مونيكا ويليم تكتب: السعودية أولا في سياسة ترامب الخارجية.. مسارات التعاون والتطلعات المستقبلية
تاريخ النشر: 27th, January 2025 GMT
كانت المملكة العربية السعودية هي الإجابة ردا على تساؤل الصحفيين حول الوجهة الاولي الذي يخطط ترامب التوجه إليها في إطار زيارته الخارجية في حال تم ضخ استثمارات تقدر بنحو 500 مليار دولار، وذلك علي عكس المتعارف عليه في هذا الصدد حيث ان أي رئيس امريكي منتخب تكون وجهته الخارجية الأولي المكسيك أو كندا.
وقياسا على فترته الأولي، فقد استثمرت المملكة السعودية نحو 400 مليار دولار خلال فترة ترامب الأولي، فمع وصول ترامب إلى رئاسة الولايات المتحدة عام 2017، فقد ظهر تغيرا نوعيا في طبيعة العلاقة بينهما من حيث تهدئة مخاوف السعودية التي نتجت عن سياسات الرئيس أوباما في الشرق الأوسط، واصبحت المملكة أكثر اعتمادًا على واشنطن مما كانت عليه وقت أوباما ، وفي المقابل قد جعل ترامب المملكة السعودية أحد المرتكزات الأساسية لاستراتيجيته تجاه الشرق الأوسط واعتبرها شريك استراتيجي مهم للولايات المتحدة في الحفاظ على الاستقرار الإقليمي والأمن الاقتصادي العالمي.
وفي هذا الاطار، كانت هناك عدة ملامح بلورت هذا النهج تمثلت في اتخاذ ترامب خطوات لتحسين العلاقات الأمريكية السعودية كونها الوجهة الأولى لجولاته الخارجية عقب 4 أشهر فقط من توليه منصبه، وقد كانت زيارة مثمرة شهدت ثلاث اجتماعات؛ قمة أمريكية سعودية، وقمة أمريكية وخليجية برئاسة السعودية، والقمة العربية الإسلامية الأمريكية بحضور أكثر من 50 رئيس دولة عربية إسلامية التي أتاحت فرصة لترامب لمخاطبة زعماء العالم الإسلامي كما شهدت الزيارة توقيع عقد أسلحة بقيمة 110 مليارات دولار مع حزمة متابعة بقيمة 350 مليار دولار في الفترة المقبلة.
الإ ان الشواغل التاريخية لابد من أخذها في الاعتبار حيال مدي الثقة في الشريك الأمريكي، وذلك حينما سحبت الولايات المتحدة الأميركية بطاريات منظومة الدفاع الجوي "الباتريوت" من السعودية في الوقت الذي كانت السعودية تواجه فيه صواريخ الحوثيين البالستية وهو الامر الذي أدى لحالة من عدم الارتياح داخل المملكة وقوض التصورات السعودية لأميركا بأنها ضامن موثوق.
وعلي خلفية عودة ترامب في ٢٠٢٥ أفادت فايننشال تايمز بأن ولي العهد قد صرح في 24 يناير 2025 بانه مستعد لضخ استثمارات بنحو 600 مليار دولار بالولايات المتحدة وهو ما يعادل ¾ الناتج القومي السعودي علمًا بان هناك التزام بتنظيم دورة الألعاب الاوليمبية الاسيوية عام2029، وكأس العالم 2030 واكسبو 2030
ووفقًا لفورين بوليسي ستستثمر السعودية حوالي تريليون دولار في الولايات المتحدة الامريكية مقابل الأربع السنوات القادمة.
وفي الوقت نفسه يسعي ترامب لتخفيض أسعار النفط التي تعد أبرز عوائد المملكة لتمويل خطتها الاقتصادية والاستثمارية وهو ما برز في تصريحاته خلال المنتدى الاقتصادي دافوس والذي وظفه دونالد ترامب لاستعراض سياسته الخارجية، وأبرزها انهاء الحرب الروسية الأوكرانية من خلال تخفيض أسعار الطاقة
وهنا يتنامى عدة تساؤلات تتمحور في نظري في الآتي، لماذا تنتهج المملكة هذا النهج وكيف يسعي ترامب لاستثمارات سعودية ضخمة في الوقت الذي يستهدف خفض عائداتها النفطية من خلال خفض أسعار الطاقة؟
وهو ما سيحاول هذا المقال تفسيره؛ والذي يعود في تقديري إلي عدة أسباب رئيسة؟
الأول، فوفقا لمقال نشر في العربية لتحليل الصفقة الدائرة بين الولايات المتحدة والسعودية، فالمملكة بحاجة لدعم ترامب في عدة ملفات، لاسيما أن هناك عدد من الملفات التوافقية بين الجانبين والتي تسعي للمملكة لكسب الدعم الأمريكي بها.
أبرزها ملف العراق فوفقا للمساعي المعلنة لترامب فهو سيتجه لدعم سيادة العراق وبالتالي محاربة الميلشيات الإيرانية في العراق، وأيضا الملف اللبناني والذي برز أهميته لدي المملكة من تواجد وزير الخارجية السعودي.
وأيضا فيما يتعلق بالحوثيين فهناك تقارب بين وجهة النظر الامريكية والسعودية خاصة على خلفية تصريح ترامب بقطع الإمدادات اللوجستية وهنا يقتضي استذكار حادثة هجوم إيران على منشآت أرامكو النفطية في منطقة بقيق وخريص النفطيتين من خلال طائرات مسيرة في عام 14 سبتمبر 2019 ، وحينها انتظرت المملكة توجيه ضربة عسكرية انتقامية أمريكية– ولو محدودة – لإيران، إلا ان الولايات المتحدة الأميركية لم تبد أي رد فعل تجاه حماية منشآت النفط في السعودية، ويعد هذا الحدث هو الاخطر حيث أوقف نحو نصف إنتاج البلاد من النفط وقد مثلت هذه الحادثة أحد النقاط الخلافية خلال فترة ترامب الأولي وبدأت تظهر ملامح سعي السعودية لبناء شبكة من العلاقات الدولية مع الدول الكبرى مثل روسيا والصين، وتقليل الاعتماد على الولايات المتحدة التي لم تعد الشريك الأمني الأكثر موثوقية.
كما ان تصريحات ترامب الخاصة بإيران تتوافق بشكل كبير مع تصريحات المملكة وهو ما يعد الملف الرابع التوافقي والذي يشهد توحيد للرؤي بين الجانبين
وهنا يقتضي الامر ، استقراء خطاب الرئيس جو بايدن الأخير والذي حاول صياغة أبرز إنجازاته علي المستوي الخارجي في احتواءه لإيران واضعافها، وهو الأمر التي تشير التأويلات إلي عدم دقته؛ فعلي الجاب الظاهري فإيران ضعفت وهو ما يبرز من ضعف محور المقاومة الآن من حيث انهاك حزب الله من جهة، وتغيير المشهد في سوريا من جهة آخري
أما علي الجانب الفعلي ووفقاً لمؤشرات مختلفة، فأن ايران تنتهج سياسة احترازية حيث أطلقت مناورة حربية كأجراء استباقي في مواجهة التوترات مع إسرائيل وبالتزامن مع عودة ترامب إلي البيت الأبيض الذي قد يسمح لإسرائيل بمهاجمة المواقع النووية الإيرانية أو تشديد العقوبات الامريكية علي قطاع النفط الإيراني، حيث قد اشتملت المناورة التدريب علي الأنظمة الدفاعية لدرء التهديدات الجوية والصاروخية
فضلا عن ذلك وفي إطار ترقب إيران واتخاذ إجراءات احترازية، من قبيل نقل سفينتين شحن إيرانيين تحمل مكون وقود صواريخ من الصين لإيران وفي هذا الاطار لا يمكن أغفال الشراكة مع روسيا سواء علي الصعيد الاقتصادي أو العسكري.
وعلي الجانب الاخر قد انتهجت السعودية هذا النهج ردا علي توقيع روسيا اتفاقية شراكة استراتيجية شاملة تتضمن بنودها بناء منظومة دفاعية وتعزيز التعاون الاقتصادي وفي مجال الطاقة.
ختاما فأن الآفاق التعاونية الأمريكية السعودية في أعقاب عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، تبدو مرشحة لتعزيز الشراكات الاستراتيجية التي بُنيت خلال فترة رئاسته الأولى. فمن المتوقع أن تركز المرحلة المقبلة على تعميق التعاون في مجالات الاقتصاد والطاقة والأمن الإقليمي، استنادًا إلى المصالح المشتركة والرؤية المتبادلة لتعزيز الاستقرار في الشرق الأوسط. وبينما قد تواجه هذه العلاقات تحديات جديدة في ظل المتغيرات الإقليمية والدولية، فإن الإرث السياسي الذي تركته الإدارة السابقة لترامب يشكل قاعدة صلبة لبناء علاقات ثنائية، قائمة على الثقة المتبادلة والحرص على تحقيق أهداف استراتيجية تخدم مصالح الطرفين.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: ترامب الولايات المتحدة المملكة العربية السعودية المزيد الولایات المتحدة ملیار دولار وهو ما
إقرأ أيضاً:
معرض الكتاب يناقش مرتكزات سياسة مصر الخارجية في إفريقيا
نظم معرض القاهرة الدولي للكتاب، في دورته الـ56 ندوة بعنوان «مرتكزات مصر الخارجية في أفريقيا»، بمشاركة السفير إيهاب عوض، مساعد وزير الخارجية للشؤون الإفريقية، والدكتور السيد فليفل، أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بكلية الدراسات الأفريقية بجامعة القاهرة، وتدير الندوة الدكتورة الإعلامية هدى عبدالعزيز، وذلك بالقاعة الدولية بلازا 2.
وبدأت هدى عبد العزيز الندوة بالترحيب بضيوف المنصة، منوهة عن موضوع الندوة التي تتناول العلاقات الدولية، مشيرة إلى أن العلاقات الدولية بين الحضارات نشأت منذ القدم، وهناك ما يشير إلى ذلك مما تركته الحضارة المصرية القديمة.
وتحدث السفير إيهاب عوض، عن أهمية العلاقات الدولية عموما، وتاريخ العلاقات المصرية الأفريقية تعود إلى ما قبل التاريخ، وفي الخمسينات والستينات كانت مصر تقود مرحلة التحرر من الاستعمار في دول إفريقيا من أجل مصالح الشعوب التي ظلت تحت وطأة الاستعمار لسنوات طويلة، والعديد من زعماء التحرر اعتبروا مصر قبلة وقاعدة لتحرير بلادهم، كما كان في فترة الرئيس عبد الناصر احتضان لزعماء وقادة حركات الاستقلال في إفريقيا بعدة سبل بينها المنح للدارسين في مصر وهو ما ربط مصر بالقارة الإفريقية بشكل عضوي.
وأشار إلى أنه خلال عمله سفيرا في نيجيريا تعرف خلالها على مظاهر ارتباط النيجريين بمصر الذي تعلموا في الأزهر، قائلا إن الثقافة المصرية كان دور لا يقل عن الدور السياسي الذي لعبته مصر في افريقيا.
وأشار «عوض» إلى أن القارة الأفريقية تمر بظروف صعبة في الوقت الراهن ، وتواجه العديد من التحديات المتعلقة بالصحة والتعليم.
وتحدث إيهاب عوض في كلمته عما تتمتع به القارة من ثروات، قائلا وأفريقيا قارة شابة وواعدة، وستكون سوق كبير للغاية، وهي القارة التي تمتلك الاحتياطي الأهم من الطاقة التقليدية والطاقة الجديدة المتجددة، مشيرا إلى المنهج الجديد في العلاقات المصرية الأفريقية، يتطلب من مصر أن تستفيد بما تمتلكه من أدوات للتعاون مع إفريقيا، مثل مجالات الزراعة وتطوير البنية التحتية في أفريقيا، والتعليم وخاصة الأزهر، وكذلك الأمن والتعاون العسكري خاصة وأن عدد من الدول تستشعر أنها لا تمتلك جيوش قادرة للدفاع عن أنفسها ضد العصابات.
من جانبه، قال الدكتور السيد فليفل، إن مصر بمثابة الشقيقة الكبرى لقارة إفريقيا، ولا تستطيع إلا أن تنخرط انخراط الدول الفاعلة في أفريقيا.
وأضاف: «والآن مطلوب منا أن نتكاتف في ظل ظروف العالم الذي يتطور بشكل سريع»، متسائلا: كيف نملك في إفريقيا كل هذه الموارد ولا نكون في مصاف الأمم المتقدمة».
وأشار إلى أنّ الاستعمار خرج من دول القارة الأفريقية، لكنه ترك نفوذه الاقتصادي، وهذه الدول بصدد إنهاء التبعية للاستعمار.
وعن المستقبل أشار «فليفل» إلى أنّ القارة تحتاج لأن تعمل لنفسها وتتكامل مع أجزائها، موضحًا أنّ السياسة الخارجية المصرية مع التدخل في الشؤون الداخلية للدول.
وطالب بعودة التعاون مع الدول الأفريقية في عدة مجالات أولها التعليم، وعلينا تشجيع رجال الأعمال المصريين على الانخراط في تمويل مجالات التعليم والتدريب والتعاون الفني في الدول الإفريقية، قائلا: «نريد أن نجلب الدارسين من إفريقيا ليدرسوا في مصر ونوفد الباحثين إلى إفريقيا».