تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

تصاعدت حدة المعارك في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية بشكل دراماتيكي في الأيام الأخيرة، بين قوات الجيش وعناصر حركة 23 مارس (إم 23)، التي حققت تقدمًا ملحوظًا على الأرض خلال الأسابيع الماضية بمحاصرة مدينة جوما عاصمة إقليم شمال كيفو التي يبلغ عدد سكانها مليون نسمة، وتضم أيضًا عددًا مماثلًا من النازحين.


على إثر ذلك اندلعت معارك عنيفة بين القوات المسلحة الكونغولية والمتمردين، على بعد نحو 20 كيلومترًا من مدينة جوما، مما تسبب في مقتل اللواء بيتر سيريموامي، الحاكم العسكري لمقاطعة شمال كيفو، متأثرًا بجراحه بعد إصابته في المعارك، ومقتل اثنين من المدنيين، و13 من قوات حفظ السلام (مونوسكو)، وإصابة 9 آخرين.
 تداعيات الصراع

إغلاق المطار: تم منع الوصول إلى مطار جوما، عاصمة الإقليم، وألغيت بعض الرحلات الجوية بسبب تقدم المتمردين.
نزوح السكان: طلبت عدة قنصليات في جمهورية الكونغو الديمقراطية من رعاياها مغادرة مدينة جوما ومحيطها نظرًا لتصاعد حدة المعارك، حيث تخطى عدد النازحين مئات الآلاف.
كما أدى الصراع إلى نزوح أكثر من 7 ملايين شخص نزوحًا داخليًا، مما يجعلها ثاني أكبر أزمة نزوح في أفريقيا، فمنذ بداية عام 2024، نزح أكثر من 738،000 شخص بسبب العنف المتصاعد.
انعدام الأمن الغذائي: حيث يواجه 25.4 مليون شخص (23% من السكان) انعدامًا حادًا في الأمن الغذائي، كما أن شخصًا من كل ثلاثة أشخاص في المناطق المتضررة من القتال مثل شمال كيفو وإيتوري، يعاني من انعدام الأمن الغذائي الحاد.
تدهور الخدمات الأساسية: حيث أغلقت 416 مدرسة بسبب انعدام الأمن في سبتمبر 2023، ويفتقر الناس للرعاية الصحية والمياه النظيفة بسبب النزوح المتكرر.
فضلًا عن انتشار حالات العنف الجنسي والاغتصاب، خاصة ضد النساء النازحات، وعمليات تجنيد الأطفال في الجماعات المسلحة أو إجبارهم على العمل.
كما أصيب المئات من الرجال والنساء والأطفال اللذين نُقلوا إلى المستشفيات في جوما ومحيطها، وتكافح المرافق الصحية لاستيعاب أعداد الجرحى المتزايدة من المدنيين في عموم شرق الكونغو الديمقراطية.

ردود الفعل الدولية

أعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن قلقه إزاء تقدم حركة 23 مارس المتمردة في شرق البلاد.
كما أبدى الاتحاد الأوروبي قلقه العميق إزاء "التصعيد الدراماتيكي" للصراع في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية.
وعقد مجلس الأمن الدولي جلسة طارئة لمناقشة تصاعد العنف في المنطقة، كما بدأت الأمم المتحدة بإجلاء جميع الموظفين غير الأساسيين من جوما مع تصاعد الأعمال العدائية.

استراتيجيات التمرد

يتبع المتمردون في جمهورية الكونغو الديمقراطية، وخاصة حركة 23 مارس (M23)، عدة استراتيجيات لتحقيق أهدافهم وتعزيز نفوذهم من أهمها:
السيطرة على المدن الاستراتيجية: يسعى المتمردون للسيطرة على المدن والمناطق ذات الأهمية الاستراتيجية، مثل مدينة كيرومبا التي تعد مركزًا تجاريًا مهمًا، والتقدم نحو المدن الرئيسية مثل غوما، عاصمة إقليم شمال كيفو، لزيادة الضغط على الحكومة، والسيطرة على المناطق الحدودية مع الدول المجاورة لتسهيل حركة الأسلحة والموارد.
استغلال الموارد الطبيعية: يركز المتمردون على تعزيز السيطرة على مناطق التعدين الغنية بالمعادن الثمينة مثل الذهب والكولتان، وفرض الضرائب وجمع الرسوم الجمركية في المناطق التي يسيطرون عليها لتمويل عملياتهم.
التحالفات والدعم الخارجي: يسعى المتمردون للاستفادة من دعم الدول المجاورة، خاصة رواندا، للحصول على الأسلحة والتدريب، وإقامة تحالفات مع جماعات مسلحة أخرى لتوسيع نطاق نفوذهم.
استراتيجيات عسكرية متطورة
بالإضافة إلى ذلك يستخدم المتمردون معدات متطورة مثل أجهزة الرؤية الليلية وقذائف الهاون عيار 120 ملم، وتنفيذ هجمات مفاجئة وسريعة على مواقع القوات الحكومية.
استغلال التوترات العرقية: ويستخدمون الخطاب العرقي لكسب التأييد من مجموعات معينة، خاصة التوتسي، التي تعاني من التوترات بينها وبيت الهوتو، مما يوفر قاعدة دعم للمتمردين، مع ادعائهم بحماية مصالح الأقليات العرقية لتبرير أعمالهم.
الضغط السياسي والدبلوماسي: يطالب المتمردون بفتح محادثات سلام مع الحكومة كوسيلة للضغط وكسب الشرعية، وإنشاء إدارات موازية في المناطق التي يسيطرون عليها لتحدي سلطة الحكومة المركزية.
ويشجع ضعف الدولة الكونغولية وعدم قدرة الحكومة على بسط سيطرتها الكاملة على المناطق الشرقية بسبب ضعف قدراتها العسكرية والأمنية على تقدم المتمردين في شرق البلاد، بالإضافة إلى عدد من العوامل الاقتصادية مثل الصراع على الموارد في المنطقة الشرقية.

تداعيات إقليمية

يؤثر الصراع في جمهورية الكونغو الديمقراطية بشكل كبير على الأمن الإقليمي في منطقة البحيرات الكبرى الأفريقية، حيث يؤدي تدفق اللاجئين إلى الدول المجاورة، لأعباء اقتصادية وأمنية عليها، كما تستخدم الجماعات المسلحة الأراضي الكونغولية كقواعد خلفية لشن هجمات ضد الدول المجاورة مثل رواندا وأوغندا وبوروندي، علة الرغم من تردد اتهامات لهذه الجماعات بتلقي الدعم والتمويل من هذه الدول، فضلًا عن انتشار الأسلحة الصغيرة والخفيفة في المنطقة. كما تؤثر حالة عدم الاستقرار سلبًا على فرص التنمية الاقتصادية والتكامل الإقليمي.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: الكونغو شمال كيفو المتمردون شرق الكونغو مصطفى حمزة جمهوریة الکونغو الدیمقراطیة الدول المجاورة شمال کیفو انعدام ا فی شرق

إقرأ أيضاً:

مشاهد لحياة لاجئي الكونغو على الحدود وضفاف بحيرة كيفو

حدود الكونغو الديمقراطية- لا شيء يقطع الهدوء عند ضفاف بحيرة كيفو سوى صوت المعارك الآتي من خلف الحدود. تشكل البحيرة إحدى نقاط الحدود الطبيعية بين رواندا والكونغو الديمقراطية، وعند ضفافها يمكن بوضوح سماع صوت القصف المدفعي المتقطع خلال الليل أو ساعات النهار، وأحيانا أزيز زخات من الرصاص.

لم تمنع تلك الأصوات ولا الحرب -التي طال أمدها- أطفال وصبية غيسانغي من السباحة عند ضفاف البحيرة، ولا القوارب من مخر عبابها جيئة وذهابا، تنقل اللاجئين تارة وتأخذ الراغبين في التجوال في مياه البحيرة -التي ترتفع 1800 متر عن مستوى سطح البحر- تارة أخرى.

أطفال يسبحون في بحيرة كيفو برواندا مقابل الحدود مع الكونغو الديمقراطية (الجزيرة)

ومن ضفاف البحيرة، نجتاز وسط مدينة غيسانغي الرواندية التي تحافظ على نمطها الهادئ وينتظم فيها كل شيء كالمعتاد، رغم ازدياد أعداد الوافدين إليها من وراء الحدود.

ويعلق على ذلك أمين عام وزارة شؤون الطوارئ في رواندا هابينشوتي فيليب عند سؤاله عن استعدادات البلاد لاستقبال اللاجئين على وقع المعارك في الجوار، فيقول "مع اشتداد القتال على الجانب الكونغولي من الحدود قرب مدينة غوما، رفعت رواندا من جاهزيتها لاستقبال اللاجئين الذين يحتمل أن يعبروا الحدود وتقديم المساعدة لهم"، ويضيف في حديث للجزيرة نت أن الوزارة "ليست لديها أرقام دقيقة بعد لأعداد اللاجئين الذين دخلوا أراضي رواندا أو الذين يتوقع أن يدخلوا".

مراسل الجزيرة نت يتحدث لسائق دراجة أجرة (الجزيرة)

وعلى جنبات الطريق الرئيسي في المدينة الذي ينتهي بنقطة الحدود، ينتظر أصحاب المحال التجارية توافد زبائن محتملين، مع وجود اللاجئين من شرقي الكونغو، وكثير منهم من مدينة غوما تحديدا. نتحدث إلى سائق دراجة أجرة جان بومسن، الذي يعبر بلغة إنجليزية بسيطة عن نشاط الحركة التجارية في المدينة خلال الأيام القليلة الماضية.

مشاهد اللجوء مبنى نقطة الحدود الرواندية حيث يتم استقبال اللاجئين (الجزيرة)

عند النقطة الحدودية، يصبح مشهد اللجوء أكثر وضوحا. بضع عشرات من الأمتار تفصل مدينة غيسانغي عن غوما الكونغولية مع كثير من الفوارق في وضع المدينتين.

عائلات كونغولية عبرت الحدود ضمن موجات لاجئين دخلوا رواندا (الجزيرة)

في المبنى المخصص لاستقبال من يرغبون في الدخول إلى رواندا، وعند طرفه يمكن بوضوح رؤية الجانب الآخر، جمهورية الكونغو الديمقراطية. فالمدينتان الحدوديتان ليستا سوى امتداد طبيعي بعضهما بعضا.

إعلان

تكتظ القاعة الداخلية بالمئات من الكونغوليين، يصطفون في طوابير بانتظار دورهم عند شباك العبور ولا يشتكون من أي تأخير، فالإجراءات سريعة. يقول أمين عام وزارة شؤون الطوارئ في رواندا هابينشوتي فيليب إن "جل ما على الوافدين القيام به هو التصريح عن اسمهم الكامل وأي معلومات يمكن أن يوفروها عن أنفسهم ويسمح لهم بالدخول فورا".

لاجئون كونغوليون ينتظرون دخول الأراضي الرواندية (الجزيرة)

ويضيف أنه "عند الاستجابة لحالة طارئة وعندما يفر المدنيون هربا من القتال، لا يمكن أن نطلب منهم إبراز الأوراق الثبوتية فهم بالكاد نجوا بحياتهم".

مغادرة البعثات

ووسط قاعة الدخول في المبنى الحدودي، ينتظر عشرات من موظفي بعثات المنظمات الدولية والإنسانية الأجانب لإتمام أوراقهم والدخول إلى رواندا.

كان عليهم المغادرة على عجل بسبب تردي الأوضاع الأمنية، وانقطاع التيار الكهربائي عن مدينة غوما منذ 4 أيام على الأقل، بالإضافة إلى طلب حكوماتهم ومؤسساتهم منهم المغادرة.

بعثة "أطباء بلا حدود" تجلي موظفيها غير الأساسيين من غوما (الجزيرة)

وتحدث أحد أفراد بعثة "أطباء بلا حدود" -فضل عدم ذكر اسمه- عن ارتفاع أعداد المصابين والجرحى في المستشفيات وأبدى خشيته من أن يزداد الوضع الإنساني سوء. وأفاد أحد أفراد بعثة مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، وهو كاميروني الجنسية، بأنه "طلب من الموظفين الذين يمكنهم العمل عن بعد مغادرة غوما"، وردا على سؤال عن أوضاع الطريق من مدينة غوما باتجاه نقطة الحدود مع رواندا، قال "الطريق سالكة بشكل مقبول" وإنه "لم يلحظ تدفقا كبيرا للنازحين نحو الحدود".

وكانت الأمم المتحدة قد بدأت، السبت الماضي، إجلاء موظفيها غير الأساسيين عبر طائرات تابعة لها، ويسمع صوتها في أثناء عملية الإقلاع من داخل الكونغو الديمقراطية.

شاحنات بضائع تجارية تجتاز نقطة الجمارك من الكونغو باتجاه رواندا (الجزيرة)

وعند نقطة الحدود، سألنا سلمان كريم، وهو طالب رواندي يعيش في الجوار عن أوضاع المدينة في ظل موجة اللاجئين القادمين من الكونغو الديمقراطية، فيقول إن المدينة استقبلت كثيرا من العائلات الكونغولية وإنه يشعر بالأسى، لأن المدنيين اضطروا للفرار من ديارهم.

إعلان مصير اللاجئين

قد يمثل اللاجئون عبئا على الدولة المضيفة، وعن ذلك يقول أمين عام وزارة شؤون الطوارئ الرواندية إن بلاده "لا تضع سقفا لعدد اللاجئين الذين يمكن أن تستقبلهم"، مشيرا إلى أن الوزارة تعمل بمساعدة شركاء لها على مراقبة الأوضاع وتضع خططا للتكيف مع أي عدد قد يصل إلى أراضي الدولة.

خريطة الكونغو الديمقراطية (الجزيرة)

وأضاف أن "الأولوية دوما تكون تأمين سكن لائق مؤقت للوافدين، ليصار بعدها إلى نقلهم إلى مناطق أخرى وتوفير الخدمات التي تحتاجها لا سيما العائلات لضمان انتظام أطفالهم في المدارس".

على خلاف طريق اللاجئين السالكة داخل رواندا الذي لا يختلف عن طريق قوافل السائحين الذين يمكن رؤيتهم في الطريق إلي الحدود، يبقى التحدي الذي يعيشه شرق الكونغو وحاجته إلى طريق مشابه نحو سلام ينهي أحد أطول صراعات القارة الأفريقية.

مقالات مشابهة

  • مجلس الأمن يدعو حركة 23 مارس إلى وقف تقدمها نحو عاصمة الكونغو
  • مشاهد لحياة لاجئي الكونغو على الحدود وضفاف بحيرة كيفو
  • تصاعد الصراع العسكري في الكونغو الديمقراطية.. واتهامات لرواندا بالتورط
  • بوروندي تدعو لاتخاذ إجراءات فورية من قبل مجلس الأمن بشأن جمهورية الكونغو الديمقراطية
  • الأمم المتحدة تنقل مؤقتًا موظفيها غير الأساسيين من جوما شرق الكونغو الديمقراطية
  • الإثنين.. اجتماع مجلس الأمن لبحث الأزمة في الكونغو الديمقراطية
  • إصابة 9 من قوات حفظ السلام في الكونغو الديمقراطية
  • الكونغو الديمقراطية: مصرع الحاكم العسكري لشمال كيفو في معارك مع المتمردين
  • اشتعال شرق الكونغو الديمقراطية.. الأمم المتحدة تطالب "إم23" بوقف التقدم إلى جوما.. فرار عشرات الآلاف من السكان.. ورواندا متورطة في دعم المتمردين