عربي21:
2025-01-27@16:15:24 GMT

حرب السودان والتربص بثورته

تاريخ النشر: 27th, January 2025 GMT

من الطبيعي والمنطقي أن تعم الفرحة جموع الشعب السوداني كلما استعادت القوات المسلحة السودانية هذه المنطقة أو تلك من قبضة قوات الدعم السريع التي ظلت تسوم الناس خَسْفاً وسوء العذاب، ومارست بحقهم التشريد القسري نزوحا ولجوءا، ولم تسلم بنية البلاد التحتية ومواردها من هجماتها البربرية التدميرية.

ولكن من غير الطبيعي وغير المنطقي وليس مقبولا ولا يمكن غض الطرف عنه، محاولات استغلال هذا الفرح لصالح رغبات وتوجهات مجرمة وضحت في عدة مواقف، نتناول هنا أربعة منها.

الموقف الأول، تطرقنا إليه في مقالنا السابق، ونعني به الانتهاكات البشعة وذات الطابع العنصري، أو ذات طابع التشفي والانتقام من الخصوم السياسيين، خاصة لجان المقاومة، بعد أن استعادت القوات المسلحة سيطرتها كما حدث في الحلفايا وودمدني ووسط سكان «الكنابي» ونخشى أن يتكرر ذلك في كل منطقة تُطرد منها قوات الدعم السريع.

وقلنا في ذاك المقال، إذا كان السودانيون لا يتوقعون ولا ينتظرون سوى الانتهاكات الجسيمة التي تطال أمنهم وكرامتهم مع سيطرة قوات الدعم السريع على مناطقهم، فإنهم ظلوا يرومون التخلص من هذا الكابوس المرعب، وينشدون الأمن والأمان مع استعادة سيطرة القوات المسلحة السودانية على هذه المناطق، لا أن تتواصل الانتهاكات على مرأى ومسمع من قيادات هذه القوات، مهما كانت التهم الموجهة إلى من تم ذبحهم ذبح الشاة أو ألقي بهم في النهر لتلتهمهم التماسيح. فأخذ القانون باليد والانتهاكات التي تطال المدنيين وترتكب خارج قواعد الاشتباك، إضافة إلى كونها جرائم تستوجب العقاب قانونا، فإنها تعمق شروخ مجتمعنا الذي أحوج ما يكون إلى الوحدة والتماسك. والتغاضي عنها والإفلات من العقاب سيزيد من اشتعال نيران الحرب ويدفعها نحو صراعات جهوية وإثنية من شأنها تمزيق البلاد.
الثورة يا من تجرأ على الاستخفاف بها، هي إرادة شعب كسر قيود الاستبداد، وواجه كل أدوات القمع
وقلنا أيضا، إذا كان معروفا أن أحاديث قيادات قوات الدعم السريع حول محاسبة مرتكبي هذه الجرائم، وهي تنسبها إلى إلى مجموعات متفلتة، هي مجرد فقاعات هوائية، فإن الانتهاكات التي تتم بعد استعادة القوات المسلحة السودانية سيطرتها على هذه المنطقة أو تلك، هي جرائم لا يمكن السكوت عليها، وتستوجب أن تتحمل قيادة القوات المسلحة السودانية المسؤولية القانونية والأخلاقية حيالها، وأن المطلب الرئيسي هو المحاسبة العاجلة والعادلة، وبشكل شفاف ومعلن، لكل المتورطين فيها.

الموقف الثاني، هو محاولة إكساب هذه الفرحة طابعا آيديولوجيا وكأنها تعبر عن الرغبة في عودة المؤتمر الوطني وتياره الإسلامي إلى السلطة. بل وأخذ بعض من أنصار هذا التيار يلوحون بعودة مراكز التعذيب، بيوت الأشباح، تهديدا لخصومهم السياسيين!. كون أن مجموعات من الإسلاميين ساندت القوات المسلحة في عملياتها العسكرية، فهذه حقيقة، ولكن الفرحة غير معنية بذلك بقدر ما هي معنية فقط بالتخلص من شرور جحافل الدعم السريع.

الموقف الثالث، هو انبعاث صوت نشاز وسط هذا الفرح، عندما تجرأ نفر من لواء البراء بن مالك المساند للقوات المسلحة على الاستهزاء بثورة ديسمبر/كانون الأول 2018 وبشهدائها العظماء، لتنبري لهم لجان مقاومة كرري ببيان بتاريخ 25 يناير/كانون الثاني الجاري يقول ملخصه إن هذا الاستهزاء لن يمس من عظمة الثورة ولن يغير من حقائق التاريخ، ولكنه يعكس الحقد والتربص بالثورة وشبابها الذين أطاحوا بقادة هؤلاء النفر.

إن الثورة يا من تجرأ على الاستخفاف بها، هي إرادة شعب كسر قيود الاستبداد، وواجه كل أدوات القمع، بما فيها قوات الدعم السريع الذين كنتم تعدونهم حليفًا مؤقتًا لإخماد الثورة. أنتم سبب هذا المرض الذي أنهك الوطن، والشعب السوداني اليوم يحصد نتائج إجرام أسيادكم الذين شاركتموهم في صناعة الجنجويد واستخدامهم كأداة للقمع. والثورة التي استمرت في المناداة بحل الدعم السريع رغم كل التحديات، كانت تدرك جيدًا طبيعة هذا الخطر الذي اخترتم تجاهله والتواطؤ معه، وستحاسبون أولاً علي التدمير الممنهج لقوات شعبنا المسلحة، وثانياً على صناعة هذه الميليشيا.


والثورة وشبابها اختاروا أن يغضوا النظر عنكم وعن تفاهاتكم احترامًا للخطر الوجودي الذي يواجه السودان. إن ذكرى شهداء الثورة الذين واجهوا الجنجويد بصدور عارية ستظل وصمة عار في جبين كل من تواطأ مع المجرمين أو ساندهم، سواء بالقول أو الفعل، لقتل الثوار ووأد الثورة. وأبطال الثورة الذين وصفتموهم بالأطفال هم أكبر منكم بمبادئهم، وأصدق منكم بمواقفهم. واختتمت لجان مقاومة كرري بيانها قائلة:»إن هذه الأرض التي ارتوت بدماء شهدائنا لن تقبل الهوان أو الذل. وسنظل نحن أبناء الثورة، أوفياء للعهد، متمسكين بالمبادئ التي خطتها، ولن نحيد عن طريق النضال حتى تحقيق الحرية والسلام والعدالة».

الموقف الرابع سيزداد وضوحا كلما انسحبت قوات الدعم السريع غربا وأعادت تمركزها في دارفور، لأنه يرتبط بسؤال خبيث لا علاقة له بالبراءة إلا في مظهره فقط، طُرح مع احتدام المعارك، يقول: هل هذه الحرب المدمرة هي مقدمة لانفصال دارفور ومواصلة استكمال تقسيم السودان حسب الخريطة المشهورة والتي تقسم السودان إلى عدة دويلات؟ كما يرتبط بالإجابات عليه من نوع «نعم إن انفصال دارفور قادم لا محالة» و«لا قدرة لنا على مقاومة الاستراتيجية العالمية التي تسعى إلى تقسيم السودان» و«أساسا إثنيات السودان لا يمكن أن تتعايش في دولة واحدة» و«يبدو أن الحرب لن تتوقف إلا بانفصال دارفور» وصولا إلى القول «فلتذهب دارفور حتى نرتاح» على شاكلة ذات الطرح الذي كان يدعو لفصل جنوب السودان، وذبح الثور الأبيض. إن الدعوة لفصل دارفور، هي مؤامرة خطيرة، ولكن الأخطر منها هو الاستسلام وسلب إرادتنا في المقاومة. والمدخل العملي لإخراس هذه المؤامرة هو وقف الحرب وفق رؤية يكون جوهرها إعادة بناء الدولة السودانية وفق مشروع وطني يحتفي بحقوق مكونات البلاد المتعددة والمتنوعة، ويقضي على جذور التهميش ومسببات الحرب والأزمة التي ظلت تمسك بخناق البلاد منذ فجر استقلالها.

المصدر: القدس العربي

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه السوداني الدعم السريع دارفور السودان دارفور الدعم السريع مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة اقتصاد سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة القوات المسلحة السودانیة قوات الدعم السریع

إقرأ أيضاً:

الجيش السوداني يعلن كسر حصار الدعم السريع لمركز قيادته وسط الخرطوم

السودان – أعلن الجيش السوداني امس الجمعة أنه كسر حصار قوات الدعم السريع لمركز قيادته في وسط الخرطوم، في خطوة تعد انتصارا كبيرا في العاصمة بعد ما يقرب من عامين على اندلاع الحرب.

وقال بيان الجيش إنه نجح في كسر حصار معسكر سلاح الإشارة، أحد أكبر المنشآت العسكرية في المدينة ويقع في الخرطوم بحري. وعبرت القوات بعد ذلك نهر النيل لتلتحق بقوات في وسط الخرطوم كانت أيضا تحت الحصار.

ويمثل التقدم المعلن نجاحا كبيرا للجيش في العاصمة، حيث كان لقوات الدعم السريع وجود قوي وحصار محكم للقيادة العامة للجيش ومعسكر سلاح الإشارة والقصر الرئاسي.

وزار رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان القوات في الجيلي، شمال بحري، حيث تزعم قوات الجيش أنها سيطرت على مصفاة النفط الرئيسية في السودان.

لكن قوات الدعم السريع أكدت أن قواتها ألحقت خسائر فادحة بالجيش على جبهات قتال متعددة، ووصفت تصريحات الجيش بأنها جزء من نمط طويل الأمد من التضليل.

ونفت قوات الدعم السريع صحة ما أعلنه الجيش السوداني ووصفته بأنه “دعاية” تهدف إلى رفع الروح المعنوية متهمة الجيش بنشر أكاذيب من خلال مقاطع فيديو مزيفة.

في غضون ذلك، تسبب القتال حول أكبر مصفاة للنفط في السودان باشتعال النيران في المجمع، ما أدى إلى انبعاث دخان أسود كثيف ملوث فوق العاصمة الخرطوم.

ومصفاة الجيلي الواقعة على بعد نحو 60 كيلومترا  شمال الخرطوم، والمملوكة للحكومة السودانية ومؤسسة البترول الوطنية الصينية التي تديرها الدولة، كانت قد تعرضت لهجمات سابقة حيث أعلنت قوات الدعم السريع سيطرتها عليها منذ أبريل 2023، وكانت قواتها تحرسها، قبل أن تندلع فيها الحرائق بسبب الاشتباكات يوم الخميس.

وأدت الحرب التي اندلعت في أبريل نيسان 2023 إلى مقتل عشرات الآلاف من الأشخاص ونزوح الملايين من منازلهم ووقوع نصف السكان فريسة للجوع.

هذا ولا تزال الدعوات الأممية والدولية مستمرة لإنهاء الحرب، بغية تجنيب السودان كارثة إنسانية.

 

المصدر: RT + وسائل إعلام سودانية

مقالات مشابهة

  • الصول: القوات المسلحة لا تدعم أي طرف من أطراف الصراع في السودان
  • البرهان من مقر قيادة الجيش: “الدعم السريع” إلى زوال
  • الرياض تُدين اعتداء الدعم السريع على المستشفى السعودي في الفاشر
  • رئيس مجلس السيادة السوداني: شعبنا يصطف خلف قواته المسلحة ضد الدعم السريع
  • البرهان: السودانيون يدعمون القوات المسلحة في معركتها ضد الدعم السريع
  • البرهان: القوات المسلحة في أفضل حالاتها وسنمضي نحو القضاء على ميليشيا الدعم السريع
  • مناوي: 70 قتيلا بهجوم للدعم السريع على مستشفى بالفاشر
  • الجيش السوداني يعلن كسر حصار الدعم السريع لمركز قيادته وسط الخرطوم
  • تجمع قوى تحرير السودان: الإنتصارات التي تحققت تؤكد عزيمة القوات المسلحة والقوات المشتركة والمقاومة الشعبية