ليلة تكريم جميلة مطرَّزة بالوفاء والإخاء
تاريخ النشر: 27th, January 2025 GMT
لطالما كنت سابقاً ولاحقاً معجبة بقسم اللغة العربية في تعليم الطائف، فقد ضم القسم خلال سنوات نخبةً من المشرفات، كن وما زلن على مستوى رفيع من المسؤولية والإخلاص والعطاء، كما أنهن حسب معرفتي بكثيرات منهن، شغوفات باللغة العربية أيما شغف. وبالطبع التميز في الأداء يأتي دائماً مع الشغف، كان من الأقسام التي يشار لها فخراً واحتراماً.
وفي ليلة كانت من أجمل الليالي، حضرت الخميس الماضي حفل تكريم مجموعة من مشرفات اللغة العربية تلبية لدعوة وصلتني من رئيسة القسم سابقاً الأستاذة والأخت الغالية ( ليلى البكري). تميز الحفل بجودة التنظيم والرقي والدقة في تفاصيله. الحفل كان خاصاً باللغة العربية فقط، وكانت آليته تعكس شخصيات هؤلاء المشرفات حيث اتفقن اتفاقاً أخوياً عملياً ناطقاً بالوفاء، اتفقن على أن يتم تكريم من يتقاعدن من القسم كل عام أو عامين حسب التنظيم المتبع، ولم يكن الحفل بسيطاً، بل كان جميلاً منظماً فيه من البذل في القاعة والضيافة والهدايا ما يفوق بعض الحفلات الرسمية.
ساد الحفل تناغم عجيب بين المجموعة، وتوافق وتقدير (ما شاء الله) لدى منسوبات القسم السابقات واللاحقات قاعدة مهمة وهي أن المشاركة مفتوحة للقسم عموماً فمن حق أي مشرفة جديدة أن تدخل ضمن منظومة التكريم الجميلة هذه، أعتقد ليس هناك قسم يشابه اللغة العربية. ألقت الأستاذة ليلى عن زميلاتها المنظمات كلمة الحفل، رحبت بالجميع، وأبانت الود والإخاء، وشكرت الترابط والجهود والأثر الذي بقي ساطعاً نتيجة العمل بروح الفريق بعيداً عن الأنا والأنانية، فريق كل همه المصلحة العامة، وخدمة اللغة العربية.
كانت كلمة ضافية ناطقة بقوة اللغة العربية وتميزها بين اللغات بدأتها بأبيات شعرية من نظمها خاصة للمناسبة، ثم قامت الأستاذة الشاعرة صاحبة الدواوين (أميرة الصبياني) بإلقاء قصيدة عبرت فيها عن الحفل والزميلات، ثم توالت عبارات الشكر في أبيات وكلمات من المكرمات وهن ( الدكتورة فاطمه الخماش والأستاذات: حصة القثامي، فاطمه العتيبي، فاطمه الجعيد، لطيفه الثمالي ، عبير القعيطي ومسفرة الزهراني).
كثير من المكرمات والحضور، تشرفت بالتعامل معهن بشكل ما، وكم أسعدتني رؤية المشرفتين ( نعيمه القصير ونوير الحارثي) حيث كنا نعمل معاً في الثانوية السابعة من أصدق وأعظم معلمات اللغة العربية، كانت اللغة العربية عندهما ليست عمل مع الطالبات، بل هي واجب ديني ووطني وإنساني، كانتا تتقبلان عدد الحصص، بل وتطلبان المزيد حتى لو وصل ل(٢٧) حصة.
مثل هاتين المعلمتين كيف يطويهما النسيان؟ لست وحدي من أذكرهما، بل كذلك الطالبات اللواتي مررن في رحلتهما يذكرنهما، وأذكر كم تألمت كمديرة للمدرسة من خسارتهما حين تم ترشيحهما كمشرفتين، لكنني لم أستطع الوقوف في طريق ذلك، لأن الفائدة ستكون أكبر بتأثيرهما في معلمات في الميدان، ولن أتمكن من وصف سعادتي برؤيتهما ورؤية العديد من المشرفات اللواتي ربطتني بهن علاقات ود واحترام وإعجاب بالقدرات التي بذلنها في اللغة العربية وغيرها من المجالات، رئيسات قسم اللغة العربية منذ أن تمت السعودة للرئيسات هن :( الأستاذة مزينة الغالبي تقاعدت ومازال أثرها حاضراً في نفوس مشرفات القسم اللواتي عايشن فترة رئاستها ، الأستاذة ليلى البكري ( تقاعدت وهي الشاعرة المشرفة على الحفل المبهر وهي من المفتونين باللغة العربية ولها قيمة كبيرة بين زميلاتها ، الأستاذه هاجر الحارثي والتي هي الآن على رأس العمل تتمتع بشخصية محبوبة راقية متألقة مؤثرة جداً في مجالها ).
بارك الله فيهن جميعاً وفي عمرهن وعملهن، تحية إجلال وإكبار أهديها للداعيات في الحفل والمنظمات له ولقسم اللغة العربية سابقاً ولاحقاً وعلى رأسهن الأخت ليلى البكري التي أسعدتني بلقاء مع كوكبة فخر واعتزاز كنت ومازلت أراهن مشاعل تضئ طريق التعثر والتخبط في لغة الطرح الهزيلة، حقيقة نماذج تعلمت بجهد وحب، وعملت بإخلاص وشغف، ثم تقاعدت بشرف وسمو، وقد أدت الرسالة الأعظم على الإطلاق وهي رسالة(التعليم) وفقهن الله، ولابد من وقفة هامة بل وربما هي الأهم أهديها لوزارة التعليم ولإدارات التعليم تخص هدر القدرات والكفاءات عمداً. ألا يمكن التوقف عن منح التقاعد لمن لازال عطاؤهن بلا حدود لمن لهن الأثر والقدرة على التأثير؟ المؤثرات من المتقاعدات في اللغة العربية خسارة عظيمة هن بالفعل بيت خبرة ومنابع قوة يستفاد من تدفق معلوماتهن ووسائل تقويمهن للاعوجاج الذي بدأ يطال الحروف. لابد أن تعيد الوزارة وإدارات التعليم النظر في القدرات المتسربة و(الهاربة) وسؤالهن لما أصبحت البيئة طاردة للكفاءات؟ فبقاء مشرف قوي يخلق صفاً من المعلمين الأقوياء، وبقاء معلم قوي يخلق جيلاً مبدعاً. الكفاءات تستحق التمسك بها ولو تقاعدت، الحرص على الاستفادة من خبرتهم ودمتم. (اللهم زد بلادي عزاً ومجداً وزدني بها عشقاً وفخراً).
almethag@
المصدر: صحيفة البلاد
كلمات دلالية: اللغة العربیة
إقرأ أيضاً:
“موارد الترجمة الآلية بين اللغة العربية والإنجليزية” جديد مركز جامعة مصر للنشر
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
صدر حديثا عن مركز جامعة مصر للنشر كتاب “موارد الترجمة الآلية بين اللغة العربية والإنجليزية” للكاتب الدكتور محمد مجدي لبيب، مدرس الدراسات اللغوية والخبير في مجال حوسبة اللغة ومعالجة اللغات الطبيعية.
والكتاب عبارة عن دراسة لغوية حاسوبية تسعى لتحسين مخرجات الترجمة الآلية بين اللغة العربية واللغة الإنجليزية ورفع كفاءة تعامل الآلة مع اللغات الطبيعية خصوصا اللغة العربية من خلال الاستفادة من إمكانات الذكاء الاصطناعي، وهي دراسة بينية تتنوع محاورها بين عدة مجالات منها حوسبة اللغة ومعالجة اللغات الطبيعية والإحصاء اللغوي والترجمة الآلية، حيث يفتح آفاقًا جديدة أمام الباحثين والمهتمين بهذه المجالات.
وقوة الدِّراسة التي يقدمها هذا الكتابُ وتأثيره في مجال معالجة اللُّغات الطبيعيَّة خصوصَّا التَّرجمة الآليَّة، نابعة من كونها دراسة لغويَّة في المقام الأول، وأنها وضعت منهجيَّة علميَّة واضحة لتحسين مخرجات التَّرجمة الآليَّة بين اللُّغتين العربيَّة والإنجليزيَّة، وهو ما يفتح البابَ على مصرعيه أمام الباحثين اللُّغويين لخوض غمار مجال "الحوسبة اللُّغويَّة" أو "اللِّسانيَّات الحاسوبيَّة"؛ إذ استطاع الباحثُ بناء نموذج يمكن السيرُ على نهجه لتحسين مخرجات التَّرجمة الآليَّة بين لغتين، أيَّا كانت طبيعتهما.
والكتابُ يعدُّ مرجعًا مهمًّا للباحثين في مجال معالجة اللُّغات الطبيعيَّة وتوظيف الذَّكاء الاصطناعيّ في خدمتها؛ إذ إنه يقدِّم دراسةً علميَّةً جديدة نسبيًّا في العالم العربيّ، ويمهدُ الطَّريقَ أمام الباحثين العرب لاقتحام مجال خصب، له مستقبل واعد في ظلِّ التَّطوُّر التُّكنولوجي الحاصل حول العالم، فالباحثُ استطاعَ أن يدمجَ بين الإمكانات اليدويَّة والطَّاقات الآليَّة لتحقيق الهدف المنشود، فنجد أنَّ الدِّراسةَ قد حظيت بكم كبير من الأدوات وإجراءات الرَّصد لاستخراج الفروق بين التَّرجمة الآليَّة والتَّرجمة البشريَّة؛ لمحاولة حصر المشكلات وعلاجها، وبالرَّغم من وجود ذخائر لُغويَّة ومعاجم كثيرة سواء ثنائيَّة أو مصطلحيَّة، بيد أنَّ اللُّغةَ متجددةٌ وتحتاجُ إلى أن تعملَ هذه الآليَّة باستمرار، وتحدث إضافة مستمرة لهذه الذخائر والمعاجم.
كما أنَّ الدِّراسةَ لم تكتفِ بحصرِ مشكلات التَّرجمة الآليَّة بين العربيَّة والإنجليزيَّة، بل كان الهدفُ الأول منها هو وضع منهجيَّة لاستخراج المشكلات بأقل جهد وأكثر كفاءة ممكنة، والاستفادة من الأدوات والتقنيات المتاحة لحلِّ تلك المشكلات، وهو ما ركزت عليه الدِّراسةُ عند استخدامها أداة قياس نسبة التَّشابه الدِّلالي بين أزواج الجمل (Semantic similarity) الملحقة بحزمة تقنيات (BERT) المقدَّمة من شركة (Google)، بل إن الباحثَ لم يُقْصِرْ عملَه على الاستفادة من هذه التقنية فقط، لكنه تناولها بالدِّراسة العميقة، ووقَف على بعض الإخفاقات فيها عند التَّعامل مع اللُّغة العربيَّة، وقدَّم موردًا لُغويًّا يسهمُ في تحسين مخرجات تلك التقنية مستقبلًا، وهو ما يعدُّ واحدًا من مواضع قوة الدِّراسة وتميزها.
ومما ميَّز الدِّراسة أنها وظَّفت الإحصاءَ اللُّغويَّ لتوصيف البيانات والنتائج تلمُّسًا للدِّقة والوضوح في رصد المعلومات وتوصيف النَّتائج.
وبالتوازي، استخدم المحللات الصَّرفيَّة والمعنونات الآليَّة وتقنيات المحاذاة لمعالجة نصوص المدوَّنة لغويًّا واستخلاص المعلومات اللُّغويَّة التي يمكن الاستفادةُ منها في تحسين مخرجات التَّرجمة الآليَّة ورفع كفاءتها.
ونظرا للاهتمام بمثل هذه الدراسات، فقد صدر الكتاب بتقديم كل من الدكتور محسن رشوان، الأستاذ بكلية الهندسة جامعة القاهرة، الخبير بمجمع اللغة العربية، والحاصل على جائزة جائزة مجمع الملك سلمان للُّغة العربيَّة، في تخصص حوسبة اللُّغة العربيَّة وخدمتها بالتقنيات الحديثة، والدكتور المعتز باللغة السعيد، الأستاذ بجامعة القاهرة، والخبير بمجال حوسبة اللغة ومعالجة اللغات الطبيعية.