تاريخ العالم العربي، وتحديدا دول المشرق العربي، حتى قبل استقلال معظم دوله، كان صراعا بين عدد من القادة والدول على النفوذ الإقليمي، وصراعا على بعض الملفات الكبرى وتحديدا القضية الفلسطينية، وهذا الصراع في بعض مراحله وصل إلى حد استخدام سياسة الاغتيالات وأحيانا كانت جيوش بعض القادة الكبار تدخل عواصم دول شقيقة.
عشرات السنين مرت وهناك تحت الطاولة تنافس ساكن أو مشتعل، ولهذا لم تكن بيانات الزيارات المتبادلة بين معظم قادة دول عربية حقيقية، حيث كانت متخمة بالحديث عن العلاقات الأخوية والتعاون المشترك والتنسيق، لكن لم يكن غريبا أن نشهد بعد بيان أخوي حربا إعلامية شرسة متبادلة أو خطابا من زعيم خالد يشتم دولة شقيقة ويتهم قائدها بالخيانة، وكانت الإذاعة في جزء من هذا التاريخ هي الوسيلة الإعلامية الأهم.
ولا تقف الغرابة عند هذا لكن كان وما زال طبيعيا بعد حرب شرسة سياسيا وإعلاميا أن تطلع الشمس على مصالحة وتبادل العناق، وأحيانا نهتف بأننا شعب واحد لا شعبين، ثم بعد فترة تكون قوات كل دولة تحتشد على حدود الأخرى.
الجميع حتى الدول ذات الوزن العادي كانت تقاتل لتكون الدولة العربية المركزية في الإقليم، أو دولة ذات دور وكان هذا يدفع بعض الدول التي لا تملك أوراقا للدور الإقليمي لتقديم أثمان باهظة لكبار العالم أو كبار المنطقة من غير العرب من أجل الحصول على مكانة ولو مؤقتة أو نفوذ في ملف.
في العقدين الأخيرين هنالك تحولات في القضايا لم تلغ حالة التنافس الإقليمي بين العرب كبارا وصغارا، ورغم أن الجميع كانوا يدركون أنه لا يوجد مشروع عربي حقيقي في مواجهة القوة التركية والإيرانية والإسرائيلية، إلا أنه كان مشروعا لبعض الدول أن تعمل على احتلال مساحات للنفوذ الإقليمي، لكن بقي التنافس داخل البيت العربي قائما، والبحث أو السعي عن الدولة العربية الأقوى.
العقدين الأخيرين صنعا حالة وأوزانا جديدة وأدخلا أدوات جديدة قديمة مثل الإعلام وأدواته المختلفة، وبعد سقوط بعض الدول والأنظمة الكبيرة أو غرق دول في أزمات داخلية بحيث غابت عنها القدرة عن لعب أي دور حقيقي خارج حدوده، وخاصة إذا كانت الأزمات في مجال الاقتصاد والإرهاب، فهذا كفيل بأخذ أي دولة إلى انكفاء داخلي ربما لا يصل بها إلى حلول لهذه الأزمات.
كل ما كان خلال العقدين الأخيرين وضع قانونا بأن الدولة الأقوى هي التي لديها معادلة استقرار داخلي معقولة سياسيا واقتصاديا، وهي الدولة التي تملك قنوات تواصل حقيقي وبمصداقية مع مواطنيها، وهي الدولة التي لا تخاف أن تذهب إلى فوضى أمنية أو سياسية في أي لحظة، وهي الدولة التي لديها قيادة ما تزال تستطيع التأثير على مواطنيها إن تحدثت أو إذا تبنت إجراء في أي مجال.
الدولة الأقوى هي التي ما تزال دولة أي مرجع ومظلة للناس وتحفظ مصالحها، ليس بالأمن والجيش فقط، بل بالحكمة والسياسة وحسن التصرف.
عقود التنافس أو الصراع العربي على النفوذ الإقليمي منذ الأربعينيات وإلى اليوم صراع داخل الصحن العربي، والدليل أن غير العرب ترتفع قيمتهم الدولية والإقليمية على حساب أرض العرب ومقدراتهم وحتى سيادة بعض دولهم.
الغد
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه احتلال إيران احتلال تركيا الوطن العربي مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة تكنولوجيا سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة هی الدولة
إقرأ أيضاً:
نصر عبده: الأمن العربي جزء لا يتجزأ من الأمن القومي المصري
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
قال الكاتب الصحفي نصر عبده، إن من الثوابت المصرية أن الأمن العربي جزء لا يتجزأ من الأمن القومي المصري والعكس صحيح، فما يحدث في أي دولة عربية يهم ويمس مصر وما يحدث في مصر يمس ويهم أي دولة عربية، ودائما ما تدفع مصر بهذا الثابت للدول العربية.
الأمن القومي العربي واحد والتجارب أمامنا تؤكد ذلكوأضاف «عبده»، خلال لقائه ببرنامج "مصر كل يوم"، المذاع عبر فضائية "مصر"، أن كل دولة عربية إذا ما اعتقدت هذا الاعتقاد وسارت على هذا النهج ستهتم بالأمن القومي المصري مثل الأمن القومي لكل دولة، متابعًا: "النتيجة استقرار الأمن القومي العربي، النتائج من حالة الاتحاد أن الأمن القومي العربي واحد، والتجارب أمامنا تؤكد ذلك، وعلينا أن نتعلم من التاريخ والتجارب، ولدينا تجارب حية".
وأوضح أن الأمن الغذائي جزء أساسي من الأمن القومي، ووزارة الزراعة المصرية كانت في وقت من الأوقات تُسمى وزارة الأمن الغذائي، متابعًا: "لو مفيش أكل متستناش مني أي حاجة، ممكن أعمل أي حاجة عشان أحصل على الأكل، مواطن بلا طعام تنتظر منه أي شيء يؤثر على الأمن القومي".
مشروع توشكى نموذج للمشروع المثالي للأمن الغذائي
وأكد أن مشروع توشكى نموذج للمشروع المثالي للأمن الغذائي، فهي كانت أرض لم يكن يحلم أحد أن يكون فيها هذه الأعمال والمحاصيل المزروعة، معقبًا: "بالفعل أنا أنبهرت بما رأيته في توشكي، وفيها كثير من النماذج من الاستثمارات العربية مثل الإمارات والسعودية وكثير من الدول العربية".
وأشار إلى أن هناك محاصيل وكيان يُدار بحكمة في توشكي، معقبًا: "موسم القمح العام الماضي تم توريد رقم لم يحدث قبل ذلك لصالح وزارة التموين"، منوهًا بأنه يُمكن أن يتم التوسع في المشروعات المشابهة لتوشكى، فمصر لديها الأراضي يمكن للدول العربية الاستثمار في المجال الزراعي والاستفادة من المميزات التي وضعتها الدولة المصرية.