زيارة عراقجي لأفغانستان.. ماذا تريد طهران من كابل؟
تاريخ النشر: 26th, January 2025 GMT
كابل ـ في زيارة هي الأولى منذ توليه منصبه، وصل وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إلى العاصمة الأفغانية كابل حيث بحث مع رئيس الوزراء الأفغاني بالوكالة الملا محمد حسن آخوند ونظيره الأفغاني أمير خان متقي سبل وآلية توسيع العلاقات الاقتصادية والسياسية بين الجانبين.
ووصف ذاكر جلالي المسؤول بالخارجية الأفغانية زيارة المسؤول الإيراني بالمهمة، وأنها تضع أساسا للدخول في حوار شامل حول القضايا العالقة بين كابل وطهران اللتين تشتركان في أكثر من ألف كيلومتر من الحدود، متوقعًا أن تفتح الزيارة صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين.
ويرى خبراء أن النظام الإيراني أهمل خلال السنوات الثلاث الماضية قضية التعاون والحوار مع طالبان، ولكن التطورات الأخيرة في الشرق الأوسط وانسحاب إيران من سوريا جعلت السلطات الإيرانية تعيد التفكير بشأن أفغانستان.
وزير الخارجية الأفغاني (يمين) يبحث مع نظيره الإيراني العلاقات بين البلدين (رويترز)من الأمني إلى السياسي
يقول مصدر بالخارجية الأفغانية -فضل عدم ذكر اسمه- في تصريح للجزيرة نت، "طيلة 3 عقود كان ملف العلاقات مع أفغانستان يدار من قبل الحرس الثوري الإيراني، وأخيرا سلم هذا الملف للمرة الأولى للخارجية الإيرانية".
إعلانوأضاف المصدر أن "الوزير الحالي قام بتغيير تشكيلة الوفد الدبلوماسي في السفارة الإيرانية في أفغانستان، ومحاولة الاستفادة من الأراضي الأفغانية في الوصول إلى دول آسيا الوسطى".
كانت آخر زيارة إلى أفغانستان على مستوى وزير الخارجية الإيراني، تلك التي قام بها وزير الخارجية السابق جواد ظريف في مايو/أيار2017، أثناء حكومة الرئيس الأفغاني السابق أشرف غني، وخلال السنوات الثلاث الماضية، زار وزير الخارجية الأفغاني أمير خان متقي إيران عدة مرات.
ويقول الكاتب والباحث السياسي عبد الكريم نظر للجزيرة نت، إن "موقف إيران من حكومة طالبان الثانية يختلف عن الأولى حيث وقفت إيران آنذاك مع معارضي طالبان، ولكن هذه المرة اختارت التعامل مع طالبان لذا سلمت السفارة الأفغانية والبعثات الدبلوماسية لها وأرسلت سفيرا جديدا إلى كابل، هناك مصالح اقتصادية وسياسية متبادلة بين الطرفين".
التجارة مفتاح التعاونتلعب أفغانستان، باعتبارها إحدى الدول المجاورة لإيران، دورا رئيسيا في خريطة الطرق من وإلى إيران حيث يسمح الموقع الجغرافي لأفغانستان بوصول إيران بشكل أفضل إلى أسواق وسط وجنوب آسيا من خلال الطرق البرية والسكك الحديدية. من ناحية أخرى تعتمد أفغانستان على الموانئ الإيرانية في الوصول إلى المياه الإقليمية وتستخدم ميناء تشابهار الإيراني في التجارة مع الهند.
وعمل البلدان على تطوير شراكتهما التجارية والاقتصادية، حتى وصل حجم التبادل التجاري بينهما خلال العامين الماضيين إلى 5 مليارات دولار.
وبدوره، يقول المتحدث باسم وزارة التجارة والصناعة الأفغانية عبد السلام جواد إن صادرات أفغانستان ارتفعت بنسبة 116% خلال العام الماضي عن العام الأسبق لتصل إلى 54 مليون دولار أميركي، وأما صادرات إيران إلى أفغانستان فوصلت إلى أكثر من 3 مليارات و143 مليون دولار، بزيادة قدرها 83% مقارنة بالعام السابق.
إعلانوتوقع المتحدث باسم وزارة التجارة والصناعة الأفغانية في تصريح للجزيرة نت، أن تزداد حركة التجارة بين البلدين خلال الفترة المقبلة.
ويرى خبراء أفغان أنه بعد تراجع دور ونفوذ إيران في الشرق الأوسط، تتمثل مساعي عباس عراقجي في التنسيق واستدراج طالبان حتى لا يتم استغلالها من قبل الولايات المتحدة، وقد راقبت إيران الوضع في أفغانستان لمدة 3 سنوات وغيرت من سياستها تجاه البلاد.
صفحة جديدةويقول مصدر حكومي بالخارجية الأفغانية -فضّل عدم ذكر اسمه- للجزيرة نت "طلب الوزير الإيراني فتح صفحة جديدة في العلاقات مع أفغانستان، وأن هذه العلاقات ستدار عبر القنوات الدبلوماسية والسياسية، وليس عبر قنوات أمنية، وقد راقبنا الوضع خلال 3 سنوات (وتبيّن) أن السلطات الجديدة في أفغانستان تمكنت من بسط الأمن في البلاد وهذا يؤثر على الأمن في إيران".
رغم العلاقات الودية بين أفغانستان وإيران، فإنهما لم تتمكنا حتى الآن من التوصل إلى اتفاق بشأن قضايا اللاجئين، وتقاسم المياه، وقد ناقش الطرفان خلال السنوات الماضية مشكلة المياه أكثر من مرة ولم يتمكنا من حلها.
وفي الآونة الأخيرة، أثارت مساعي حركة طالبان لإكمال سد "باشدان" بولاية هرات اعتراض الجانب الإيراني ويعتقد أن أفغانستان تستخدم ملف المياه كأداة لممارسة الضغوط السياسية والجيوسياسية على إيران.
يقول المتحدث باسم الحكومة الأفغانية حمد الله فطرت للجزيرة نت: "إن الحكومة الأفغانية لا تنوي الاضرار بإيران في ملف المياه وتريد حل المشكلة وفق اتفاقية تقاسم المياه بين البلدين".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الخارجیة الأفغانی وزیر الخارجیة بین البلدین للجزیرة نت
إقرأ أيضاً:
هل يكون العراق "مسماراً جديداً" في نعش المحور الإيراني؟
أمضى النظام الإيراني عقوداً من الزمن في بناء ما أطلق عليه "محور المقاومة"، وهو تحالف من الميليشيات المناهضة للغرب، التي وسعت نفوذ طهران، لكن ما يستغرق سنوات من البناء يمكن أن ينهار على ما يبدو بين "عشية وضحاها"، والعراق هو أحدث دولة تحاول الخروج من "فلك إيران".
يمكن للأحزاب الموجودة حالياً في الإطار التنسيقي أن تنفصل عن طهران
كتب آراش عزيزي في مجلة "ذي أتلانتيك" أن المحور انزلق العام الماضي بسرعة من ذروة قوته الظاهرية إلى الانحدار النهائي. فقد ضربت إسرائيل إلى حد كبير عضوين رئيسيين فيه، حماس وحزب الله، وسقط نظام بشار الأسد أمام معارضيه.
في لبنان، انتخب البرلمان رئيساً ورئيس حكومة جديدين، ليسا على علاقة ودية بالمحور. حتى وقت قريب، كانت طهران تحب أن تفتخر بأنها تسيطر على 4 عواصم عربية: دمشق وبيروت وصنعاء وبغداد. لقد انزلقت العاصمتان الأوليان. ولا تزال العاصمة الثالثة تحت سيطرة الحوثيين، الذين يظلون موالين لطهران. ولكن ماذا عن الرابعة؟. انتصار غير مستقر
يمر نفوذ إيران في بغداد عبر الميليشيات والأحزاب السياسية الشيعية في البلاد. لا يستطيع رئيس الوزراء العراقي أن يحكم دون دعم الجماعات الشيعية. مع ذلك، إن درجة سيطرة طهران على بغداد تتغير دائماً. لا تستطيع الأحزاب الموالية لطهران تشكيل حكومة بمفردها؛ بل يتعين عليها تشكيل تحالفات مع أحزاب أخرى، بما فيها تلك التي يهيمن عليها الأكراد والسنة الذين لا تربطهم أي تعاطف أيديولوجي يذكر مع المحور. وحتى بين الشيعة في العراق، إن الموقف المؤيد لطهران محل نزاع شديد، وبخاصة الآن بعد أن تحول ميزان القوى في المنطقة بعيداً من إيران.
The New Axis of Autocracy: How Trump, Putin, and Xi Are Quietly Dividing the World
????1/9: For the first time since its founding, NATO’s survival is in open doubt. European leaders are preparing for a world where the U.S. is no longer a guarantor of security. Taiwan, once… pic.twitter.com/1vJdnm3mjG
في عام 2021، هُزمت الأحزاب الموالية لطهران بشكل كبير في الانتخابات البرلمانية العراقية. بدا مقتدى الصدر، رجل الدين الشيعي الكاريزمي والناقد الصاخب لإيران، على استعداد لتشكيل حكومة. لكن القوى الموالية لإيران شنت اشتباكات عنيفة في الشوارع، وتمكنت من خلال المناورات الدينية والبرلمانية من وقف ذلك.
في أكتوبر (تشرين الأول) 2022، تولى محمد السوداني رئاسة الوزراء فيما اعتُبر إلى حد كبير انتصاراً إيرانياً ــ لأسباب ليس أقلها أن رئيس الوزراء الذي حل محله، مصطفى الكاظمي، كان أول حاكم غير إسلامي للعراق منذ سقوط صدام. أعاد الكاظمي العلاقات العراقية مع القوى السنية مثل المملكة العربية السعودية ومصر والأردن، حتى مع الحفاظ على علاقات ممتازة مع إيران، والتشجيع على استعادة العلاقات الدبلوماسية بين إيران والسعودية. مع ذلك، إن قبضة طهران على بغداد بعيدة كل البعد من أن تكون آمنة.
يعتمد السوداني على دعم الأحزاب الموالية لطهران، لكنه واصل أيضاً متابعة الكثير من أجندة الكاظمي الإقليمية لتعزيز العلاقات مع الدول العربية. وكان اثنان من شركائه الرئيسيين في الائتلاف، حزب التقدم الذي يهيمن عليه السنّة والحزب الديمقراطي الكردستاني، قد شكلا في السابق تحالفاً مع الصدر. حتى حزب السوداني الصغير، تيار الفراتين، فكر ذات يوم في تشكيل تحالف مع الصدر. وهذا يعني أن الصدر خسر المعركة بين الشيعة في الوقت الحالي، لكن حلفاءه السابقين ما زالوا يتمتعون بمقدار كبير من السلطة في العراق ويتقاسمونها مع الأحزاب المؤيدة لطهران حسب رغبتهم.
Current state of the "Axis of Resistance" involves marches with cardboard cutouts of dead terrorists.
I need to remind you that these idiots genuinely think they will be the ones to defeat Israel. pic.twitter.com/qlQ6d1AWK8
ثمة العديد من القضايا التي تفرق العراقيين، لكن هناك قضية واحدة توحد كثراً منهم: لا يريدون أن يكون العراق ساحة لصراعات إيران مع الولايات المتحدة وإسرائيل. كما أنهم لا يرغبون، في ضوء تدهور حظوظ محور طهران، بأن يكونوا ضمن الفريق الخاسر في المنطقة. عندما سقط الأسد، دخلت طهران حالة من الذعر. في الوقت نفسه، حاول العراقيون تطبيع العلاقات مع الإدارة السورية الجديدة. في 26 ديسمبر (كانون الأول)، زار رئيس الاستخبارات العراقية دمشق والتقى بالزعيم السوري الجديد أحمد الشرع، كما شارك العراقيون في انخراط جامعة الدول العربية مع سوريا.
يدعو العديد من العراقيين الآن علناً إلى حل قوات الحشد الشعبي، وهي مظلة تضم في الغالب ميليشيات مدعومة من إيران تشكلت في 2014 لمحاربة تنظيم داعش الإرهابي. كانت قوات الحشد الشعبي التي تم تصميمها على غرار الحرس الثوري الأداة الرئيسية للتدخل الإيراني في العراق. وقد بدأ أعضاء الحكومة العراقية يقولون إنه مع هزيمة التنظيم الإرهابي، لم تعد قوات الحشد الشعبي ضرورية. في مقابلة أجريت معه الشهر الماضي، قال فؤاد حسين، وزير الخارجية العراقي وأحد أنصار الحزب الديمقراطي الكردستاني،: "آمل أن نتمكن من إقناع زعماء هذه الجماعات بإلقاء أسلحتهم".
ودعا الصدر أيضاً قوات الأمن الحكومية فقط، "لا الميليشيات أو الجماعات الخارجة عن القانون"، إلى حمل السلاح. والأمر الأكثر إثارة للدهشة هو أن بعض الشخصيات من داخل الإطار التنسيقي، وهو مظلة تضم أحزاباً مؤيدة لطهران في الغالب، أيدت هذا الموقف. ومن بينهم محسن المندلاوي، الملياردير الشيعي الكردي ونائب رئيس مجلس النواب.
أضاف الكاتب أن من شأن حل الميليشيات المسلحة أو دمجها في قوات الأمن الموالية للدولة أن يسلب إيران المصدر الرئيسي للنفوذ داخل العراق. وقد تكون مثل هذه الخطوة محسوبة أيضاً لتجنب المتاعب مع واشنطن. بحسب تقارير، تدرس إدارة ترامب فرض عقوبات جديدة على العراق ما لم يتم نزع سلاح قوات الحشد الشعبي.
في غضون ذلك، تبدو العلاقات مع طهران أكثر إثارة للجدال من أي وقت مضى. في الشهر الماضي، زار السوداني طهران وتلقى تأنيباً من المرشد الأعلى علي خامنئي. دعا رجل الدين الإيراني المسن العراق إلى الحفاظ على قوات الحشد الشعبي وتعزيزها وطرد جميع القوات الأمريكية. كما وصف التغيير الأخير في السلطة في سوريا بأنه عمل "حكومات غريبة".
هل يغادر العراق محور إيران؟ لم يتفق الخبراء العراقيون الذين تحدث معهم الكاتب على الإجابة. قال حمدي مالك، زميل مشارك في معهد واشنطن، "إن إيران تواصل ممارسة نفوذ كبير في العراق". وأشار إلى أن حكومة السوداني أرسلت في البداية "إشارات حذرة ومع ذلك إيجابية"، لكن "اللهجة في الدوائر الشيعية في العراق تغيرت تماماً بعدما أعرب خامنئي عن وجهة نظر معادية تماماً للتطورات هناك". علاوة على ذلك، تعتمد الحكومة السودانية بشكل كبير على دعم الإطار التنسيقي. لذلك، قال مالك، "إن أي محاولة من جانب السوداني للحد من نفوذ إيران ستكون مجرد محاولة تجميلية".وافقه الرأي فرهانغ فرايدون نامدار، وهو محلل كردي عراقي في جامعة ولاية ميسوري. لا يزال لدى قوات الحشد الشعبي نحو 200 ألف عضو وموازنة تبلغ نحو 3 مليارات دولار. ولاحظ أن هذه القوة لن تذهب إلى أي مكان على الأرجح، بالرغم من الدعوات إلى حلها. وقال نامدار: "لقد تمكنت قوات الحشد الشعبي من ترسيخ نفسها في اقتصاد العراق وسياساته... إنها العمود الفقري لحكومة السوداني".
لكن موقف العراق قد يكون أكثر تعقيداً من موقف تابع بسيط لنظام مجاور. سيناريو 2021 قد يتكرر قال أران روبرت والش، وهو خبير في شؤون العراق ومقره عمان، أنه يعتقد أن السوداني "يفصل العراق بحذر عن المحور من دون قطع العلاقات تماماً مع طهران". لكن طهران وحلفاءها العراقيين قد يفسدون هذه الجهود، كما يحذر والش، على سبيل المثال، من خلال مهاجمة مشاريع التنمية التي استثمرت فيها دول الخليج.
أضاف عزيزي أن العراق سيعقد انتخابات برلمانية في أكتوبر. إذا رفض عدد كافٍ من العراقيين الأحزاب الموالية لطهران في صناديق الاقتراع، كما فعل معظمهم سنة 2021، فقد تتاح الفرصة للسوداني أو خلفه لتشكيل حكومة تقوم بالمزيد لتأكيد السيادة العراقية. يمكن للأحزاب الموجودة حالياً في الإطار التنسيقي أن تنفصل عن طهران وتترشح على منصات جديدة. بموجب الاتفاق غير المكتوب لتقاسم السلطة الطائفي الذي حكم البلاد منذ سنة 2003، يجب أن يكون رئيس الوزراء العراقي دائماً شيعياً عربياً. لكن ليس مضموناً أن يكون موالياً للمحور.