حكم التوسل بالنبي في الدعاء، وهل يجوز إنشاد الأبيات التي فيها استغاثة بجنابه؟ سؤال بينه الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء من خلال الموقع الرسمي لدار الإفتاء.

هل يجوز إنشاد القصائد التي فيها استغاثة بالنبي؟

وقال علي جمعة، إنه قد اشتهرت استغاثات العلماء والأدباء والأمراء برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في أشعارهم ورسائلهم إليه صلى الله عليه وآله وسلم شهرةً مستفيضة على مر العصور من غير نكير، حتى لا يكاد يوجد ممَّن مدح النبيَّ المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم أحدٌ يخلو شعره من الاستغاثة به صلى الله عليه وآله وسلم، ومن ذلك:

- الإمام عالم المغرب وإمام أهل الحديث في وقته القاضي عياض بن موسى اليحصبي المالكي [ت: 544هـ] صاحب كتاب "الشفا بتعريف حقوق المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم"، وقد أرسل إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم في قبره رسالةً استفاضت شهرتها، يسأله فيها الشفاعة، وعُدَّت هذه الرسالة من مناقبه العالية، كما أنه تشفع بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم في أشعاره كما هو مبسوط في ديوانه.

- والإمام الشاعر جمال الدين يحيى بن يوسف بن يحيى الصرصري الحنبلي [ت: 656هـ] الذي وصفه الحافظ ابن رجب الحنبلي بالشدة في السُّنة والانحراف عن مخالفيها فقال عنه في "الذيل على طبقات الحنابلة" (1/ 197): [شاعر العصر، وصاحب الديوان السائر في الناس في مدح النبي صلى الله عليه وآله وسلم، كان حسان وقته.. قال: وكان شديدًا في السنة، منحرفًا على المخالفين لها، وشعره مملوء بذكر أصول السنة، ومدح أهلها، وذم مخالفيها، وله قصيدة طويلة لامية في مدح الإِمام أحمد وأصحابه.. وكان قد رأى النبي صلى الله عليه وآله وسلم في منامه وبشره بالموت على السُّنَّة، ونظم في ذلك قصيدة طويلة معروفة] اهـ.

وقد امتلأت مدائحه النبوية بالاستغاثة والتوسل بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم، وتلقَّى العلماء شعرَه بالقبول، ولم يطعن في مدائحه النبوية أحدٌ من العلماء من أهل عصره فمَن بعدهم.

فمما قاله الإمام الصرصري: كما في "المجموعة النبهانية في المدائح النبوية" للعلّامة الشيخ يوسف النبهاني [ت: 1350هـ] (1/ 119، ط. دار الفكر):

يا حبيبَ الرحمــــن في الخـــــلق يا مَــن تعـــــرف الأرضُ فضلَه والسـمـــاءُ

أنت ذُخــــــــــــرٌ لنا وعـــونٌ على خَطْــ ـــبِ زمـــــــــان به اللبيــــــبُ يُساءُ

فأَغِــثْـــــــــــني وكن لضعفي مُجيــــــــــرًا في مَقــــــــامٍ تخــــــــــافه الأتقيـــــــــاءُ

ومما قاله أيضًا: كما في "المجموعة النبهانية" (1/ 398، ط. دار الفكر):

فَأَدِّ عني ســـلامًا زاكيًـــا أَرِجًـــــــــــا لا لغوَ فيه ولا إثمًا ولا كذبًا

وقل عُبَيْدُكَ يرجو منكَ مَكرُمةً رَجاءَ عافٍ لوعدٍ ظلَّ مرتَقِبًا

وقال أيضا (4/ 304):

فبـــــــــلِّغْ -هــــــــــداكَ اللهُ- عني تحيــــــــةً مُعطَّـــــــرةً الأنفـاسِ محروسةَ الصَّفْوِ

المولد النبوي 2023 .. هل ما يفعله الناس من مديح وإطعام «بدعة مذمومة»؟ المولد النبوي 2023.. حكمه وهل يجوز توزيع الحلوى من أموال الزكاة؟

وقُلْ عَبْدُكَ المسكينُ يحيى سَرَتْ به جِراحُ التَّنَائي فائْتِــها أحسنَ الأَسْوِ

- والإمام العارف الشاعر أعلم الشعراء وأشعر العلماء: شرف الدين أبو عبد الله محمد بن سعيد البوصيري [ت: 696هـ] صاحب القصائد الغراء في مدح النبي المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم، وأشهرها قصيدته المسمّاة "الكواكب الدرية في مدح خير البرية" والمشهورة بـ"البردة" أو "البُرأة"، التي يقول فيها:

ما سامني الدهرُ ضيمًا واستجَرْتُ به إلا ونِلْـــــــــتُ جِـــــــوارًا منه لم يُضَــــــــمِ

ولا التمستُ غِنَى الدارين مِن يَـــــــده إلا استلمتُ الندى مِن خير مُستَلَمِ

ويقول في همزيته أيضًا:

فَأَغِثْنا يا مَنْ هُوَ الغَــــــوْثُ والغَيْـ ـثُ إذا أَجْهَدَ الوَرى الّلأْواءُ

والجوادُ الذي بِهِ تُكْشَفُ الغُمْـ ـمَةُ عَنّا وَتُكْشَـــــــفُ الحَـوْباءُ

يا رَحِيْمًـــــــا بالمؤمنــــــِيْنَ إِذا مــــــا ذَهِلَتْ عَنْ أَبْنــائِها الرَضْـعاءُ

جُـــــدْ لِعاصٍ وَمَا سِواى هُوَ العا صِي وَلكِنْ تَنَكُّرِي اسْتِحْياءُ

يانَبِـــــــيَّ الهُدَى اسْتِغــــــاثَةُ مَلْهُو فٍ أَضَرَّتْ بِحـــــالِهِ الحَـــــوْباءُ

- والإمام المجتهد شيخ الإسلام تقي الدين ابن دقيق العيد [ت: 702هـ]، في قصيدته التي مدح بها النبي صلى الله عليه وآله وسلم، والتي أولها:

شرف المصطفى رفيـــــــعٌ عمــــادُهْ لَيْسَ يُحصَى لكثـــــــرةٍ تعدادُهْ

يَا رســــــــــولَ الملـــــــــــيك دعوةُ مَن زاد به شوقُـــــــه وصحَّ وِدادُهْ

لَكَ أشكو حالًا مِن الدين والدنــ ــــيا شديدٌ غلــــــوه واقتصادهْ

هو حَـــــــــــــدٌّ بَيْنَ الســـرور وبَيْنِي كدَّرَ العيـــــشَ عكْسُه واطرادُهْ

فعليك السلام من ذي اشتياق أنت فِي الحشر كنزه وعتادهْ

وقد ذكرها الحافظ ابن حجر العسقلاني في كتابه "رفع الإصر عن قضاة مصر"، وفي آخرها:

يا رسول الله دعوة من زاد به شوقه وصح وداده

لك اشكو حالًا من الدين والدنـيا شديد غلوه واقتصاده

هو حد بين السرور وبيني كدر العيش عكسه واطرده

فعليك السلام من ذي اشياق أنت في الحشر كنزه وعتاده

وشدد علي جمعة أنه مما ذُكر يُعلم أنَّ إنشاد الأبيات المشتملة على الاستغاثة بالنبي الأكرم والحبيب الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم جائزٌ شرعًا، بل هو من جملة المندوبات، وقد قامت على ذلك الشواهد والبينات.

حكم التوسل بالنبي في الدعاء

قالت دار الإفتاء المصرية: إن التوسل بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم أمر مشروع، جرى عليه المسلمون سلفًا وخلفًا، مضيفة عبر صفحتها الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، سؤال مضمونة « ما حكم التوسل بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم؟»، أن من يريد أن يتوسل بالنبي فيجوز له ذلك فهو أمر مشروع، ولا يجوز إنكار ذلك.

واستشهدت دار الإفتاء بما أخرجه النسائي والترمذي وابن ماجه وغيرهم: "أن أعمى أتى النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم فقال: يا رسول الله، إني أُصِبتُ في بَصَرِي، فادعُ اللهَ لي، فقال له النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: «تَوَضَّأ وصَلِّ رَكعَتَين ثم قُل: اللَّهُمَّ إني أَسألُكَ وأَتَوَجَّه إليكَ بنبيكَ مُحَمَّدٍ، يا مُحَمَّدُ، إنِّي أَستَشفِعُ بكَ في رَدِّ بَصَرِي، اللهم شَفِّع النبيَّ فِيَّ، وقال: فإن كان لكَ حاجةٌ فمِثلُ ذلكَ»، فرَدَّ اللهُ تعالى بصرَه.

وأشارت إلى أن التوسل بالنبى ﷺ بهذه الصفة "اللهم إنا نتوسل إليك بنبيك" جائز.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: النبي هيئة كبار العلماء النبی صلى الله علیه وآله وسلم صلى الله علیه وآله وسلم فی النبی ف

إقرأ أيضاً:

احرص عليها للفوز الكبير.. قائمة بالسنن النبوية في شهر رجب

أعمال شهر رجب.. يعد شهر رجب واحدًا من أهم الشهور الهجرية، فهو من الأشهر الحرم التي حرم فيها الله تعالى القتال.

وتبرز أهمية شهر رجب أنه يسبق شهر رمضان بشهر واحد الذي هو شهر شعبان، والمسلم يحرص به أن يكون أكثرَ ابتعادا عن الذّنوبِ والآثامِ كما يبدأ المسلم في هذا الشهر التأهل والاستعداد لرمضان.

أعمال شهر رجب

يوجد عدد من الطاعات ينبغي على المسلم فعلها والإكثار منها خلال شهر رجب والأشهر الحرم بشكل عام، وهي:

1- الإكثار من العمل الصالح، والاجتهاد في الطاعات، والمبادرة إليها والمواظبة عليها ليكون ذلك داعيًا لفعل الطاعات في باقي الشهور.

2- اغتنام العبادة في هذه الأشهر، وأبرزها الصيام والصلاة.

3- ترك الظلم خاصة في شهر رجب وباقي الأشهر الحرم.

4- الإكثار من إخراج الصدقات.

أفضل الأعمال في شهر رجب

قال الإمام النووي في "الأذكار" (ص: 8): [اعلم أنَّه ينبغي لمَن بلغَهُ شيء في فضائل الأعمال أن يعملَ به ولو مرّة واحدة؛ ليكون من أهله، ولا ينبغي أن يتركه مطلقًا، بل يأتي بما تيسر منه؛ لقول النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم في الحديث المتفق على صحته: «إذَا أَمَرْتُكُمْ بشيءٍ فأْتُوا مِنْهُ ما اسْتَطعْتُمْ»] اهـ.

مما ورد في صيام شيء من شهر رجب من السُنَّة: ما رواه الإمام أبو داود عن مُجِيبَةَ الباهليَّة، عن أبيها، أو عمها، أنَّه أتى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ثمَّ انطلق، فأتاه بعد سنة، وقد تغيَّرت حاله وهيئته، فقال: يا رسول الله، أما تعرفني؟ قال: «وَمَنْ أَنْتَ؟» قال: أنا الباهلي، الذي جئتك عام الأول، قال: «فَمَا غَيَّرَكَ وَقَدْ كُنْتَ حَسَنَ الْهَيْئَةِ؟»، قال: ما أكلت طعامًا إلا بليل منذ فارقتك، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «لِمَ عَذَّبْتَ نَفْسَكَ؟»، ثم قال: «صُمْ شَهْرَ الصَّبْرِ، وَيَوْمًا مِنْ كُلِّ شَهْرٍ»، قال: زدني؛ فإن بي قوة، قال: «صُمْ يَوْمَيْنِ»، قال: زدني، قال: «صُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ»، قال: زدني، قال: «صُمْ مِنَ الْحُرُمِ وَاتْرُكْ، صُمْ مِنَ الْحُرُمِ وَاتْرُكْ، صُمْ مِنَ الْحُرُمِ وَاتْرُكْ»، وقال بأصابعه الثلاثة فضمها، ثم أرسلها.

ومنها ما رواه الإمام البيهقي في "فضائل الأوقات" عن سيدنا أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّ فِي الْجَنَّةِ نَهْرًا يُقَالُ لَهُ رَجَبٌ، أَشَدُّ بَيَاضًا مِنَ اللَّبَنِ وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ، مَنْ صَامَ مِنْ رَجَبٍ يَوْمًا سَقَاهُ اللهُ مِنْ ذَلِكَ النَّهْرِ».

وظائف شهر رجب

ومما أورده الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء، عن أفضل الأعمال في شهر رجب، ما يلي:

- ذكر الله: ﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ﴾ ، وأهل الله وجدوا في القرآن والسنة: كلمات أسموها بـ (الكلمات العشر الطيبات): "سبحان الله، الحمد الله، لا إله إلا الله، الله أكبر، لا حول ولا قوة إلا بالله". وهذه الخمسة يسميها أهل الله بـ (الباقيات الصالحات)؛ لأنها هي التي تبقى للإنسان بعد رحيله من هذا الدكان، فبعد رحيل السكان من الدكان، تبقى الباقيات الصالحات، نورًا في القبر، وضياءً يوم القيامة، وذكرًا في الملأ الأعلى.

ثم: "أستغفر الله، إنا لله وإنا إليه راجعون، توكلت على الله، حسبنا الله ونعم الوكيل، اللهم صَلِّ وسلم على سيدنا محمد وآله". وبها تتم العشرة.

- الدعاء، والمناجاة، عش مع ربك وناجه، فـ«الدعاء هو العبادة».

- قراءة القرآن الكريم، ولمن لا يستطيع أن يقرأ لأي سبب كان، يسمع ويتدبر القرآن.

الدعاء والذكر والتلاوة، وكلها الحمد لله في القرآن والسنة، إذا عدلت نفسك على هذا أصبحت عبدًا ربانيًّا، ورأيتَ اللهَ وراء كل شيء، وعرفت أنك على الطريق الصحيح في علاقتك مع الله، ابدأ بهذا، وغير نفسك، وجدد حياتك.

مقالات مشابهة

  • دعاء البرد الشديد كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم
  • احرص عليها للفوز الكبير.. قائمة بالسنن النبوية في شهر رجب
  • «لا يرد فيها دعاء».. ما هو وقت ساعة الإجابة في يوم الجمعة؟
  • ما هو فضل الصلاة على النبي يوم الجمعة؟.. «خيرٌ في الدنيا والدين»
  • حكم تخصيص بعض الأيام والليالي بالعبادة
  • فضل الدعاء قبل صلاة الجمعة
  • حكم تسمية الأشخاص باسمي "طه وياسين"
  • بيان فضل إماطة الأذى عن الطريق
  • الإفتاء تكشف عن سيرة النبي المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم
  • حقوق الطفل في الإسلام.. الإفتاء توضح