لا شك أن المهرجانات والمعارض محليا وإقليميا وعالميا فرصة تواصل رائعة يمكن استغلالها للترويج لكثير مما يتعلق بالمكان محل الحدث، أو بالجهة أو الشخص المنظم للحدث أو للركن في معرض أو مهرجان ما، كما أنه لا شك في أن ينبغي في كل ذلك حسن التنظيم ودراسة الجدوى، ولا ينبغي أن تكون الجدوى مجرد الحضور واستنزاف الموارد، كما لا ينبغي أن تكون تلك الجدوى مادية فحسب، وإلا لكانت جدوى مؤقتة وفائدة منقطعة، لكن ما يعول عليه في مثل هذه الفعاليات وهذه التظاهرات التواصلية هو الجدوى الثقافية المعرفية قبل كل شيء، ثم العبور منها لجدوى استثمارية سياحية اقتصادية، و أخرى اجتماعية قيمية يحتفى بها وترسخ في الذاكرة.

حديث مقالة اليوم عن لامركزية عمل المحافظات والتنافسية الواضحة بينها، ومع الحديث عن تعزيز اللامركزية وتمكين المحافظات تأكيدا لخصوصية المكان وتقديرا لتنوع المعطى الثقافي باختلاف الجغرافيا والموروث الشعبي ماديا كان أو معنويا، في معرض الحديث عن تنافسية عمل المحافظات عاما بعد عام لا بد من الإشارة إلى جهود التغيير والسعي لتطوير المشاريع التنموية التي نترقب معايشتها واقعا ملموسا وجدوى مستدامة، ومع تلك الجهود وذلك السعي نتابع مهرجانات الشتاء في مختلف المحافظات استغلالا لهذا الموسم من العام حيث تنعم البلاد ببرودة الطقس وإجازة المدارس معا، ومن تلك المهرجانات «مهرجان الظاهرة السياحي 2025»وما اختيار هذا المهرجان تحديدا إلا توظيف للمتابعة والتأمل بحكم القرب وتعدد الزيارات.

مهرجان الظاهرة السياحي في نسخته الثانية هذا العام هو يقينا فرصة للكثير من الممكن والأكثر من التمكين، فيه فسحة ومجال للترويج عن محافظة الظاهرة ومعالمها السياحية والتراثية، إلى جانب كونه فرصة لعدد المستفيدين من أبناء المحافظة من الباحثين عن عمل والأسر المنتجة وأصحاب المشروعات المنزلية والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، ولا ينبغي هنا إغفال تطور نسخة هذا العام عن العام الماضي تطورا نوعيا واضحا، إذ تتميز هذه النسخة بتضمنها كثيرا من الفعاليات المستهدفة مختلف الفئات العمرية والتي من شأنها إثراء تجربة الزوار، إلى جانب القرية التراثية التي تجسد القلاع والحصون تاريخا تتميز وتفخر به ولايات المحافظة، موروث ولايات الظاهرة الثلاث من حرف تقليدية وفنون شعبية وأنماط للعيش والحياة قديما وحديثا كان محط إعجاب وتقدير من زائري المهرجان مواطنين ومقيمين.

لكن مع كل الثناء لا بد من وقفة لنقد الذات وتقييم الحدث، خصوصا مع نهاية المهرجان الذي انطلق في ميدان الفعاليات بمحافظة الظاهرة خلال الفترة من 2 إلى 31 يناير 2025، مقدما تجربة مميزة تجمع بين الترفيه والثقافة والتراث، وإن كان من ملاحظات تأملتها شخصيا كما سمعتها من آخرين من الزوار فالتوقيت والترويج، إذ أخطأ منظمو المهرجان في اختيار توقيته الذي توافق في أغلبه مع فترة اختبارات المدارس، ولو أنه تأخر لأسبوعين أو أكثر لحقق معدل زيارات أعلى وجدوى ثقافية أكبر مع الجدوى المادية بطبيعة الحال، ثم يأتي الترويج والتسويق لهذا الحدث السنوي، وإنني ما زلت أستغرب ضعف التواصلية بين المؤسسات رغم الشراكات والتعاون( وهي مشكلة عامة في كل سلطنة عمان إذ لا يجد الترويج عناية أو اهتمام غافلين عن أن ثلثي الربح في الترويج) وحين أقول ذلك فإنني أستحضر ما هو ممكن من شراكات واضحة، فلا أقل من استهداف دوائر الإعلام بالمؤسسات التعليمية والثقافية والتربوية بالمحافظة كونها محل منتسبيها الموظفين من غير العمانيين عربا وغير عرب ممن يجدون متنفسا ثقافيا ومتعة روحية في زيارة المهرجان والتعرف على كثير من معطيات الظاهرة ثقافيا وسياحيا، وليس الحديث هنا عن الترويج الشخصي عبر أفراد زاروا المهرجان وأخلصوا للمكان بنقل التجربة لغيرهم، إنما عن الجهد المؤسسي والترويج المستمر واقعيا ورقميا عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

رغم اتساع ميدان الفعاليات الذي تميز بتوسعته الجديدة، مع مداخل ومخارج مطورة لتسهيل الحركة وتقليل الازدحام، إلا أن ضعف التسويق واختيار التوقيت لم يخدم تلك الجهود التطويرية التي كان من الممكن معها تفعيل المساحة غير المستغلة من المكان وتمكين أكبر عدد ممكن من أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة بدلا من العدد المحدود داخل القرية التراثية، وما كثافة الزوار الممكنة والملحوظة خلال المهرجان إلا في نهاية الأسبوع مع الحفلات الفنية التي أحسبها الأعلى حضورا، كما ينبغي التنويه إلى ضرورة مراقبة أسعار الألعاب الموجودة حتى عجز المواطن العادي من تسلية أطفاله رغم زيارته، وإني لأعجب من شركة أو جهة تقبل دفع رسوم التشغيل لهذه الألعاب طوال مدة المهرجان رافعة الأسعار لتبقى تلك الألعاب ميدانا تصفر فيه الريح ويتناهبه البرد وحسب، ولو أن الأسعار خفضت للنصف أو الربع حتى لزاد الإقبال عليها وبارك الله لهم في رزقهم بتيسيرهم على البسطاء!

ختاما: شكرا للقائمين على صنع الاختلاف والسعي للتميز بتأسيس مراكز جذب ودوائر تشغيل في كافة أرجاء بلادنا الغالية، كل ذلك الإخلاص في الجهد لا بد أنه مرآة المواطنة الحقة والانتماء الصادق لوطن جديرٍ بالسعي حريٍّ بالإخلاص، وما ملاحظات التقييم والتطوير إلا بعض إخلاص المتلقي كذلك في صدق النصيحة وصولا للتجويد والإبداع والتكامل، بعيدا عن كمال لا ندّعيه، أو تزلف لا نقبله.

حصة البادية أكاديمية وشاعرة عمانية

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

مخرج سوري في لجنة تحكيمية… مهرجان سوسة الدولي بتونس يعود من جديد

تونس-سانا

بعد انقطاع دام قرابة أربع سنوات عاد مهرجان سوسة الدولي لفيلم الطفولة والشباب في تونس إلى الواجهة مجدداً، وسط مشاركة 20 فيلماً سينمائياً بالمسابقتين الرسميتين للأفلام القصيرة والطويلة.

المهرجان الذي انطلق بالأمس ويستمر لغاية ال 12 من نيسان الجاري تأتي دورته الحالية وفق مديره الناقد السينمائي أيمن الجليلي استثنائية، لجهة تنوع وغنى الأفلام الروائية الوثائقية الطويلة والقصيرة من 22 بلداً، حيث اعتبر أن عودة المهرجان بعد هذا الانقطاع الطويل تمثل تحدياً كبيراً وفرصة ثمينة لإعادة إحياء حدث ثقافي مهم.

ولفت الجليلي إلى أن المشاركات في المهرجان تتوزع بين 11 فيلما طويلا و9 أفلام قصيرة، كما تتخلل المهرجان ورشات سينمائية وندوات ولقاءات مع صناع الأفلام، مع تكريم لوجوه وشخصيات سينمائية تونسية وعربية.

وتحتكم مسابقة الأفلام الطويلة إلى لجنة مؤلفة من المخرجة الرواندية “ماري كليمنتين دوسابيجامو”، والفرنسية “جولي كاتي”، والأكاديمي عز الدين غوريران من المغرب، ومدير التصوير محمد المغراوي من تونس، والناقد العراقي عبد الحسين شعبان.

بينما تتألف لجنة تحكيم الأفلام القصيرة من المخرج السوري المهند كلثوم والممثل التونسي خالد بوزيد والبرازيلية “مانويلا فيتر نيكوليتي”، وهي خبيرة في قطاع الثقافة والاتصال بمنظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة الإيسسكو.

وبرمج المنظمون بالتعاون مع المكتبة السينمائية التونسية 3 أفلام موجهة للأطفال، إلى جانب عروض خاصة لـ 22 فيلماً قصيراً أنتجت سنة 2024، وستعرض تحت عنوان “من المسافة صفر” على مدى 100 دقيقة، وهي من إخراج الفلسطيني رشيد مشهراوي.

الجدير بالذكر أن المهرجان الذي تعود دورته التأسيسية إلى عام 1991، يعتبر من أقدم المهرجانات السينمائية في تونس إلى جانب “أيام قرطاج السينمائية” و”المهرجان الدولي لفيلم الهواة بالقليبية”.

مقالات مشابهة

  • مخرج سوري في لجنة تحكيمية… مهرجان سوسة الدولي بتونس يعود من جديد
  • مهرجان المسرح العربي.. بيان مهم من الثقافة بشأن الدورة 16
  • سوسن بدر: إطلاق اسمي على الدورة الرابعة من مهرجان المسرح العالمي شرف كبير
  • انطلاق مهرجان الثقافات والشعوب الـ13 بالمدينة المنورة منتصف أبريل الجاري
  • سوسن بدر: إطلاق اسمي على الدورة الرابعة لمهرجان المسرح العالمي شرف كبير
  • سوسن بدر: إطلاق اسمي علي الدورة الرابعة بمهرجان المسرح العالمي شرف كبير
  • مسقط تستضيف "مهرجان آفاق العربي للمسرح الجامعي".. 12 أبريل
  • مهرجان كان السينمائي يمنح روبرت دي نيرو السعفة الذهبية عن إنجاز العمر
  • فلسطين تزين بوستر مهرجان مسرح الجنوب في قنا
  • «مهرجان أبوظبي» يعود إلى حديقة أم الإمارات