودة النازحين إلى بيوتهم يُثبت مجدَّداً فشل الاحتلال في تحقيق أهدافه العدوانية في تهجير شعبنا وكسر إرادة الصمود لديه".
وفي بيان أصدرته الحركة مع بداية عودة النازحين الفلسطينيين إلى مدن شمال قطاع غزة ذكرت حماس أن "مشاهد عودة الحشود الجماهيرية لشعبنا إلى مناطقهم التي أجبروا على النزوح منها رغم بيوتهم المدمّرة، تؤكّد عظمة شعبنا ورسوخه في أرضه، رغم عمق الألم والمأساة".
وتابعت "هذه المشاهد المُفعمة بفرح العودة وحبّ الأرض والتشبّث بها هي رسالة لكلّ المُراهنين على كسر إرادة شعبنا وتهجيره من أرضه".
وأكدت "أنَّ عودة أهلنا النازحين إلى بيوتهم يُثبت مجدَّداً فشل الاحتلال في تحقيق أهدافه العدوانية في تهجير شعبنا وكسر إرادة الصمود لديه".
وأضافت "نقف مع شعبنا العظيم في هذه اللحظة التاريخية، وندعو إلى تكثيف وصول كلّ المساعدات والمواد الإغاثية إلى كامل مناطق قطاع غزة".
"لحظات تاريخيّة جاءت بعد 471 يوماً"، هكذا وصف فلسطينيون مشهد عودة النازحين إلى شمال قطاع غزة بعد إعلان قطر التوصل إلى تفاهم مع إسرائيل حول العودة التي بدأت في السابعة بالتوقيت المحلي من صباح الإثنين.
وعقب إعلان الجيش الإسرائيلي بدء انسحابه من محور نتساريم، احتشد الغزيون في وقت مبكر من اليوم الاثنين عند شارع الرشيد، وبدأوا العودة إلى الشمال، بحسب ما أعلن مسؤول في وزارة الداخلية في قطاع غزة.
وأظهرت صور نشرتها وكالة رويترز عدد من الفلسطينيين ينتظرون السماح لهم بالعودة إلى منازلهم في شمال غزة بعد تهجيرهم إلى الجنوب بأمر إسرائيل أثناء الحرب، وسط وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس.
وكان المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية، ماجد الأنصاري، قد أعلن أن دولة قطر توصلت إلى تفاهم مع إسرائيل يقضي بعودة النازحين في قطاع غزة إلى شمال القطاع ابتداءً من صباح يوم الاثنين.
وقال الجيش الإسرائيلي في بيان على منصة "إكس" إنه سيسمح بعودة السكان مشياً على الأقدام عن طريق محور نتساريم ومن خلال شارع الرشيد اعتباراً من الساعة السابعة صباحاً بالتوقيت المحلي.
كما أضاف أنه سيسمح بانتقال المركبات بعد الفحص إلى شمال القطاع عبر طريق صلاح الدين ابتداء من التاسعة صباحاً بالتوقيت المحلي، محذراً من الاقتراب من معبر رفح ومحور فيلادلفيا ومناطق تمركز قواته.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: شارع صلاح الدين شارع الرشيد الساحلي وقف إطلاق النار دمرت إزالة 42 مليون طن من الأنقاض قطاع غزة الجیش الإسرائیلی من محور نتساریم عودة النازحین شمال قطاع غزة النازحین إلى شارع الرشید صلاح الدین شمال غزة إلى شمال غزة بعد
إقرأ أيضاً:
صلاح الدين الأيوبي قائد كردي وحد العالم الإسلامي وأوقف المد الصليبي وحرر الأقصى
قائد إسلامي، حكم نحو 20 عاما، وحّد فيها العالم الإسلامي ووقف في وجه الصليبيين، فاستعاد منهم 77 مدينة، وعمل على تعزيز المذهب السني بإحياء الخلافة العباسية فور توليه وزارة الدولة الفاطمية آخر أيامها، وحينئذ أعلن ولاءه لسلطان حلب نور الدين زنكي، الذي عينه نائبا له في مصر.
توفي زنكي فاستقلّ صلاح الدين الأيوبي، وأعلن نفسه سلطانا على مصر، ورفع راية الجهاد ضد الصليبيين، وزحف إلى الشام لتحريرها، فدخل دمشق ثم حمص وحماة وبعلبك، واستطاع بعدها ضم حلب وما حولها، ثم وجّه جيوشه لقتال الصليبيين، فهزمهم في معركة حطين وبدأ بعدها مُلك الصليبيين بالتساقط تباعا، حتى حاصر صلاح الدين بيت المقدس وحررها عام 1187 ميلادية، وصار سلطانا على مصر والشام.
أعلنت أوروبا النفير ودعت للثأر والانتقام للوقوف أمام جيش الأيوبي، الذي صمد وأوقع بالفرنجة الهزائم، فطلبت منه الصلح، وفي تلك الفترة مرض ولزم فراشه حتى وافته المنية في مارس/آذار 1193 ميلادية، ولم يترك وراءه إرثا، سوى دينارا و47 درهما، ودولة إسلامية موحدة.
ولد صلاح الدين الأيوبي باسم يوسف بن أيوب عام 532هـ (1137م) في تكريت إحدى قرى الأكراد، التي تقع على ضفاف نهر دجلة بالقرب من بغداد. ورأت أمه يوم ولادته أن رجلا يقول لها "ستلدين سيفا من سيوف الله عز وجل".
واسمه الكامل صلاح الدين أبو المظفر يوسف بن الأمير نجم الدين أيوب بن شادين بن مروان بن يعقوب الدويني التكريتي، وهذا اللقب الأخير نسبة إلى قلعة تكريت التي ولد فيها وكان والده نجم الدين أيوب الوالي عليها.
والأيوبي كردي، وعائلته من أشرف الأكراد نسبا، إذ لم يجر على أحد منهم رق قط، وينتمي لعشيرة الروادية التي تنحدر من بلدة دوين في أذربيجان بالقرب من مدينة تفليس الأرمينية.
إعلانوكانت عائلته معروفة بمكانتها وحنكتها السياسية، فجده شادي تولى منصبا إداريا في قلعة تكريت، إحدى أهم الإقطاعات لبهروز خادم الأمير السلجوقي محمد ملك شاه، وعلا في المناصب حتى وليّ وظيفة قائد الشِّحنَة (قوات خاصة لحفظ الأمن الداخلي للدولة).
خَلَف شادي ابنه نجم الدين، وخدم السلطان السلجوقي محمد ملك شاه، الذي رفع من شأنه وأكرمه فولّاه قلعة تكريت، وكان عم صلاح الدين الأيوبي، أسد الدين شيركوه، من الأمراء المقدمين عند السلاجقة الذين أقطعوه إقطاعا قدرت قيمته بـ900 دينار سنويا في تكريت.
نشأتهرافق يوم ولادة صلاح الدين، حدث صعب على أسرته وأسرة عمه، فيومها أمرهم والي بغداد بهروز بمغادرة تكريت خوفا عليهم، بعد أن قَتَل عمه أسد الدين شيركوه أحد قادة القلعة لإيذائه امرأة في شرفها.
خرجت العائلتان من القلعة مكرهتين باتجاه الموصل، ونجم الدين ينظر لابنه الرضيع بشؤم مستشعرا الظروف السيئة التي رافقتهم مع ولادته، فهمّ بقتله، لولا أن أحد أتباعه أقنعه بالعدول عن الفكرة، قائلا له إنما هذا قدر ولا ذنب للطفل به، وأضاف "ما يدريك أن يكون لهذا الطفل ملك عظيم الصِّيت، جليل المقدار، ولعلَّ الله جاعل له شأنا".
نزلت الأسرتان ومن معهما عند عماد الدين زنكي، واستقبلهم بترحيب كبير، محاولا رد جميل أسرة الأيوبي التي أنقذته من شفا حفرة الموت، بينما كان في معركة ضد السلجوقيين عند قلعة تكريت، وهمّ أعداؤه بقتله، فأمّن له نجم الدين وشيركوه طريقا للفرار نحو الموصل.
توطدت العلاقة بين زنكي وعائلة الأيوبي، وصار والد صلاح الدين وعمه من أبرز قادة الدولة الزنكية، وأقطع لهما الأمير أرضا يعيشان عليها. ولم تفتر العلاقة بين الأسرة الأيوبية وعائلة زنكي حتى بعد مقتل أميرها، فقد استمرت مع تولي نور الدين محمود زنكي الحكم بعد أبيه.
وبمساعدة الأيوبيين، استطاع زنكي الابن ضم دمشق لملكه، وهناك ترعرع وكبر صلاح الدين، وتلقى تعليمه الديني وفنون الفروسية.
إعلانوعام 534هـ، فتح نور الدين زنكي مدينة بعلبك وعيّن والد صلاح الدين حاكما عليها لكنه حوصر وقتا طويلا من حاكم دمشق، إلى أن تم الصلح، وانتقل بعدها نجم الدين إلى دمشق ليصبح من كبار أمرائها.
تكوينه العسكري والسياسيوبين بعلبك ودمشق نشأ وترعرع صلاح الدين، وتلَّقى العلوم الإسلامية، ومارس فنون الفروسية والقتال والصيد والرَّمي بالسهام، وبرع كأبيه في لعبة الجوكان، وهي لعبة رياضية أصلها شرقي، يمارسها الَّلاعبون وهم على ظهور الخيل.
وعايش الأيوبي اعتداءات الصليبيين ومحاولاتهم المستميتة في احتلال الأراضي الإسلامية، ووعى على جهود أبيه وعمه في صد الفرنجة وتمددهم في الشام، ما ترك في نفسه أثرا بليغا، وغرس لديه قيمة هذه الأرض، فعاش بقية حياته مدافعا عنها.
ولازم الأيوبي عمه شيركوه، الذي رافق نور الدين زنكي مع توليه حكم الزنكيين خلفا لأبيه، وأثناءها برزت قدرات صلاح الدين العسكرية والإدارية، فارتفعت مكانته عند زنكي، وتعلم منه صلاح الدين الكثير وتأثر به في الأمر بالمعروف والسير في طريق الجهاد.
انتقل صلاح الدين مع عمه إلى مصر التي صار شيركوه آمرها، وابن أخيه يعمل عنده، وتهيأ الشاب الذي تأثر ببراعة أبيه السياسية، وشجاعة عمه في الحروب، وملك قدرا من الدهاء السياسي، وروحا حربية تقدس الجهاد، لتولي منصب أعلى.
تكوينه الدينيتعلَّم الأيوبي علوم عصره وتتلمذ على أيدي كبار العلماء وأساتذة منطقة الشام والجزيرة حينئذ، وحفظ القرآن ودرس الفقه وعلوم الحديث، وكان ممن تعلم على أيديهم قطب الدين النيسابوري.
كما تأثر الأيوبي بالقصص التي كان يقص عليه والده عن مجاهدي الإسلام وأبطاله، وكان ممن ترك أثرا بالغا في نفسه، القائد نور الدين زنكي، الذي ورث عنه قيادة المشروع الإسلامي وحبه للجهاد وغيرته على دينه، ونهج أسلوبه في "التصدِّي للمد الرافضي" و"الغزو الصليبي" كما يروى عنه.
إعلانوتعلم الأيوبي عقيدة أهل السنة والجماعة، وكان يحفظها لأولاده الصغار عثمان وعمر وأبو بكر، وعرف عنه أنه ما ترك صلاة الجماعة لسنين، كما يذكر قاضيه ابن شداد، وأن الزكاة لم تجب عليه، إذ لم يجمع مالا قط.
تجربته السياسية والعسكريةتولى صلاح الدين منصب رئاسة الشرطة في المدة التي مكثها في دمشق، واستطاع إعادة استقرارها وأمنه الناس على أموالهم وأنفسهم.
وبرزت حنكته الحربية عندما ساعد عمه شيركوه في حملاته العسكرية الثلاث على مصر سنة 559 هجرية، فصار عمه وزيرا على مصر باسم السلطان زنكي وعينه الخليفة الفاطمي العاضد وزيرا له، وعقب أشهر قليلة، توفى شيركوه وخلفه صلاح الدين، وعمره حينئذ 32، وأصبح وزيرا للخليفة الفاطمي ونائبا عن زنكي.
في تلك الفترة هاجم الصليبيون دمياط، مستغلين اضطراب الأوضاع الداخلية في مصر، فأرسلوا أسطولا ضخما محملا بالجنود والمعدات في محاولة للاستيلاء على المدينة، لكن الأيوبي استطاع صدهم وإلحاق الخسائر بهم مما عزز من مكانته قائدا عسكريا.
بعد وفاة الخليفة الفاطمي العاضد عام 567 هجرية، أعلن الأيوبي انتهاء حكم الفاطميين في مصر وبايع الخليفة العباسي "المستضيء" ودعا له على منابر مصر، وبذلك أسدل الستار على الدولة الفاطمية نهائيا.
توفي نور الدين زنكي سنة 569 هجرية، مما أدى إلى اضطراب الأوضاع في الشام والجزيرة، وانتشرت الفوضى بين أمراء الزنكيين، فدعي الأيوبي لتولي زمام الأمور، فدخل دمشق حيث استُقبل بحفاوة عام 570 هجرية، ثم واصل مسيرته نحو الشمال، فاستولى على بعلبك وحمص وحماة، وترك حلب للملك إسماعيل نور الدين حفاظا على وحدة المسلمين.
حكم الدولة وإحياء الدولة العباسيةحمل صلاح الدين الأيوبي راية التحرير بعد موت نور الدين زنكي، وجعل نصب عينيه توحيد مصر والشام والموصل، وقطع الاتصال بين الصليبيين والغرب، وجهّز خطة لطرد المستعمر الصليبي من بلاد المسلمين، بدأها بعقد هدنة معهم 4 سنوات حتى يتمكن من توحيد صفوفه وحشد قواته.
إعلاننقض أرناط حاكم الكرك الهدنة بالاستيلاء على قافلة تجارية كانت متجهة من مصر إلى دمشق وأسر رجالها، ولما استغاثوا ليتركهم، قال لهم "ليجركم محمد" مستهزئا بنبي الإسلام، فأرسل إليه صلاح الدين لكي يرد القافلة ويطلق سراح الأسرى لكنه رفض، فنذر الأيوبي إن تمكن منه ليقتلنه.
بعد وفاة الملك بلدوين الخامس عام 582 هجرية، أحد ملوك مملكة بيت المقدس، شبّ صراع حاد بين الملوك الصليبيين حول الحكم ونشبت الصراعات الداخلية، فاستغل صلاح الدين تلك الظروف وعقد تحالفات شق بها صفوف الصليبيين، وبدأ يجهز جيوشه في مصر والموصل والشام.
ويروي ابن شداد قاضي الأيوبي أن صلاح الدين مرض مرضا شديدا، فنصحه القاضي عبد الرحيم البيساني إن شافاه الله أن يوجه كل همه لتحرير القدس، فقال ابن شداد "أحلف بالله غير حانث أن صلاح الدين الأيوبي بعد أن شفاه الله من مرضه نذر كل وقته للجهاد في سبيل الله عز وجل، وما أنفق درهما بعد شفائه إلا في الجهاد".
فلما شفاه الله من مرضه أعلن النفير العام في بلاد المسلمين لتحرير المقدس، ورغم أن شداد أخبره بالاكتفاء بإرسال جنوده لأنه "سور الإسلام ومنعته" ولخطورة عبوره البحار، رد الأيوبي عليه قائلا "أي الموتتين أشرف: القتل في سبيل الله عز وجل أم غيره؟" أجاب ابن شداد "الموت في سبيل الله عز وجل" فرد الأيوبي "يكفيني أشرف الموتتين".
مؤامرة عمارة اليمني لاغتيالهبعد أن أعلن الأيوبي نهاية الخلافة الفاطمية في مصر وأعادها تحت مظلة الخلافة العباسية، لم يرق ذلك لأنصار الدولة الفاطمية المنهارة، الذين وجدوا في إزاحته فرصة لإعادة دولتهم، وتصدر المشهد الشاعر عمارة اليمني، إلى جانب شخصيات بارزة أخرى مثل عبد الصمد الكاتب والقاضي العوريسي وابن عبد القوي، إضافة إلى بقايا الجند السودانيين وخدم القصر الفاطمي.
وبينما كان صلاح الدين يعزز سلطته، تآمرت المجموعة للإطاحة به في مارس/آذار 1174م، وخططت للاستعانة بدعم خارجي، فتواصلت مع الحشاشين الإسماعيليين في الشام وطلبت إرسال قتلة لاغتيال صلاح الدين، عبر رسالة أرسلتها إلى شيخ الجبل، زعيم الإسماعيليين بالشام، وأكدت فيها وحدة الهدف بينهما.
إعلانومن جهة أخرى، اتفقت المجموعة مع الصليبيين على شن هجوم متزامن على مصر من الشرق والبحر، وتواصلت مع ملك بيت المقدس عموري الأول وملك صقلية وليام الثاني النورماندي، لتنفيذ الهجوم، وقررت في الوقت نفسه إشعال ثورة في القاهرة والفسطاط لتشتييت الأيوبي بين جبهات القتال.
وتنفيذا للاتفاق جهز وليام الثاني أسطولا ضخما من 600 سفينة تحمل 30 ألف مقاتل لمهاجمة الإسكندرية، بينما تجهزت القوات الصليبية للهجوم من جهة الشرق.
كُشفت تفاصيل المؤامرة عندما أبلغ الفقيه الواعظ زين الدين عليّ بن نجا صلاح الدين بالخطة، خاصة وأن مبعوث عموري الأول أثار شكوكه بعد مراقبته عن طريق بعض أقباط مصر، رغم محاولته خداع الأيوبي بالهدايا ورسائل الود.
وعندما تأكدت الشكوك، اعتقل صلاح الدين جميع المتآمرين، وفي أبريل/نيسان 1174، أمر بإعدام المجموعة المخططة صلبا، بينما اختفى آخر الأمراء الفاطميين، ابن الخليفة العاضد، هربا من العقاب.
بعد إحباط المؤامرة، اندلعت ثورة أخرى في أسوان بقيادة القائد الفاطمي كنز الدولة، مدّعيا استعادة الدولة الفاطمية وجمع حوله بقايا الجند السودانيين وخدم القصر الفاطمي وغيرهم. لكن صلاح الدين أرسل حملة بقيادة أخيه العادل سيف الدين، أنهت التمرد تماما في سبتمبر/أيلول 1174م.
وفي غضون ذلك توفي عموري الأول في صيف 1174م، وعندما وصل الأسطول النورماندي إلى الإسكندرية في يوليو/تموز 1174، نجح في إنزال قواته على الشاطئ، ودمر السفن التجارية الراسية في الميناء، قبل أن يدركه الأيوبي ويهاجم أسطوله ويلحق به الخسائر.
ومع استقرار الأوضاع في مصر، بدأ صلاح الدين التوجه نحو الشام لمواصلة مشروعه في توحيد العالم الإسلامي.
واجه صلاح الدين الأيوبي عددا من محاولات الاغتيال من الإسماعيلية الذين ساءهم سقوط الدولة الفاطمية في مصر وتوسع نفوذه في الشام.
إعلانكانت أولى هذه المحاولات أثناء حصاره لحصن أعزاز شمال حلب سنة 571 هـ، وهاجمه عدد منهم بغتة، ما أدى إلى إصابة بعض أمرائه، إلا أنه نجا وتمكن من التصدي لهم، كما يروي المؤرخ تقي الدين المقريزي.
وبعد ذلك بوقت قصير، تعرض لمحاولة أخرى أثناء حصاره لمدينة حلب، لكن حذره وإجراءاته الأمنية أفشلت المخطط قبل تنفيذه.
وفي سنة 584 هـ، أي بعد تحريره المسجد الأقصى، حاول 12 رجلا من الطائفة إثارة تمرد داخل القدس، منادين بشعارات لإعادة الدولة الفاطمية، على أمل أن ينضم إليهم السكان، لكن محاولتهم باءت بالفشل، فتفرقوا قبل أن يتم القبض عليهم.
موقعة حطين وفتح بيت المقدسوفي يوم 25 ربيع الآخر 583 هجرية، الموافق للرابع من يوليو/تموز 1187 ميلادية، في تلال حطين قرب قرية المجاودة الواقعة بين مدينتي طبريا والناصرة في فلسطين، حشد الصليبيون 63 ألف مقاتل، لاقاهم الأيوبي بنحو 25 ألفا.
تخوّف الفرنجة من مواجهة الأيوبي لشدة الحر، خاصة وأنهم لم يتزودوا بالمؤن اللازمة لتقيهم من حر الصيف، لكن الأيوبي استطاع استدراجهم لملاقاته، وفرض سيطرته على مصادر المياه وحال بينهم وبين بحيرة طبرية، فاضطروا إلى الانسحاب إلى جبل حطين.
تمكّن العطش والجوع من الصليبيين، واستغل الأيوبي الوضع فأمر جنوده بإشعال النار في سهامهم وتصويبها نحو الحشائش المحيطة بأعدائهم، فاستطاع حصارهم وإجبارهم على قتاله، حتى انتصر، وقتل منهم 30 ألفا وأسر 30 ألفا آخرين، منهم كل الملوك الذين جاؤوا لمحاربته.
استطاع صلاح الدين الأيوبي فتح عكا التي أذّن فيها بعد أن غاب عنها الأذان 73 سنة، وفتح نابلس وعسقلان وصيدا وبيروت وجبيل والرملة وعكا وطبرية ويافا والناصرة، ثم تفرغ لبيت المقدس، وفرض عليه حصارا من الناحية الغربية يوم 15 رجب 583هـ (1187م)، بـ60 ألفا من العرب والكرد والتركمان، وقطع الإمداد عن الفرنجة.
إعلانبعد حصار استمر 12 يوما بادر دانيال قائد الحامية الصليبية في القدس إلى طلب الصلح فوافق صلاح الدين وفتحت المدينة يوم الجمعة 27 رجب 583هـ الموافق 2 أكتوبر/تشرين الأول 1187م، وصلى صلاة الجمعة الأولى بعد الفتح في مصلى قبة الصخرة بعد 90 عاما من الاحتلال.
وإضافة إلى مصر والشام خضعت له سواحل طرابلس وتونس وبلاد النوبة والسودان والحجاز واليمن.
الوفاةتوفي الأيوبي بقلعة دمشق يوم الأربعاء 27 صفر سنة 589، وخلف 17 ولدا وبنتا واحدة. ويقول ابن شداد إنه مات ولم يورث مالا ولا قرية ولا مزرعة، وكل ما تركه كان دينارا و47 درهما، لم يعلم عنها حتى ورثته إلا حين وفاته، وحتى ثمن الطوب الذي سوي به قبره اضطروا لاقتراضه.