الجزيرة:
2025-04-27@18:45:48 GMT

جغرافيا سياسية جديدة وتحالف جديد: دمشق-بغداد-أنقرة

تاريخ النشر: 26th, January 2025 GMT

جغرافيا سياسية جديدة وتحالف جديد: دمشق-بغداد-أنقرة

 

أنقرة- أثار توقيع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان 27 اتفاقية خلال زيارته لبغداد في مارس/آذار 2024 اهتمامًا كبيرًا في المنطقة. وكانت الاتفاقيات المتعلقة بالأمن ومشروع طريق التنمية أكثر ما حظي بأهمية إقليمية ودولية على حد سواء.

تشير المعلومات إلى أن الولايات المتحدة وإيران وإسرائيل لم تكن راضية عن هذا التقارب وتتابعه بِحذر شديد.

لكن اللافت أن هذه الزيارة جرت قبل انطلاق آخر معركة في الثورة السورية. أما الآن، فقد تشكّلت موازين جيوسياسة جديدة مما زاد من أهمية زيارة وزير الخارجية التركي هاكان فيدان إلى بغداد.

في بغداد، التقى فيدان بالرئيس العراقي وجميع كبار المسؤولين مما يعكس أهمية هذه الزيارة من وجهة نظر القيادة العراقية. وتسعى تركيا الآن إلى إعادة ترتيب علاقاتها مع دول المنطقة مستفيدة من مكانتها ونفوذها اللذين اكتسبتهما بعد الثورة السورية.

وزير الخارجية التركي هاكان فيدان: نولي اهتماما كبيرا بالتواصل بين #العراق والسلطات الجديدة في #سوريا pic.twitter.com/jV1SioRFhU

— الجزيرة سوريا (@AJA_Syria) January 26, 2025

عبر سوريا

كانت الملفات التي حملها وزير الخارجية التركي هاكان فيدان معه إلى بغداد في الواقع مطروحة على الطاولة منذ فترة، لكنها تُناقش هذه المرّة في سياق مختلف نتيجة التحولات الجيوسياسية الجديدة.

إعلان

وتشير التقارير إلى أن زيارة فيدان قد تحمل تطوّرًا مهمًا بشأن مشروع "طريق التنمية" الذي يُعتبر بالغ الأهمية للمنطقة بعد التغيّرات في النظام السوري. ومن المتوقّع أن يشهد المشروع تغييرًا في مساره ليشمل سوريا.

ووفقًا لمصادر في أنقرة، قد تنضم سوريا إلى المشروع الذي تُنفذه تركيا والعراق والإمارات وقطر بشكل مشترك. ومن المتوقع أن يبدأ طريق التنمية من ميناء الفاو العراقي مرورًا ببغداد ليتجه غربًا ويرتبط بالطريق السريع إم 5 في سوريا. وعلى هذا المسار، يمكن للطريق أن يصل إلى دير الزور ومنها إلى حلب، ثم يدخل تركيا عبر غازي عنتاب وهاتاي، مما يتيح الوصول إلى موانئ البحر المتوسط والربط البري بأوروبا.

تنظر أنقرة بإيجابية إلى هذا التغيير في المسار لأنه سيقلل التكاليف ويختصر الوقت ويسهم في إعادة إعمار سوريا.

أما بغداد، فيُعتقد أنها قد ترحّب أيضًا بهذا المسار الجديد بسبب مخاوفها المتعلقة بالتكاليف العالية، ومشاكلها العالقة مع إقليم كردستان العراق، هذا بالإضافة إلى التحديات الأمنية في الشمال.

كان مشروع طريق التنمية من النقاط الرئيسية في محادثات هاكان فيدان مع الحكومة العراقية، حيث تولي حكومة محمد شياع السوداني أهمية كبرى لهذا المشروع وترى أنه سيؤثّر بشكل كبير على تنمية العراق ومستقبله وعلاقاته مع أوروبا.

مع ذلك، يواجه السوداني تحديات داخلية كبيرة أبرزها العلاقات مع إيران. وتخشى إيران، التي فقدت نفوذها في سوريا بعد الثورة، تكرار سيناريو سوريا في العراق وتسعى للحفاظ على علاقات قوية مع بغداد. لكن يبدو أن حكومة السوداني لا تشارك إيران نفس الرؤية، حيث يُثار داخل العراق نقاش حول سعي البلاد للوقوف كدولة مستقلة بعيدًا عن تأثير إيران أو الولايات المتحدة أو حتى تركيا.

 

من بين الملفات المهمة التي تضمنتها زيارة وزير الخارجية التركي هاكان فيدان إلى بغداد ملف إعادة تنظيم العلاقات بين العراق وسوريا (رويترز) تحالف ثلاثي

من بين الملفات الأخرى المهمة التي تضمنتها زيارة وزير الخارجية التركي هاكان فيدان إلى بغداد ملف إعادة تنظيم العلاقات بين العراق وسوريا الذي يحتل مكانة مهمة. فبعد الثورة السورية، أخرجت دمشق النفوذ الإيراني بالكامل من أراضيها، وعلى الرغم من الطابع الشيعي للحكومة العراقية، فإن دمشق تعبر عن رغبتها المستمرة في إقامة علاقة بناءة مع الحكومة العراقية.

إعلان

شهدت العلاقات بين البلدين خطوات إيجابية تُظهر نيات حسنة من الجانبين. فقد سلّم العراق جنود النظام السابق الفارّين إلى الحكومة السورية وامتنع عن السماح لقوات الحشد الشعبي باجتياز الحدود أثناء الثورة. في المقابل، كان ردّ دمشق حساسًا تجاه مكافحة تنظيم الدولة واعتمدت خطابًا دقيقًا في تعاملها مع الحكومة العراقية.

تسعى تركيا خلال هذه الزيارة إلى طرح فكرة تحالف جديد. وتعمل إدارة الرئيس رجب طيّب أردوغان على إقامة شراكة إستراتيجية ثلاثية تجمع أنقرة ودمشق وبغداد. ومن المتوقّع أن يتم توقيع اتفاقيّة شبيهة باتفاقية التعاون الأمني والاقتصادي التي أبرمتها أنقرة وبغداد، مع سوريا أيضًا، بعد استقرار النظام فيها بشكل رسمي.

وتشير المصادر الدبلوماسية في أنقرة إلى أن الدول الثلاث، التي تربطها حدود طويلة ومصالح متشابكة، قد تتجه نحو تشكيل هيكل تحالف جديد يشمل التعاون في مجالات الأمن الإستراتيجي والتنمية والاقتصاد. لكن هناك عقبات رئيسية تعترض هذا التحالف المحتمل أبرزها وجود تنظيم حزب العمال الكردستاني (بي كيه كيه) في شمال سوريا والعراق، والنفوذ الإيراني في العراق، والخلافات بين الحكومة المركزية في بغداد وإقليم كردستان، بالإضافة إلى الوجود الأميركي في منطقة روجافا السورية.

تعتقد أنقرة أن لديها القدرة على تجاوز هذه التحديات من خلال علاقاتها القوية مع إدارة بارزاني في كردستان العراق، والاستفادة من العلاقة الشخصية الوثيقة بين أردوغان والرئيس الأميركي دونالد ترامب.

وإذا نجح تشكيل مثلث تحالف بين أنقرة ودمشق وبغداد، فقد يكون لذلك تأثير إيجابي على دول أخرى في المنطقة مثل لبنان والأردن ودول الخليج العربي.

عملية عسكرية

ومنذ اندلاع الثورة السورية، سعت تركيا إلى القضاء على وجود تنظيم حزب العمال الكردستاني (بي كيه كيه) في منطقة روجافا داخل سوريا.

إعلان

وفي هذا السياق، أجرت أنقرة استعدادات عسكرية مكثفة، وهي تظل في حالة تأهّب في انتظار الفرصة المناسبة. والجديد أن الإدارة السورية الجديدة تدعم مطلب تركيا في هذا الشأن، وهو ما يعكس توافقًا بين الطرفين حول هذه القضية.

وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد طلب من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تأجيل تنفيذ العملية العسكرية أثناء فترة رئاسته، وهو ما دفع أنقرة إلى تعليق العملية لفترة مؤقتة. مع ذلك، يواصل أردوغان تأكيد أن تركيا لن تتردّد في تنفيذ العملية إذا لم يلق التنظيم سلاحه.

وتشير مصادر أمنية في أنقرة إلى أن أحد المواضيع الرئيسية في زيارة وزير الخارجية هاكان فيدان إلى بغداد كان وجود التنظيم "الإرهابي" في كل من العراق وسوريا. مع ذلك، أكدت المصادر أن تركيا لم تطلب دعمًا عسكريًا من الحكومة العراقية لتنفيذ العملية في منطقة روجافا، إذ لا ترى أنقرة حاجة إلى ذلك.

أكمل الجيش التركي جميع الاستعدادات العسكرية، ولا ينتظر سوى القرار السياسي للبدء في العملية. ويُذكر أن تركيا تنفذ بالفعل عمليات محدودة في مناطق مثل منبج وعين العرب (كوباني) من وقت لآخر، لكن العملية الكبرى متوقفة على قرار الرئيس أردوغان.

كما يُتوقع أن يبدأ أردوغان قريبًا استخدام مصطلح "منطقة خالية من الإرهاب" بدلًا من سياسة "تركيا خالية من الإرهاب" التي كان يروج لها في الفترة الماضية. ويُعتبر التحالف بين أنقرة ودمشق وبغداد عنصرًا محوريًا لتحقيق هذا الهدف، إذ يمكن أن يسهم بشكل كبير في القضاء على التهديدات الإرهابية وإعادة الاستقرار إلى المنطقة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات

إقرأ أيضاً:

بلطجة سياسية جديدة.. ترامب يسقط من ذاكرة التاريخ على أبواب السويس وبنما

في زمن تصاعد الشعبوية السياسية وتحول البلطجة إلى نهج دولي، يخرج دونالد ترامب بتصريحات فجة تدعو إلى عبور السفن الأميركية قناتي السويس وبنما مجانًا، في سقوط مدوٍّ عن فهم التاريخ والسيادة الدولية، تصريحات تعيد إلى الأذهان أسوأ حقب الاستعمار القديم، وتكشف وجه الإمبريالية الجديدة بلا أقنعة. في هذا المقال، يتم تسليط الضوء على هذه السقطة التاريخية، ناقدًا بحدة سياسة الهيمنة الجديدة في عالم فقد توازنه.

في واحدة من أسوأ سقطاته السياسية، فاجأ الرئيس الأميركي دونالد ترامب العالم بتصريح يدعو إلى السماح للسفن العسكرية والتجارية الأميركية بالمرور مجانًا عبر قناتي السويس وبنما، في تجاهل فجّ ليس فقط للسيادة الوطنية للدول، بل وللحقائق التاريخية التي لا يملك ترامب أدنى دراية بها.

ترامب الذي كلّف وزير خارجيته بهذا الملف، بدا كمن سقط من صفحات التاريخ، متصورًا أن العالم لا يزال محكومًا بسياسة 'المدافع والبوارج.

ترامب الذي اعتقد أن منطق القوة وحده قادر على إعادة تشكيل موازين العالم، لا يعي أن هذه السياسات قد عفا عليها الزمن، تصريحاته كشفت عن عمق الأزمة الأخلاقية والسياسية التي تعيشها الشعبوية السياسية اليوم، حيث تحكم العالم مفاهيم جديدة، لا تختلف كثيرًا عن قانون الغاب، تصريحات ترامب لم تكن مجرد زلة لسان، بل تجسيد لمنهجية سياسية خطيرة تعيد إنتاج منطق الاستعمار بثوب أكثر قبحًا.

حين كانت الإمبراطوريتان الفرنسية والبريطانية تتنازعان النفوذ أثناء حفر قناة السويس في القرن التاسع عشر، لم يكن للولايات المتحدة دور يذكر سوى المشاهدة من بعيد.أما اليوم، فقد أصبحت واشنطن، بقيادة أصوات مثل ترامب، تسعى لإحياء نزعة "الإمبريالية الجديدة"، تفرض الضرائب والإتاوات، وتتعامل مع الممرات الدولية كما لو كانت ملكية خاصة تخضع لمزاج السادة الجدد.

في عالم فقد إيقاع احترام سيادة الدول، وسقطت فيه معايير النظام الدولي القديم، يظهر ترامب كرمز لهذه الحقبة المظلمة.

إن ترامب، في محاولته التسلط على الممرات البحرية العالمية، قد تجاهل تمامًا القيم التي قامت عليها منظومة العلاقات الدولية الحديثة. التصريحات التي خرجت عن الإدارة الأميركية لم تكن مجرد خطأ دبلوماسي، بل تجسيد للهيمنة المطلقة التي تروج لها الأنظمة الشعبوية، تلك التي تظن أن القوة العسكرية يمكن أن تحل مكان الدبلوماسية، وأن ابتزاز الدول هو الحل في عصر العولمة.

سياسة الإدارة الأميركية الجديدة لم تعد تكتفي بفرض الضرائب والرسوم، بل تجاوزتها إلى فرض الإتاوات على الدول.

إن تصريحات ترامب، رغم كل سذاجتها الظاهرة، تكشف عن عقلية سلطوية غائبة عن التقدير السليم لحقوق السيادة الوطنية، وتكاد أن تعيد العالم إلى زمن "البلطجة السياسية" حيث يتم فرض التوازن بالقوة والعنف، وتطوى صفحات الأعراف الدولية.

التاريخ لا يرحم، فكما سقطت قوى غطرسة سابقة تحت وطأة الشعوب، سيسقط هذا النمط من البلطجة مهما طال الزمن. "لكن التاريخ لا يرحم. فكما سقطت قوى غطرسة سابقة تحت وطأة الشعوب، سيسقط هذا النمط من البلطجة مهما طال الزمن." تصريحات ترامب ليست مجرد سقطة فردية، بل نذير بانفجار قادم في النظام العالمي، ستدفع ثمنه القوى التي تحسب أن العالم صامت إلى الأبد.

في زمن تصاعد الشعبوية السياسية، أصبحت البلطجة السياسية سيدة الموقف، والأمر الواقع يتم فرضه بالقوة.

نهايةً، تصرفات ترامب تضعنا أمام سؤال جوهري: هل نحن أمام بداية حقبة جديدة من التسلط الدولي تحت مسميات "الحماية" و"المصالح المشتركة"، أم أن هذا النوع من البلطجة السياسية سيواجه معارضة قوية من القوى التي تؤمن بحق الشعوب في تقرير مصيرها وفي احترام سيادتها؟

مقالات مشابهة

  • بلطجة سياسية جديدة.. ترامب يسقط من ذاكرة التاريخ على أبواب السويس وبنما
  • مصدر مطلع:تركيا تشترط على حزب طالباني بغلق كافة مقرات حزب الـpkk مقابل رفع الحظر عن مطار السليمانية
  • العراق يتحرك لإعادة تشغيل خط أنابيب النفط عبر سوريا إلى موانئ المتوسط
  • العراق يهدي سوريا أكثر من 200 ألف طن من القمح في لفتة تضامنية كبيرة
  • غزل عراقي سوري.. زيارة "أمنية" إلى دمشق
  • غزل عراقي سوري.. زيارة "أمنية" إلى دمشق
  • دمشق تغلق الأجواء السورية أمام الطيران التركي
  • وفد عراقي في دمشق للبحث في التعاون الأمني والتجاري    
  • باحث إسرائيلي النفوذ التركي في سوريا خبر سيئ للاحتلال.. على حساب مصالحنا
  • أحمد ياسر يكتب: مثلث التوترات (إسرائيل - سوريا - تركيا)