استضافت القاهرة، الأحد، «ملتقى رجال الأعمال السودانيين»؛ لتعميق التعاون بين البلدين، وتنسيق جهود إعادة الإعمار في السودان بعد انتهاء الحرب بمشاركة الشركات المصرية، «الملتقى»، الذي عُقد في «الهيئة العامة للاستثمار» المصرية، ناقش «سبل دعم الاستثمارات السودانية بمصر، ودفع مجالات التعاون الاقتصادي والتجاري».

ووفق خبراء فإن «السودان يعوّل على الخبرات المصرية في ملف إعادة الإعمار».

ويشار إلى أن مصر استضافت في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، «الملتقى الأول لرجال الأعمال المصريين والسودانيين»، وناقش حينها دفع «الاستثمارات المشتركة بين البلدين، والتعاون الاقتصادي؛ بهدف تقليل تأثيرات وخسائر الحرب السودانية، ودعم الأمن الغذائي بين البلدين».

وقدَّر رئيس القطاع التجاري بـ«الشركة المصرية - السودانية»، منجد إبراهيم، في نوفمبر الماضي، حجم خسائر السودان الاقتصادية بسبب الحرب بنحو «200 مليار دولار؛ نتيجة تدمير البنية التحتية والمنشآت». وقال: «خرج نحو 20 مليون فدان زراعي من الخدمة».

وعُقد الملتقى بمشاركة سفير السودان في القاهرة، عماد الدين عدوي، وممثلي عدد من الشركات السودانية العاملة في مصر. وحسب إفادة للهيئة، بحث الاجتماع «تعميق التعاون لدراسة متطلبات الشركات السودانية، الراغبة في إقامة مشروعات بمصر».

وعدّد الرئيس التنفيذي لـ«الهيئة العامة للاستثمار» المصرية، حسام هيبة، مجموعة من الفرص الاستثمارية التي توفرها بلاده، من بينها «الاستثمار في المناطق الحرة جنوب مصر بقنا وأسوان»، عادّاً أنها «توفر ميزة تنافسية مكانية للاستثمارات السودانية، لارتباطها بإمدادات المواد الخام، والصناعات الوسيطة من السودان»، مشيراً إلى «برامج تشجيعية مخصصة، لدعم شباب رجال الأعمال السودانيين».

السفير السوداني في القاهرة، رأى انعقاد «الملتقى» في القاهرة، «ركيزة أساسية في تعميق التعاون الاقتصادي، وربط المستثمرين السودانيين بالفرص الاستثمارية المتاحة في مصر»، مشيراً إلى أهمية «تنسيق جهود إعادة إعمار السودان على أيدي الشركات المصرية، التي تتمتع بدعم من قيادات البلدين، وتمتلك سابقة أعمال ببلاده».

وأشار السفير السوداني في القاهرة إلى «ترتيبات لعقد الملتقى الثاني لرجال الأعمال المصريين والسودانيين في أبريل (نيسان) المقبل، بالسودان».

مدير وحدة العلاقات الدولية بـ«المركز السوداني للفكر والدراسات الاستراتيجية»، مكي المغربي، رأى أن «نجاحات الجيش السوداني الأخيرة، وكذلك استرداده بعض المناطق التي كانت تسيطر عليها (قوات الدعم السريع)، تدفع للتفكير ودراسة ترتيبات مع بعد الحرب، وعلى رأس ذلك جهود إعادة الإعمار»، مشيراً إلى أن «اتفاقات التعاون بين القاهرة والخرطوم تعطي ميزة تنافسية أمام الشركات المصرية للمساهمة في إعادة الإعمار».

ويتوقف المغربي مع «اتفاقية الحريات الأربع الموقعة بين مصر والسودان»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «التفعيل الكامل للاتفاقية سيسهم في تحقيق التكامل الاقتصادي، بتوسيع الاستثمارات المشتركة، وزيادة معدلات التبادل التجاري بين البلدين».

ووقَّعت مصر والسودان عام 2004 اتفاقية «الحريات الأربع» التي تنصُّ على حرية التنقل، والإقامة، والعمل، والتملك بين البلدين.

ويُشكِّل انعقاد «ملتقى رجال الأعمال السودانيين» في مصر، «خطوة إيجابية لدفع جهود التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين»، وفق رئيس لجنة العلاقات الخارجية بـ«جمعية الصداقة السودانية - المصرية»، محمد جبارة، مشيراً إلى ضرورة «استثمار قدرات وإمكانات البلدين لتوسيع مجالات التعاون الاقتصادي».

و«تبلغ قيمة الاستثمارات السودانية في مصر نحو 240 مليون دولار، في مقابل مليار دولار استثمارات مصرية بالسودان»، بحسب رئيس جهاز التمثيل التجاري، يحيى الواثق بالله، مشيراً خلال «ملتقى رجال الأعمال السودانيين»، الأحد، إلى أن «حجم التبادل التجاري بين البلدين بلغ عام 2023 نحو 1.4 مليار دولار». (الدولار الأميركي يساوي نحو 50.24 جنيه في البنوك المصرية).

وأضاف جبارة لـ«الشرق الأوسط» أن «هناك فرصاً صناعية واستثمارية يمكن أن تتكامل فيها جهود القاهرة والخرطوم، مثل التصنيع الغذائي»، لافتاً إلى إمكانية «الاستفادة من البنية الصناعية في مصر، بنقل المواد الخام من السودان، وإعادة تصنيعها وإنتاجها»، عادّاً أن ذلك «يعود بالنفع على البلدين».

الشرق الأوسط  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: رجال الأعمال السودانیین التعاون الاقتصادی إعادة الإعمار بین البلدین فی القاهرة فی مصر

إقرأ أيضاً:

الإمارات.. «صوت العقل» لإنهاء الأزمة السودانية

أبوظبي (الاتحاد)
وسط تصاعد النزاع في السودان، وبلوغ الأزمة الإنسانية مستويات غير مسبوقة، تطالب دولة الإمارات بضغط إقليمي ودولي حقيقي لوقف نزيف الدم السوداني، وإنهاء الاقتتال بشكل فوري ودائم وغير مشروط، وعودة الأطراف المتنازعة إلى طاولة الحوار والتفاوض. 
ورغم ترويج القوات المسلحة السودانية  ادعاءات باطلة ومزيفة ضد الإمارات، تؤكد الدولة التزامها الثابت والراسخ بدعم الشعب السوداني إنسانياً ودبلوماسياً وسياسياً.
وفي الوقت الذي تتمسك فيه القوات المسلحة السودانية بخيار العنف، تطرق المجاعة أبواب ملايين السودانيين، ويفرغ التهجير القسري المدن من سكانها، في مشهد يُنذر بكارثة إنسانية وشيكة، ما يجعل دولة الإمارات تكرر دعواتها إلى تشكيل حكومة مدنية شاملة تُعيد للسودان أمنه واستقراره.

صوت الإمارات
وقال الباحث المتخصص في الشؤون الأفريقية، ماجد الساعدي، إن مسار الدعوات الدولية يسير بشكل متزايد على خُطى الموقف الإماراتي الذي طالب منذ اللحظة الأولى بضرورة وقف الحرب في السودان، والدفع نحو طاولة الحوار، غير أن القوات المسلحة السودانية التي تخضع لتأثير جماعة «الإخوان» والتيارات المتطرفة، وتواصل رفضها لهذه المبادرات، مُصرة على الحسم العسكري، ما يُنذر بمزيد من العنف الأهلي والانقسام الوطني.
وأضاف الساعدي، في تصريح لـ«الاتحاد»، أن النهج العدائي الذي تتبعه القوات المسلحة السودانية أدى إلى انقسام السودان وتفكيك نسيجه الاجتماعي، مشيراً إلى أنها ارتكبت العديد من المجازر في دارفور وجنوب كردفان، وواصلت على مدى عقود ممارساتها الممنهجة ضد المدنيين.
وذكر أن القوات المسلحة السودانية لم تكن يوماً كياناً وطنياً جامعاً، بل أداة في يد جماعات أيديولوجية تحرّكها شعارات دينية متطرفة ورؤى قومية منغلقة، لا ترى في الحوار سوى ضعف، ولا تؤمن إلا بالحرب كوسيلة للبقاء.
وأفاد الساعدي بأن تعنّت القوات المسلحة السودانية، والتي أصبحت واجهة لتحالفات راديكالية، يُفاقم الأزمة في السودان، حيث تحول النزاع من خلاف سياسي إلى حرب أهلية ذات أبعاد طائفية وجهوية، تهدد بزوال ما تبقى من وحدة البلاد، موضحاً أن الحالة السودانية اليوم تشبه تجارب دول فقدت مؤسساتها هويتها، وتحولت إلى أدوات قمع وتفتيت.
وأكد الباحث في الشؤون الأفريقية أن المجتمع الدولي لم يعد يملك رفاهية الاكتفاء بالبيانات والدعوات الشكلية، بل بات من الضروري ممارسة ضغوط حقيقية على الأطراف المتشددة، خصوصاً التي ترفض لغة السلام، وتُمعن في تأجيج النزاع، مشدداً على أن صوت الإمارات، ومعها القوى الإقليمية والدولية العاقلة، لا يزال يشكل أملاً واقعياً للخروج من الأزمة الطاحنة التي يعيشها السودان، إذا أُحسنت الأطراف المتنازعة الإصغاء للدعوات الإماراتية، والتفاعل مع مقترحاتها بشكل جاد ومسؤول.
قضية إنسانية
وتتسع رقعة التوافق الدولي مع الموقف الإماراتي الذي يتعامل مع الأزمة السودانية باعتبارها قضية إنسانية وأمنية تؤثر على استقرار الإقليم برمّته، وليس فقط كملف سياسي عابر. ومن هذا المنطلق، تواصل الإمارات الدعوة إلى وقف إطلاق النار، وبدء مفاوضات جادة، بما يضمن استعادة الحد الأدنى من الاستقرار، وحماية الشعب السوداني من ويلات الاحتراب.
من جهتها، قالت مديرة رصد انتهاكات الحروب في المركز الدولي للذكاء الاصطناعي (A3)، سارة الحوسني، إن التيارات المرتبطة بـ «الكيزان»، المنتمية لجماعة «الإخوان»، تواصل التلاعب بالوعي العام في السودان من خلال تصدير أزماتهم الداخلية وصناعة عدو خارجي وهمي، متهمة الإمارات زوراً بالمسؤولية عن المأساة السودانية، في محاولة للهروب من المحاسبة عن سجل طويل من الانتهاكات والفساد.
وأشارت الحوسني، في تصريح لـ«الاتحاد»، إلى أن ما يقوم به «الكيزان» يدخل ضمن ما يُعرف باستراتيجية «الدخان»، وهي تكتيك معروف تلجأ إليه الأنظمة الفاشلة لصرف الانتباه عن الأزمات الحقيقية. فبدلاً من مواجهة الاتهامات الجادة الموجهة إليهم، ومنها ما هو مسجل رسمياً في المحكمة الجنائية الدولية بشأن جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في دارفور، يسعون لتصوير الإمارات كعامل خارجي سلبي، رغم أن الأدلة تشير إلى عكس ذلك تماماً.

أخبار ذات صلة «الفارس الشهم 3» تطلق مشروع حفر آبار مياه في غزة غباش: الإمارات ستظل داعمةً لأمن لبنان وسيادته ووحدة أراضيه

مساعدات متنوعة
وأكدت مديرة رصد انتهاكات الحروب أن التقارير الصادرة عن الأمم المتحدة والمنظمات الدولية توضح بجلاء أن الإمارات تُعد من أبرز المانحين في جهود الإغاثة الإنسانية في السودان، حيث قدمت مساعدات طبية وغذائية، وشيدت مستشفيات ميدانية، ودعمت مشاريع تنموية استهدفت ملايين المتضررين من النزاع.
وانتقدت الحوسني تجاهل التيارات الموالية لـ«الكيزان» للواقع الاقتصادي المتردي في السودان، مشيرة إلى أن الميزانيات تُستهلك في الصرف الأمني والعسكري، بينما يعيش المواطن السوداني في ظروف مأساوية، وتعاني البلاد من انهيار البنية التحتية وهروب الاستثمارات، في ظل غياب أي رؤية حقيقية للإنقاذ.
وأضافت أن «الكيزان» يواجهون اليوم عدالة شعبية داخلية قبل أن تكون دولية، مؤكدة أن المحاكم السودانية يجب أن تكون الوجهة الأولى لمحاسبة من تسببوا في تراجع الدولة ونهب مقدراتها، وليس الاستمرار في توجيه الاتهامات للآخرين.
وشددت على أن الشعب السوداني الذي يمتلك تاريخاً من الفكر والثقافة والإبداع يستحق قيادة وطنية حقيقية، لا جماعات تدفع به إلى معارك وهمية وتغرقه في الأوهام والدعاية العدائية، مؤكدة أن معركة السودان الحقيقية ليست مع أي طرف خارجي بل مع الفساد وسوء الإدارة والاستبداد.
وأفادت الحوسني بأن ما يدور حالياً في السودان ليس مجرد صراع إعلامي، بل معركة مصيرية تتعلق بمستقبل الدولة السودانية، معتبرة أن الوعي الشعبي يُعد السلاح الأقوى لكشف الحقيقة، وسط هذا الكم الهائل من الضباب الإعلامي والدعائي.

مقالات مشابهة

  • الإمارات.. رؤية شاملة لإنهاء الأزمة السودانية
  • مدير عام شركة كهرباء السودان يبحث مع شركة China XD Egypt دعم شبكة الكهرباء السودانية
  • السودان : الكشف عن إتفاق مع الصين ومصر بشأن محطات ومحولات كهرباء جديدة بعد تدميرها في الحرب
  • الحكومة ستنقل إلى الخرطوم في غضون ستة أشهر
  • الإمارات.. «صوت العقل» لإنهاء الأزمة السودانية
  • كيف نعيد توجيه أدوات الإعلام الجديد بعد ثلاث سنوات من حرب عبثية للمساهمة في وقفها واستعادة المسار المدني الديمقراطي؟
  • غزة…طائرات الاحتلال تستهدف جرافات ومعدات ثقيلة لمنع استخدامها في إعادة الإعمار
  • السودان واليابان يتجهان لخطوة جديدة لدعم العلاقات الدبلوماسية بين البلدين
  • العمران العربي بين التدمير وإعادة الإعمار في محاضرة بجامعة حمص
  • جريمة مقتل شاب سوداني في مصر تهز القاهرة وصدمة وسط الجالية السودانية