موقع النيلين:
2025-03-30@07:58:36 GMT

الحرب ومستقبل السياسة في السودان

تاريخ النشر: 27th, January 2025 GMT

هذه الحرب ليست مزحة. ولن تكون الحياة بعدها في السودان كما كانت قبلها. ولن تكون السياسة كما كانت. والسبب واضح. فقد خسر كل الشعب السوداني تقريباً كل شيء أو الكثير من الممتلكات والثروة والصحة والمنزل والسلامة الجسدية والصحة الإنجابية.

ولذلك فمن المرجح أن يكون لموقف الأحزاب السياسية والجماعات المنظمة من الحرب عواقب وخيمة بمجرد أن تضع أوزارها.

فالناس الذين خسروا وعانوا كثيراً سوف يميلون إلى مكافأة المجموعة التي يرون أنها دافعت عن مصالحهم وانحازت إليهم ضد جلاديهم وايضا قد يميلون إلي محاسبة الجماعات التي يرون أنها خذلتهم في لحظة حوجتهم الأكبر.

وبشكل عام، اختارت الأحزاب والجماعات السياسية والأفراد المؤثرون أحد ثلاثة مواقف أدناه.
المجموعة الأولى دعمت الجنجويد إما صراحة أو خلف ستار من الحياد المراوغ الذي لم يعد أحد يصدقه. وكانت هذه المجموعة تعتقد أن الجنجويد يمكن استخدامهم لمعاقبة الإخوان وإحلال الحكم الديمقراطي المدني.

وتتكون المجموعة الثانية من أولئك الذين دعموا الجيش. هذه المجموعة تتكون من الإسلاميين ولكنها تضم ​​أيضا عشرات، ربما ملايين من الناس العاديين، الذين ليسوا إسلاميين ولكنهم يؤيدون الجيش لأنه العمود الأخير للدولة السودانية، ولأنه مهما كانت عيوب الجيش فإن البديل ليس غزوا أجنبيا علي رماح ميليشيا إقطاعية مملوكة لعائلة ضيقة.

المجموعة الثالثة اختارت الحياد الصريح أو العملي الفعال ووصفت الصراع بأنه حرب بين جنرالين يسعيان إلى السلطة أو بين طرفين سيئين بنفس القدر. كثير منهم مارسوا حيادهم وراء خطابات نبيلة عن بدائل شعبية, قاعدية وسلمية لا وجود ولا تاثير لها على ما يحدث في ميدان الحرب الآن كما لم يكن لها تاثير في ود النورة ولا الجنينة ولا السريحة.
أنا أشاطر الإيمان بهذه التوجهات الشعبية القاعدية الآن، إن وجدت، و يوم تتوقف الحرب وفي الأمد البعيد، ولكن هل هي موجودة الآن؟ هل لديها إستجابة للاحتياجات العاجلة للناس الذين يواجهون القتل والاغتصاب والفقر الآن؟

لو كنت أستطيع أن أصدق عيني، لا وساويسي الأيديلوجية النبيلة، سأرى الناس يفرون من قراهم عندما يقترب الجنجويد، ويعودون إلى ديارهم عندما يحررها الجيش. ولا أرى أي تاثيرا يعتد به لتنظيمات قاعدية سلمية علي خروج الشعب من دياره أو عودته إليها أو سلامة حياته وماله وبدنه. وهذه حقائق موضوعية لا أملك ما يكفي من العمي الأيديلوجى لأنكرها.
ليس من المهم أن نتفق علي تفاصيل التوصيف أعلاه، ولكن الحقيقة التي لا تقبل الجدل هي أن هناك ثلاثة معسكرات في هذه الحرب: معسكر مؤيد للجيش/الدولة، ومعسكر مؤيد للجنجويد، والمحايدين الذين يحافظون على مسافة واحدة من طرفي الصراع. هذه حقيقة.
أتوقع أنه بعد انتهاء الحرب، واعتمادًا على من سينتصر بشكل حاسم أو بدرجة أقوي، فإن الشعب السوداني سوف يكافئ بطريقة ما المجموعة التي يرى أنها انحازت إليه خلال أسوأ لحظاته في تاريخه. وسوف يعاقب بطريقة ما من يرى أنهم خانوه. نأمل أن تكون العقوبة سلمية وسياسية وأخلاقية فقط بغض النظر عن قرار الشعب في سؤال من كان معه ومن خذله.

من نافلة القول أن حكم الشعب لن يقف علي الأجسام والأحزاب إذ أن الراي العام للشعب سيعيد تحديث موقفه من أيديوجيات وطروحات بما فيها خطاب الديمقراطية والمدنية وحقوق الإنسان والليبرالية واليسارية والإسلام والحداثة بشقيها العضوي والاستتباعى.
لا أعرف ما هي المجموعة التي سيكافئها الشعب السوداني ولا أعرف أي المجموعات سيعاقبها. الأمر متروك للشعب السوداني وأنا لا أتحدث باسمه ولا أدعي أنني أعرف ما يدور في أذهانه الآن لأنني لا أعيش وسطه ولا توجد وسائل إعلام أو وكالات استطلاع موثوقة لتسهيل قياس الوزن النسبي لتنويعات الرأي المتباين.

ولكني شخصيا بعد نهاية الحرب ساجد نفسي إما في كوم المعاقبين من الشعب لو قرر إن مثل موقفي خذله. أما لو قرر الشعب غير ذلك وأعتقني فسأجد نفسي أعمل كحجاز يدافع بلا هوادة عن سلامة أفراد وجماعات اعتبروا موقفنا من الحرب كوزنة أو غفلة أو دولجة أو ضعفا في ألحس الثوري.
ويا ود مضوي تجيبو قوي.

معتصم أقرع

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

مصطفى بكري: يجب على حماس أن تحتوي الموقف الآن لتجنب الحرب الداخلية

أكد الإعلامي مصطفى بكري، أنه يجب على حماس أن تحتوي الموقف الأن لتجنب الحرب الداخلية، مشيرا إلى أنه يجب على حماس أن تستمع لأراء الجماهير، خاصة أن إسرائيل هي العدو الأساسي.

مصطفى بكري يلتقي مدير أمن قنا لمتابعة جهود المصالحة بين أبناء الأشراف والحميداتمصطفى بكري: مشروع قانون المسئولية الطبية يحكم العلاقة بين المريض والطبيب

وقال مصطفى بكري، خلال تقديمه برنامج “حقائق وأسرار”، عبر فضائية “صدى البلد”، أنه نختلف أو نتفق مع حماس ولكن يجب أن ندعمها لأنها كانت رد فعل، مؤكدا أن نتنياهو من مصلحته إستمرار الحرب على قطاع غزة.

 إعادة تعمير غزة

وتابع مقدم برنامج “حقائق وأسرار”، أن مصر جمعت العالم على مشروع إعادة تعمير غزة، لذا لا بد من توحيد الصف الفلسطيني لمواجهة العدوان.

مقالات مشابهة

  • السياسة الأمريكية تجاه السودان: من صراعات الماضي إلى حسابات الجمهوريين الباردة
  • علي هذه الأرض ما يستحق الحياة
  • «مصطفى بكري» يوجه رسالة نارية إلى العالم: أين ضمائركم من جرائم نتنياهو ضد أطفال فلسطين الذين يُحرقون بالقنابل؟
  • اعلان تطهير عاصمة السودان بالكامل من فلول المليشيات التي هربت بشكل مخزي
  • القدس المنسية: المدينة التي تُسرق في ظل دخان الحرب الإسرائيلية على غزة والضفة
  • ماذا يعني تحرير الخرطوم؟
  • الرئيس اللبناني: لن نسمح بتكرار الحرب التي دمرت كل شيء في بلادنا
  • مصطفى بكري: يجب على حماس أن تحتوي الموقف الآن لتجنب الحرب الداخلية
  • إنفوغراف.. أبرز قادة حماس الذين اغتالتهم إسرائيل بعد استئناف الحرب على غزة
  • حين تُكذّب الحربُ مقولةَ التفاوض