تحديات تطبيق العدالة الانتقالية في سوريا
تاريخ النشر: 27th, January 2025 GMT
سقط نظام الأسد بشكل دراماتيكي وانهار سريعًا في الثامن من ديسمبر/ كانون الأول الماضي، وكان مهمًا أن السوريين هم من أسقطوه بعد أن تحملوا وصبروا سنين طويلة، وبات مطلوبًا من الإدارة الجديدة تشييد مرحلة جديدة، تختلف فيها صورة سوريا المستقبل عن سابقتها الكارثية والمأساوية، وأن تلبي استحقاقات عديدة، داخلية وخارجية، عبر مرحلة انتقالية، يتم فيها تقديم خطط عملية وسريعة، يمكنها أن تؤسس لحوكمة رشيدة، وتعمل على تنفيذها حكومة انتقالية واسعة التمثيل المجتمعي والسياسي، وبما يمهّد لإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية حرة ونزيهة، تتيح المجال للسوريين لتشكيل مستقبلهم.
من بين الاستحقاقات، المطلوبة في المرحلة الانتقالية في سوريا، العمل على تحقيق الوئام المجتمعي، الذي لا يمكن الوصول إليه إلا بتحقيق العدالة الانتقالية، بوصفها الهدف الأساس للثورة، وقضية هامة في الطريق إلى بناء سوريا الجديدة، كونها تنظر في كيفية وطريقة معالجة الانتهاكات والجرائم التي ارتكبت بحق الشعب السوري خلال أكثر من خمسة عقود من نظام الاستبداد والتسلط، ومعالجة مخلفاته على كافة الأصعدة.
لذا فمن الأهمية بمكان أن تكون العدالة الانتقالية شاملة، وتركز على محاسبة المسؤولين عن الجرائم التي ارتكبوها، وخاصة أركان نظام الأسد، سواء كانوا عسكريين أم سياسيين.
إعلانوعلى هذا الأساس يمكن إدراج تأكيد القائد العام للإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع، في 10 ديسمبر/كانون الأول الماضي، على ضرورة ملاحقة مجرمي الحرب، والمطالبة بتسليمهم "من الدول التي فروا إليها، حتى ينالوا جزاءهم العادل".
تأتي أهمية العدالة الانتقالية في تبيان حقيقة ما حدث من انتهاكات، وإثباتها بأدلة قاطعة، والاعتراف بمعاناة الضحايا وآلامهم، ومحاسبة مرتكبي الانتهاكات قانونيًا، وجبر الضرر، وما يقتضيه من تعويض ذوي الضحايا، ووضع أسس وقوانين تفضي إلى منع الانتهاكات في المرحلة الانتقالية والمستقبل. فضلًا عن أنها الطريق لإنجاز المصالحة المجتمعية وتضميد الجروح الاجتماعية.
كما تستمد أهمية خاصة من إسهامها في إعادة الثقة بين مكونات المجتمع السوري، ومن كونها تمثل حجر أساس في أية عملية انتقالية، يفترض أن تنتهي في نهاية المطاف بالمصالحة الوطنية، لأن الصيغة المثلى لمعالجة آثار الاستبداد هي العمل على إجراء مصالحة وطنية، وذلك بعد وضع تشريعات وإيجاد آليات تعمل على تحقيق العدالة الاجتماعية الانتقالية، وفق آليات قانونية مدروسة، بعيدًا عن ممارسات الانتقام والإقصاء والاستئصال، وتوفير تشريعات وإجراءات كفيلة بإعادة بناء الهوية الوطنية السورية على أسس المواطنة والتعددية، وبما يتوافق مع المبادئ الدستورية.
ومهم في هذا السياق تشكيل محاكم خاصة من أجل محاكمة مسؤولي النظام السابق، وخاصة بشار الأسد، وكافة من ارتكبوا انتهاكات ومجازر بحق السوريين، وذلك إنصافًا للضحايا ولذويهم، ولكي يطمئن الناس إلى التغيير الحاصل، وإطفاء روح الثأر لديهم، وبالتالي تلوح في الأفق مهمّة أساسية أمام الإدارة الجديدة في سوريا للتعامل مع إرث طويل من القمع وانتهاكات حقوق الإنسان.
المسار والتحدياتليس مسار العدالة الانتقالية قانونيًا أو إداريًا فحسب، بل هو عملية تحويلية تهدف إلى إعادة بناء الثقة في المؤسسات، وإرساء أسس عقد اجتماعي جديد بين السوريين. وهي عملية ليست سلسة، كونها تواجه تحدّيات كثيرة، على الصعيدين؛ العملي والسياسي، حيث تشكّل أعداد المتورطين في الانتهاكات تحدّيًا كبيرًا، ربما يتجاوز قدرة أي نظام قضائي على التعامل معه، خاصة أن الإدارة الجديدة تجد نفسها في مهمة صعبة حيال مواجهة مثل هذا الملف، كونها مضطرة إلى إعادة بناء مؤسساتها السياسية والقضائية من جديد.
إعلانالعدالة الانتقالية تحمل في طياتها أيضًا تحديات محاكمة المتورّطين في العنف السياسي والعسكري، وبما يفضي إلى تحقيق العدالة وضمان الاستقرار في الوقت نفسه، الأمر الذي يعقد من عملية الانتقال السياسي.
وهناك تجارب عديدة للعدالة الانتقالية، وظهر أول تجسيداتها بعد الحرب العالمية الثانية، خاصة في محاكمات نورمبرغ التي استهدفت مجرمي الحرب النازيين، ثم أضحت العدالة الانتقالية في ثمانينيات القرن المنصرم مجالًا لمعالجة انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبتها الأنظمة الاستبدادية أو أثناء النزاعات والحروب.
وتجسدت خلال التحولات الديمقراطية في دول أميركا اللاتينية وأوروبا الشرقية، من أجل التعامل مع إرث النظم القمعية والتسلطية، التي مارست مختلف أشكال العنف السياسي المنهجي مع معارضيها.
ترتبط مسألة تحقيق العدالة الانتقالية بمدى نجاح الإدارة الجديدة في تحقيق انتقال سياسي واقتصادي، وتتطلب تحوّلًا يتوافق مع القيم والمبادئ القانونية، ويحترم حقوق الناس، ويهدف إلى تقليل العنف وعدم الاستقرار.
ويقتضي تحقيقها أن يحظى المتورطون في الجرائم والانتهاكات بمحاكمات عادلة، كي تشكل العدالة الانتقالية فرصة لمعالجة الماضي، ولرسم مستقبل جديد لسوريا، وضمان إعادة بناء المجتمع السوري الممزق بفعل عقود من الاستبداد والانقسام.
كما أن تطبيق العدالة الانتقالية يمثل تحديًا كبيرًا، بالنظر إلى تعقيدات الحرب التي شنها نظام الأسد على غالبية السوريين، حيث تعددت أطرافها، خاصة مع التدخلين الإيراني والروسي إلى جانب النظام، لذلك يجب مراعاة كافة الظروف السياسية والاجتماعية عند تطبيق أهداف العدالة الانتقالية، وبشكل يتلاءم تمامًا مع الواقع المتشابك والمعقد الذي عاشه السوريون.
ومن بين التحديات، الموازنة بين العدالة الإجرائية والموضوعية، والأولى تركز على ضبط آليات العمل بما يحقق العدالة، فيما الثانية تركز على المخرجات والنتائج. إذ لا بد من الالتزام بالأسس النظرية، والأخلاقية، والقانونية، والسياسية، والاجتماعية من أجل إنشاء محاكم محلية تحظى بدعم دولي، ولضمان عدم تسييس المحاكمات.
إعلانويمكن للسوريين الاستفادة من الخبرات الدولية، والمساعدة الهادفة إلى تحقيق إجراءات عدالة، من خلال تدريب مراقبين سوريين وعرب لحقوق الإنسان الذين يمكنهم توثيق وتسجيل الشكاوى بطريقة منهجية.
المصالحة الوطنيةإذا كان غاية العدالة الانتقالية هي الوصول إلى الوئام المجتمعي والمصالحة الوطنية في سوريا، فإنها تتطلب تشكيل لجنة مستقلة في هذا المجال، يمكنها أن تضم ممثلين عن مؤسسات المجتمع المدني، وفاعلين اجتماعيين في الداخل، وجهات قانونية وحقوقية دولية، وذلك من أجل إيجاد نوع من الموازنة بين العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية، بهدف خلق بيئة قانونية تسمح بتحقيق العدالة، وتعمل في نفس الوقت على ترسيخ دولة القانون التي يسعى إليها السوريون.
ولا شك في أن عملية المصالحة وجبر الضرر تقتضي نهجًا واسعًا، يشمل جميع الأطياف السياسية والاجتماعية ويتيح لها التعبير عن آرائها، وذلك عبر إيجاد منصات تفاعلية في داخل سوريا، وبما يسهم في بناء العملية الانتقالية وفق آليات تدعم الحوار الوطني.
ولا شك في أن المصالحة الوطنية تساند الهدف الرئيس للعدالة الانتقالية، بالنظر إلى أهميتها وحساسياتها في سوريا، وإسهامها في إعادة بناء الهوية الوطنية على أسس قانونية واجتماعية، خاصة أن المصالحة الوطنية هي أحد أهداف العدالة الانتقالية، لذلك تكتسي أهمية شديدة في بلد متعدد الإثنيات والطوائف مثل سوريا.
وهناك مؤشرات أولية واعدة، لكن التحدّي الرئيس لإدارة المرحلة الانتقالية فيها هو كيفية الوصول إلى سوريا التعددية المدنية، بوصفها الهدف الأساس للعدالة في سوريا.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات العدالة الانتقالیة المصالحة الوطنیة الإدارة الجدیدة تحقیق العدالة الانتقالیة فی إعادة بناء فی سوریا من أجل
إقرأ أيضاً:
جدلية الدولة والفكر.. هل تصنع سوريا الجديدة تاريخها أم يعيد التاريخ نفسه؟
مقدمة: لحظة ميلاد جديدة لسوريابعد أكثر من خمسين عامًا من الحكم الاستبدادي، تجد سوريا نفسها أمام فرصة تاريخية لإعادة البناء، ليس فقط في المؤسسات والهياكل السياسية، بل في الوعي المجتمعي والثقافة والفكر. لقد سقط النظام، لكن هل سقطت العقلية التي سمحت له بالبقاء لعقود؟
يرى ابن خلدون أن الدول تمر بمراحل متكررة من النشوء، الازدهار، ثم التراجع والانهيار، لكنه يؤكد أن الدولة التي تعتمد على العدل، الاقتصاد القوي، والعصبية الجامعة، تستطيع الاستمرار والنهوض مجددًا. وفي الوقت نفسه، يذكّرنا الجاحظ أن الأفكار والثقافة هي المحرك الأساسي لأي تغيير حقيقي، لأن المجتمع الواعي هو الذي يصنع الدولة، وليس العكس.
إذا كانت سوريا الجديدة تريد النجاح، فعليها أن تستفيد من قوانين العمران عند ابن خلدون، وقوة الفكرة عند الجاحظ، لتصنع نموذجًا مستدامًا لدولة تنهض، لا مجرد دولة تخرج من أزمة إلى أخرى.
1 ـ بناء الهوية الوطنية.. من العصبية الضيقة إلى الوحدة المجتمعية
أ ـ العصبية الجامعة: تجاوز الانقسامات نحو مشروع وطني
إذا كانت سوريا الجديدة تريد النجاح، فعليها أن تستفيد من قوانين العمران عند ابن خلدون، وقوة الفكرة عند الجاحظ، لتصنع نموذجًا مستدامًا لدولة تنهض، لا مجرد دولة تخرج من أزمة إلى أخرى.يرى ابن خلدون أن قوة الدول تعتمد على "العصبية الجامعة"، أي الرابط الذي يجمع الناس تحت مظلة مشروع مشترك، وليس حول زعيم فردي أو طائفة معينة.
لكن عندما تتحول العصبية إلى انتماء طائفي أو عرقي ضيق، تصبح أداة للانقسام بدلاً من أن تكون وسيلة لبناء الدولة.
في سوريا، استُخدم التنوع لتأجيج الفُرقة بدلاً من أن يكون مصدر قوة. الآن، الفرصة مواتية لإعادة تعريف الهوية الوطنية السورية، ليس على أساس العِرق أو الدين، بل على أساس المواطنة المتساوية.
ما المطلوب؟
ـ إعادة صياغة الهوية السورية في الإعلام والتعليم، بحيث تكون جامعة لا مفرّقة.
ـ تبنّي خطاب سياسي وإعلامي يركّز على القيم المشتركة، لا على الصراعات الطائفية القديمة.
ـ بناء نظام قانوني يضمن المساواة بين الجميع، بحيث يشعر كل مواطن أن له مكانًا في سوريا الجديدة.
ب ـ الفكرة تصنع الدولة: الجاحظ ودور الثقافة في التغيير
يرى الجاحظ أن المجتمع لا يتغير بالقوانين وحدها، بل بالأفكار التي تزرع في أذهان الناس. لذلك، فإن الثورة الفكرية ضرورية إلى جانب الثورة السياسية.
كيف نحقق ذلك؟
ـ استخدام الفن والأدب والإعلام في بناء هوية وطنية جديدة، لا مجرد إصدار قوانين جافة.
ـ تغيير المناهج الدراسية بحيث تعزز التفكير النقدي، لا التلقين السياسي.
ـ دعم وسائل الإعلام المستقلة التي تقدم خطابًا عقلانيًا ومستنيرًا بعيدًا عن التحريض والتضليل.
2 ـ العدل والقانون.. حجر الأساس لدولة مستقرة
أ ـ "الظلم مؤذن بخراب العمران".. كيف نؤسس عدالة انتقالية حقيقية؟
يرى ابن خلدون أن الظلم هو السبب الرئيسي في سقوط الدول، حيث إن الدولة التي تعتمد على القمع تفقد شرعيتها بمرور الوقت، وتصبح أكثر هشاشة.
ما المطلوب في سوريا الجديدة؟
ـ إطلاق عملية عدالة انتقالية تضمن محاسبة المتورطين في الجرائم، دون أن تتحول إلى انتقام سياسي.
ـ إصلاح القضاء ليكون مستقلاً، فلا يُستخدم كأداة سياسية.
ـ إعادة بناء مؤسسات الدولة على أساس النزاهة، لا الولاءات الشخصية.
ب ـ الحاكم ليس فوق القانون.. منع الاستبداد من العودة
يرى ابن خلدون أن الحاكم في بداية الدول يكون مصلحًا، لكن إذا لم توضع قيود دستورية، فإنه يتحول إلى مستبد مع الوقت.
كيف نمنع تكرار الاستبداد؟
ـ تحديد مدة الرئاسة ومنع تعديل الدستور لإطالة الحكم.
ـ توزيع السلطة بين الحكومة المركزية والإدارات المحلية لتجنب الاحتكار.
ـ ضمان حرية التعبير والإعلام ليكون سلطة رقابية حقيقية.
3 ـ الاقتصاد والعمران: كيف تبني سوريا دولة مزدهرة؟
أ ـ الاقتصاد المستدام هو أساس الاستقرار
يقول ابن خلدون: “الرخاء الاقتصادي يزيد من قوة الدولة، بينما يؤدي الفساد إلى انهيارها”.
في سوريا الجديدة، لا يمكن بناء دولة قوية إذا ظل الاقتصاد مرهونًا بشبكات الفساد والمحسوبية.
ما الحل؟
ـ تفكيك شبكات الفساد من خلال تحقيقات شفافة وعادلة.
ـ دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة حتى لا يكون الاقتصاد محتكرًا في يد فئة قليلة.ـ
ـ تحقيق تنمية متوازنة تشمل جميع المناطق السورية، وليس فقط المراكز الحضرية.
ب ـ من الدمار إلى العمران: إعادة بناء سوريا بروح جديدة
يرى ابن خلدون أن عمران المدن يعكس قوة الدولة، بينما الدمار يعكس ضعفها. إعادة إعمار سوريا يجب أن تكون مشروعًا وطنيًا شاملًا، لا مجرد عملية هندسية لإصلاح المباني.
ما الخطوات الضرورية؟
ـ تطوير البنية التحتية لتناسب المستقبل، وليس فقط ترميم ما تهدّم.
ـ إشراك المجتمع المحلي في قرارات الإعمار حتى لا تكون العملية مركزية وغير عادلة.
ـ ربط التنمية العمرانية بالاقتصاد والتعليم، بحيث تكون المدن مراكز إنتاج لا مجرد مساكن.
4 ـ التعليم والإعلام.. بناء جيل جديد يصنع الدولة لا يهدمها
أ ـ التعليم هو المحرك الحقيقي للنهضة
يرى ابن خلدون أن المعرفة والعلم هما أساس نهضة الأمم، وأن الدول التي تهمل التعليم سرعان ما تنهار.
في سوريا، استُخدم التنوع لتأجيج الفُرقة بدلاً من أن يكون مصدر قوة. الآن، الفرصة مواتية لإعادة تعريف الهوية الوطنية السورية، ليس على أساس العِرق أو الدين، بل على أساس المواطنة المتساوية.في سوريا الجديدة، إصلاح التعليم يجب أن يكون أولوية قصوى، لأن بناء العقول أهم من بناء المباني.
ـ ما الحل؟
ـ إعادة هيكلة المناهج الدراسية بحيث تعزز الإبداع والتفكير النقدي.
ـ تحسين جودة التعليم العالي وربط الجامعات بسوق العمل.
ـ رفع كفاءة المعلمين ليكونوا قادة تغيير، وليس مجرد ناقلين للمعلومات.
ب ـ الإعلام والثقافة كأدوات لصياغة وعي جديد
يرى الجاحظ أن الإعلام والثقافة هما أقوى أدوات التأثير على المجتمع، فإذا كانت الرسالة الإعلامية موجهة بشكل صحيح، يمكن أن تصنع نهضة فكرية حقيقية.
ما المطلوب؟
ـ إطلاق إعلام مستقل يعكس تنوع المجتمع السوري، لا إعلام موجه لخدمة السلطة.
ـ دعم الفنون والأدب كوسيلة لتعزيز الحوار والمصالحة الوطنية.
ـ تشجيع المبادرات الثقافية التي تعيد بناء الهوية الوطنية بعيدًا عن الانقسامات.
خاتمة.. دولة تنهض أم أزمة جديدة؟ القرار بأيدينا
يرى ابن خلدون أن الدول التي تستند إلى العدل والاقتصاد القوي والعصبية الجامعة تستمر، بينما الدول التي تقوم على الظلم والتفرقة والفساد تنهار.
ويؤكد الجاحظ أن أي تغيير سياسي لا يُصاحبه تغيير ثقافي وفكري سيظل سطحيًا وعرضة للانتكاس.
اليوم، سوريا أمام خيارين: إما أن تبني نموذجًا لدولة حديثة قائمة على القانون والوعي والتقدم، أو أن تصبح مجرد تجربة أخرى في قائمة الدول التي لم تتعلم من أخطائها.
المستقبل يُصنع الآن، والقرار بيد السوريين. فهل سنكون نموذجًا للنهضة، أم درسًا آخر في التاريخ عن الفرص الضائعة؟
*عضو الهيئة العليا للمفاوضات في سوريا سابقا