ترامب وإيران.. الواقعية السياسية قابلة للاستثمار “نووياً”
تاريخ النشر: 26th, January 2025 GMT
26 يناير، 2025
بغداد/المسلة:
محمد صالح صدقيان
كنتُ واحداً من المُتحمسين لفوز المرشح الجمهوري دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية الأخيرة، إستناداً إلى فرضية انخراطه السريع في مفاوضات نووية محتملة مع إيران لحل ملفها برمته، خصوصاً وأن سلفه جو بايدن أظهر ضعفاً كبيراً في مقاربة معظم الملفات الخارجية وإدارتها.
لنأخذ الملف الإيراني على سبيل المثال لا الحصر؛ كان جو بايدن يتقدم خطوة ويتراجع خطوتين إلى الوراء، برغم أن العودة إلى “الاتفاق النووي” كانت في صلب البرنامج الانتخابي لولايته اليتيمة؛ وكذا الأمر مع باقي الملفات ومنها حرب غزة حيث زار وزير خارجيته أنطوني بلينكن منطقة الشرق الأوسط أكثر من 12 مرة لكنه فشل ـ وغيره من الموفدين الأمريكيين ـ في تنفيذ وقف النار علی الرغم من موافقة حركة حماس علی الخطة التي طُرحت منذ ربيع العام 2024 وشكّلت ركيزة لقرار وقف النار الذي فرضته إدارة ترامب بعد أقل من أسبوع من دخول الرئيس العائد إلى البيت الأبيض في مطلع العام 2025.
ولا يختلف إثنان في إيران على أن كلاً من الحزبين الديموقراطي والجمهوري عملا من خلال العقوبات وباقي “الضغوط القصوى” على مواجهة إيران منذ العام 1980؛ إلا أن كل “فنون المواجهة”، وبعضها لا مثيل له في التاريخ، لم تؤدِ إلى نتيجة حاسمة.. وثمة قناعة عند العديد من الخبراء الإيرانيين بأن “الاتفاق النووي” لو تم التوقيع عليه في عهد الجمهوريين، لن يجرأ الديموقراطيون على الانسحاب منه كما فعل الرئيس الجمهوري دونالد ترامب؛ ولذلك فإن أي اتفاق محتمل يمكن أن يتم التوقيع عليه بين الرئيس الأمريكي الحالي والقيادة الإيرانية يُمكن التعويل عليه حتی وإن استدعی الامر توفير ضمانات متبادلة؛ أو أن ينال موافقة الكونغرس فإنه الأخير لن يتردد في إعطاء مثل هذه الضمانات التي طالبت بها طهران لكن بايدن رفض توفيرها، استناداً للسلوك المتردد وعدم امتلاكه الشجاعة الكافية لاتخاذ هكذا قرارات.
لا أريد أن أصطف الی جانب الرئيس ترامب وأدعم جميع توجهاته؛ لكن المؤشرات التي تلقتها طهران قبل دخول ترامب إلى البيت الابيض كانت مشجعة في مقابل مؤشرات مشجعة أيضاً أرسلتها طهران عبر الترويكا الأوروبية أو عبر وسطاء آخرين أو عبر تصريحات أطلقها الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان بالتعبير عن رغبته بفتح مفاوضات “مباشرة” مع الولايات المتحدة من أجل تسوية المشاكل العالقة بين الطرفين وصولاً إلى رفع العقوبات الإقتصادية المفروضة علی إيران.
أنا أتفهم طبيعة العلاقة الشائكة والمعقدة بين طهران وواشنطن والمستمرة منذ أكثر من 70 عاماً والتي لا يمكن حلها بين ليلة وأخرى؛ كما أن طبيعة العقوبات المفروضة علی إيران لا يمكن أن تُرفع بهذه البساطة بسبب تعقيد القوانين الأمريكية المرتبطة بهذا الشأن خصوصاً تلك التي تفرضها وزارة الخزانة الأمريكية والتي يحتاج رفعها إلى موافقة الكونغرس؛ إلا أن الإرادة السياسية إذا ما توافرت عند الإدارة الأمريكية الجديدة يُمكن تلمس مسارات ومقاربات للحل؛ وبالتالي ثمة مؤشرات صدرت من الفريق المحيط بالرئيس ترامب تدفع بالمشهد لأن يكون متفائلاً في السعي لايجاد حل لهذه الأزمة المزمنة.
لقد أعطت التطورات التي نشأت إثر السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 انطباعات جديدة للجانبين الأمريكي والإيراني بضرورة وضع مقاربات جديدة لأن مصالح الجانبين لا يُمكن أن تتعرض لتطورات مشابهة كما أن الوقوف إلی جانب الكيان الإسرائيلي في تهديداته وتصوراته الاقليمية لا يُمكن أن يضمن ويحمي الأمن القومي الأمريكي في الإقليم.
أما في إيران، فما يزال الاصطفاف قائماً بين مؤيد ومعارض للدخول في مفاوضات مع الجانب الأمريكي. ففي الوقت الذي تری الأوساط القريبة من الحكومة الإيرانية أن الوقت قد حان للدخول مع واشنطن في مفاوضات مباشرة تضمن رفع العقوبات وازالة المخاوف التي نشأت دولياً عن تمسك إيران ببرنامجها النووي؛ في حين ما يزال فريق آخر في القيادة الإيرانية يری أن المفاوضات سوف تُدخل إيران في نفق مظلم لا طائلة منه وستكون النتيجة المزيد من ابتزاز إيران وحشرها في زاوية حرجة لتحجيمها وحصرها في حدودها الأربعة لا حول لها ولا قوة.
وبين هذا وذاك يقف الملف الإيراني منتظراً اكتمال المشهد الأمريكي الذي يتأثر بعديد العوامل والتطورات ولربما أاكثرها أهمية هو استحقاق 25 تشرين الأول/أكتوبر القادم، تاريخ انقضاء عمر “الاتفاق النووي” الموقع عام 2015؛ ومدی رغبة الرئيس ترامب بتفعيل آلية “سناب باك” الواردة في “الاتفاق النووي” التي تؤهلها لعودة كافة العقوبات التي أصدرها مجلس الأمن الدولي.
واللافت للانتباه أن الرئيس ترامب أبعد ثلاث شخصيات معادية جداً لطهران من فريقه الجديد كانت تعمل معه سابقاً: الأولی، جون بولتون مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق الذي كان أبعده في ولايته الأولی. الشخصية الثانية هي وزير الخارجية السابق مايك بومبيو. الثالثة هي المبعوث الأميركي الخاص بإيران براين هوك، الذي كان يقود الخط المتشدد تجاه طهران في ولاية ترامب الأولى. هذا لا يعني أن من عيّنهم ترامب في الخارجية ومستشارية الأمن القومي هم من الحمائم؛ علی العكس هم من صقور الصقور؛ لكن هذه المؤشرات ربما تُعطي انطباعاً إيجابياً لفتح باب المفاوضات خصوصاً اذا ما تم الدخول إليها من أبوابها الطبيعية المؤثرة.
ما زلت أعتقد أن منصة سلطنة عُمان التي عملت علی انجاز الاتفاق النووي عام 2015 تمتلك من المؤهلات والسياقات راهناً ما يجعلها الأقدر على ترتيب الأبواب المناسبة خصوصاً أن طهران اتخذت قرارها بالدخول في المفاوضات بشكل مباشر لجعل المفاوضات جادة ومفيدة ومثمرة.
وإذا كان صحيحاً أن ترامب صاحب “الصفقات الكبری”، فالصحيح أيضاً أن إيران تجيد إبرام مثل هذه الصفقات شريطة أن تتلقی مؤشرات أكثر وضوحاً تتحرك بواقعية علی الأرض وليس من “كوكب آخر”.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author زينSee author's posts
المصدر: المسلة
كلمات دلالية: الاتفاق النووی الرئیس ترامب مکن أن
إقرأ أيضاً:
هل تسير إيران نحو مواجهة محتومة مع ترامب وما هي أوراق المقاومة؟
نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، تقريرا، أعده أندرو إنغلاند، ونجمة بزرجمهر، تساءلا فيه عن إيران وإن كانت في مواجهة مع الغرب أو تقترب منها. مبرزين أنّ: "الوقت ينفذ بين الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب المتقلّب، والمرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية، آية الله علي خامنئي الذي لا يثق بالغرب من حدوث مواجهة خطيرة وقريبة".
وبحسب التقرير الذي ترجمته "عربي21" فإنّ: "الرئيس ترامب دخل قبل 7 أعوام إلى قاعة استقبال دبلوماسية في البيت الأبيض، وألقى خطابا قصيرا، كان بمثابة إعلان الموت لما اعتبره الكثيرون حول العالم، نجاحا بارزا للدبلوماسية العالمية".
وأوضح: "بدأ الرئيس الأمريكي خطابه بالإعلان عن رغبته في تقديم تحديث حول: جهودنا لمنع إيران من امتلاك سلاح نووي. واختتم بتوقيع مذكرة أعادت فرض عقوبات مدمّرة على الجمهورية الإسلامية، في بداية ما يسمى بحملة: أقصى ضغط".
وأضاف: "في 12 دقيقة، مزّق ترامب إنجاز باراك أوباما الأبرز، في السياسة الخارجية: اتفاق عام 2015 مع طهران الذي حدّ بشكل صارم من الأنشطة النووية الإيرانية وحظي بموافقة أوروبا وروسيا والصين".
وقال ترامب: "إذا لم نفعل شيئا، فإننا نعرف بالضبط ما سيحدث في فترة زمنية قصيرة؛ وستكون الدولة الراعية الأولى للإرهاب في العالم على وشك امتلاك أخطر الأسلحة في العالم".
ووفقا للتقرير: "الآن، بعد عودته إلى البيت الأبيض، يواجه ترامب تداعيات قراره لعام 2018، فقد انتقلت إيران من الالتزام بالاتفاق إلى تكثيف نشاطها النووي بشكل أقوى، وهي الآن عالقة في مسار تصادمي مع الغرب، إذ من المقرّر أن يصل إلى ذروته هذا العام".
وأضاف: "تكمن المخاطر في إمكانية اندلاع حرب جديدة في الشرق الأوسط، وإذا اعتقدت إيران أنها تواجه تهديدا وجوديا، فإن احتمال تسليحها لمخزونها المتنامي من اليورانيوم عالي التخصيب لتصبح القوة النووية العاشرة في العالم".
وتقول الصحيفة إنّ: "هناك من يريد الصراع والحرب، فرئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، وحكومته اليمينية المتطرفة، التي تشعر بالجرأة بعد عام وجهت فيه لإيران ووكلائها سلسلة من الضربات القوية، تدفع الولايات المتحدة لدعم العمل العسكري ضد الجمهورية".
وأبرزت: "حتى الدول الأوروبية الموقّعة على اتفاق عام 2015 -المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا، المعروفة باسم مجموعة الدول الأوروبية (إي 3) تبدو على مسار تصادمي مع طهران. فقد عارضت قرار ترامب الأصلي بالتخلي عن الإتفاق المعروف باسم خطة العمل الشاملة المشتركة وناضلت مع إدارة بايدن لإحيائه. لكنها أصبحت تشعر بالإحباط بشكل متزايد من التوسّع القوي لإيران في أنشطتها النووية وتعنت طهران في عهد المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي".
وقالت الصحيفة إنّ: "نقطة مهمة ستنشأ في الخريف المقبل مع نهاية صلاحية بنود الإتفاقية النووية الموقعة عام 2015. وهددت مجموعة الدول الثلاثة باستخدام الموعد النهائي في 18 تشرين الأول/ أكتوبر أو ما يطلق عليه "عملية الزناد" التي من شأنها إعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة على إيران".
وأكّدت: "يقر دبلوماسيون غربيون بأنّ الزناد سيكون لحظة خطيرة من شأنها أن تشجع المتشددين في إيران والولايات المتحدة وإسرائيل، ما يزيد من خطر العمل العسكري. ومع ذلك، فإنهم يشعرون أنه ليس لديهم خيار كبير إذا لم يكن هناك تقدم على الصعيد الدبلوماسي".
"حذّرت الجمهورية بالفعل من أنها ستنسحب من معاهدة حظر الانتشار النووي إذا تم تفعيل الزناد. ورفعت طهران الرهان من خلال توسيع إنتاجها من اليورانيوم المخصب بشكل كبير إلى 60 في المئة، وهو ما يقترب من درجة صنع الأسلحة. ولا يعتقد مجتمع الاستخبارات الأمريكي أن إيران تُصنّع سلاحًا نوويًا، لكن القيام بذلك في متناول يدها تمامًا" وفقا للتقرير نفسه.
ويقول دافنبورت إنّ: "طهران قادرة على إنتاج ما يكفي من المواد الانشطارية الصالحة للاستخدام في صنع الأسلحة النووية؛ لصنع ستة أسلحة نووية تقريبًا في أقل من أسبوعين". وتقول كيلسي دافنبورت: "هناك خطر حقيقي من أن تنتج إيران ما يكفي من اليورانيوم الصالح للاستخدام في صنع الأسلحة، قبل أن تكتشف هذه التحركات؛ وعليه يمكن لإيران أن تنتج سلاحا نوويا بدائيا في غضون أشهر".
ومضى التقرير بالقول: "هناك من يأمل في توصّل إيران والولايات المتحدة إلى مخرج دبلوماسي، بغرض تخفيف أكبر أزمة انتشار في العالم منذ أن أجرت كوريا الشمالية أول تجاربها النووية قبل عقدين من الزمن. أما الخوف فهو أن الوقت ينفد أمام رئيس أمريكي، متعجرف ومتقلب، للتوصل إلى حل سياسي مع مرشد إيراني أعلى لا يثق بالولايات المتحدة ويحمل لها كراهية أيديولوجية".
ويقول أحد المطلعين على خفايا الأمور في النظام، وفقا لوصف الصحيفة، إنّ: "إيران أجرت حسابات عالية المخاطر، إنها لعبة تنافس بين سائقين يتسارعان نحو بعضهما البعض؛ الفائز هو من يخاطر بكل شيء بدلا من الانحراف عن المسار خوفا، من الاصطدام".
وأضاف: "قد كانت هناك آمال عندما عاد إلى البيت الأبيض في كانون الثاني/ يناير لتحقيق حل دبلوماسي، إذ كرّر رغبته في التوصل إلى اتفاق مع إيران. وأشارت طهران إلى استعدادها للعودة إلى المفاوضات بشأن الملف النووي. فقد فاز الرئيس الإصلاحي مسعود بزشكيان في الانتخابات العام الماضي، واعدا بالعمل على تخفيف العقوبات، وعلى ما يبدو بدعم من خامنئي".
وأبرز: "في شباط/ فبراير الماضي، وقّع ترامب مذكرة تنفيذية أظهرت استعداده للتعامل بحزم مع إيران، أعلن فيها أن واشنطن ستعيد فرض عقوبات أقصى ضغط لخفض صادرات النفط الإيرانية -شريان حياتها المالي- إلى: الصفر".
وأضافت المذكرة أنه: "لا ينبغي حرمان إيران من السلاح النووي فحسب، بل أيضا من صواريخها الباليستية العابرة للقارات، وأنه يجب تحييد "شبكتها"، في إشارة إلى المسلحين الإقليميين الذين تدعمهم". واعتبرت طهران المذكرة دليلا على رغبة ترامب في إجبار الجمهورية على الخضوع، ذلك أن ترسانة إيران من الصواريخ الباليستية ودعمها للجماعات المسلحة الإقليمية تعد عنصرا أساسيا في استراتيجيتها الدفاعية، وتمثل خطا أحمر للنظام.
ويقول الأستاذ في كلية الدراسات الدولية المتقدمة بجامعة جونز هوبكنز، ولي نصر، إنّ: "مذكرة ترامب، غيّرت جوهريا الديناميكية في إيران؛ فقد سعى المتشددون في النظام، الذين عارضوا خطة العمل الشاملة المشتركة منذ البداية، إلى استغلال الضغط على إيران لإضعاف بيزيشكيان وداعميه الإصلاحيين".
ويضيف نصر إنّ: "المذكرة أعطت دفعة قوية للمتشددين الذين قالوا على الفور: لا تنظروا إلى ما يقوله، انظروا إلى ما وقعه"، مردفا: "هناك ضغط داخلي على المرشد الأعلى... فهو يعتقد بالفعل أن الولايات المتحدة تسعى للضغط عليهم، وأنها تستهدف الجمهورية الإسلامية نفسها".
"لكن رسائل ترامب اتسمت بالتقلب كما هو معتاد. فبعد ساعات فقط من نشر المذكرة، نشر على صفحته على مواقع التواصل الاجتماعي أنه يأمل في التفاوض على "اتفاقية سلام نووية موثقة" مع إيران، والتي ستتبعها: احتفالية شرق أوسطية كبيرة عند توقيعها" وفقا للتقرير ذاته.
وتابع: "بالنسبة لخامنئي، الذي استبعد إجراء مفاوضات تحت أقصى ضغط أو تهديد بالحرب، فقد أغلق باب المحادثات، قائلا إن واشنطن لا يمكن الوثوق بها. وقال إن المفاوضات: لن تكون حكيمة ولا حصيفة ولا كريمة".
وفي آذار/ مارس أرسل ترامب رسالة، إلى خامنئي، يؤكد فيها تفضيله للاتفاق. قال إنه "لا يسعى لإيذاء إيران"، ومباشرة بعد إرساله الرسالة، هدّد بالعمل العسكري: "هناك طريقتان للتعامل مع إيران: عسكريًا، أو إبرام صفقة".
ومع ذلك، بعد أيام قليلة، صرّح مستشاره للأمن القومي، مايك والتز، بأنّ: الإدارة تسعى إلى "التفكيك الكامل" للبرنامج النووي الإيراني -أمر آخر غير قابل للتفاوض بالنسبة لإيران-. وفي تصريحات يوم الأحد لشبكة "إن بي سي نيوز" قال ترامب: إنه إذا لم توافق طهران على اتفاق، "فسيكون هناك قصف، لم يروا مثله من قبل".
واستطرد التقرير، بالقول: "إلاّ أن إيران ردّت على الرسالة الأسبوع الماضي. وقال بيزيشكيان يوم الأحد إن خامنئي، في رده على ترامب، استبعد المفاوضات المباشرة، لكنه ترك الباب مفتوحا للمحادثات غير المباشرة. ويكمن التحدي الذي يواجه النظام في فهم نوع الاتفاق الذي قد يُرضي ترامب: هل سيركز على اتفاق مقبول للطرفين ليتمكن من الادعاء بأنه حل أزمة عالمية، أم سيدفع باتجاه استسلام إيران الكامل؟".
واسترسل: "النظام كان قلقا بالفعل من نفوذ المتشددين في إدارة ترامب وكذا حكومة نتنياهو، الذين يعتبرون إيران في أضعف حالاتها منذ عقود، ويتطلعون إلى فرصة لإقناع ترامب بتفكيك برامج الجمهورية النووية والصاروخية نهائيا".
ويقول المؤسس المشارك لمؤسسة الدفاع عن الديمقراطية، وهي مؤسسة بحثية محافظة مقرها واشنطن، مارك دوبوفيتز، إنه لا بد من وجود تهديد عسكري "موثوق" لإجبار خامنئي على الاختيار "بين برنامجه النووي أو نظامه". ومع أن ترامب ينظر إليه كمتردد في التورط العسكري، إلا أن دوبوفيتز يعتقد أنّ: "إيران قد تكون استثناء".
في عام 2020، صدم ترامب الكثيرين بأمره باغتيال القائد الإيراني، القوي قاسم سليماني، ما دفع الخصوم إلى شفا الحرب. في الأسابيع الأخيرة، شنّ موجات من الضربات ضد الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن، محذّرا طهران من أنها "ستواجه عواقب وخيمة، لأي هجمات من جانب الحوثيين".
ومع ذلك، لا يزال دوبوفيتز غير متأكدا من الاتجاه الذي سيتخذه ترامب، مشيرا إلى أنه: "في حين أن هناك صقورا في الإدارة، إلا أن هناك من هم في الخارج متحالفون مع حركة "ماغا" أو لنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى سيحذرون من الصراع مع إيران، مثل الشخصية الإعلامية اليمينية تاكر كارلسون".
"تزعم دولة الاحتلال الإسرائيلي أنها دمّرت جزءا كبيرا من الدفاعات الجوية الإيرانية في ضربات في تشرين الأول/ أكتوبر، بينما تدهورت بشدة حركة حزب الله اللبنانية، التي تعتبرها طهران خط دفاع أول ضد عدوها. وكان سقوط نظام بشار الأسد في كانون الأول/ ديسمبر بمثابة ضربة ساحقة أخرى لإيران، حيث حرمها من حليفها الوحيد في المنطقة" وفقا للتقرير نفسه الذي ترجمته "عربي21".
وأكّد: "في الداخل، تمر طهران بمأزق اقتصادي أسوأ بكثير مما كانت عليه عندما فرض ترامب أقصى قدر من الضغط في ولايته الأولى. فقد انخفض الريال منذ عودة ترامب إلى البيت الأبيض، بينما بلغ متوسط التضخم على مدار العام حتى آذار/ مارس نسبة 32%. ويتفاقم هذا الوضع مع اتساع الفجوة بين القيادة الدينية المسنة والسكان الشباب منذ أن شنت السلطات حملة قمع وحشية على الاحتجاجات الجماهيرية في عام 2022، والتي اندلعت إثر وفاة مهسا أميني، أثناء احتجازها لدى الشرطة بتهمة انتهاك قانون الحجاب".
ويقول المحلل الإيراني، سعيد ليلاز: "لقد طعنت وفاة أميني روح الأمة، بينما كسر التضخم الجامح عمودها الفقري". ومع ذلك، يقول المطلع على بواطن الأمور في النظام إنّ: "طهران لا تزال تعتقد أن التكاليف التي ستترتب على مواجهة محدودة قد تكون أفضل من التفاوض تحت أقصى ضغط".
وأضاف: "الجمهورية الإسلامية لا تخاطر ببقائها. فبراغماتيتها ورغبتها في الحفاظ على الذات تملي عليها المقاومة. والسؤال الرئيسي هو: هل سيتحمل الشعب المزيد من الصعوبات الاقتصادية؟".
وأشار التقرير إلى أنّ قادة إيران قد اتّخذوا بعض الإجراءات لمحاولة تخفيف خيبة الأمل العامة، بما في ذلك الاعتراف بأن التطبيق الصارم لقانون الحجاب لم يعد ممكنا. وسمح انخفاض قيمة الريال للحكومة بالإعلان عن زيادة الحد الأدنى للأجور بنسبة 45 في المئة لملايين العمال بدءا من الشهر المقبل.
ومع ذلك، يحذّر المحللون والدبلوماسيون من المبالغة في تقدير ضعف النظام. ويعلق نصرمن جامعة جونز هوبكنز أن: "إيران ضعيفة، لكن الضعف في عين من يراه؛ وطهران قادرة على القيام بالكثير من الأمور في الخليج، وهناك الكثير مما يمكن أن يسير في الاتجاه الخاطئ".
ووفقا للتقرير: "عندما تشعر إيران بالتهديد، فإنها تسعى عادةً إلى ضمان دفع الآخرين ثمنًا، فترفع مستوى المخاطر. بعد أن فرض ترامب أقصى ضغط في ولايته الأولى، اتهمت القوات الإيرانية بتخريب ناقلات النفط في الخليج، وبشن هجوم صاروخي وطائرات مسيرة على البنية التحتية النفطية السعودية عام 2019، والذي أدى إلى توقف نصف إنتاج المملكة من النفط الخام مؤقتا".
وأضاف: "بعد اغتيال سليماني، أطلقت إيران وابلا من الصواريخ على قاعدة عراقية تستضيف جنودا أمريكيين. وفي العام الماضي، تبادلت إطلاق الصواريخ المباشرة مع إسرائيل لأول مرة، على الرغم من اعتراض معظم مقذوفاتها من قبل دفاعات إسرائيل والولايات المتحدة وحلفائها".
ويقول المصدر المطلع: "إيران لا تريد الحرب تحت أي ظرف من الظروف نظرا لوجود تفاوت كبير بين قدراتها وقدرات الولايات المتحدة، ومع ذلك، إذا لم يتبق خيار آخر، فإنّها سوف تقاتل".
وأبرز: "أعادت طهران تحسين علاقاتها مع غريميها، المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، اللتين دعمتا حملة أقصى ضغط الأولى لترامب، لكنهما سعتا منذ ذلك الحين إلى تهدئة التوترات. لكن المصدر المطلع يقول إنه في حالة نشوب حرب كبرى، ستستهدف إيران القواعد الأمريكية في المنطقة والمنشآت النفطية".
واختتم التقرير بالقول: "استخدمت إيران منذ فترة طويلة تقدمها النووي كنقطة ضغط على الولايات المتحدة، وكتحذير لأعدائها بعدم المبالغة في الضغط عليها. ومن المرجح أن يكون التفاوض على اتفاق جديد لعكس المكاسب الأخيرة أكثر تعقيدا بكثير، وإيران تعلم أنها لا تملك سوى القليل من الأوراق الأخرى التي يمكنها اللعب بها".