جغرافيا سياسية جديدة وتحالف جديد: دمشق-بغداد-أنقرة
تاريخ النشر: 26th, January 2025 GMT
أنقرة- أثار توقيع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان 27 اتفاقية خلال زيارته لبغداد في مارس/آذار 2024 اهتمامًا كبيرًا في المنطقة. وكانت الاتفاقيات المتعلقة بالأمن ومشروع طريق التنمية أكثر ما حظي بأهمية إقليمية ودولية على حد سواء.
تشير المعلومات إلى أن الولايات المتحدة وإيران وإسرائيل لم تكن راضية عن هذا التقارب وتتابعه بِحذر شديد.
في بغداد، التقى فيدان بالرئيس العراقي وجميع كبار المسؤولين مما يعكس أهمية هذه الزيارة من وجهة نظر القيادة العراقية. وتسعى تركيا الآن إلى إعادة ترتيب علاقاتها مع دول المنطقة مستفيدة من مكانتها ونفوذها اللذين اكتسبتهما بعد الثورة السورية.
وزير الخارجية التركي هاكان فيدان: نولي اهتماما كبيرا بالتواصل بين #العراق والسلطات الجديدة في #سوريا pic.twitter.com/jV1SioRFhU
— الجزيرة سوريا (@AJA_Syria) January 26, 2025
عبر سورياكانت الملفات التي حملها وزير الخارجية التركي هاكان فيدان معه إلى بغداد في الواقع مطروحة على الطاولة منذ فترة، لكنها تُناقش هذه المرّة في سياق مختلف نتيجة التحولات الجيوسياسية الجديدة.
إعلانوتشير التقارير إلى أن زيارة فيدان قد تحمل تطوّرًا مهمًا بشأن مشروع "طريق التنمية" الذي يُعتبر بالغ الأهمية للمنطقة بعد التغيّرات في النظام السوري. ومن المتوقّع أن يشهد المشروع تغييرًا في مساره ليشمل سوريا.
ووفقًا لمصادر في أنقرة، قد تنضم سوريا إلى المشروع الذي تُنفذه تركيا والعراق والإمارات وقطر بشكل مشترك. ومن المتوقع أن يبدأ طريق التنمية من ميناء الفاو العراقي مرورًا ببغداد ليتجه غربًا ويرتبط بالطريق السريع إم 5 في سوريا. وعلى هذا المسار، يمكن للطريق أن يصل إلى دير الزور ومنها إلى حلب، ثم يدخل تركيا عبر غازي عنتاب وهاتاي، مما يتيح الوصول إلى موانئ البحر المتوسط والربط البري بأوروبا.
تنظر أنقرة بإيجابية إلى هذا التغيير في المسار لأنه سيقلل التكاليف ويختصر الوقت ويسهم في إعادة إعمار سوريا.
أما بغداد، فيُعتقد أنها قد ترحّب أيضًا بهذا المسار الجديد بسبب مخاوفها المتعلقة بالتكاليف العالية، ومشاكلها العالقة مع إقليم كردستان العراق، هذا بالإضافة إلى التحديات الأمنية في الشمال.
كان مشروع طريق التنمية من النقاط الرئيسية في محادثات هاكان فيدان مع الحكومة العراقية، حيث تولي حكومة محمد شياع السوداني أهمية كبرى لهذا المشروع وترى أنه سيؤثّر بشكل كبير على تنمية العراق ومستقبله وعلاقاته مع أوروبا.
مع ذلك، يواجه السوداني تحديات داخلية كبيرة أبرزها العلاقات مع إيران. وتخشى إيران، التي فقدت نفوذها في سوريا بعد الثورة، تكرار سيناريو سوريا في العراق وتسعى للحفاظ على علاقات قوية مع بغداد. لكن يبدو أن حكومة السوداني لا تشارك إيران نفس الرؤية، حيث يُثار داخل العراق نقاش حول سعي البلاد للوقوف كدولة مستقلة بعيدًا عن تأثير إيران أو الولايات المتحدة أو حتى تركيا.
من بين الملفات الأخرى المهمة التي تضمنتها زيارة وزير الخارجية التركي هاكان فيدان إلى بغداد ملف إعادة تنظيم العلاقات بين العراق وسوريا الذي يحتل مكانة مهمة. فبعد الثورة السورية، أخرجت دمشق النفوذ الإيراني بالكامل من أراضيها، وعلى الرغم من الطابع الشيعي للحكومة العراقية، فإن دمشق تعبر عن رغبتها المستمرة في إقامة علاقة بناءة مع الحكومة العراقية.
إعلانشهدت العلاقات بين البلدين خطوات إيجابية تُظهر نيات حسنة من الجانبين. فقد سلّم العراق جنود النظام السابق الفارّين إلى الحكومة السورية وامتنع عن السماح لقوات الحشد الشعبي باجتياز الحدود أثناء الثورة. في المقابل، كان ردّ دمشق حساسًا تجاه مكافحة تنظيم الدولة واعتمدت خطابًا دقيقًا في تعاملها مع الحكومة العراقية.
تسعى تركيا خلال هذه الزيارة إلى طرح فكرة تحالف جديد. وتعمل إدارة الرئيس رجب طيّب أردوغان على إقامة شراكة إستراتيجية ثلاثية تجمع أنقرة ودمشق وبغداد. ومن المتوقّع أن يتم توقيع اتفاقيّة شبيهة باتفاقية التعاون الأمني والاقتصادي التي أبرمتها أنقرة وبغداد، مع سوريا أيضًا، بعد استقرار النظام فيها بشكل رسمي.
وتشير المصادر الدبلوماسية في أنقرة إلى أن الدول الثلاث، التي تربطها حدود طويلة ومصالح متشابكة، قد تتجه نحو تشكيل هيكل تحالف جديد يشمل التعاون في مجالات الأمن الإستراتيجي والتنمية والاقتصاد. لكن هناك عقبات رئيسية تعترض هذا التحالف المحتمل أبرزها وجود تنظيم حزب العمال الكردستاني (بي كيه كيه) في شمال سوريا والعراق، والنفوذ الإيراني في العراق، والخلافات بين الحكومة المركزية في بغداد وإقليم كردستان، بالإضافة إلى الوجود الأميركي في منطقة روجافا السورية.
تعتقد أنقرة أن لديها القدرة على تجاوز هذه التحديات من خلال علاقاتها القوية مع إدارة بارزاني في كردستان العراق، والاستفادة من العلاقة الشخصية الوثيقة بين أردوغان والرئيس الأميركي دونالد ترامب.
وإذا نجح تشكيل مثلث تحالف بين أنقرة ودمشق وبغداد، فقد يكون لذلك تأثير إيجابي على دول أخرى في المنطقة مثل لبنان والأردن ودول الخليج العربي.
عملية عسكرية
ومنذ اندلاع الثورة السورية، سعت تركيا إلى القضاء على وجود تنظيم حزب العمال الكردستاني (بي كيه كيه) في منطقة روجافا داخل سوريا.
إعلانوفي هذا السياق، أجرت أنقرة استعدادات عسكرية مكثفة، وهي تظل في حالة تأهّب في انتظار الفرصة المناسبة. والجديد أن الإدارة السورية الجديدة تدعم مطلب تركيا في هذا الشأن، وهو ما يعكس توافقًا بين الطرفين حول هذه القضية.
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد طلب من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تأجيل تنفيذ العملية العسكرية أثناء فترة رئاسته، وهو ما دفع أنقرة إلى تعليق العملية لفترة مؤقتة. مع ذلك، يواصل أردوغان تأكيد أن تركيا لن تتردّد في تنفيذ العملية إذا لم يلق التنظيم سلاحه.
وتشير مصادر أمنية في أنقرة إلى أن أحد المواضيع الرئيسية في زيارة وزير الخارجية هاكان فيدان إلى بغداد كان وجود التنظيم "الإرهابي" في كل من العراق وسوريا. مع ذلك، أكدت المصادر أن تركيا لم تطلب دعمًا عسكريًا من الحكومة العراقية لتنفيذ العملية في منطقة روجافا، إذ لا ترى أنقرة حاجة إلى ذلك.
أكمل الجيش التركي جميع الاستعدادات العسكرية، ولا ينتظر سوى القرار السياسي للبدء في العملية. ويُذكر أن تركيا تنفذ بالفعل عمليات محدودة في مناطق مثل منبج وعين العرب (كوباني) من وقت لآخر، لكن العملية الكبرى متوقفة على قرار الرئيس أردوغان.
كما يُتوقع أن يبدأ أردوغان قريبًا استخدام مصطلح "منطقة خالية من الإرهاب" بدلًا من سياسة "تركيا خالية من الإرهاب" التي كان يروج لها في الفترة الماضية. ويُعتبر التحالف بين أنقرة ودمشق وبغداد عنصرًا محوريًا لتحقيق هذا الهدف، إذ يمكن أن يسهم بشكل كبير في القضاء على التهديدات الإرهابية وإعادة الاستقرار إلى المنطقة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات
إقرأ أيضاً:
فيدان: الاتحاد الأوروبي يرفض عضوية تركيا لأنها دولة مسلمة!
أنقرة (زمان التركية) – أشاد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان بمجموعة البريكس التي حصلت تركيا على عضويتها مؤخرًا، وانتقد في المقابل استمرار تجميد مباحثات عضوية تركيا في الاتحاد الأوروبي، وأرجع السبب إلى كون تركيا “دولة مسلمة”.
وقال الوزير فيدان خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الروسي سيرغي لافروف في أنقرة: ”كما تعلمون، لدينا مغامرة طويلة الأمد في العضوية مع الاتحاد الأوروبي، الذي يقع بجوارنا مباشرة وهو مؤسسي تمامًا. ومع ذلك، على الرغم من عدم التعبير عن ذلك علانية في السنوات الأخيرة، فقد تجمدت مفاوضات العضوية في مرحلة ما بسبب سياسات الهوية التي يتبعها الاتحاد الأوروبي وعدم ارتياحهم لضم دولة مسلمة كبيرة إلى حظيرتهم. وعلى عكس الاتحاد الأوروبي، فإن تركيبة بريكس أكثر شمولاً“.
وذكر فيدان أنه لا أحد يقول هذا الكلام علانية، ولكن هذا هو الوضع الحالي.
وأوقف الاتحاد الأوروبي مباحثات انضمام تركيا إلى الكتلة الأوروبية، عقب محاولة انقلاب 2016 وتطبيق حالة الطوارئ التي تسببت في زيادة حالات القمع والانتهاكات.
وتطرق فيدان أيضا إلى قضية التعاون مع مجموعة البريكس (البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا)، لافتا إلى أهمية حضور تركيا على منصات مختلفة من أجل تعزيز مكانتها في النظام الاقتصادي العالمي.
وأكد فيدان أن العلاقات التجارية المتوازنة مع أوروبا مستمرة، مشيرا أيضا إلى أنه لم يكن هناك أي عرض للعضوية في مجموعة البريكس التي تأسست بقيادة روسيا بمشاركة تركيا.
وقال فيدان، الذي أشاد بمجموعة البريكس ضد الاتحاد الأوروبي في تصريحاته: “على عكس الاتحاد الأوروبي، فإن تكوين مجموعة البريكس شامل للغاية. حيث نرى دولاً من كل لون وكل دين وكل ثقافة وكل حضارة تتجمع معًا… المسلمون والمسيحيون والهندوس والبوذيون؛ السود والبيض… كل الناس والحضارات تحاول خلق منصة هنا. وآمل أن يتطور هنا أيضًا نهج اقتصادي مؤسسي وشامل”.
Tags: الأتحاد الأوروبيالبريكستركياروسياعضوية تركيا في الاتحاد الأوروبيفيدانلافروفهاكان فيدان