لاشك بأن الخامات الطبيعية والتى يتضائل حجمها فى العالم بالنسبة لتعداد السكان فنحن اليوم حوالى (سبعة مليار ونصف المليار) نسمة نعيش على وجه الكرة الأرضية، هذه الخامات الطبيعية التى يستخدمها الإنسان يتضائل حجمها وكمياتها أمام الطلب عليها وأصبجت الخامات الطبيعية الداخلة فى أى صناعة من السلع الغالية الثمن والمحدود عدد مستخدميها لقدرتهم على شرائها، فمثلًا الأقمشة المصنوعة من القطن الطبيعى دون إضافات صناعية يعلوا ثمنه عن تلك المصنعة من ألياف صناعية وكذلك الأقمشة الصوفية الخالصة ناهيك عن الخشب الطبيعى والحديد، وغيرها من خامات، وتتميز كل منطقة فى العالم، بإنتاجها لخام بعينه، ونوعيته ودرجة نقاوة كل هذه العناصر تدخل فى الحياة اليومية للإنسان بعد مرورها بعمليات صناعية إما تركيبية أو تحويلية !!.


وهذا يقودنا إلى عشرينيات القرن الماضى حينما فكر الإقتصادى المصرى العظيم المرحوم "محمد طلعت باشا حرب" فى القيمة المضافة لخامة القطن المصرى وهو ما سميناه فى مصر فى مدارسنا وجامعاتنا (بالذهب الأبيض)، فكر فى "القيمة المضافة" لهذه الخامة المصرية التى جلبها محمد على باشا للبلاد (زراعة) عام 1810 تقريبًا وكانت الفكرة بإنشاء مصانع لغزل القطن ونسجه وإستتبع ذلك نهضة صناعية عظيمة فى البلاد فى صناعات الغزل والنسيج إنتشرت فى أرجاء مصر كلها من

 

المحلة الكبرى إلى شبرا الخيمة إلى الإسكندرية إلى طنطا إلى المنيا إلى سوهاج إلى بنى سويف كل الأقاليم قامت فيها صناعات قائمة على الغزل والنسيج للقطن والكتان والصوف وإستطاع طلعت حرب أن يحقق القيمة المضافة لخام القطن.
ونحن اليوم أمام خام أخر، وهو الغاز الطبيعى والذى حبانا الله به بوفرة تحت الأرض ونقوم الآن على تصدير الجزء الأكبر منه.
وإستخدامنا لصناعات البتروكيماويات على جزء بسيط منه، والأخر يمثل القيمة المضافة للخام (الغاز)، ونحن نتمنى أن تتفهم الدولة بأن الإستثمار فى إقامة مصانع "للبتروكيماويات" أسوة بما تم فى منطقة العامرية بالإسكندرية وفى منطقة "بورسعيد، ودمياط" مع وزارة البترول، وما تم فى القطاع الخاص فى شمال غرب خليج السويس، وما يتم الآن بشكل رائع مشاركة بين القطاع الخاص (النساجون الشرقيون) وهيئة البترول والشركة القابضة للغازات وكذلك إستثمار عربى وذلك بإنشاء مصنع (البولى بروبلين) فى مدينة بورسعيد.
هذه الصناعات يجب أن نهتم بها فى مخطط مصر عام 2050، فى تلك الأقاليم التى ننادى بإقامتها فى سيناء أو فى صحراوات الوادى الجديد والمدن الساحلية القربية من منابع الغاز الخام، هذه الصناعة هى التى قادت دول كثيرة كانت فقيرة وصغيرةإلى مقدمة الدول الصناعية الكبرى مثل كوريا الجنوبية واليابان وماليزيا وحتى أندونيسيا، نحن فى أشد الإحتياج للبحث مثل طلعت حرب عن "القيمة المضافة" لخاماتنا الطبيعية !!

أستاذ دكتور مهندس/ حماد عبد الله حماد
[email protected]

المصدر: بوابة الفجر

إقرأ أيضاً:

محالج مشروع الجزيرة في العصر الذهبي

محالج مشروع الجزيرة في العصر الذهبي

رجال ومنجزات (١)

بقلم صلاح الباشا

*************
إلحاقا لما نشرناه قبل عدة ايام عن رجل ذو كفاءة مهنيه ووطنية عالية المقام من اهل السودان والذي كان له الاسهام الكبير في طاقم الإدارة بمشروع الجزيرة وامتداد المناقل ألا وهو طيب الذكر والسيرة المرحوم السيد عبد المجيد عبدالرحيم والذي شغل منصب أول مدير عام لمحالج مشروع الجزيرة في مدينتي مارنجان والحصاحيصا ، فإننا يسعدنا هنا ان نتحدث عن سيرته الذاتية منذ مراحل الدراسة بالمدارس وحتي تخرجه من قسم المحاسبة لكلية غردون التذكرة ثم تتناول السيرة بداياته العملية حتي إلتحاقه بادارة المشروع والذي تقلب فيه بمختلف الوظائف بالغيط( التفاتيش) حتي وصوله الي منصب مدير عام المحالج.
ثم نتحول الي أدائه في ادارة المحالج لأن قطن مشروع الجزيرة والمناقل طويل الليلة هو الذي كان يمثل ثمانين بالمائة من صادرات السودان منذ إنشاء المشروع في العام ١٩٢٥م وحتي صدور قانون ٢٠٠٥م والذي إستبعد دور المشروع في زراعة القطن.
تقول السيرة الذاتية للسيد عبدالمجيد عبدالرحيم والتفصيل المحدد علي النحو التالي:
المرحوم/عبدالمجيد عبد الرحيم محمد النصيح (1914-1998م)
المولد: ولد عام 1914
المكان: ود مدني
الجنسية: سوداني والقبيلة(جعلي)
التعليم: الأولي – الكتّاب بود مدني
الابتدائي-
ود مدني
الثانوي –
كلية غردون من (1929-1932)
نوع الدراسة: محاسبة - تخرج في ديسمبر 1932
الخدمة: محاسب بالسكة حديد بعطبرة 1932-1936
محاسب بالمالية بالخرطوم 1937-1938
محاسب بالري بسنار 1939-1942.
عند نشوب الحرب العالمية الثانية التحق بقوة دفاع السودان كضابط مؤقت برتبة نقيب (يوزباشي) في عام 1943 و حارب في شمال أفريقيا, ليبيا, مصر ثم أريتريا.
و عند انتهاء الحرب عام 1945 عاد الي الخدمة المدنية بالمالية ثم استقال ليعمل في شركة جلاتلي هانكي 1945-1947.
ثم تركها ليعمل بالاعمال الحرة ’’مصنع صابون’’ في عام 1950.
و في فبراير 1951 التحق بخدمة مشروع الجزيرة في وظيفة مفتش غيط( مفتش زراعي) .
وفي ديسمبر 1953 نقل الى المحالج بمارنجان ليكون مفتشا بها.
و في عام 1954 تقلد مسؤولية إدارة محالج الحصاحيصا و ظل بها الى عام 1955 حيث اسندت اليه ادارة محالج الجزيرة كلها( مارنجان والحصاحيصا)
و ظل يعمل مدير عام بهذه الوظيفة الى ان تقاعد بالمعاش في العام 1969 وانتقل الي السكن بأم درمان ثم الي منزله بامتداد الدرجة الأولي بالخرطوم العمارات.
و في أوائل عام 1970 حين كان متقاعدا بالمعاش اسندت اليه ادارة مصنع الكولا بالخرطوم و ظل بهذا المصنع الى عام 1979 حيث توقف المصنع عن الانتاج.
* أما حياته العملية في مشروع الجزيرة*:
• بدأ عمله في مشروع الجزيرة عام 1951 في عدة تفاتيش (شمعون- شلّعوها- الرميتاب- ود بلّال), حيث كان على المفتش أن يمتطي الحصان في موسم الخريف و ذلك لأن الأمطار لا تسمح بسير العربات داخل الحوّاشات. فكان عليه أن يمر بحصانه حتى المساء و يواصل عمله بدون تأخير أو تكاسل أو تقاعس وذلك لمتابعة الزراعة و الري و نظافة الحوّاشات. فكان لا يرضى أن تقع زهرة قطن واحدة على الأرض, كان يعمل على جمع المحصول كله في موسم لقيط القطن.
و في المواسم الوفيرة تعطل الدراسة في المدارس و يعمل جميع التلاميذ و الطلاب و الأهالي في جمع القطن.
و أخيرا في أكتوبر عام 1965 أقام احتفالا كبيرا سمّاه بعيد القطن لأن الموسم كان ناجحا, و كانت ابنته منى (احدى التوأم) ملكة القطن.
• و في 31 مايو 1955 كتبت عنه جريدة الجزيرة و هي جريدة خاصة بالمشروع و بالعنوان الكبير((سودنة أول وحدة في مشروع الجزيرة)) وهي محلج الحصاحيصا الذي كان يشرف عليه و اجرت الصحيفة لقاءا معه و التقطت له صورا نشرت مع المقال.
إن هذا النجاح , الذي كان بمعاونة زميليه ميرغني الطيب و حسن أحمد, يمثل نقلة كبيرة في الإدارة و نجاحا غير مسبوقا في ذلك الوقت و دلالة على دقة عمله و إخلاصه. ذلك لأن العمل في المحالج فيه الكثير من التعقيدات الفنية و الإدارية لأن المحلج الواحد يعمل فيه 2200 (اثنين ألف و مئتان) عامل بينهم 500 (خمسمائة) فتاة و 230 (مئتان و ثلاثون) دولاب للحلج و 361 (ثلاثمئة و واحد و ستون) موظف من موظفين و ملاحظين و فنيين.
و هذه الإحصائيات حسب ما جاء في الجريدة. كما ذكرت الجريدة أن إتحاد المزارعين في ذلك الوقت أرسل له خطابا شكر لمجهوداته العملية و فيه كثير من الإشادة و التقدير و الثناء لهذا النجاح و الإخلاص . و ذلك يدل على أن أبناء البلد قادرون على تحمل المسؤولية و الإدارة في أعمالهم و مصالح الدولة يضعونها نصب أعينهم.
بعدها سافر في نفس العام إلى الولايات المتحدة الأمريكية لجلب آلآت و معدات للمحالج.
نتوقف هنا ونواصل بقية منجزاته في المحالج في الحلقة القادمة.
ابقوا معنا؛؛؛؛؛

abulbasha009@gmail.com

   

مقالات مشابهة

  • محالج مشروع الجزيرة في العصر الذهبي
  • د.حماد عبدالله يكتب: 21 شيئًا ستندم عليها لاحقًا !!
  • البورصة القطاع الأكثر قدرة على نقل الاقتصاد الوطنى لـ«حتة تانية»
  • د.حماد عبدالله يكتب: سمة هذا الوطن "الحــــــب"!!
  • د. عبدالله الغذامي يكتب: هل العقل رجلٌ والعاطفة امرأة؟!
  • د. يسرى عبد الله يكتب:  «الكتاب».. الحقيقة والاحتفاء
  • محمود حامد يكتب: «تاريخ أنظمة الشرطة فى مصر».. دراسة شاملة فى 15 حقبة زمنية
  • د. على التركى يكتب: الصحافة من أوراق البردى لعصر الهواتف الذكية والإعلام الرقمي
  • عادل الضوى يكتب: محصلة مواقف ورؤى ومعارك على امتداد أربعة عقود خاضها «عبدالرحيم على»