استحوذت تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب بترحيل سكان قطاع غزة إلى دول الجوار على اهتمام سياسي بالغ، إذ تأتي بعد أسبوع من اتفاق وقف إطلاق النار بغزة بين إسرائيل وحركات المقاومة الفلسطينية في القطاع.

ووصف الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية مصطفى البرغوثي تصريحات ترامب بأنها خطيرة ودعوة للتطهير العرقي، مشيرا إلى أن ترامب يريد بالضغوط السياسية تنفيذ ما فشل به رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال الحرب.

واعتبر البرغوثي أن ما قاله ترامب يتشابه تماما مع خطة نتنياهو القاضية بترحيل الفلسطينيين في غزة، وردا على توقعات بعض السياسيين الذين قالوا إن ترامب أطلق تصريحاته بين المزاح والجد أكد البرغوثي أن مصائر الشعوب ليست موضوعا للمزاح.

بدورها نقلت القناة 12 الإسرائيلية عن مصادر إسرائيلية "رفيعة المستوى" قولها إن "تصريح ترامب ليس زلة لسان، بل جزء من تحرك أوسع مما يبدو، ومخطط يجري تداوله في البيت الأبيض ووزارة الخارجية الأميركية"، بينما لا يخفي وزراء اليمين الإسرائيلي المتطرف تأييدهم لفكرة تهجير الشعب الفلسطيني من غزة بشكل جماعي.

وكان ترامب قد أدلى بتصريحاته المثيرة للجدل السبت الماضي بينما كان على متن طائرته في رحلة داخلية، حيث أبلغ الصحفيين أنه أبلغ العاهل الأردني عبد الله الثاني خلال اتصال هاتفي برغبته بقيام الأردن باستضافة فلسطينيين من غزة، كما أكد عزمه طلب الأمر ذاته من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.

إعلان

بدوره، يرى الكاتب المختص بالشأن الإسرائيلي إيهاب جبارين أن تصريحات ترامب تصب تماما ضمن مخطط إسرائيلي، مشيرا في هذا الإطار إلى تصريحات سابقة لوزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش قبل السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.

ووفق جبارين، فإن سموتريتش يقود لوبيا حقيقيا داخل الولايات المتحدة، وقال يومها إن أمام الفلسطينيين 3 حلول وهي: الرحيل أو القتل أو الخضوع لـ"الفوقية اليهودية".

من جانبه، اعتبر المسؤول السابق بوزارة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط توماس واريك أن تصريحات ترامب تندرج في سياق جس النبض.

وأعرب المسؤول الأميركي السابق عن قناعته بأنه لا توجد أي إمكانية لتطبيق فكرة طرد وتهجير الفلسطينيين من غزة.

ترامب ونتنياهو

وبشأن الأسباب التي دفعت ترامب لإجبار إسرائيل على وقف إطلاق النار بغزة، قال البرغوثي إن الرئيس الأميركي يريد تهدئة المنطقة، وإخراج إسرائيل من أزمتها ووقف خسائرها العسكرية والاقتصادية.

لكن البرغوثي يرى أن توجه ترامب لا يتعارض مع مشاريع إسرائيل لضم الضفة، مستدلا بالعملية العسكرية الإسرائيلية الجارية في جنين شمال الضفة.

ومع ذلك شدد المتحدث نفسه على قدرة الفلسطينيين على إفشال هذا المخطط كما أفشلوا "صفقة القرن" خلال الولاية الرئاسية الأولى لترامب، مشيرا إلى أهمية وجود قيادة فلسطينية موحدة لإفشال التطهير العرقي، ومخطط ضم الضفة الغربية المحتلة.

ونبه جبارين إلى وجود خطاب سياسي واحد تقريبا داخل إسرائيل في ظل غياب أي التزام أخلاقي بحق الفلسطينيين بشأن تقرير مصيرهم.

في المقابل، عمل نتنياهو منذ الهدنة الإنسانية في نوفمبر/تشرين الأول 2023 على التفاوض على سياسات الخروج من الاتفاق مع حماس، وتفجير الألغام في مراحله المختلفة، وفق جبارين.

"ابتزاز سياسي"

ووصف البرغوثي رفض مصر والأردن لفكرة ترامب بأنه أمر منطقي، لأنها تمس أمنهما القومي بشكل مباشر، لكنه شدد على ضرورة اتخاذ موقف عربي وإسلامي قوي وواضح.

إعلان

وأعرب عن قناعته بأن حديث الإدارة الأميركية عن دمار غزة وربط إعادة إعمارها بتهجير سكانها يندرج في سياق "ابتزاز الفلسطينيين لفرض ترتيبات سياسية عليهم"، وخلص إلى أن عودة نازحي غزة إلى الشمال تعني فشل هدف نتنياهو بالتطهير العرقي.

بدوره، اعتبر واريك الرفض الأردني للفكرة منطقيا متوقعا ردا مصريا مماثلا، لكنه أشار إلى أن مستشاري ترامب شددوا على ضرورة ألا يكون لحماس أي دور مستقبلي في حكم غزة.

وقال إن واشنطن تعتزم دراسة مساعداتها المالية لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) وربطها بالمستقبل السياسي لغزة.

ورفض اعتبار ترامب مستثمرا عقاريا، معتبرا أن صهره جاريد كوشنر هو من أقنع الرئيس الأميركي بأن غزة لديها إمكانيات كبيرة بسبب موقعها شرق المتوسط.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات

إقرأ أيضاً:

تصريحات ترامب بشأن ترحيل الغزيين تشعل المنصات غضبا وريبة

وخلال حديث صحفي استمر 20 دقيقة من داخل طائرته الرئاسية "إير فورس وان" وصف ترامب قطاع غزة بأنه موقع "هدم" يموت فيه الناس، مقترحا التعاون مع دول عربية لبناء مساكن في مواقع مختلفة ونقل السكان إليها بشكل مؤقت أو طويل الأمد.

وأشار ترامب إلى اتصاله بالملك الأردني عبد الله الثاني، طالبا منه استقبال المزيد من الفلسطينيين نظرا لحالة "الفوضى الحقيقية" في غزة.

وأكدت وكالة الأنباء الأردنية الرسمية (بترا) حدوث المكالمة، دون الإشارة إلى مسألة نقل الفلسطينيين، علما بأن المملكة تستضيف حاليا أكثر من مليونين و400 ألف لاجئ فلسطيني مسجل، وفقا للأمم المتحدة.

ولم يقتصر مقترح ترامب على الأردن، إذ أعرب عن رغبته في أن "تستقبل مصر أشخاصا أيضا"، مؤكدا عزمه التحدث مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بهذا الشأن اليوم.

"الجهاد" تدين

وأثارت تصريحات ترامب ردود فعل متباينة، إذ رحب الوزير الإسرائيلي السابق إيتمار بن غفير بالمقترح، داعيا عبر منصة "إكس" إلى تنفيذ مقترح "قائد أكبر قوة في العالم" وتشجيع "الهجرة الطوعية".

في المقابل، أدانت حركة الجهاد الإسلامي المقترح، معتبرة إياه تشجيعا على "مواصلة ارتكاب جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية بإجبار شعبنا على الرحيل عن أرضه".

إعلان

وأبرزت حلقة 2025/1/26 من برنامج "شبكات" تغريدات بعض النشطاء الذين أجمعوا فيها على رفض مقترح ترامب نقل سكان غزة، وتباينت تحليلاتهم بشأن الأهداف الحقيقية وراء المقترح.

ووفقا لرأي الناشط عقيل ضيف الله، فإن المقترح امتداد لمحاولات فاشلة سابقة لترحيل أهل غزة، وغرد قائلا "عجزوا عن ترحيل أبناء غزة من ديارهم تحت القصف والقتل والدمار، ويعملون على إخراجهم بحجة إعادة الإعمار، إن خرجوا فلن يعودوا".

تجميد المساعدات

ويتفق المغرد سليمان عقيل مع تحليل ضيف الله، مستنكرا ادعاء ترامب الحرص على سكان غزة، وغرد متسائلا "ترامب الحنون الكيوت خايف على أهل غزة يشوفوها مدمرة، كسرت قلوبنا بحنيتك يا رجل، ما خفت على أهل غزة من أصوات القصف والطيران؟ ما سمحتوا للمرضى يخرجوا للعلاج وهلا بدكم تهجروهم برا أرضهم".

ومن زاوية أخرى، لفت الناشط علي مارد الأسدي إلى البعد السياسي للمقترح، وغرد قائلا "هذا يعني أن ترامب يلوح بقطع المساعدات المالية والاقتصادية والعسكرية عن مصر والأردن في حال عدم الاستجابة لطلبه".

أما المغرد ناصر يوسف فيربط المقترح بسيناريو أوسع يتضمن "اجتياح غزة، وستشتعل الحرب مجددا بعد تحرير أسرى الكيان لدى المقاومة"، وأكمل موضحا فكرته "سواء وافقت دول الجوار على طلب ترامب أو رفضت فإنه تحصيل حاصل".

وكانت وزارة الخارجية الأميركية قررت يوم الجمعة الماضي تجميد التمويل الجديد لجميع برامج المساعدات الأميركية تقريبا في مختلف أنحاء العالم، باستثناء السماح باستمرار برامج الغذاء الإنسانية والمساعدات العسكرية لإسرائيل ومصر.

من جهة أخرى، أنهى ترامب الحظر الذي فرضه سلفه جو بايدن على إرسال قنابل إلى إسرائيل تزن ألفي رطل قادرة على اختراق طبقات سميكة من الخرسانة، وعندما سئل عن سبب رفع الحظر قال "لأنهم اشتروها".

26/1/2025

مقالات مشابهة

  • اتحاد القبائل والعائلات المصرية يدين تصريحات ترامب بشأن تهجير الفلسطينيين
  • ألمانيا تُبدي رفضها لترحيل الفلسطينيين من غزة
  • نائبة: تصريحات ترامب بشأن مخطط تهجير الفلسطينيين تقوض جهود التسوية العادلة
  • رد ناري من أحمد موسى على تصريحات ترامب.. مواقف الرئيس السيسي من مخطط تهجير الفلسطينيين إلى سيناء.. بشرى بشأن أسعار السلع قبل شهر رمضان| توك شو
  • خبير سياسي: تصريحات ترامب بشأن تهجير الفلسطينيين تنتهك السيادة الدولية
  • الحرية: تصريحات ترامب بشأن مخطط تهجير الفلسطينيين خرقا صارخاً لمبادئ القانون الدولي
  • تصريحات ترامب بشأن ترحيل الغزيين تشعل المنصات غضبا وريبة
  • البرغوثي: تهديدات إسرائيل لن تمنع الفلسطينيين من العودة لمنازلهم
  • البرغوثي: مشاهد غزة أظهرت وحدة الفلسطينيين وفشل نتنياهو