(عدن الغد)خاص:

وسط حالة من الفتور والمخاوف.. ما انعكاس زيارة الوفد العماني إلى صنعاء على حلحلة الملف اليمني؟

لماذا تخشى بعض الأطراف من أي تقارب بين الرياض وصنعاء رغم فتور العلاقة؟

ماذا في حقيبة الوفد العماني؟

(عدن الغد) القسم السياسي:

لأول مرة بعد سنوات من حالة العداء بين البلدين وعودة العلاقات بين الرياض وطهران في مارس الماضي، يزور وزير الخارجية الإيراني المملكة العربية السعودية، بهدف التباحث حول العديد من الملفات الإقليمية، ولعل أبرزها الملف اليمني وأمن الملاحة البحرية في مياه الخليج العربي وسط التوترات القائمة بين طهران وواشنطن، بالإضافة إلى جهود الجيش الأميركي للحد من التهديدات الإيرانية في المنطقة.

ولعل محور الاهتمام لهذه التحركات هي المطالب التعجيزية التي تضعها مليشيا الحوثي، التي ماتزال تثير الجدل المتواصل منذ انقلابها على الدولة الجامعة لليمنيين في العام 2014م، وباتت تمثل عقبة كبيرة أمام السلام الشامل في اليمن.

بصفة عامة تعيش اليمن حالة من الهدوء الحذر في الجبهات، نتيجة الاتفاق السعودي الإيراني الذي أُعلن عنه برعاية صينية في 10 مارس الفائت، وما تبعه من إعلان هدنة موسعة في مطلع أبريل من العام الجاري، وتأتي هذه التحركات الأخيرة لوزير الخارجية الإيراني إلى الرياض لإحياء هذا الاتفاق، وهو الأمر الذي يجعلنا نتساءل عن أثر هذا اللقاء في تحريك الملف اليمني على الأقل في بعده الإنساني، وما ردة الفعل المتوقعة من الأطراف التي قد لا ترى أن هذا الاتفاق يصب لمصلحتها؟

> 90 دقيقة.. الرسائل والدلالة

تنتهج "الرياض" مؤخرا سياسة تخفيض الأزمات والحروب التي تحيط حولها أو حتى في العالم، وذلك عبر الاستجابة لما تراه ضرورات وأولويات قصوى بما يضمن إرساءً للأمن والاستقرار في المنطقة.

في اللقاء الذي استمر 90 دقيقة بحسب وكالات إخبارية عالمية، أكد وزير الخارجية السعودي أن استئناف العلاقات الدبلوماسية مع إيران نقطة مفصلية للأمن بالمنطقة، مشددا على تطلع بلاده إلى تعزيز العلاقات الثنائية مع طهران.

وزير الخارجية السعودي قال إن السفارة السعودية في طهران استأنفت نشاطها، معتبرا الأمر "خطوة أخرى في تطوير العلاقات بين البلدين، وتعكس رغبة صادقة وجدية الطرفين في تنفيذ الاتفاق الذي يعود بالنفع على البلدين وشعبيهما"، مضيفا أن الرغبة صادقة وجدية لتعزيز الثقة المتبادلة بين الجانبين.

من جهته قال الوزير الإيراني في المؤتمر الصحافي إن "العلاقات بين السعودية ذات الغالبية السنية والجمهورية الإسلامية ذات الغالبية الشيعية تتخذ مسارا صحيحا"، مضيفا "نحن متأكدون أن هذه اللقاءات والتعاون سيساعد في وحدة العالم الإسلامي"، وأشار إلى أنه طرح فكرة إجراء الحوار والتعاون الإقليمي مع وزير الخارجية السعودي من دون أن يقدم مزيدا من التفاصيل.

وطبقا لمراقبين وباحثين في تاريخ العلاقة بين البلدين، فإن هذه الزيارة تحمل العديد من المؤشرات والرسائل إلى الداخل والخارج، ولعل أهمها إعادة ترتيب الملفات الإقليمية وتوازنات القوى والعلاقات على المستويين الإقليمي والدولي، لأن العلاقات السعودية الإيرانية ليست فقط علاقات ثنائية بل لها تداعيات كبيرة وصدى في ترتيبات الأوراق والتحالفات الموجودة في الأزمات والصراعات على المستويين الإقليمي والدولي.

تنظر مجموعة الأزمات الدولية إلى هذه الزيارات وإعادة فتح السفارات بين طهران والرياض، باعتبارها إجراءات مهمة لبناء الثقة بين البلدين إلا أن التقارب السعودي الإيراني لا يزال في مراحله الأولى، ولا يزال من غير الواضح تماما كيف سيتعامل الجانبان مع نقاط الخلاف العديدة بينهما، ومن الصعب معرفة ما إذا كان ذلك سيكون كافيا لحل القضايا العالقة طويلة الأمد في علاقتهما.

وما يؤكد هذا الاعتقاد "للأزمات الدولية" رأى باحثون سياسيون، أن هذا التقارب السعودي الإيراني هو تقارب تكتيكي أكثر منه تقاربا استراتيجيا على المدى الطويل، ولكنه في النهاية يخدم مصالح الدولتين على المديين القصير والمتوسط ربما، وهذا ما يتوازى ويتماشى مع المتغيرات والتحولات الإقليمية والدولية.

على سبيل المثال في الوقت الذي أبدت فيه السعودية مرونة كبيرة في عودة علاقاتها مع إيران أملا في تجاوز النقاط الخلافية ووضع حد للقضايا التي تشعل صراعات بين الطرفين وتلقي بظلالها على المنطقة، لم يستمر وقتا طويلا حتى أججت إيران ملفا خلافيا تاريخيا وأعلنت مؤخرا استعدادها بدء التنقيب في حقل "الدرة" الغازي الذي تتمسك الرياض والكويت بحقهما "الحصري" فيه، الأمر الذي جدد التوترات بين الجانبين وفتح باب السؤال عما وراء طموحات طهران في تأجيج الوضع حاليا.

لكن ما يهم المتابعين اليمنيين من هذا اللقاء هو تحقيق خطوات جادة وإيجابية في تسوية الملف اليمني، لاسيما وهذا اللقاء أتى متزامنا مع زيارة أخرى للوفد العماني إلى العاصمة صنعاء، ناقشت ثلاثة ملفات إنسانية هي الرواتب وفتح المطارات، فضلا عن فتح الطرقات بين المحافظات اليمنية.

> ثلاثة ملفات في الحقيبة العمانية

تعمل "الأمم المتحدة" إلى جانب قوى إقليمية تتقدمها السعودية لإيجاد تسوية سياسية للحرب في اليمن، خاصة في الأشهر الأخيرة التي شهدت مفاوضات متقدمة بين "الحوثيين" وممثلين عن السعودية، بشكل مباشر رافقتها تحركات دولية، خصوصا تلك التي يقوم بها المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ والمبعوث الأميركي الخاص لليمن تيم ليندركينغ، بالإضافة إلى الوسيط العماني.

وتأتي زيارة الوفد العماني في سياق هذه الجهود الساعية إلى إحياء المسار السياسي والتوقيع على اتفاق هدنة عسكرية وإنسانية بين الحكومة المعترف بها دوليا والميليشيات "الحوثية"، وما زالت سلطنة عُمان تحاول تحقيق اختراق نوعي يطوي صفحة الحرب في اليمن التي خلفت كارثة إنسانية كبيرة.

لكن المراقب للسلوك الإيراني وبالمثل السلوك الحوثي، يدرك مدى اتباعهما سياسة كسب الوقت، لتحقيق بعض المكاسب المؤقتة، ولا تأتي هذه الزيارات إلا في هذا السياق.

ففي العاصمة المختطفة صنعاء وصل الوفد العماني حاملا في حقيبته ثلاثة ملفات تندرج ضمن الملف الإنساني الذي تسعى مليشيا الحوثي استثماره سياسيا وجلب المزيد من الإيرادات، كما فعلوا من قبل مع اتفاق فتح ميناء الحديدة.

وحسب مراقبين تسعى زيارة الوفد العماني في حدها الأدنى إلى تحريك المياه الراكدة، وتجاوز التعثر والعقد في الملفات الإنسانية ذات الأولوية الملحة ومنها صرف المرتبات وإطلاق الأسرى، وفتح المطارات والموانئ والطرقات.

يرى مراقبون أن المليشيا الحوثية تستخدم الملفات الإنسانية والاقتصادية وقضية الحصار وغيرها من القضايا ذات التأثير على حياة الناس، للتأثير على مجريات الأمور ومساعي السلام وتعطيلها، فضلا عن تشتيت الأذهان والدخول في معارك جانبية، بغية إلهاء الوسطاء الدوليين والمحليين والابتعاد عن أي حلول تفضي لإيقاف الحرب.

خبراء في الشأن اليمني، لفتوا إلى أن هذا الأسلوب الذي تعتمده ميليشيات "الحوثي" يعد إحدى المناورات التي تعتمد عليها طوال السنوات الماضية، خاصة وأنها لم تصدق أبدا في الوفاء بأي عهد أو اتفاقية، لا مع الأحزاب أو القبائل أو المجتمع الدولي، فهي دائما تعتمد هذه الحيل لإعادة الأمور لمجراها الأول والدخول في مرحلة جديدة من المفاوضات للحصول على مكاسب جديدة.

كما أن هناك من يربط الزيارة للوفد العماني إلى العاصمة صنعاء والمخاوف من عودة الحرب، وأنه من السهل صناعة أجواء "إيجابية" وهذا ما يفعله الوسيط العماني، لكن ما هو المطلوب هو الخطوات الإيجابية وهذا الذي يغيب عند كل زيارة.

وترفض قيادات حوثية الربط بين هذه الزيارة إلى صنعاء وبين التزمين مع زيارة طهران إلى الرياض، وأشارت إلى عدم وجود علاقة تربط بين الزيارتين، كون ‏زيارة الخارجية الإيرانية مجدولة منذ فترة طويلة وتتعلق بعودة العلاقات بين البلدين، وهناك اتفاق إيراني سعودي بعدم إخضاع عودة العلاقة بالصراعات الأخرى في المنطقة.

لكن المحلل العسكري علي الذهب يفند هذه المزاعم على حسابه منصة (إكس) بقوله: "نتائج زيارة الوفد العماني وما سيثيره مع المتمردين بصنعاء، تعتمد بدرجة أولى على نتائج مفاوضات وزير خارجية إيران مع نظيره السعودي بالرياض، فطهران أبلغت أصدقاءها بصنعاء قبل أسبوعين، أنها تقترب أكثر من صيغة حل ترضيهم بشأن الرواتب ويبدو أن تزامن الزيارتين وثيق الصلة بذلك".

> فتور ومخاوف

من الواضح وحتى اللحظة لا تقدم يذكر في المفاوضات الأممية أو الخليجية، فالملف يشهد جمودا وتوقفا عند موضوع المرجعيات الثلاث التي تتمسك بها الحكومة المعترف بها دوليا وترفضها مليشيا الحوثي وتوقف عندها كل شيء تقريبا.

ولذلك كل ما يحدث هو هروب الحوثيين من استحقاقات التوافق على ملف دفع المرتبات وفتح الطرقات بين المحافظات، وبهذا الخصوص تماطل دون وجود نوايا حقيقية لحسم مثل هذه الملفات الإنسانية من قبلها.

ويرى كثيرون أن المحادثات تجري بشكل سري دون تسريبات عن فحواها، في الوقت الذي تتفاوت التقديرات بين المحليين السياسيين لما يمكن أن تؤول إليه هذه اللقاءات.

وعلى الرغم من وجود فتور واضح في ملف المشاورات بين السعودية وجماعة الحوثي التي وصلت في نظر البعض إلى طريق مسدود، بسبب المطالب الحوثية المرتفعة والمتعنتة التي رفضت التخلي عنها، غير أن هناك أطرافا مناوئة "للحوثيين" تخشى من أي تقدم في هذه المشاورات الذي سيكون على حساب مصالحها ونفوذها.

ففي حين تقابل الأطراف الإقليمية والمحلية المناوئة لأي اتفاق بين "صنعاء " و " الرياض" بالمزيد من الحملات الإعلامية الرافضة لهذا التقارب، تعبر مليشيا الحوثي عن هذا الفتور عبر المزيد من التهديدات بوصفهم لهذه الزيارة بأنها الأخيرة للتعامل مع ما سموها "بالمراوغات" التي استمرت طويلاً، حد زعمهم.

هذا وكانت نتائج الزيارة الأولى للوفد العماني قد توقفت في إبريل الماضي عند نقطتين: موضوع الأسرى وخزان صافر، بالإضافة إلى عدم استهداف النفط والموانئ عسكريا.

ومنذ أشهر والتحركات الدبلوماسية الدولية تدور بقيادة المبعوثين الأممي والأمريكي إلى اليمن، وبوساطة عُمانية وتهدف إلى تجديد الهدنة الإنسانية، تمهيدا لاتفاق سياسي شامل لإنهاء الصراع المستمر في البلاد منذ تسع سنوات.

المصدر: عدن الغد

كلمات دلالية: زیارة الوفد العمانی وزیر الخارجیة ملیشیا الحوثی الملف الیمنی العلاقات بین بین البلدین

إقرأ أيضاً:

المنتخب الوطني يسجل الهدف الأول في مرمى نظيره العماني

بغداد اليوم -  


مقالات مشابهة

  • الرياض: الجمعية السعودية للفنون التشكيلية (جسفت) توفر وظائف شاغرة
  • مقتل باحث إسرائيلي في جنوب لبنان.. ما الذي كان يفعله هناك؟
  • أمير المدينة المنورة يرعى لقاء شركاء النجاح الذي نظمته شركة “‫أرامكو السعودية” تحت شعار “شراكة واستدامة”
  • مدبولى يلتقي رئيس وكالة التعاون الدولي الكورية والوفد المرافق له
  • شاهد | الصاروخ الذي قصفت به السعودية “تل أبيب” .. كاريكاتير
  • ماذا فعل القضاء الإيراني مع الطالبة التي خلعت ملابسها بجامعة طهران؟
  • انتهاء الشوط الأول بتقدم المنتخب الوطني على نظيره العماني
  • المنتخب الوطني يسجل الهدف الأول في مرمى نظيره العماني
  • انعقاد الاجتماع الثاني للجنة الثلاثية السعودية الصينية الإيرانية المشتركة لمتابعة اتفاق بكين في الرياض
  • ” الرياض” تستضيف نخبة نجوم العالم في بطولة السعودية الدولية للجولف