رأسمالية الحرب والسكن والاسترباح
تاريخ النشر: 21st, August 2023 GMT
اصيب الكثير منا بالصدمة من الممارسات الاستغلالية التي أصبحت شائعة بعد اندلاع الحرب. يعبر هذا الاستغلال عن نفسه عندما يبدأ المالكون في فرض أسعار عالية للغاية على السلع والخدمات التي يقدمونها مثل الإيجار وأسعار السلع والخدمات الأخرى.
في بعض الحالات، يمكن تبرير الزيادة في بعض الأسعار جزئيًا، وليس كاملا، بارتفاع تكلفة المدخلات مثل الوقود وقطع الغيار وتكلفة الصيانة وارتفاع المخاطر الاقتصادية والأمنية.
لكن الاستغلال المفرط يسفر عن وجهه في الزيادة الفلكية في معدل إيجارات المنازل والشقق. في بعض الحالات، عقار قديم, متهالك, مثير للشفقة وغير صالح للاستخدام البشري يمكن أن يكلف استئجاره راتب ستة من خريجي الجامعات.
يظل هذا التربح وصمة عار قبيحة ولكنه لا يختزل الشعب السوداني ولا يعمينا عن الكرم والتضامن الذي اظهره الشعب السوداني في خضم هذه الحرب الرعناء.
ومع ذلك، لا يملك المؤمنون برأسمالية السوق النيوليبرالية غير المقيدة أي مصداقية لإدانة هذا النوع من التربح من الحرب لأنه يقوم على منطق وعمل السوق الرأسمالي الذي يؤمنون به كعقيدة أصولية.
بعبارة أخرى، لا يوجد فرق نوعي بين السياسات الاقتصادية التي بدأت مع معتز موسى وتضخمت إلى أقصى الحدود في عهد حكومة ما بعد البشير الانتقالية. يهدف هذا الجنس من السياسات الاقتصادية إلى تحرير الأسواق بحيث يتم تحديد الأسعار حسب العرض والطلب سواء كان ذلك سعر العملة الأجنبية أو الإيجار أو الرعاية الطبية أو أي شيء.
إن كل ما فعله أصحاب العقارات الذين حصدوا أسعارًا عالية الاستغلال هو تطبيق منطق السوق الذي روجت له الحكومة الانتقالية بترك الأسعار لتحددها أحوال العرض والطلب في مجال الإسكان. واستجاب المالكون والأسواق الحرة كما يستجيبون دائمًا: بتغيير الأسعار لموائمة الطلب مع العرض حتى يتوازن سوق العقار فحدس ما حدس.
أي شخص يشعر بأن معدلات الإيجار الاستغلالية هي شكل من أشكال أكل لحوم البشر يجب علىه أن ينتهز هذه الفرصة ليدرك أن رأسمالية السوق بلا قيود تضعها الحكومة هي كانبالية اكل لحوم بشر بدرجات مختلفة وأقنعة مختلفة.
ولا يوجد فرق جوهري بين صاحب المنزل الذي يتقاضى رسومًا زائدة عن ايجار منزله والمحامي المحترف أو الطبيب أو لاعب كرة القدم الذي يتقاضى أسعارا زائدة عن خدماته.
معدلات الإيجار المرتفعة تفتقد العقلانية تماما كما تفتقدها التفاوتات في الدخل والمرتبات التي تعود المجتمع علي قبولها بعد غسيل مخ نيوليبرالي مكثف لعقود في حين ان هكذا تباينات في الواقع نتاج شرطي للسوق الرأسمالية اللاعقلانية غير المنطقية.
بمعني آخر, وبحجة محامي الشيطان, يمكن لصاحب المنزل الذي قام بتأجير خرابته بألاف الدولارات ان يبرر فعله بانه لو اصيب بالمرض غدا فردا من أسرته قد يطلب المستوصف العلاجي الاف الدولارت في اليوم. ما الفرق؟ ولماذا على ان اقبل عائدا منخفضا علي ما املك ثم ادفع رسوما مرتفعة لعلاج وتعليم أبنائي وقد يموت عزيز لدي إذا عجزت عن توفير تكلفة العلاج؟
بعبارة اخري لا يستقيم منطقا واخلاقا ادانة تماسيح العقارات ثم الذهول عن منطق السوق النيوليبرالي غير المقيد الذي بشرت به الحكومة الانتقالية وسابقتها. ولا يجوز قبول منطق السوق الحر ورفض نتائجه المنطقية.
وما الفرق بين اهتبالي فرصة تاريخية اتاحها الدهر لي وبين المهني أو السياسي الذي لم يتردد يوما في استغلال صدف تاريخية وهندسة ايديلوجية وضعته في مركز مميز في سوق العمل؟
ان التفاوت في الدخول حسب اللا-منطق الرأسمالي هو نفسه في كل الحالات. صحيح ان الحرب ظرف استثنائي لكن قانون العرض والطلب هو نفسه في الحر والبرد.
مدخل للخروج كما يقول المسغفين????????: أثبتت هذه الحرب وأزمة الإيجارات التي ولّدتها الأهمية القصوى لمبادرة السكن اللائق التي أطلقتها مجموعة من المهنيات والناشطين بالذات لان السكن عادة هو اكبر عبء علي ميزانية أي اسرة مالكة ام مستأجرة. ولكن المبادرة لم تجد الرواج اللازم لأسباب عديدة منها الأولويات الخطأ في كتاب المانحين شذاذ الآفاق ولكن هذه قضية نتركها ليوم آخر.
معتصم اقرع
معتصم اقرع
المصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
«أبو الغيط»: منطق تهجير الشعب الفلسطيني أمر مرفوض
قال أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، إن قمة اليوم حدث هام في تاريخ القضية الفلسطينية، مشيرا إلى أنه لا يصح أن يتعرض الشعب الفلسطيني للظلم من جديد.
وأضاف أبو الغيط، في كلمته أمام القمة العربية الطارئة، نقلتها قناة «القاهرة الإخبارية»، أن الإبقاء على نظام الاحتلال لن يجلب سوى استقرار هش ووقتي، لافتا: نحن أمام واقع مؤلم للفلسطينيين الذين فقدوا كل سبيل للعيش الطبيعي.
وتابع أبو الغيط، أن إعمار غزة أمر ممكن ببقاء أهلها على أرضهم، منوها بأنه لا ينبغي تهديد السلام بالمنطقة بمشروعات غير واقعية.
وأكد الأمين العام لجامعة الدول العربية، أن منطق تهجير الشعب الفلسطيني أمر مرفوض ولن يؤدي إلى تحقيق السلام، مشددا على أن السلام الحقيقي لن يأتي إلا عبر حل الدولتين.
وتتمثل الأولوية الرئيسية للقمة العربية في توضيح الموقف العربي تجاه دعوات ترامب، خاصة في ظل المحاولات الرامية إلى تصدير رؤية خاطئة مفادها أن رفض المقترح الأمريكي يقتصر على دولتين فقط، هما مصر والأردن، إلا أن هذه الادعاءات تتعارض مع الواقع، حيث سبق أن أعرب عدد كبير من البلدان عن الرفض العلني لمقترحات التهجير في العديد من المواقف والمحافل الدولية.
وتتمحور الأولوية الثانية حول وضع أطُر لمقترح عربي يهدف إلى إعادة إعمار القطاع، مع الحفاظ على وجود سكانه الأصليين، بعيدًا عن النهج التقليدي الذي تتبناه القوى العالمية الكبرى في مثل هذه الحالات.
وتسعى مصر بالتعاون مع شركائها في المنطقة العربية، إلى إدخال مفهوم تنموي في عملية إعادة الإعمار، يهدف إلى ضمان حياة كريمة ومستدامة لسكان القطاع.
اقرأ أيضاً«الرئيس السيسي»: القدس ليست مجرد مدينة بل رمز لهويتنا وقضيتنا