الحرب ومستقبل السياسة في السودان
تاريخ النشر: 27th, January 2025 GMT
هذه الحرب ليست مزحة. ولن تكون الحياة بعدها في السودان كما كانت قبلها. ولن تكون السياسة كما كانت. والسبب واضح. فقد خسر كل الشعب السوداني تقريباً كل شيء أو الكثير من الممتلكات والثروة والصحة والمنزل والسلامة الجسدية والصحة الإنجابية.
ولذلك فمن المرجح أن يكون لموقف الأحزاب السياسية والجماعات المنظمة من الحرب عواقب وخيمة بمجرد أن تضع أوزارها.
وبشكل عام، اختارت الأحزاب والجماعات السياسية والأفراد المؤثرون أحد ثلاثة مواقف أدناه.
المجموعة الأولى دعمت الجنجويد إما صراحة أو خلف ستار من الحياد المراوغ الذي لم يعد أحد يصدقه. وكانت هذه المجموعة تعتقد أن الجنجويد يمكن استخدامهم لمعاقبة الإخوان وإحلال الحكم الديمقراطي المدني.
وتتكون المجموعة الثانية من أولئك الذين دعموا الجيش. هذه المجموعة تتكون من الإسلاميين ولكنها تضم أيضا عشرات، ربما ملايين من الناس العاديين، الذين ليسوا إسلاميين ولكنهم يؤيدون الجيش لأنه العمود الأخير للدولة السودانية، ولأنه مهما كانت عيوب الجيش فإن البديل ليس غزوا أجنبيا علي رماح ميليشيا إقطاعية مملوكة لعائلة ضيقة.
المجموعة الثالثة اختارت الحياد الصريح أو العملي الفعال ووصفت الصراع بأنه حرب بين جنرالين يسعيان إلى السلطة أو بين طرفين سيئين بنفس القدر. كثير منهم مارسوا حيادهم وراء خطابات نبيلة عن بدائل شعبية, قاعدية وسلمية لا وجود ولا تاثير لها على ما يحدث في ميدان الحرب الآن كما لم يكن لها تاثير في ود النورة ولا الجنينة ولا السريحة.
أنا أشاطر الإيمان بهذه التوجهات الشعبية القاعدية الآن، إن وجدت، و يوم تتوقف الحرب وفي الأمد البعيد، ولكن هل هي موجودة الآن؟ هل لديها إستجابة للاحتياجات العاجلة للناس الذين يواجهون القتل والاغتصاب والفقر الآن؟
لو كنت أستطيع أن أصدق عيني، لا وساويسي الأيديلوجية النبيلة، سأرى الناس يفرون من قراهم عندما يقترب الجنجويد، ويعودون إلى ديارهم عندما يحررها الجيش. ولا أرى أي تاثيرا يعتد به لتنظيمات قاعدية سلمية علي خروج الشعب من دياره أو عودته إليها أو سلامة حياته وماله وبدنه. وهذه حقائق موضوعية لا أملك ما يكفي من العمي الأيديلوجى لأنكرها.
ليس من المهم أن نتفق علي تفاصيل التوصيف أعلاه، ولكن الحقيقة التي لا تقبل الجدل هي أن هناك ثلاثة معسكرات في هذه الحرب: معسكر مؤيد للجيش/الدولة، ومعسكر مؤيد للجنجويد، والمحايدين الذين يحافظون على مسافة واحدة من طرفي الصراع. هذه حقيقة.
أتوقع أنه بعد انتهاء الحرب، واعتمادًا على من سينتصر بشكل حاسم أو بدرجة أقوي، فإن الشعب السوداني سوف يكافئ بطريقة ما المجموعة التي يرى أنها انحازت إليه خلال أسوأ لحظاته في تاريخه. وسوف يعاقب بطريقة ما من يرى أنهم خانوه. نأمل أن تكون العقوبة سلمية وسياسية وأخلاقية فقط بغض النظر عن قرار الشعب في سؤال من كان معه ومن خذله.
من نافلة القول أن حكم الشعب لن يقف علي الأجسام والأحزاب إذ أن الراي العام للشعب سيعيد تحديث موقفه من أيديوجيات وطروحات بما فيها خطاب الديمقراطية والمدنية وحقوق الإنسان والليبرالية واليسارية والإسلام والحداثة بشقيها العضوي والاستتباعى.
لا أعرف ما هي المجموعة التي سيكافئها الشعب السوداني ولا أعرف أي المجموعات سيعاقبها. الأمر متروك للشعب السوداني وأنا لا أتحدث باسمه ولا أدعي أنني أعرف ما يدور في أذهانه الآن لأنني لا أعيش وسطه ولا توجد وسائل إعلام أو وكالات استطلاع موثوقة لتسهيل قياس الوزن النسبي لتنويعات الرأي المتباين.
ولكني شخصيا بعد نهاية الحرب ساجد نفسي إما في كوم المعاقبين من الشعب لو قرر إن مثل موقفي خذله. أما لو قرر الشعب غير ذلك وأعتقني فسأجد نفسي أعمل كحجاز يدافع بلا هوادة عن سلامة أفراد وجماعات اعتبروا موقفنا من الحرب كوزنة أو غفلة أو دولجة أو ضعفا في ألحس الثوري.
ويا ود مضوي تجيبو قوي.
معتصم أقرع
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
لعمامرة يدعو لوضع حد للصراع في السودان
دعا رمطان لعمامرة، المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة للسودان إلى مضاعفة الجهود وتنسيقها بهدف التوصل إلى حل سلمي يراعي سيادة السودان واستقلاله ووحدة أراضيه، ويضع حدا لأكبر أزمة إنسانية في العالم، وذلك مع اقتراب الحرب من إكمال عامها الثاني.
وأكد لعمامرة في مقابلة أجراها معه موقع الأمم المتحدة الإخباري، على أن الشعب السوداني هو صاحب السيادة والقرار فيما يتعلق بمستقبله، ودعا للاعتماد على الحكمة من أجل التمكن من تجاوز الأسباب التي دفعت طرفي النزاع في البلاد نحو الحرب.
ودعا المبعوث الأممي السودانيين إلى استخلاص العبر من تجارب الماضي، مشددا على أن التحركات الرامية لوضع حد للصراع في السودان يجب أن تتم في سياق احترام سيادة السودان واستقلاله ووحدته شعبا وأرضا.
رفضوبشأن التطورات الأخيرة في العاصمة الكينية نيروبي، حيث وقعت مجموعات سياسية وعسكرية ميثاقا يعبر عن نية لإنشاء سلطة حاكمة في المناطق التي تسيطرعليها قوات الدعم السريع، أشار لعمامرة إلى تصريحات الأمين العام للأمم المتحدة بهذا الشأن، حيث أعرب عن قلقه البالغ إزاء هذه الخطوة، وقال إنها تزيد من خطر تفتيت السودان.
ونبه لعمامرة إلى أن كل ما من شأنه أن يوسع الفجوة بين السودانيين بدلا من جمع شملهم يُعد أمرا "غير مرغوب فيه".
إعلانوأكد ضرورة التنسيق بين مختلف المبادرات المطروحة الرامية للتوصل إلى حوار وطني سوداني شامل، وقال "همنا الوحيد هو إقناع من يهمهم الأمر بالانخراط في الطريق الذي نرى أنه يحمل في طياته بذور الحل التوافقي المقبول والمُرضي للجميع".
رسالةوخلال رده على سؤال حول إمكانية تطبيق "إعلان جدة" الذي وقعه الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في مايو/أيار 2023، وصف المسؤول الأممي الإعلان بأنه "وثيقة واعدة وإيجابية، وهي الوثيقة الوحيدة التي وقعها الجميع واتفقوا عليها بعد أيام من انطلاق الحرب"، مؤكدا أن هناك ضرورة لإطلاق محادثات تحضيرية، قصد انطلاق التطبيق الفعلي لإعلان جدة بسرعة وبوتيرة سريعة.
وشدد على أن تطبيق الإعلان كفيل بالحد من سفك الدماء. ودعا إلى العمل مع الأطراف المعنية، من أجل الوصول إلى فهم مشترك لمحتويات هذه الوثيقة، والشروع في تطبيقها في أقرب وقت ممكن.
وختم المبعوث الأممي المقابلة برسالة وجهها إلى الشعب السوداني والأطراف المتصارعة بمناسبة شهر رمضان قائلا إن الشعب السوداني محب للحرية والسلام والتعايش السلمي، ومعربا عن أمله في أن "يستغل الأشقاء هذه الفرصة للتفكير في رمضان خال من العنف، رمضان ملؤه الأخوة والتطلع لمستقبل أفضل".