بلا دولة... الفلسطينيون كلهم لاجئون
تاريخ النشر: 27th, January 2025 GMT
«اقترح الرئيس ترامب على الأردن ومصر استقبال عددٍ كبيرٍ من الغزيين بصورةٍ مؤقتةٍ أو دائمة».
ووفق التجربة، فالمؤقت في حياة الفلسطينيين إذا كان مأساوياً فهو دائم.منذ وجد أول مخيم فلسطيني في عام 1948، وإلى أيامنا هذه، واصل المخيم إثبات حضوره في الحياة الفلسطينية، ليس ملاذاً لأناسٍ هجروا من ديارهم، لتنفق عليهم وكالة الغوث الدولية، بل بوصفه عنواناً لظاهرة اللجوء التي تطورت واتسعت لتشمل الفلسطينيين جميعاً، سواء من يحمل البطاقة الزرقاء الممنوحة من وكالة غوث وتشغيل اللاجئين، أو من يعيش في أي مكان داخل فلسطين وخارجها.
الذين بقوا في مدنهم وقراهم التي احتلت في عام 1948 وأقيمت عليها دولة إسرائيل، هم لاجئون في الواقع ما داموا غير متساوين في الحقوق والواجبات، وما دام يُنكَر عليهم حقيقة أنهم أهل البلاد الأصليون، وهذه حالهم منذ أن كانوا يعدّون بالآلاف حتى صاروا يعدون بالملايين.
حين أُعلن عن تأسيس الدولة العبرية لجأ كثيرون إلى أقرب الأمكنة التي أتيحت لهم، وكان مقصدهم الضفة الغربية وغزة أولاً، ثم لبنان وسوريا، وبعدد أقل مصر، ومع أن الذين لجأوا إلى الضفة لم ينظر إليهم على أنهم غرباء إلا أن إقامتهم في مخيمات أسستها وكالة الغوث، فرضت عليهم تميزاً سلبياً عن أشقائهم، وبفعل اتحاد الضفتين الغربية والشرقية، امتلأت المملكة الأردنية الهاشمية بالمخيمات، وكانت الجنسية الأردنية الكاملة التي حصل عليها الجميع عامل توحيد للحالة، ولكنها لم تكن كذلك في الشعور.
خارج المملكة التي قامت على الضفتين، وأسست لوحدة ناجحة بين شعبين وكيانين، انتشر المخيم واللاجئون بكثافة في ذلك البلد، وكذلك في لبنان وسوريا دون أن يحصل ساكنو المخيم في البلدين الشقيقين على الحقوق والواجبات التي حصل عليها نظراؤهم في الأردن، ذلك عمّق شعور اللاجئ في النفوس، واتحد فيه كل فلسطيني مع فلسطيني آخر أينما وجد ومهما علا شأنه الوظيفي في البلد المضيف.
طول أمد اللجوء وانتشار الفلسطينيين خارج المخيمات بما شمل العالم كله، وفّر لهم بفعل النظم التي تحكم البلدان التي عاشوا فيها، فرصاً للتميز في كل المجالات، وفي بلدان كثيرة وصل اللاجئ الفلسطيني إلى مرتبة رئيس دولة، ورئيس حزب، ورئيس وزراء، وما حول ذلك وما دونه من مراتب.
غير أن الفلسطيني ظل يشعر في قرارة نفسه بأنه لاجئ، ذلك لأنه لم يحمل وثيقة تؤكد انتماءه الأصلي سوى أن أجداده كانوا من تابعيات مختلفة ليس منها الانتماء لدولة فلسطينية معترف بها، وليس له من كل ذلك سوى إشارة إلى مكان الميلاد.
اللجوء حالة شعورية، تبقى في الروح على نحو لم تفلح كل الامتيازات والمكانات في إنهائها، كان الجذر الأعمق الذي دفع اللاجئين الذين هم كل الفلسطينيين لأن يفكروا في الثورة، وكان منطلقها من أكثر الأماكن التي وفّرت فرصاً وثروات لهم وهي دول الخليج العربي، وما إن أعلن بلاغها الأول حتى سرت الثورة في النفوس سريان النار في الهشيم.
اندفع الفلسطينيون الذي يوحدهم الشعور بأنهم لاجئون إلى المشاركة في الثورة دون حساب للخسائر التي سيتكبدونها، ولو راجعت سجل الشهداء والجرحى والمعاقين الذين يعدون بمئات الألوف، في مسيرتهم الثورية الراشحة بالدم فسوف تجد أنهم جميعاً إمّا طلبة في الصفوف النهائية بالمدارس والجامعات، أو مهنيون مختصون في كل المجالات، وإذا دققت في وضعهم الاقتصادي فقلما تجد فقيراً دفعه العوز إلى الذهاب إلى الثورة كي يتقاضى مخصصات تعينه على الحياة. شعور اللاجئ استبد بنفوس الفلسطينيين وازداد تعمقاً كلما فشلت تجربة خاضوها، ذلك بفعل أن الفشل أنتج أكثر من لجوء جديد، ودون استعراض تاريخي لوقائع الفشل وما أنتج، فلنلقِ نظرة على الواقع الراهن، والمكان الأكثر دلالة هو المكان الفلسطيني والفشل الأوضح هو فشل تجربة أوسلو.
من يعيشون على أرض الوطن راودهم ذات يوم، شعورٌ بأن أفقاً انفتح سيؤدي إلى دولة واستقلال، ونُسب ذلك للثورة التي قادها عرفات، ووصل بها إلى غزة ثم الضفة، وبدا كما لو أن تسوية قضية القدس مسألة وقت.
فشلت التجربة أخيراً ليعود الشعور باللجوء حالة مشتركة بين كل الفلسطينيين أينما وجدوا، إذ لا فرق في هذا الشعور بين ساكن المخيم وساكن القرية والمدينة، بين أهل غزة وأهل الضفة، وبين الخارج والداخل، فكلهم بالشعور وواقع الحياة لاجئون.
لا فكاك من هذه الحالة إلا أن تنتهي سطوة الشعور باللجوء بحصول الفلسطيني على ما يساويه بكل شعوب الأرض، أن يضع في جيبه بطاقة هوية وجواز سفر صادراً عن دولته، ساعتها ينتهي الشعور باللجوء القسري الذي يعيشه كل الفلسطينيين، ليحل محله شعور مواطن عادي في دولة عادية.
أخيراً أقول للرئيس ترامب: هل تعالج القضية الفلسطينية بلجوء جديد ومخيمات جديدة؟
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: اتفاق غزة سقوط الأسد عودة ترامب إيران وإسرائيل غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية اتفاق غزة غزة وإسرائيل
إقرأ أيضاً:
نقابة الصحفيين تدين موقف ترامب وتصريحاته حول تهجير الفلسطينيين.. وتؤكد دعمها لنضال الشعب الفلسطيني
أدانت نقابة الصحفيين بكل قوة موقف الرئيس الأمريكي ترامب وتصريحاته اليوم، التي تضمنت إشارات غير مقبولة حول تهجير الفلسطينيين إلى مصر والأردن، كجزء من محاولات تصفية القضية الفلسطينية.
وأكدت النقابة أن مثل هذه التصريحات تعد انتهاكًا واضحًا لحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة، وتجاوزًا للقرارات الدولية، التي تؤكد حقه في إقامة دولته المستقلة على أرضه.
وأشادت نقابة الصحفيين بصمود الشعب الفلسطيني في غزة، وتمسكه بأرضه، ورفضه الرحيل عنها تحت أي دعوى، فإنها تدعم أيضًا الموقف الرسمي المصري، الذي عارض منذ بداية العدوان مخطط التهجير، وإجبار الفلسطينيين على الرحيل عن أرضهم (قسرًا، أو طوعًا) كطريق لتصفية القضية، الذي أعلنت عنه مؤسسات الدولة في أكثر من مناسبة.
ودعت نقابة الصحفيين الحكومتين المصرية والأردنية إلى اتخاذ كل الإجراءات، التي من شأنها وأد هذا المخطط، مؤكدة دعمها الكامل للشعب الفلسطيني، الذي دفع من دمائه ثمنًا كبيرًا للدفاع عن أرضه وحقوقه المشروعة.
ودعت نقابة الصحفيين المجتمع الدولي، وكل المؤسسات والأطراف الفاعلة في هذا الملف للإعلان عن موقفها الرافض لما طرحه الرئيس الأمريكي، واتخاذ ما يلزم من إجراءات للرد عليه، لافتة إلى أن السعي لتنفيذ هذا المخطط سيصاعد الأزمات في المنطقة.
وجددت نقابة الصحفيين، إدانتها للصمت والتواطؤ الدولي على المجازر بحق المدنيين في غزة، ومطالبتها بمحاكمة مجرمي الحرب الصهاينة أمام الجنائية الدولية، فإنها تشدد على أن جريمة الإبادة، التي تمت بمعاونة أمريكية لن تكون بابًا لاستكمال المخططات الصهيوأمريكية لتصفية القضية، وطرد الشعب الفلسطيني من أرضه.
وشددت النقابة على أن الحل العادل والشامل للقضية الفلسطينية يتمثل في إنهاء كل أشكال الاحتلال الإسرائيلي، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة.
وأكدت النقابة ثقتها في الشعب الفلسطيني، الذي أعلنت كل مكوناته وفصائله أنها لن تقبل بنكبة ثانية، مشددة على أن استقرار المنطقة لن يتم إلا عبر حل شامل وعادل للقضية الفلسطينية.