ما أسوأ أن تكون شعبا
تاريخ النشر: 27th, January 2025 GMT
حيدر المكاشفي
العبارة أعلاه (ما أسوأ ان تكون شعبا)، هي عبارة مسجلة باسم منتجها ذلك (المطوفش) الذي روى حكايته مرة البروف عبد اللطيف البوني (سنأتي على ذكرها)، وعلى ذكر هذه العبارة أذكر ما قاله أحد أعضاء مجلس السيادة المعينين بواسطة سلطة انقلاب اكتوبر، وكان هذا السيادي الانقلابي قد تقدم باستقالته ولكنه نكص عنها سريعا وعاد لموقعه وكأن شيئا لم يكن، وحين سئل عن هذا الانقلاب المفاجئ في موقفه، قال أنه سحب الاستقالة وعاد لموقعه لأنه يرى على حد ما قال أن وجوده في المجلس السيادي أفضل من الادلاء برأيه كمواطن عادي على وسائل التواصل الاجتماعي ربما لا يجد ما يكتبه الاستجابة من الأجهزة الرسمية، وبقوله هذا كأني به يقول ان السلطة الانقلابية غير آبهة برأي الجماهير ولن تعيرها اذنا، وكأني به من جهة أخرى يقول ان الناس كل الناس لن يكون لهم رأي مسموع الا اذا كانوا أعضاء مثله في مجلس السيادة، فهل هذا معقول ان يكون كل الشعب أعضاء في مجلس السيادة حتى يكون لهم رأي مسموع.
انقضت الان قرابة العامين على الحرب ولا تزال مستمرة رغم ما قيل أنها لن تستمر سوى (أزبوع أزبوعين)، اذا بها بعد مرور مئات الاسابيع لم تحقق اهدافها لكلا الطرفين، فلا انمحق الدعم السريع ولا استلم الدعم السريع السلطة، بل انسحق المواطن وتدمر الوطن، وتعاظمت الكلف الإنسانية للحرب واتسعت ساحاتها وأخذت تطاول أعماقا اخرى، ولا رابح في هذه الحرب العبثية المكلفة والتي للأسف قد تؤسس لجولات جديدة من المعارك والحروب الإضافية، وتحضرني هنا بهذه المناسبة كلمة لأحد الكتاب، مؤداها ان النصر والهزيمة في الحروب المعاصرة لهما معانٍ تختلف عن معاني الماضي. قديمًا وحتى الحرب العالمية الثانية، كان اكتساح الجيوش في الحروب التقليدية كفيلًا بحسم الحرب وإعلان الانتصار. والآن، تشير سردية الحروب في العقود الأخيرة إلى مقاتلين أقل تقنية قد يدمّرون جيوشًا ذات تقنية وإمكانات أعلى. فلم يعد السلاح وقوته التدميرية كافيَين لحسم الحرب، واستشهد الكاتب على ذلك بحرب غزة الأخيرة والحرب الاكرانية، ويذهب للقول ان إسرائيل تعاملت مع حماس بنفس المفهوم القديم، فأعلنت لجمهورها وأنصارها على الصعيد الدولي، أهدافًا للحرب تنصّ على إنهاء سيطرة حماس على غزة واستعادة الرهائن الإسرائيليين. لكن كلا الهدفَين لم يتحققا بالحرب. صحيح أن إسرائيل سيطرت على غزة حتى خط حدودها مع مصر، لكن حماس ظلت تعمل على الأرض، مستنزفة الجيش الإسرائيلي الذي يضعف يومًا بعد يوم، ولا تدرك إسرائيل بعدُ أن احتلالها غزة سيؤدي إلى تنامي بيئة أكثر شراسة وعداءً لها على المدى البعيد، حيث لن يتسامح أي غزيّ معها، وأن إغلاق المجال السياسي وتشديد العنف في الحرب يمثلان قبلة حياة مستدامة لحماس. وعلى هذا المنوال، فالاعتقاد بأن جنوب إسرائيل سيكون في مأمن بعد هذه الحرب هو مجرد وهم؛ إذ ستظل هذه الجبهة مصدر استنزاف دائم لها، وتجسد الحرب في أوكرانيا مفهوم النصر والهزيمة المعقد. فلا روسيا حققت انتصارًا حاسمًا، ولا الغرب وصل إلى أهدافه. لكن روسيا نجحت في استنزاف الغرب اقتصاديًا، مما أدى إلى ارتفاع معدلات التضخم. وخسرت اقتصادات أوروبا كثيرًا؛ نتيجة دعمها غير المحدود لأوكرانيا، بينما يعاني الأوكرانيون من الاستنزاف البشري، وهو تكلفة عالية بالنسبة لهم، لا نعلم إلى متى سيظلون قادرين على تحمّلها..
الوسومحيدر المكاشفي
المصدر: صحيفة التغيير السودانية
إقرأ أيضاً: